الكويت تكتب فصلاً ذهبياً في تاريخ الكشافة: استضافة عالمية مستحقة لمؤتمر 2027    برنامج الإقراء لتعليم القرآن    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤكِّد استكمال استعدادات الرئاسة العامة لخدمة ضيوف الرحمن في موسم حج 1446ه    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف تنفذ عددًا من البرامج التدريبية لتطوير مهارات منسوبيها من مقدمي الخدمات لضيوف الرحمن في موسم حج 1446ه    مستشفى الحرجة يُقيم فعالية "اليوم العالمي لنظافة الأيدي"    "الداخلية" تعلن تجاوز عدد مستفيدي مبادرة طريق مكة "مليون" حاج منذ إطلاقها    "هيئة الأدب" تختتم مشاركتها في معرض "الدوحة الدولي للكتاب"    استراتيجية استثمارية طموحة لأمانة حائل في منتدى الاستثمار 2025    نجاح عملية دقيقة "بمستشفى المانع بالخبر" تُنهي معاناة سيدة من كسر وعدوى مزمنة في عظمة الفخذ    نعمل على إيجاد الحلول والمبادرات التي تُقلل من مشكلة الأطفال المتسولين    أمير الشرقية يهنئ أبناء الوطن بتحقيق 23 جائزة في "آيسف 2025"    برنامج التحول الوطني يُطلق تقرير إنجازاته حتى نهاية عام 2024    كوكب أورانوس يصل إلى الاقتران الشمسي اليوم    اعتدال: أكثر من 1.2 مليون رابطٍ للتحايل على آليات رصد المحتوى المتطرّف    جائزة الشارقة للاتصال الحكومي تحول القوة الناعمة إلى ميدان ابتكار وتنافس عالمي    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 125 شهيدًا    الهيئة السعودية للمياه تُعفي بعض المخالفين من الغرامات المالية    الإحصاء تنشر إحصاءات النقل الجوي 2024    الأهلي يُعلن بقاء يايسله لنهاية عقده    من أعلام جازان.. الشيخ علي بن ناشب بن يحيى شراحيلي    "الأرصاد" تحذر من تدنٍ في مدى الرؤية بمعظم مناطق المملكة    صحفيو مكة المكرمة يبحثون الدراسات الإعلامية بالحج    تستهدف طلاب المرحلتين الابتدائية والمتوسطة .. التعليم: اختبارات «نافس» في 8 مدارس سعودية بالخارج    ترحيل 11.7 ألف مخالف وإحالة 17 ألفًا لبعثاتهم الدبلوماسية    ترمب.. الأمريكي المختلف!    ترمب يؤكد التواصل مع الرئيسين لوقف الحرب.. الكرملين يربط لقاء بوتين وزيلينسكي بالتوصل لاتفاقيات    حراك شعبي متصاعد واحتجاجات في عدة مدن.. سحب الثقة من حكومة الوحدة يضع ليبيا في مفترق طرق    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    في ختام الجولة 32 من دوري روشن.. الأهلي يقسو على الخلود.. والأخدود على شفا الهبوط    "تقنيات الجيوماتكس" تعزز السياحة في السعودية    25 موهوبًا سعوديًا يتدربون في فنون المسرح بلندن    انطلاق "عرض سلافا الثلجي" في الرياض    الألماني يايسله يعلن رحيله عن الأهلي    حصر الحراسات الأمنية في 8 أنشطة على وقت العمل    برعاية أمير الرياض ومشاركة نخبة من المسؤولين وصناع القرار.. معرض دولي لترسيخ دور القطاع غير الربحي    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    سمو ولي العهد يعزي رئيس جمهورية الأوروغواي الشرقية في وفاة رئيس الجمهورية الأسبق    "الداخلية" تحذر من حملات الحج الوهمية    وصول التوأم الملتصق الفلبيني إلى الرياض    لأول مرة.. تشخيص الزهايمر بفحص عينة