وقفت أزهار أمام من زميلاتهالتلقي قصيدة رثاء لوالدها الذي قتل في الحرب الأخيرة على غزة. وقفت أمام تلامذة مدرستها الذين عادوا مثلهم مثل كثر من أولاد القطاع المحاصر إلى مدارس شبه مهدمة ووسط دمار خلفه الهجوم الاسرائيلي الواسع. إفتتح هذا العام الدراسي بعد تأخير ثلاثة أسابيع بسبب تداعيات الحرب التي إستمرت أكثر من خمسين يوماً وراح ضحيتها أكثر من 2,000 فلسطينيًا. تقول ازهار وهي تبتسم: "اليوم أول يوم في المدرسة. أنا سعيدة رغم أن أبي استشهد في الحرب". تضيف الطفلة التي تحلم ان تصبح طبيبة لتحقق أمنية والدها الذي ترك ستة أطفال بلا معيل، "انا خائفة من الحرب مرة ثانية. قصفوا بيتنا بقذائف وسقطت على غرفتي قذيفة، وقذيفة أخرى على مطبخنا. وقع البيت على أبي وإستشهد". وكما أزهار، تحكي الطفلة أسراء عن معاناتها. تقول انها عاشت الحرب مرعوبة. ارتجفت من الخوف وصارت تحكي عن القصف الإسرائيلي الذي قتل جدها وخالتها. تقول:"كان الشهداء والجرحى أمامنا وخفنا كثيراً. خالتي ليلى وجدي إستشهدا في الحرب، رأيتهما في منزلنا". ملابس البيت أمّا الطفلة دعاء البالغة من العمر تسع سنوات التي جاءت بملابس البيت، غير مرتدية الزي الرسمي للمدرسة، فتحدثت عن منزلها المدمر، مؤكدة انها "خائفة من أن تعود الحرب مرة أخرى". واضافت: "جئت الى هنا (المدرسة) من دون مريولي (الزي المدرسي) لان بيتنا تهدم بالحرب. تركنا المنزل عند القصف ثم عدنا ووجدناه مدمراً". تقول المدرّسة ريما ابو ختلة أنّها تلقت دورة تدريبية لإستقبال الطلبات والحديث معهم عن قصصهم لمساعدتهم على مواجهة مشاهد الدمار وصدمات ما بعد الحرب وتجاوزها، قبل العودة إلى تعليم المنهاج المطلوب منهم. تقلو: "نطلب منهم أن يرووا قصصاً مرت عليهن خلال الإجازة الصيفية. قصصاً أبكتهم وأخرى أضحكتهم.نشجعهم على الحديث قدر ما يستطيعون. ثم نقوم بمسابقات ألعاب". وأكدت مدرسة الإرشاد النفسي إبتهال غيث أن "اليوم سيكون يوماً ترفيهياً بينما سنحاول باقي الأيام إستكمال التفريغ النفسي عن التلميذات". تؤكد أرقام صادرة عن"الأممالمتحدة" أن 373 ألف طفل على الأقل سيتأثرون نفسياً من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وهي الثالثة خلال ست سنوات. وقتل أكثر من 500 طفل في هذا النزاع الّذي إعتبر الأكثر دموية منذ الإنسحاب الإسرائيلي عام 2005، بينما أصيب ألاف الاطفال بالاضافة إلى تدمير ألاف المنازل والمدارس والمنشآت الأخرى. حكايات الحرب وقالت مديرة المدرسة سامية الزعلان لوكالة "فرانس برس": "المدرسة تقريباً دمرت بالكامل فكان من الصعب إستقبال جميع الطلبة، لهذا تمّ ترحيل بعض الطلبة الى مدارس مجاورة وإستقبلنا الأخريات داخل فصول مكتظة". وأوضحت أنه "تم دمج الفصول على الرغم من أنّه من المفروض أن يكون هناك 35 طالبة في الصف الواحد لكنّ الظروف إقتضت أن يصبح هناك ستون طالبة في الغرفة الواحدة". وتابعت: "هناك طالبات لم يستطع أهاليهن توفير أدنى حاجات المدرسة ومنهن من لم يستطع شراء الزي المدرسي فجأن بملابس البيت". ويقول وكيل وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في غزة زياد ثابت "لوكالة فرانس برس" أنه خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع "تم تدمير 24 مدرسة كاملاً بينما تعرضت أكثر من 120 مدرسة للتدمير الجزئي. وفي المدارس التي تشرف عليها منظمة "الأونروا" طالت الأضرار أكثر من 70 مدرسة". نقص المدارس وقبل إندلاع الحرب ، قدرت منظمة "غيشا" غير الحكومية الإسرائيلية التي تدعو لحرية التنقل للفلسطينيين أن قطاع غزة ينقصه 259 مدرسة ويعود ذلك بشكل خاص إلى منع دخول مواد البناء إلى القطاع بسبب الحصار الاسرائيلي المستمر منذ 2006. وما زال عشرات آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة يقيمون في مدارس تابعة لوكالة "غوث" وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين المنظمة "الأونروا" بعد نزوحهم من منازلهم بفعل القصف الإسرائيلي على القطاع مما أدّى إلى عدم بدء العام الدراسي في عدة مدارس تابعة للمنظمة . وقال عدنان أبو حسنة الناطق الإعلامي للمنظمة في تصريح صحافي: "بدأت العملية التعليمية في كافة مدارس قطاع غزة ما عدا منطقة بيت حانون شمال القطاع، اذ لا يزال الأهالي يرفضون مغادرة مدارس الإيواء والتجمع في ثلاث مدارس تستقبل نحو 9600 طالب.