بات حال المستهلك والمزارع متناقضاً ومتوازياً كالعادة، فما بين سجدة شكر من الأول تخوله الدعاء باستمرار أسعار الخضراوات في الهبوط الفاحش الذي تعيشه السوق حالياً، رغم فصل الشتاء، إلا أن الأخير أصبح متذمراً وتكسوه الحسرة، وهو ينظر إلى محاصيله الزراعية وأهمها الطماطم تعبث بها أنعامه، في حين بقي غيرها من الثمار ذابلاً في سيقانه، بسبب تكدسها وإغراق السوق بمثلها، ما اضطر البعض منهم رفع الراية البيضاء والانسحاب من السوق. وبلغ سعر صندوق الطماطم الذي وزنه (5 كيلوغرامات) ريالين، أما الصندوق الذي يزن (17 كيلوغراماً) فلم يتجاوز في أقصاه سبعة ريالات، في حين انخفض سعر كيس البصل (6 كيلوغرامات) إلى أربعة ريالات، بعد أن كان لا يقل عن ثمانية ريالات، أما الكوسة فتفاوت سعر الصندوق البالغ وزنه (15 كيلوغراماً) خلال الأشهر الثلاثة الماضية من 8 و20 ريالاً، في حين راوح سعر كرتون الخيار( 15 كيلوغراماً) خلال الأشهر الماضية وحتى اليوم بين 10 و20 ريالاً، أما الباذنجان فانخفض سعر ال(12 كيلوغراماً) منه إلى خمسة ريالات، في حين أكد مزارعون أن أسعار البطاطس تعد معقولة هذا العام، بعكس حالها العام الماضي، إذ ظلت في مزارعها ولم يتم جنيها بسبب هبوط أسعارها ومنع تصديرها. وأوضح أحد ملاّك المزارع محمد علي ل«الحياة»، أن إيقاف تصدير بعض المنتجات، وتضاعف أعداد البيوت البلاستيكية في محافظة الخرج في وقت قياسي من 1000 بيت إلى 8000 بيت بلاستيكي، إضافة إلى العمالة السائبة، لعبت دوراً في إغراق السوق لدرجة أن سعر الكيلوغرام الواحد من مختلف المحاصيل الزراعية لا يتجاوز نصف الريال. وقال عبدالله: «لا يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل إن دخول «الدلاّل» في شراكة مع المزارع، ومبادرته تمويل الأخير في مقابل إنشاء بيوت بلاستيكية من دون درس، ضاعف من إغراق السوق بالمنتجات، إضافة إلى أن الدلال وبائع التجزئة هما المستفيدان الرئيسان من الأرباح، بعكس المزارع الذي يتكبد خسائر مادية نظير تباين عوامل الطقس وكلفة الزراعة». وأشار إلى أن الخرج منطقة زراعية بنسبة 90 في المئة، ومن المفترض أن يخصص لها قسم متكامل في الغرفة التجارية، فضلاً عن لجنة تحوي قاعدة بيانات شاملة للمزارعين مرتبطة بقسم صحة البيئة في البلدية، بحيث تتم معرفة حقيقة جودة محاصيلها، وتفعيل الإجراءات اللازمة حيال مخالفيها، موضحاً أن دور اللجنة الزراعية حبر على ورق، كما لم نرَ شيئاً من الجمعيات التعاونية». وطالب بتوفير شبكة معلومات متكاملة على مستوى المملكة ترتبط بالثلاجات، لمعرفة الكمية المخزنة والصالحة والتالفة من المنتجات، وتوفير شاشات تعلن مواعيد وصول الشاحنات المعبئة بالخضراوات أسوة بدول شقيقة. من جهته، أكد صاحب أحد المزارع عضو مجلس إدارة جمعية الزراعة العضوية حمد الفواز، أن أسعار الخضراوات وصلت إلى أدنى مستوى بسبب استيراد كميات هائلة من أسواق عدة، وتراجع بعض المصدرين عن تصدير منتجاتهم الزراعية بسبب اقتصار التصدير على بعض المحاصيل دون أخرى، إذ بات الأمر غير مجد، كما أن اعتدال الجو هذه العام أسهم في غزارة إنتاج المحاصيل الزراعية، ولعب دوراً في انخفاض أسعارها. وتوقع استمرار هبوط أسعار الخضراوات مدة شهر مقبل على أقل تقدير، خصوصاً الطماطم، وقد اضطر بعض المزارعين المواطنين إلى الانسحاب ليحل محلهم مزارعون أجانب، إذ لم يعد سعر المنتج يساوى جهد وكلفة جنيِه وتعبئته. وأشار إلى قلة وعي وخبرة بعض المزارعين، وتواضع ثقافتهم الزراعية، ما دفعهم إلى الخروج من الميدان، على رغم أن خوضهم تلك التجربة لم يتجاوز عاماً أو عامين، كما أن ارتفاع أسعار المنتجات بطريقة جنونية وهبوطها بالطريقة نفسها في فترات متباينة، والمخاطرة التي يخوضها المزارع أسهمت في انسحاب البعض منهم. وحول التسويق، قال الفواز: «السوق السعودية تفتقر إلى جمعيات ومنافذ تسويقية، وطريقة تسويق الوافد أفضل من المواطن بكثير، إذ يعملون على هيئة مجموعات أشبه بالشركات، ويستأجرون مزارع، ويقومون بتقسيم العمل بينهم مابين مساهم بالمال وآخر بالتسويق». وعن دور الجمعيات التعاونية واللجنة الزراعية في الغرفة التجارية بالخرج، قال الفواز: «للأسف الشديد، لم تدعم الجمعيات التعاونية المزارعين، ولم تنفع سوى ذاتها، بل إن جلها فاشل، ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل إن أسعار المعدات والمبيدات وأدوات الشركات الكبرى أرخص ثمناً منها، ما يستوجب إعادة هيكلتها وتأهيلها». وتابع: «أما اللجنة الزراعية التابعة للغرفة التجارية فلم أدرك حتى اليوم الدور الذي تقوم به، ومن المهم عقد اجتماعات لمعرفة المشكلات التي يواجهها المزارع».