حققت الأجهزة الأمنية اللبنانية (مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي) إنجازاً أمنياً لافتاً يعتبر الأهم منذ بدء تطبيق الخطة الأمنية في طرابلس في مطلع نيسان (ابريل) الماضي تمثل في توقيف حسام صباغ أحد أبرز قادة «جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» وفي مقتل المنذر الحسن المعروف بارتباطه ب «داعش» والمسؤول عن تجنيد الانتحاريين السعوديين الذي قتل أحدهما أثناء دهم القوى الضاربة في الأمن العام فندق «دو روي» في الروشة في غرب بيروت والفرنسي فايز بوشران من جزر القمر خلال دهم «المعلومات» فندق «نابليون» في الحمراء إضافة الى وقوفه وراء تجنيد المجموعات الإرهابية في بلدة «فنيدق» في عكار التي أوقف منها الجيش محمود خالد وعلاء كنعان. وفي التفاصيل التي حصلت عليها «الحياة» من مصادر أمنية لبنانية بارزة، فإن القوة الضاربة في فرع المعلومات بدأت تلاحق الحسن منذ ورود اسمه من قبل الأمن العام وتعميم صورته الشمسية على أنه العقل المدبر لأكثر من عملية إرهابية من طريق تفجير انتحاريين أنفسهم في سيارات مفخخة. وأكدت المصادر أن الحسن، وهو لبناني من بزبينا في عكار يحمل الجنسية السويدية، كان وراء تأمين الحجوزات للسعوديين علي إبراهيم الثويني (20 سنة) الموقوف لدى الأمن العام ورفيقه عبدالرحمن بن ناصر الشنيفي الذي قتل أثناء تفجير نفسه بحزام ناسف لدى محاولة توقيفه في غرفته في فندق «دو روي». وذكرت بأن السعودي الثويني أصيب بجروح وحروق جراء تفجير رفيقه الشنيفي نفسه بحزام ناسف كان يحمله، وقالت ان الفرنسي بوشران أوقف من دون أي مقاومة وهو في فراشه في غرفته في «نابليون» إضافة الى توقيف عدد من المشتبه بهم بينهم سوري كلّف التواصل بين السعوديين وبين الحسن الذي تردد انه حضر لأكثر من مرة الى الفندقين. وقالت ان الحسن هو الذي أمّن الحجز في الفندقين من خلال تقديمه المال اللازم لهذا الغرض وتولى شخصياً استطلاع المنطقة التي أقام فيها الثلاثة في الروشة والحمراء، وإن مهمة هؤلاء تقضي بتنفيذ ما يخططه لهم الحسن لأنه وحده من يحدد لهم الأهداف لتنفيذ العمليات الانتحارية. وجزمت المصادر بأن جميع هؤلاء ينتمون الى «داعش» وأنهم يأتمرون بأوامر الحسن الذي تبيّن من خلال ملاحقته أنه لجأ أخيراً للإقامة في شقة سكنية في مبنى «السيتي كومبلكس» في طرابلس يملكها ابن عمته المهاجر الى الخارج. رصد تحركاته وكشفت هذه المصادر أن القوة الضاربة في «المعلومات» تمكنت من رصد تحركات الحسن وتوصلت الى تحديد إقامته في الطبقة التاسعة من المبنى السكني وحاولت إلقاء القبض عليه وسوقه مخفوراً الى التحقيق، لكنه ما إن أحس بوجود عناصر هذه القوى تفرض حصاراً أمنياً حول المبنى والطبقة التاسعة سارع إلى رمي القنابل اليدوية على العناصر بعدما فتح قوارير الغاز الموجودة في الشقة. وقالت إن القوة الضاربة حاولت الاستعانة بعمة الحسن لعلها تقنعه بالكف عن إلقاء القنابل وتسليم نفسه، لكنها عجزت عن إقناعه ما اضطر هذه القوة الى تفجير الباب الحديد وبدأت تتعامل معه بإطلاق النار، وأكدت أن الحسن أصيب بطلقات قاتلة. وأصيب 4 عناصر من القوة الأمنية بجروح، وفق بيان لقوى الأمن الداخلي. وتولت القوة نقل جثة الحسن بواسطة