أجهض خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز محاولات البعض نشر ميثولوجيا درامية أو خلق قصص خرافية حول استحالة مواجهة الإرهاب، في محاولة مستترة القصد من ورائها منح الجماعات الإرهابية في المنطقة مساحة للتمدد والانتشار. وهو ما انتبه إليه الملك عبدالله بن عبدالعزيز باكراً، إذ توالت قراراته الداخلية وتسارعت دعواته الأممية للتحذير من مخاطر هذه الجماعات على المنطقة والعالم، وتوجه بخطاب مباشر نحو العلماء والدعاة والسفراء المعتمدين لدى المملكة بالعمل على توضيح كارثية الإرهاب والتحذير منها، بل إنه تجاوز ذلك إلى دعم مركز مكافحة الإرهاب في الأممالمتحدة ب100 مليون دولار للقيام بالدور المنوط به في مواجهة هذه الظاهرة، في ترسيخ لمفهوم جديد من الواقعية السياسية تجاه المشكلات والمعضلات التي تواجه المنطقة والعالم. في هذا السياق أوضحت الباحثة في برنامج سياسة الخليج في معهد واشنطن لوري بلوتكين بوغارت، أن جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مكافحة الإرهاب تتجاوز الجانب الإعلامي نحو فرض برنامج قانوني وديبلوماسي وطني صارم لتعزيز جهود المجتمع الدولي في هذا الجانب. وقالت بوغارت، في تقرير لها في 27 كانون الأول (ديسمبر) 2013، إن قانون جرائم الإرهاب الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين ووافق عليه مجلس الوزراء السعودي في 16 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، هو الأول من نوعه في المنطقة، الذي يعرِّف الإرهاب بأنه أمر «يخل بالنظام العام»، و«يعرض الوحدة الوطنية للخطر»، و«يشوّه سمعة الدولة أو مكانتها»، إلى جانب أمور أخرى، مشيرة إلى أن هذه الجهود والتشريعات الجديدة التي انطلقت في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ستشدد الإطار القانوني لأساليب المملكة في التعامل مع الإرهاب وغيرها من الأنشطة المشابهة. وفي 13 آب (أغسطس) الماضي، شدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، على أنه قبل 10 أعوام من الآن حذّر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، من الإرهاب وتأثيره على دول العالم كافة. وقال خلال تسلّمه تبرع الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لمركز مكافحة الإرهاب في الأممالمتحدة والبالغ 100 مليون دولار، إن الدعوة إلى إنشاء هذا المركز أطلقها خادم الحرمين الشريفين خلال المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في الرياض 2005، وأسهم خلاله بمبلغ 10 ملايين دولار لتأسيسه، منوهاً بدوره في مساندة جهود المجتمع الدولي في محاربة ومواجهة العنف الذي طاول أثره دول المنطقة كافة. فيما أوضح سفير الرياض لدى واشنطن عادل الجبير، خلال تسليمه تبرع خام الحرمين الشريفين إلى الأمين العام للأمم المتحدة: «إن هذه المساهمة تنبع من رؤية الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بأن الإرهاب هو شر يقلقنا كثيراً، وبالتالي يجب توحيد جهود الدول والشعوب لمواجهة هذا الخطر الذي يهدد الإنسانية، فالإرهاب لا يعرف ديناً ولا طائفة وليس لديه إنسانية أو عدالة، إنه ينتهك كل الديانات في العالم، وهذا الشر يجب القضاء عليه من خلال الجهود الدولية القوية». وأضاف: «السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين كانت في مقدم الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب، وأعتقد أن الدول التي لم تتأذ بالإرهاب تتباطأ في التعامل معه بطريقة جدية، والتاريخ الحديث أظهر أن الإرهاب في نهاية المطاف يطاولنا جميعاً، ويجب أن نكون مستعدين لمواجهته، ونعتقد أن الأممالمتحدة قد تؤدي دوراً قوياً وفعالاً في حشد القوة والدعم في العالم لمواجهة هذا الشر، ونحن نعتقد أن المركز يمكن أن يقوم بدور كبير تحت قيادة الأممالمتحدة لمواجهة الإرهاب من الدول المختلفة». وكشف مندوب المملكة الدائم لدى الأممالمتحدة رئيس الهيئة الاستشارية للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب عبدالله المعلمي، إنه تم توقيع اتفاق تأسيس المركز في 2011، وبدأ نشاطه الفعلي في 2012، وبعد حوالى عامين من إنشائه تأتي هذه المبادرة من خادم الحرمين الشريفين لتعزز الثقة في دوره في مكافحة الإرهاب تعزيزاً للالتزام القوي الذي تشعر به المملكة تجاه العمل الدولي الذي تمثله الأممالمتحدة». وأكد المعلمي أن خادم الحرمين الشريفين حرص على أن يتميز المركز بأن يصبح «المؤسسة الوحيدة التي تحظى بالشرعية الدولية، متمثلة في القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، والقرارات التي تضع الاستراتيجية الكونية لمكافحة الإرهاب وتؤيد تأسيس المركز الدولي لمكافحة الإرهاب». وقال إنه في سياق اهتمام الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بمكافحة الإرهاب وتحذير المجتمع الدولي من مخاطره، حرص على أن يتميز المركز بميزة أخرى هي «شموليته تحت مظلة الأممالمتحدة وتغطية نشاطه كل أنحاء العالم»، مبيناً أن «المركز نفذ في العامين الماضيين حوالى 30 مشروعاً أمنياً في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية ومواقع أخرى من العالم». وأشار إلى أن «التبرع الذي تقدم به خادم الحرمين الشريفين سيساعد المركز في الأعوام القليلة المقبلة في توسيع نطاق عمله وعلى تكثيف جهوده، ومساعدة الدول الراغبة في بناء طاقاتها وقدراتها لمحاربة الإرهاب، ونتوقع إن شاء الله أن يكون هذا الأمر هو المنهاج الذي نسير عليه». وفي آب (أغسطس) الماضي أصدرت الخارجية الأميركية بياناً أكدت خلاله التزام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بتعزيز التعاون الدولي لمكافحة ومواجهة الإرهاب، وأشارت في بيان لها إلى أن واشنطن ترحب وتشيد بالتبرع الذي قدمه والمقدر ب 100 مليون دولار إلى مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب. وقال البيان: «إننا نرحب ونشيد بالتبرع المقدر ب100 مليون دولار الذي قدّمه الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بالنيابة عن السعودية، إلى مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب. إن هذا التبرع السخي إنما يوضح مرة أخرى التزامه بدعم المؤسسات المتعددة الأطراف وتعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب. ومع هذا التمويل، فإننا نأمل أن فرق العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب، والذي يشكل المركز عنصراً حاسماً فيها، يمكن أن تقوم بتكثيف عملها من أجل تزويد البلدان على المدى الطويل بقدرات بناء الدعم التي تحتاج إليها لتنفيذ استراتيجية الأممالمتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب».