مواطن «يحتجز» راعي أغنام في حظيرة وسط الصحراء 18 عاماً!

تبدو قصة المقيم الهندي بييريه سامي أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة، لكنها حدثت فعلاً في منطقة حائل، إذ احتجزه كفيله في حظيرة أغنام وسط منطقة صحراوية نحو 18 عاماً، ورفض طوال هذه المدة السماح له بالسفر أو حتى الاتصال بأهله أو رؤية أي إنسان.
ولم تتكشف هذه المأساة، إلا منذ فترة وجيزة، عندما تاه رجل عن طريق في الصحراء وتصادف مروره بتلك الحظيرة قرب قرية قعر الذيب (230 كيلو متراً شمال مدينة حائل)، فرأى المقيم على هذا النحو، وسارع إلى إبلاغ الجهات الأمنية التي نجحت في الوصول إليه وتحريره.
وقال المتحدث الإعلامي باسم شرطة منطقة حائل العقيد عبدالعزيز الزنيدي في بيان أمس: «بناءً على المعلومات الواردة للجهة المختصة عن وجود مقيم آسيوي الجنسية يعمل لدى راعي أغنام في قرية قعر الذيب بالنفود منذ 18 عاما،ً ولم يسافر إلى بلاده، تم التوجه إليه وإحضاره».
وأضاف أن المقيم الذي يبلغ من العمر 45 عاماً أفاد بأنه قدم إلى مدينة حائل على كفالة مواطن بمهنة راعي أغنام، وبعد عامين من قدومه طلب السفر إلى بلاده إلا أن الكفيل رفض سفره، لافتاً إلى أن العامل لم يسافر طيلة تلك المدة إلى بلده ولم يدفع له الكفيل سوى 800 ريال فقط من رواتبه».
وأشار إلى أن كفيل المقيم وهو في العقد السابع من العمر سلّم نفسه إلى مركز شرطة عمائر بن صنعاء (160 كيلومتراً غرب مدينة حائل) مساء أول من أمس (الإثنين)، وجرى توقيفه، ولا تزال التحقيقات جارية معه حول الواقعة».
وقال مصدر أمني ل«الحياة» إن المواطن اعترف خلال التحقيقات الأولية التي أجريت معه بأنه منع مكفوله من السفر طوال الأعوام العشرين الماضية بحجة حاجته إليه، وعدم توافر بديل له، وأنه منحه 3 مرتبات فقط، ثم توقف عن ذلك لعدم مطالبة المقيم بها.
إلى ذلك، أكد مصدر مطلع في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ل«الحياة»، أن عدداً من أعضاء الجمعية كُلِّفوا بزيارة شرطة منطقة حائل عاجلاً لتقصي أمر المقيم الآسيوي المحتجز، بهدف التعرف على حيثيات الواقعة، والاطمئنان على حال المقيم الصحية، ورفع تقرير بذلك إلى جهات الاختصاص.
وذكر مصدر مطلع في المديرية العامة للجوازات في منطقة حائل أنه سيتم منح المقيم الآسيوي تأشيرة خروج نهائي وذلك بعد تأكيده خلال التحقيق معه عدم رغبته في العودة مجدداً للعمل في السعودية، لافتاً إلى أنه ينتظر أن تحال معاملته إلى مكتب العمل في المنطقة لتصفية مستحقاته المالية، وتسهيل إجراءات سفره إلى بلده، إذ إن النظام يمنع سفر أي مقيم لم يتسلم مستحقاته من كفيله.
وأضاف أن كفيل المقيم سبق وأن تقدم ببلاغ هروب ضد مكفوله تحسباً لاحتمال هروبه، وسعياً منه إلى عدم التعرض للمساءلة القانونية، لافتاً إلى أن الكفيل يحاسب في هذه الحالة على تقديم بلاغ كيدي، وتجري معاقبته وفق الأنظمة.
وأكد مصدر في وزارة العمل أن أنظمة العمل في السعودية تجرِّم وتحرِّم تحريماً قاطعاً التعرض لأي مقيم بالضرر، تحت أي ظرف كان، لافتاً إلى أنه لا يمكن إنكار وجود تجاوزات فردية محدودة من بعض أصحاب العمل، وكذلك العاملين، وأيضاً بعض المشكلات العالقة بين الطرفين، خصوصاً أن المملكة تحتضن أكثر من 8 ملايين عامل.
وشدد على أن الوزارة تواصل بذل جهودها لحماية العمالة من سوء المعاملة أو الاستغلال أو انتهاك حقوقهم، وتحرص على تعريفهم بالمعلومات الأساسية المتعلقة بظروف العمل في المملكة، وحقوقهم وواجباتهم من ساعات العمل اليومية والأجور والإجازات والراحة اليومية وغيرها، إضافة إلى تعريفهم بالجهات التي يمكنهم اللجوء إليها حال حاجتهم لذلك.