سيارة الإسعاف الى أحد المستشفيات وعمد عناصرها الى تفتيش الشقة وصادروا منها أجهزة كومبيوتر احدها مفخخ بعبوة، إضافة الى أسلحة وذخيرة. كما تولى رجال الأدلة الجنائية رفع البصمات في الشقة فيما صادر عناصر «المعلومات» سيارته وهي من نوع مرسيدس كانت مركونة في مرآب المجمع السكني. صباغ مطلوب دولياً أما بالنسبة إلى توقيف صباغ، وهو لبناني يحمل الجنسية الأسترالية، فتردّد أمس أنه مطلوب بأكثر من مذكرة دولية إضافة إلى صدور مذكرات غيابية عدة عن القضاء اللبناني لتوقيفه، لكنه بدأ يتوارى عن الأنظار مع ترسيخ الخطة الأمنية في طرابلس التي دفعت بعدد من قادة المحاور إلى تسليم أنفسهم إلى الأجهزة الأمنية التي أحالتهم فوراً على القضاء. وأكدت المصادر أن صباغ يعتبر الأخطر لارتباطه ب «جبهة النصرة» من خلال تبنيه أفكارها وممارساتها. وقالت أنه لجأ من باب التبانة إلى مزرعة يملكها في حي أبي سمرا، لكنه اضطر لتغيير مكان إقامته تحت ضغط حملات الملاحقة لتوقيفه. وقالت إن مقتل الحسن تزامن مع توقيف مخابرات الجيش صباغ في محلة طلعة المنار في طرابلس وبرفقته محمد علي إسماعيل إسماعيل المطلوب بمذكرات توقيف عدة لقيامه بأعمال إرهابية إضافة الى تردد اسمه في عداد لائحة قادة المحاور الملاحقين غيابياً. واعتبرت أنه لم يبقَ من الفارين الخطرين سوى أسامة منصور الذي تردّد أنه يناصر تنظيم القاعدة. ورداً على توقيف صباغ قطع بعض الأشخاص الطريق الدولي عند دوار أبو علي الذي يربط طرابلس بأقضية الشمال الأخرى. وتخلّل الاحتجاج إلقاء قنبلة على حاجز للجيش في شارع الأهرام ما أدى الى حصول اشتباك مع عناصر الحاجز. وأكدت المصادر أن ردّ الفعل على مقتل الحسن وتوقيف صباغ بقي محدوداً وأن وحدات الجيش عملت على إعادة فتح الطريق بدءاً من صباح أمس، وقالت إن المئات تجمعوا في عدد من أحياء طرابلس ظناً منهم أن القوة الأمنية تنفذ حملات دهم لكنهم سرعان ما تفرّقوا بعد أن أعلموا أن لا نية بذلك. من هو حسام صباغ؟ برز اسم حسام صباغ إلى الواجهة خلال الاشتباكات التي كانت تدور بين باب التبانة وجبل حسن في طرابلس وعرف أن لديه نشاطات مع مجموعات متطرفة في العراق وسورية والشيشان. وترأّس مجموعة تضم العشرات أحسن تدريبهم وتجهيزهم بأسلحة متطورة كان يشتري معظمها من السوق السوداء وبأسعار مرتفعة جداً. شارك في القتال في طرابلس لكنه عدّل عن مشاركته مع بدء الإعداد لتطبيق الخطة الأمنية لقناعته بأن لا طائل من استمراره وأن «معركة الجهاد» الحاصلة في سورية هي معركته و«لا يجوز أن نستنزف قوانا البشرية وقدراتنا العسكرية في قتال عبثي كالذي يحصل في طرابلس». وتردد أن صباغ كان على علاقة بتنظيم «فتح الإسلام» قبل أن يقرر الانكفاء عنه والتفرّغ للعمل الجهادي في العراق. كما تردّد أنه انتمى الى أحد الأحزاب ومن ثم الى إحدى المجموعات الإسلامية قبل أن يتزعّم مجموعة مسلحة موالية له وكان يشارك في اجتماعات التنسيق الأمنية التي كانت تعقد في حينها بين مسؤولي الأجهزة الأمنية وقيادات طرابلس وفاعلياتها، وسجل أول حضور علني له في ساحة النور عند المدخل الجنوبي لطرابلس خلال تظاهرة على خلفية توقيف الأمن العام شادي المولوي الذي أطلق لاحقاً، وهو مطلوب حالياً بمذكرة توقيف.