من الدم    بالاس يقهر السيتي ويتوج بلقبه الأول    «تنمية شقراء» تُكرّم داعمي البرامج والمشروعات    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الفوز على الخلود    انفجار قنبلة بالقرب من مركز للصحة الإنجابية في كاليفورنيا ومقتل شخص    نحو تحرير السوق العقاري    المملكة تجدد رفض تهجير الفلسطينيين والاعتداءات الإسرائيلية على سورية    الذهب يسجل أسوأ أسبوع في ستة أشهر مع انحسار التوترات التجارية    أباتشي الهلال تحتفل باللقب أمام الاتحاد    أخضر الصالات يتجاوز الكويت ودياً    تضارب في النصر بشأن مصير رونالدو    "شؤون المسجد النبوي" تدشّن "المساعد الذكي الإثرائي"    تأكيد ضرورة توحيد الجهود للتغلب على التحديات في المنطقة العربية وإرساء السلام    مستشفى الملك فهد الجامعي يطلق أربع خدمات صيدلية    قلب الاستثمار.. حين تحدث محمد بن سلمان وأنصتت أميركا    فهد بن سعد ومسيرة عطاء    قمة بغداد: تنديد بالحرب والحصار في غزة وعباس يدعو لنزع سلاح حماس    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سنوات الحب والخطيئة» للروائي مقبول العلوي
نشر في الحياة يوم 10 - 11 - 2011

في رواية «سنوات الحب والخطيئة» للكاتب السعودي مقبول العلوي (المؤسسة العربية للدراسات والنشر-2011) يتبادر الى ذهن القارئ أنّ الرواية رواية زمن، وهذا ما يحيلنا اليه عنوان الرواية، لما يحمله من إشارات زمنية واضحة المعالم ولكن من يتمعّن في القراءة يرَ أنّ الرواية رواية مكان أكثر مما هي رواية زمن، إذ إنّ الزمن لم يأتِ غايةً بقدر ما جاء وسيلة، فاستوطن المكان وساهم في إضاءته وتعويمه على السطح وعلى خشبة مسرح الأحداث عموماً.
فالرواية هي حكاية جزيرة (أم الدوم) التي تختزل برمزيتها العالمَ العربيَّ عموماً. جزيرة تجترّ أيّامها من دون أيّ تغيير وكأنّ طبائع ناسها متحجّرة على ما هو مألوف ومتوارث. يهجرها البطل/الراوي عشرين عاماً على اثر علاقة حب مع رحمة ابنة أحد زعماء الجزيرة وأسيادها، وبعد أن تحمل منه، يجهضها والدها، ليتزوّجها أبو حسّان والد الراوي، فينصبّ غضب الابن عليه من دون الاعلان عن ذلك، فيكون الحدث سبباً في موت الأمّ ومغادرة حسان. ثمّ يعود اليها ليجد أصحاب الأسماء القديمة قد ماتوا، لكن المكان لم يتغيّر، والأجيال لمّا تزلْ صورة طبق الأصل عن الأسلاف: «عندما عدت بعد ذلك النزوح المرير وجدت نفسي وكأنني لم أغب سوى عشرين يوماً» (ص11).
يسلّط الكاتب ضوءاً على المكان، ناقلاً أبرز تفاصيله وجزئياته، فإذا به بؤرة بعيدة كلّ البعد من أسس الحياة الحديثة. مكان لا يزال قاطنوه مشدودين إلى أزمنة غابرة، تغلّف عقولَهم عاداتٌ بالية وتقاليدُ وأعرافٌ ترميهم في بئر تفيض جهلاً وتخلّفاً وانعزالاً وارتداداً نحو الخلف، فتنسحق أحلامهم وتنسحق معها قلوبَ الأجيال التي لا تألو على شيء: «هنا في جزيرة ام الدوم تموت الأحلام والنساء على قارعة الطريق بابتذال، وقد علا رؤوس رجالها الصدأ وأفئدتهم أصابها الخواء والجحود» (ص35). فهو مكان تجتاح نفوسَ أهله الأحقادُ والحروبُ، ويهجره الفرح ولا يزوره إلا أوقاتاً قليلة: «فرح حلّ ضيفاً في مكان قاحل أصبح منذ فترة لا يجود إلا بالفتن والخصومات والأحقاد» (ص36).
