الاقتصاد تطلق مبادرة "رواد الاستدامة"    10 اتفاقيات لتطوير المياه المجدّدة واستدامة الزراعة    بيان الرياض حول جهود تنفيذ حل الدولتين    الربيعة يبحث مع بيل غيتس التعاون الإنساني    تشكيل الهلال المتوقع في الكلاسيكو أمام الاتحاد    الصحة: تعافي معظم مصابي التسمم الغذائي    مشروعات تطوير البنى التحتية الجديدة في محافظة جزر فرسان تجاوزت ال 16.5 مليون ريال    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 34.535 شهيدًا    مركز الملك سلمان للإغاثة يوقع على ميثاق صندوق العيش والمعيشة التابع للبنك الإسلامي للتنمية    التشكيل المتوقع لمواجهة ريال مدريد وبايرن ميونيخ    جامعة نايف العربية تفتتح في الرياض ورشة العمل الإقليمية لبناء القدرات حول مكافحة تمويل الإرهاب    فيصل السابق يتخرج من جامعة الفيصل بدرجة البكالوريوس بمرتبة الشرف الثانية    محافظ الخرج يكرم الجهات المشاركة في حفل الأهالي لزيارة أمير منطقة الرياض    الشِّعر والنقد يفقدان النموذج الإنساني «عبدالله المعطاني»    طعن واقتحام ودماء.. ثلاثيني يروّع لندن    الدفاع المدني يدعو إلى عدم الاقتراب من مجاري السيول وتجمعات المياه أثناء هطول الأمطار    "ترابط الشرقية" تنال جائزتين من جوائز جلوبال العالمية في مراكش    إطلاق هاتف Infinix GT 20 Pro الرائد    الفرص مهيأة للأمطار    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولارًا للأوقية    تعاون "سعودي – موريتاني" بالطاقة المتجدِّدة    "هورايزن" يحصد جائزة "هيرميز" الدولية    وزير الدفاع يحتفي بخريجي كلية الملك فهد البحرية    افتتاح معرض عسير للعقار والبناء والمنتجات التمويلية    بطولة عايض تبرهن «الخوف غير موجود في قاموس السعودي»    العميد والزعيم.. «انتفاضة أم سابعة؟»    حرب غزة تهيمن على حوارات منتدى الرياض    تسجيل «المستجدين» في المدارس ينتهي الخميس القادم    أخفوا 200 مليون ريال.. «التستر» وغسل الأموال يُطيحان بمقيم و3 مواطنين    برؤية 2030 .. الإنجازات متسارعة    العربي يتغلب على أحد بثلاثية في دوري يلو    للمرة الثانية على التوالي.. سيدات النصر يتوجن بلقب الدوري السعودي    «الكنّة».. الحد الفاصل بين الربيع والصيف    توعية للوقاية من المخدرات    (ينتظرون سقوطك يازعيم)    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل سفير جمهورية إندونيسيا    بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي.. إنشاء" مركز مستقبل الفضاء" في المملكة    لوحة فنية بصرية    وهَم التفرُّد    عصر الحداثة والتغيير    أمير الشرقية يدشن فعاليات منتدى التكامل اللوجستي    مسابقة لمربى البرتقال في بريطانيا    قمة مبكرة تجمع الهلال والأهلي .. في بطولة النخبة    تمت تجربته على 1,100 مريض.. لقاح نوعي ضد سرطان الجلد    إنقاص وزن شاب ينتهي بمأساة    وسائل التواصل تؤثر على التخلص من الاكتئاب    أعراض التسمم السجقي    السابعة اتحادية..    دافوس الرياض وكسر معادلة القوة مقابل الحق    ولي العهد ووزير الخارجية البريطاني يبحثان المستجدات الإقليمية والتصعيد العسكري في غزة    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    «عقبال» المساجد !        اليوم.. آخر يوم لتسجيل المتطوعين لخدمات الحجيج الصحية    إنقاذ معتمرة عراقية توقف قلبها عن النبض    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انهم يقتلون السياح


حرب "الجماعة" على السياح تتجدد في مصر
"جيوش صغيرة" وحروب متعددة المسارح والهدف زعزعة الاستقرار وضرب الاقتصاد أو السرقة
شمس فلوريدا قاتلة ومدن العالم أقل أماناً
"انهم يقتلون السياح". عبارة استهجان تتكرر كلما وقع سائح في شباك هذه "الجيوش الصغيرة" التي تسعى الى زعزعة الاستقرار أو عزل بلدانها عن العالم أو توجيه الرسائل الدامية وأحياناً الى التعبير عن كرهها للأجانب أو مجرد السطو على ما في جيوبهم.
