دقائق قد تصبح ساعات تفصل المسافرين في المطارات عن غربة وعودة، أعين ساهرة إلى ما بعد منتصف الليل تنظر شوقاً وألماً إلى خانة الوقت في شاشة عرض الرحلات تارة، وتارة أخرى تسترق النظر إلى عقرب الثواني البطيء، أملاً في أن «ترافقه السلامة» فعلاً، عوضاً عن تكرار قراءتها على لوحات روتينية علقت لتزيّن جدران المطار، لتمّر عليها أعين العابرين مرور الكرام. في صالة المغادرين بمطار الملك عبدالعزيز بجدة جلس صالح غازي يقلب أوراق جواز سفره، ويعيد قراءة اسمه وتاريخ ميلاده المطبوعة في ذاكرته غيباً قبل الصفحة الأولى من الجواز، في نوعٍ من أنواع محاولة طرد الملل، والنعاس الذي بدأ في التسلل إلى عينيه ما بعد منتصف الليل، بعد أن ضاقت به سبل الركض خلف الوقت ليقترب موعد الإقلاع، حمّل نفسه لكشك بيع «منبهات الكافيين» طلباً لنجدة «القهوة الأميركية» لركل النعاس الذي بدأ يحتل عينيه أثناء انتظاره يقول صالح: «كثيراً ما اختنق بجحيم الانتظار والسهر في مختلف المطارات، فظروف العمل تجبرني على السفر إلى خارج المملكة، إما لحضور معارض اقتصادية أو منتديات ومؤتمرات، أو للذهاب لمعاينة بعض منتجات المصانع في الدول الآسيوية قبل توقيع العقود معهم، وهو ما يجعلني حبيس المطارات ورفيقاً للسهر في صالات الانتظار، قبل أن يعلن الإقلاع فرجاً وإفراجاً وتحريراً لنا قبل أن نطير». كذلك هم من كانوا خارج السعودية في رحلة سياحة أو دراسة أو حتى رحلة عمل، فعبدالله إبراهيم على سبيل المثال الطالب المبتعث لنيل درجة البكالوريوس من جامعة «نورثامبيريا» في «نيوكاسل» شمال شرقي إنكلترا قال ل«الحياة» إنه محتار في تقويم نوع حظه إذا ما كان حسناً أو سيئاً في كون غالبية رحلاته التي يأتي بها إلى السعودية في ساعاتٍ متأخرة من الليل أو في ساعات الصباح الأولى. وأضاف: «أقضي وقتي ليلاً في المطار، إما بالتجول في ردهات متاجر المطار قبل إعلان إقلاع الرحلة، أو أكتفي بالجلوس بالقرب من بوابة الإقلاع والبحث في وجوه العابرين عن بسمة ارتسمت على الشفاه أو نظرة حزنٍ ظهرت في أعينهم».