ارتفاع أسعار النفط    نجاح عملية جراحية لطفلة فلسطينية كانت تعاني من عيب خلقي في القلب    هجوم صاروخي روسي يستهدف كييف ومدنا أوكرانية    مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع (515) سلة غذائية في محلية بورتسودان    200 مليار مشروعات اقتصادية بالمدينة المنورة    الجاسر: القطاع السككي سيواصل دوره التنموي والخدمي    ترمب ينتقد «حماس» ويهدد بتدخل الحلفاء.. تحرك أمريكي لدعم وقف النار في غزة    الأمم المتحدة: إسرائيل تسعى لفصل المزارعين عن أراضيهم    الصليب الأحمر يؤكد تبادل 15 جثماناً لفلسطينيين.. «حماس» تسلم جثتي أسيرين إسرائيليين    قدموا للسلام على سموه.. ولي العهد يستقبل الأمراء والعلماء والوزراء وجمعاً من المواطنين    في ختام ثالث جولات نخبة آسيا.. الهلال يضرب السد بثلاثية ويستعيد الصدارة    النصر ضيفاً على غوا الهندي من دون رونالدو.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا الثاني    موجز    جمجمة في سنارة صياد بدل السمكة    أكد دعم المملكة لجهود السلام بالعالم.. مجلس الوزراء: الموافقة على إنشاء فرع لجامعة ستراثكلايد بالرياض    أكد دعم المملكة للسلام بالعالم.. مجلس الوزراء يوافق على إنشاء فرع لجامعة ستراثكلايد في مدينة الرياض    تحايل قانوني.. قضية «شمس الزناتي» تشتعل    «رجال عبدالعزيز» في التلفزيون السعودي    «نبض العلا» ينطلق الجمعة القادم    شريحة ذكية تعيد البصر ل84% من المكفوفين    سعود بن نايف: القطاع غير الربحي شريك في تحقيق مستهدفات رؤية 2030    هدوء نسبي بغزة وسط ترقب مفاوضات المرحلة الثانية لوقف إطلاق النار    وزير "البيئة" يدشّن منصة "وقاء المستفيدين" للصحة النباتية والحيوانية    محمد بن عبدالعزيز يشيد بمنجزات «محكمة إدارية جازان»    جائزة صيتة بنت عبدالعزيز تستعد لملتقى دراية بحائل    فيصل بن مشعل يشدد على أهمية استثمار مزايا القصيم في مجالات الزراعة    نائب أمير حائل يستعرض مستجدات الوضع الصحي    جيسوس: حضرنا للهند من أجل الفوز    الهلال يتفوق على السد بثلاثية    أرسنال يكتسح أتلتيكو مدريد برباعية في دوري أبطال أوروبا    حراك متنامٍ    اكتشاف نادر لشجرة «السرح» في محمية الملك عبدالعزيز    برعاية سمو وزير الثقافة.. منتدى الأفلام السعودي الثالث ينطلق اليوم    مسجد الغمامة.. عراقة العمارة والإرث    الأراضي الزراعية تقود ارتفاع العقار وترتفع 15.3%    باريس سان جرمان يسحق ليفركوزن بسباعية ويواصل العلامة الكاملة    روسيا تضرب شبكة الطاقة الأوكرانية وأوروبا تتحرك لإجبار بوتين على السلام    العنزي مديرا للإعلام والاتصال    نائب أمير منطقة مكة يستقبل معالي وزير الحج والعمرة    بين الغرور والغطرسة    واشنطن تضغط لإطلاق المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة    تعليم الطائف يطلق جائزة سمو محافظ الطائف " ملهم" للتميّز التعليمي في دورتها الثانية    تغيير الاسم الأول للمواطن ضمن 4 خدمات جديدة لأبشر    القبض على 12 مخالفاً لتهريبهم (198) كجم "قات" بجازان    وزير الخارجية ونظيره الهولندي يبحثان العلاقات الثنائية    أسواق العثيم تحصد جائزة المسؤولية الاجتماعية 2025 عن فئة الشركات