وزارة الخارجية تُعرب عن تعازي المملكة لجمهورية السودان إثر حادث انهيار منجم للذهب    مطار الملك عبدالعزيز الدولي يوفر وسائل نقل رسمية متنوعة    المملكة تقود تعاوناً دولياً لدعم الطاقة النظيفة    2.2 ألف منشأة تدريبية أهلية مرخصة في 2024    وسط استعدادات لعملية عسكرية كبرى في غزة.. تصاعد الخلافات داخل الجيش الإسرائيلي    تصعيد متبادل بين العقوبات والمواقف السياسية.. روسيا تشن أعنف هجوم جوي على أوكرانيا    الملكية الفكرية ليست مائدة نقاش ديني.. بل مبدأ لا يُمس!    مدرب تشيلسي ينتقد الفيفا ومونديال الأندية    بعد وداعه لكأس كونكاكاف الذهبية.. رينارد: أتحمل المسؤولية.. وسنكون جاهزين لتصفيات ملحق المونديال    في دور ال 16 من كأس العالم للأندية.. طموح الهلال يصطدم بمانشستر سيتي.. وإنتر ميلان يواجه فلومينينسي    التعليم في ميزان المجتمع    توقيف شخصين ظهرا في محتوى مرئي بسلاحين ناريين    نقل 1404 مرضى داخل المملكة وخارجها عبر 507 رحلات إخلاء    ما عاد في العمر متسع للعتاب    مادتا التعبير والخط    حين يهمس لك المشروع بأنك لست في مكانك.. فاستمع!    "الصحة العالمية" تفشل في تحديد سبب جائحة كوفيد- 19    أخضر السيدات يخسر أمام الفلبين بثلاثية في تصفيات كأس آسيا    استعراض أعمال الشؤون الإسلامية أمام أمير تبوك    تنسيق سعودي - جيبوتي تجاه أبرز القضايا الإقليمية والدولية    بعنوان "النمر يبقى نمر".. الاتحاد يجدد عقد مدافعه "شراحيلي" حتى 2028    فاطمة العنزي ممثلة الحدود الشمالية في لجنة المسؤولية الاجتماعية بالاتحاد السعودي للدراجات    سعود بن بندر يستقبل مديري "صحة الشرقية" و"وقاية"    أمين القصيم يفتتح ورشة «تعزيز التخطيط العمراني»    رئيس الشورى يبدأ زيارة رسمية إلى كمبوديا    المملكة تواصل ضرباتها الاستباقية ضد المخدرات    الأحوال المدنية المتنقلة تقدم خدماتها في خمسة مواقع    خمس شراكات لدعم مستفيدي «إنجاب الشرقية»    "الملك سلمان للإغاثة".. جهود إنسانية متواصلة    تدفقات الاستثمار الأجنبي تقفز 44 % في الربع الأول    المملكة تنافس لرفع إسهام الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي ل 130 مليار دولار    انطلاق برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي بجامعة المؤسس    أمير الشرقية يكرم الداعمين والمشاركين في «ربيع النعيرية»    أمير جازان يكرّم الفائزين بجائزتي المواطنة المسؤولة و"صيتاثون"    «الشؤون النسائية بالمسجد النبوي» تُطلق فرصًا تطوعية    الواجهة البحرية بالوجه.. متنفس رياضي وترفيهي    إنطلاق برنامج "موهبة الإثرائي الأكاديمي" بجامعة الإمام عبدالرحمن    وزارة الرياضة وهيئة الطيران المدني توقّعان مذكرة تفاهم للتنسيق والإشراف على الرياضات الجوية    أرقام صادمة بعد هزيمة «الأخضر» أمام المكسيك    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصلَ العام لجمهورية العراق    أمير تبوك يطلع على التقرير السنوي لاعمال فرع وزارة الشؤون الاسلامية بالمنطقة    جمعية "وقاية" تنظّم معرضاً توعوياً وندوة علمية بمستشفى وادي الدواسر    بيئة نجران تعقد ورشة عمل عن الفرص الاستثمارية بمنتدى نجران للاستثمار 2025    قطاع ومستشفى النماص يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي للأنيميا المنجلية"    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 37 شهيدًا    أمير جازان يكرّم الفائزين بجائزتي المواطنة المسؤولة و"صيتاثون" في دورتها الرابعة    اتفاقية استراتيجية" بين مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة ومصرف الإنماء    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ جولات ميدانية لصيانة جوامع ومساجد المنطقة    انطلاقة عام 1447    استمرار المسار الإثرائي الذكي لتعزيز التجربة .. السديس: الخطة التشغيلية لموسم العمرة تستغرق 8 أشهر    الترويج للطلاق.. جريمة أمنية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي ينهي معاناة «ثلاثينية» مع نوبات صرع يومية بجراحة نادرة ودقيقة    تجديد اعتماد «سباهي» لمركزي المربع وشبرا    إطلاق مبادرة «توازن وعطاء» في بيئة العمل    وكالة الشؤون النسائية بالمسجد النبوي تُطلق فرصًا تطوعية لتعزيز تجربة الزائرات    نائب أمير جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    أقوى كاميرا تكتشف الكون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الديموقراطية في الكويت
نشر في الحياة يوم 28 - 11 - 2011

الكويت تعيش على صفيح ساخن هذه الأيام. تنام على تظاهرات تنادي برحيل رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح. وتصبح على تجمعات تندد بالمنادين بالرحيل. نواب معارضون قرروا الوقوف في وجه الحكومة. وحكومة لا تظهر كثيراً في الإعلام لتُبين موقفها تجاه خصومها وتجاه التهم الموجهة اليها والتي يأتي على رأسها رشوة بعض النواب الموالين بمبالغ كبيرة، وتستعيض عن ذلك باستئجار أدوات إعلامية تفتقد الخبرة والاحتراف، تضرب المعارضين في مناطق حساسة لا علاقة لها بنقاط الخلاف والاختلاف.
الشيخ ناصر المحمد يجابه منذ سنوات حملات قاسية تتعلق بأداء حكوماته المتعاقبة. هذه الحملات تشنها تكتلات نيابية في مجلس الأمة تسمي نفسها بالمعارضة. يفوز هو عليها كل الوقت، لكن عندما تميل الكفة بعض الوقت باتجاه من يسمون أنفسهم بالمعارضة، تنحل الحكومة وينحل المجلس وتنحل الحملات الإعلامية وتنحل النقاشات في الديوانيات وينحل كل شيء قابل للحل (وتقف المواصلات على رأي عادل إمام) ثم يعود الرئيس مجدداً (في شكل لا دخل للشعب والمعارضة فيه) إلى موقعه السابق لتبدأ جولة جديدة من الكر والفر بين حكومة تظن أنها تواجه معارضة، وتكتلات نيابية تظن أنها تواجه حكومة شعبية قابلة للسقوط!
بعد تشكيله لحكومته السابعة (ترأس قبلها ست حكومات على الطريقة الأردنية الإيطالية) تصاعدت المواجهات واشتد كرّها وفرّها بين الشيخ ناصر والفريق المناوئ له، حتى كان من نتيجة ذلك اجتياح مجلس الأمة قبل أسبوعين من مجموعة من الشباب الذين يرون أن دعمهم للقوى التي تقف ضد الشيخ ناصر من شأنه التعجيل برحيل الحكومة السابعة والإتيان بحكومة جديدة تنقذ البلاد من أزمتها الراهنة وتدفع بالعملية التنموية إلى واجهة الاهتمام الشعبي والحكومي وهي التي ظلت حبيسة مكانها بسبب مواجهات مفتعلة بين التشريعيين والتنفيذيين كان عنوانها الرئيسي: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، ولا عزاء للكويت!
