كان أمراً عجيباً، ذلك الذي تفوه به مدير الكرة الجديد في نادي النصر، محمد السويلم عبر البرنامج الرياضي (كورة) مع المذيع تركي العجمة، عندما أعلن عن تبرعه براتبه الشهري الذي من المفترض ان يكون قد خصص له من إدارة النادي لقاء عمله لمصلحة النصر، وهذا التبرع السخي وغير المسبوق قد يكون في ظاهرة بادرة تستحق الشكر والامتنان والتعاطف في آنٍ واحد، فمدير كرة جديد سيعمل في مهنة متعبة ومضنية لساعات طويلة من دون مرتب، او بمعنى أكثر وضوحاً سيعود الراتب ليدخل خزانة النادي كتبرع من مدير الكرة، فمهما كان مقار الراتب هو مجرد تبرع لابد من تسجيله شهرياً باسم المتبرع للنادي، وشخصياً لم أسمع وربما معي الكثيرون ان موظفاً يعيد مرتبه مرة اخرى لأمين الخزانة ليسجل كتبرع، فقد كان من الأفضل ان يقبل السويلم العمل كمدير للكرة من دون ان يطلب راتباً، أي كأن يعمل متطوعاً وفي الأندية كثيرون يعملون متطوعين، ولكن ان يخصص له راتب ثم يعود ليقول لا أريده واعتبروه تبرعاً مني للنادي! وما دعاني لطرح هذا الموضوع، أولاً بأن مسألة التبرع واردة والذين يعملون كمتطوعين كما أسلفت كثيرون خصوصاً في الأندية، ثانياً، لكنني توقفت عند جملة قالها السويلم تحتاج الى تسليط الضوء عليها ولابد من إيضاحها، اذ قال السويلم: «بأنه لا يملك غير مرتبه وهو يتبرع به للنادي»، كلام غريب يحتاج الى إيضاح، هذه نقطة فيها الكثير من المجازفة، فالرجل ربما لديه مداخيل أخرى، لكنه قال (أكررها مرة اخرى) لا أملك عير مرتبي! (الذي سيتقاضاه من النادي) هكذا فهمنا، فماذا يقصد الرجل بذلك التصريح الفضائي المباشر؟ وهل وصل الحال بالنصر ان يقبل أي تبرع (مع احترامنا الشديد لخطوة مدير الكرة) والذي من المفترض ألا يتجاوز راتبه راتب لاعب في الفريق. والواضح بأن هذا التبرع كان مرتباً له قبل البرنامج خصوصاً وان المذيع تركي العجمة طلب من السويلم ان يقول كلامه الأخير في البرنامج لمدة دقيقة وهو في الوقت نفسه (أي العجمة) لم يمنح الضيف الثاني الزميل خلف ملفي هذا الحق، وأود ان أصل بعد هذه المقدمة الطويلة الى أهم نقطة في الموضوع بأن يكون حال النصر قد وصلت الى هذه الحال (والموضوع هذا ليس له علاقة بشجاعة وتفاني السويلم تجاه خدمته للنصر)، لكنه مثال لتلك الحال، بينما الواقع يناقض المشهد السابق طرحه، فالنصر يصرف ملايين على لاعبيه الاجانب والمحليين وعلى الأجهزة الفنية والإدارية والطبية، وهو الآن بصدد استقطاب لاعبين سيكلفون الخزانة او التبرعات الشيء الكثير، وحتى المبادرات الشخصية تعتبر في العرف النصراوي تأكيد انتماء للنادي وتأكيد محبة، لكنها لن تحل أمة النصر، وكل ما نرجوه ان تكون مثل هذه الأمور داخل إطار النادي كما يفعل المتبرعون بسخاء من اشتراطهم عدم الإفصاح عن هوياتهم، اما ان يستغل أي منبر إعلامي لأمور غير مفهومة تفسر بأنها شخصية صرفة، فهذا أمر يدعو الى حال الاستغراب ويعكس الحال المتردية للسياسة النصراوية وهبوط مستوى الخطاب، فلابد ان يكون للنصر حدود تنظم الشفافية المراد إيصالها للرأي العام النصراوي. بقي ان أقول بأن هناك فرقاً بين ان تعمل متطوعاً او تعمل كمتبرع. [email protected]