العملاقة    نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    "دله الصحية" شريك تأسيسي في معرض الصحة العالمي 2025 و"عيادات دله" ترعى الحدث طبيّاً    العلا.. وجهة عشاق الطبيعة والفن والتاريخ    بيع شاهين فرخ ب 120 ألف ريال في مزاد نادي الصقور السعودي 2025    محافظ بيش يستقبل شيخ شمل السادة الخلاوية والشابين المبدعين الشعفي    التدريبات الرياضية هي أفضل علاج لأوجاع التهاب مفاصل الركبة    استقبل وزير الحج والعمرة.. نائب أمير مكة: العمل التكاملي يعزز جودة خدمات ضيوف الرحمن    استقبل الفائز بالمركز الأول بمسابقة تلاوة القرآن بكازاخستان.. آل الشيخ: دعم القيادة لحفظة كتاب الله يحقق الإنجازات    أمير القصيم يدشن مشروعي "التاريخ الشفوي" و"تاريخنا قصة"    خطر بطاريات ألعاب الأطفال    نائب أمير مكة يترأس اجتماع محافظي المنطقة لمتابعة مشاريع التنمية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«حريق» يلتهم قلب الشاعر العراقي جمال الحلاق
نشر في الحياة يوم 16 - 10 - 2011

ما الذي يمكن إن يثيره عنوان لديوان شعري حديث كهذا العنوان «حريق» ؟ من يقرأ الكتاب لن يجد قصيدة اسمها «حريق» بل إن الديوان كله لا يحتوي على هذه الكلمة. هل هي المفارقة أم المجازفة في اختيار مثل هذا العنوان لديوان شعري بالتحديد وليس لرواية أو مجموعة قصصية؟ يعرف الجميع بما فيهم الشاعر جمال علي الحلاق الذي صدر ديوانه هذا عن دار الجمل 2011 إن العنوان واحد من أهم المفاتيح للدخول إلى عالم الكتاب ومحاولة فتح مغاليقه خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بالشعر وبقصيدة النثر بالتحديد.
قراءة الديوان ستجعلنا نعرف إن الشاعر كان يعي هذه المجازفة وربما كان خطط لها لكي يصدم القارئ ويحقق غرضين أولهما إن لا حريق هناك في الخارج ولا نيران مرئية والثاني إن الحريق يمكن إن يكون ولادة أو موتاً أو انبعاثاً أيضاً. تخلص هذه النصوص إلى ما ذهبت إليه سوزان برنار حول قصيدة النثر ولا تكاد تشذ أية قصيدة في هذا الديوان عن الطروحات التي اعتمدتها برنار في تنظيراتها حول القصيدة الجديدة إلى درجة تبني هذه الطروحات واعتمادها منهجاً في الكتابة. وسوف نرى ونحن نستشهد ببعض المقاطع مدى ذلك الإخلاص الذي يوحي بتبن كامل لها ولقصيدة النثر الفرنسية.
لا يمنعنا كل ذلك من القول إن النصوص التي احتواها الديوان وهي تعتمد هذه التقنية من دون غيرها كانت جميلة وفيها حساسية خاصة وهي أقرب إلى الشعر المترجم منها إلى الشعر المكتوب باللغة العربية، لكن الذي يخلصها من ذلك هو الإيقاع الداخلي وقصر الجملة وطبيعة الفكرة الشعرية التي تهزأ من كل فلسفة حتى تبدو وكأنها صدى لسخرية عابرة.
«يخرج من بيضته أعمى / فيباغته الضوء / يحن / إلى عمائه الأول / يريد / أن / يراه». كتابة شعر حديث خال من الوزن والقافية ومن دون بلاغة، كما دعا إلى ذلك الشاعر العراقي سعدي يوسف في وقت ما تجد صداها هنا في هذه النصوص التي تتحرر من قيود كثيرة أقلها البلاغة يوقع الشاعر، أي شاعر في ورطة حقيقية لكن الحلاق ينجو من السقوط في هذه الفخاخ ويخرج نصه في النهاية من الأسلاك الشائكة التي تواجه الشعرية العربية اليوم فقط باعتماده تقنية أثبت الزمن أنها ناجعة.