ترى ما سبب هذه الأزمات المتلاحقة في الكويت؟ وكيف يمكن التخلص منها؟
تتحمل الطبيعة الديموقراطية الكويتية جزءاً كبيراً من حصة التأزيم الدائم، فبينما تتكون الديموقراطيات الكاملة الدسم في العالم الحر من نصفين متكاملين، الأول: يمثل نزاهة انتخاب الناس لممثليهم في البرلمان، والثاني: يمثل أحقية هؤلاء النواب المنتخبين في تكوين حكومة وطنية قابلة للتداول، تُسجن الديموقراطية الكويتية في نصف سفلي غير قابل للانكشاف على نصفه الأعلى بحكم الدستور. فالحرية الكبيرة المعطاة للناس في نصف الديموقراطية السفلي تتلاشى بالكامل عندما يتعلق الأمر بتشكيل حكومة وطنية منتخبة، فالبرلمانيون المنتخبون من الجماهير لا حق لهم في الحال الكويتية في تشكيل حكومة تحمل تطلعات منتخبيهم، بل عليهم دائماً وفي كل الأحوال انتظار تشكيل حكومة غير منتخبة ليقرروا بعدها هل يكونون بجانب هذه الحكومة أم يختارون طريق المعارضة لها؟ فالنائب الذي كان يمارس الديموقراطية الحقيقية بشكل صحي وصحيح في نصف الدائرة السفلي، صار لزاماً عليه في منتصف الدائرة العلوي أن يكون موالياً فقط أو معارضاً، بمعنى أن عملية تحول الحكومي الخاسر في الانتخابات إلى معارض، أو تحول المعارض الفائز في الانتخابات إلى حكومي، تمثل ترفاً لا وجود له في الكويت.
كما أن الحديث عن الديموقراطية الكاملة في ظل غياب قانون يسمح بتكوين أحزاب تفرز توجهات الناس وبالتالي تحمل أفكارهم إلى البرلمان، يمثل أيضاً نقصاً في التصور الكامل لديموقراطية كاملة الدسم، إذ لا يكفي، كما في الحال الكويتية، أن ينضم النواب بعد انتخابهم إلى «كتل ومنابر وتحالفات وتيارات» لحظية تتغير بتغير الزمان والمصالح، بل من الواجب لكمال الديموقراطية أن تتوزع أصوات الناس على أحزاب غير طائفية ولا قبلية ولا مناطقية، يفوز منها من يحظى بثقة «الغالبية الصامتة» التي يتحدث الكويتيون عنها هذه الأيام كثيراً من غير أن يمتلكوا الأدوات المناسبة لقياسها!
في الكويت سيظل مسلم البراك ووليد الطباطبائي والحربش والطاحوس على سبيل المثال معارضين برلمانيين بلا جسم معارضة حقيقي، طوال عمرهم في مجلس الأمة، ولن يأخذوا الفرصة في يوم من الأيام ليكونوا وزراء ينفذون خططهم البديلة التي ما انفكوا يتحدثون عنها في وسائل الإعلام وتحت قبة البرلمان. وفي الكويت سيظل الحكومي حكومياً ولن يتحول إلى معارض إلا لسبب آخر غير الخسارة في الانتخابات.
سيظل النواب المعارضون معارضين، لا لأنهم يريدون الفوز بتشكيل الحكومة ليتبنوا برامجهم السياسية التي انتخبتهم الجماهير من أجلها، بل لأنهم لا يستطيعون إلا أن يكونوا معارضين فقط، وإلا عليهم الاختفاء في غياهب موالاة الحكومة. من أسباب الأزمة أيضاً الأداء السيء لحكومة الشيخ ناصر المحمد خلال السنوات الماضية، والذي أسهم في كشف عورة الديموقراطية الكويتية وأظهرها بمظهر العاجز عن مواجهة الأزمات الناشئة عن خلافات التنفيذي والتشريعي. ديموقراطية الكويت كانت محشورة في النصف السفلي منذ تأسيسها في ستينات القرن الماضي، لكن لم يكن أيٌ من الكويتيين يعرف ذلك بسبب الأداء الجيد للحكومات التي كانت تسبق حكومة المحمد على المستويين الاقتصادي والسياسي والذي كان يغطي مظاهر الضعف في الحياة البرلمانية.
ديموقراطية الكويت (الكاملة) تتخلّق هذه الأيام. انا متأكد من هذا الأمر، ومتأكد أكثر أنها ستكون مثالاً لبقية شعوب الدول العربية كما كانت أمها الناقصة قبل عقود!
* كاتب وصحافي سعودي.
[email protected]
Twitter | anotaibi@


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.