هذه الحالة المزرية للمكان انعكست على بشره حالاتٍ نفسيةً مدمرة، دفعت شبابه المتمثّل بالراوي إلى الهجرة بعيداً من حمامات الدم، وتسلّط حكام توارثوا أصول حكمهم من أساليب أسلافهم التاريخية، ما جعل الجيل الجديد يشعر بالدونية ويتحوّل الى مريض نفسي تتناهشه المازوشية. يعترف الراوي/البطل بأنه صار شيئاً زائداً في هذه الحياة، لا يستحقّ حباً وعلاقات مع الآخرين، وهذه هي المازوشية ورديفتها الدونية بعينها، فيقول: «كثيراً ما كنت أعترف بيني وبين نفسي أنني شخص لا أجيد تكوين الصداقات والعلاقات، وإذا نجحت مرة في تكوين علاقة ما فإنها سرعان ما تذبل كوردة ألقيت تحت شمس حارقة» (ص76). وهذه الحالة أو المرض النفسي، انتقلت عدواه الى المكان أومن المكان عموماً، كأن يقول الراوي ومن خلفه الكاتب مؤكّدين ذلك: «هذا المكان لا يحتمل الحب بالفعل. الحب أمر طارئ له. غريب عنه». (ص136).
تعالج الرواية قضية الأنا والآخر من منظور صاحبها، فيرى الراوي أو الكاتب، أن الآخر ليس العدو الخارجي، بل يكمن في تسلّط المجتمع الذكوري التقليدي متمثلاً بالأب، سواء أكان والد الحبيبة/الزعيم، أم والده هو، أم زوج أم زوجته الموقتة في الغربة (مريم)، أم أولاد ساطي أخوة القتيلة فاطمة. فالأول كان الآمر والناهي في علاقة البطل برحمة، وقد شاركه أبو حسان والد الراوي في ذلك عبر قبوله الزواج من رحمة بعد اجهاضها بطريقة سرية، في حين أن الثالث كان سبباً في انحراف مريم وممارستها الجنس على طريقة المثليات. أما أولاد ساطي فيؤكدون بقتل أختهم أن العادات القديمة ما زالت تعشش في تلافيف دماغ الناس: «كانت وما زالت الاحقاد هنا على ارض الجزيرة تتوارث وتنتقل من الأسلاف إلى الأولاد والأحفاد». (ص118) ولكن ما ينبغي التوقّف عنده، هو أن حكم الراوي على والده فيه شيء من التجني على رغم ما قام به الوالد من ظلم وتعسّف وقهر بحق ابنه وزوجته الأولى. بيد أنّ من يرقب الأحداث بتمهّل، يرى عبر اشارات سريعة، أن أبا حسان قد تحمّل أعباء ابنه وأخطاءه، وتزوّج من عشيقته خوفاً عليه وحماية له. وما ظلمه لابنه سوى رد فعل على ما أوصله اليه هذا الأخير، والدليل أنه طلّقها بعد مغادرة الابن بشهر، وكأن والد رحمة قد اشترط عليه، الزواج أو رأس ابنه في الخلوة التي خرج منها الوالد معلنا زواجه المشبوه. فغالياً ما كان يردد بعض العبارات التي تشير الى أنه انقذ ابنه، وكأن الراوي/الابن هنا لا يعرف بذلك، أو يريد من المتلقي كشف ذلك بنفسه ليحظى بلذة الاكتشاف. فيقول على لسان أحد أصدقاء والده، نقلاً عن هذا الأخير: «كنت أريد أن يبتعد حسان عن النار، التي كانت ستحرقه». (ص104). وكان قال له قبل المغادرة: «إلى متى سأظل أحمل أخطاءك الفادحة». (ص54). يمسك زمامَ السردِ الراوي/البطل الأساس، فيعرض ما يتعلق به وما يعرفه عن الآخرين، ويشاركه في ذلك، وبطريقة منطقية وتقنية، صوتان سرديان آخران، وهما خضير السكران الذي يخبره ما حلّ بالجزيرة في أثناء غيابه، خصوصاً ما يتعلّق بموت والده وموت رحمة ووالدها، فيكشف اموراً يصعب على الراوي الحصول عليها أو الحديث عنها. وتتكفّل مريم بسرد وقائع خاصة بها. وهذا السرد القائم على الراوي المشارك والأصوات الداخلية، أوقع الكاتب في منزلق السرد والحكي، إذ يخبرنا الراوي ما حصل بين مريم وزوج امها من تحرّش من دون أن يذكر الوسائط التي استقى منها معلوماته.
علي نسر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.