في هذه القصيدة القصيرة ثمة مفارقة وجودية ساخرة، كما هي حال قصيدة النثر الفرنسية في ما يتعلق في الضربة في نهاية القصيدة تتعلق بقضية الخلق ومحاولة فهمها، لكنها هنا في هذا النص لا ترتد بطريقة نكوصية كما هي حال الحنين إلى الرحم، بل محاولة لمعرفة العماء الأول قبل التكوين الذي يتشكل الكائن في فضائه. هذه الأسئلة تبطن أسئلة أخرى تتعلق بجدوى الوجود والفناء وهي بمثابة سؤال أخر عن جدوى الموت في نهاية المطاف، فرؤية العماء الأول تفضي إلى رؤية العماء الأخير الذي يطوي الكائن حينما يغيبه بالموت. هذه المعادلة، أي الولادة والموت هي الثيمة الأثيرة لكل أدب وكل فن، لكنها تبقى سؤالاً أكثر من أي شيء آخر.
رثاء وسخرية
في قصيدة «محمد الحمراني» وهو مسرحي عراقي شاب مات بطريقة سخيفة وغامضة وسريعة يحاول الشاعر جمال الحلاق بالطريقة نفسها أن يرثي هذا الفنان الشاب الذي مات بشكل عابث لكن من دون كلمات راثية كما تعودنا على ذلك. إنه يسخر أيضاً من الموت الذي يحوّل الآخرين الذين ينتظرونه إلى سلاحف لسرعته في اختطاف الآخرين. « لا عليك / الموت ليس انقطاعاً / سنجد نافذة للحوار / لم تكن أسرعنا / لكنك / جعلتنا سلاحف / بعبورك السريع «. يلغي الشاعر هنا الموت أو يحاول إن يلغيه حينما يحوله إلى عبور والبحث عن نافذة أخرى للقاء الرجل العابر لكنه يتألم بطريقة صامتة لهذا العبور السريع من دون أن يشعرنا بذلك أو الأصح لا يريد أن يشعرنا بهذا المصير الذي ينتظر الجميع.
في مكان آخر من الديوان يتحول المعنى وغيابه إلى شيء واحد، بل إن غياب المعنى يكمن فيه بكونه معنى وبذلك يتساوى الفهم وعدمه في حالة الموت التي تبدو في أحيان كثيرة وجودية بحتة حقاً بلا معنى ولا أصل يدل على جذور واضحة يمكن أن نستدل بها إلى معنى ما». أعزّيك / بغياب المعنى / لكن / أليس معنى أيضاً / غيابه؟».
الولادة والموت زمان ومكان وفضاء وتاريخ، لكن هل الكتابة كذلك؟ تلك التي توحي بكل هذه التفاصيل، هل هي معرفة مسبقة بالمستقبل وآفاقه أم أن حتمية الموت هي التي تؤكد تلك المستقبلية ؟ في قصيدة «ديلمونت» القصيرة جداً يقول الحلاق «كنص أيضاً / يأتي المكان / كي / يؤسس / ذاكرة «.
ولأن الكتابة زمان فلا بد أن تكون مكاناً بالضرورة لأنها هنا ذاكرة كما يرد ذلك في النص / الكتابة إذن فعل سابق للزمان والمكان وبها يأخذ الزمان والمكان موقعه في التاريخ بشكل محدد. الملاحظة الجديرة بالاهتمام أن هذه النصوص التي ضمها الديوان كتبت بهذه الطريقة كما لو أنها معدة إلى الترجمة وكأنها بلا زمن ولا مكان ولا ذاكرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.