لم يعد سراً ان العالم يشهد نوعاً من الحرب على السياح. وهي في الواقع سلسلة حروب صغيرة تدور على مسارح قارات مختلفة وانطلاقاً من حسابات مختلفة أيضاً. وما يجمع بين هذه الحروب هو وحشيتها إذ أنها تستهدف مدنيين آمنين جاؤوا لتمضية عطلة بحثاً عن الراحة والتقاط الصور التذكارية. ثم ان الخيار وقع على السياح لأنهم هدف سهل اذ يصعب توفير حارس لكل سائح فضلاً عن صعوبة ضمان سياحة طبيعية في ظل اجراءات أمن حديدية. وقبل كل ذلك اختير السياح لأن التعرض لهم يثير اهتمام وسائل الاعلام ويحقق غرض المهاجمين الباحثين عن فرصة لتأكيد وجودهم أو لتمرير رسالة بمطالبهم. وغالباً ما يؤدي استهداف السياح الى مأزق للسلطات المعنية بحمايتهم. فمحاولة تحرير سائح تحتجزه مجموعة ارهابية تبقى محفوفة بالخطر على حياته. والحرب على صيادي السياح تستلزم اجراءات صارمة تنعكس ديمومتها على حركة السياحة نفسها ذلك ان السائح يريد أكبر قدر من الحرية وأقل كمية ممكنة من الاجراءات والقيود.
لم تسفر الحروب على السياح حتى الآن عن تعطيل أكبر صناعة في العالم لكنها نجحت في بعض مسارحها في الحاق خسائر كبيرة أدت الى تقليص فرص العمل وتسببت لشعوب تلك البلدان في مشاكل جديدة أضيفت الى مشاكلها الأصلية.
تسمّر الملايين أمام شاشات التلفزيون في بريطانيا لمتابعة مجريات الاعتداء على مواطنيهم الباحثين عن الراحة تحت شمس فلوريدا. وتابع الأوروبيون بقلق نتائج الهجمات على السياح في تركيا. وحظيت الهجمات على السياح في مصر باستنكار واسع خصوصاً بعدما بدا ان جماعات التطرف قررت انتهاج هذه السياسة إثر الخسائر التي منيت بها في مواجهاتها مع الشرطة. وعلى رغم الفاعلية التي أظهرتها أجهزة الأمن المصرية وتزايد تعاون الرأي العام معها في معركتها ضد الارهاب فإن المتشددين استأنفوا هجماتهم على السياحة.
في 27 كانون الأول ديسمبر الماضي، أطلق مسلحون النار على حافلة ركاب تابعة لشركة "إكسبلور إيجبت" السياحية في منطقة مصر القديمة في القاهرة وأصابوا ثمانية من السياح النمساويين. ولم يخف المهاجمون غرضهم في حرمان الدولة من مداخيلها من العملات الصعبة وما يرتبه ذلك على مئات الألوف من المصريين الذين يعيشون من أعمال ترتكز على قطاع السياحة أو تتصل به. وقبل شهرين وقع هجوم على كافيتيريا فندق "سميراميس" وروى مسؤول أمني ل "الوسط" سيناريو الحادث فقال ان ثلاثة متطرفين جلسوا في مقهى في منطقة مصر القديمة وحينما مر الباص السياحي أمامهم أسرعوا باخراج أسلحة كانت مخبأة في حقيبة معهم وأطلقوا النار على الباص إلا أن السائق تابع طريقه فالقوا قنبلة داخل الباص عبر فتحة في الزجاج الى اليمين وأسفر انفجارها عن اصابة 8 من السياح ثم اطلق المهاجمون النار عشوائياً لتأمين طريق الهرب فأصابوا 8 مصريين آخرين وتمكنوا من الاختفاء بعدما "غاصوا" في شوارع المنطقة الضيقة.
وعقب الحادث حاصرت قوات الأمن المكان وشنت حملات على أوكار المتطرفين وأكدت مصادر أمنية "ان الجهود ستتواصل للقبض على الجناة".
وبدا ان المتطرفين يصرون على مواصلة سياسة ضرب السياحة بعد أكثر من ستة أشهر لم تحدث فيها هجمات ضد السياح أو المنشآت السياحية، وكان آخر تلك الحوادث الانفجار الذي وقع يوم 8 حزيران يونيو الماضي أسفل نفق الهرم أثناء مرور باص يقل سياحاً بريطانيين وأسفر عن مقتل مصريين واصابة 14 بينهم ستة سياح. وسارعت "الجماعة الاسلامية" الى اعلان مسؤوليتها عن الهجوم الجديد.
وأياً كانت دوافع هذه الحوادث، يمكن التأكيد أن المتشددين في مصر بدأوا منذ صيف عام 1992 اعتماد أسلوب الهجمات على السياح وسيلة للضغط. وهاجموا بواخر سياحية نيلية وباصات وكانت أولى ضحاياهم الممرضة البريطانية شارون هيل 28 عاماً التي قتلت أثناء هجوم على حافلة سياحية قرب مدينة ديروط في 21 تشرين الأول اكتوبر عام 1992. كما قتل سائح تركي وآخر سويدي في 26 شباط فبراير الماضي نتيجة انفجار قنبلة داخل مقهى وادي النيل الشهير الذي يقع وسط ميدان التحرير في القاهرة. وأصيب أكثر من ثلاثين سائحاً من جنسيات عدة بجروح حتى الآن بسبب الهجمات التي يتعرض لها السياح في مصر.
وتشير المصادر الأمنية المصرية الى أن "الارهابيين" يهدفون الى "اسقاط النظام والوصول الى الحكم ... وحين تبين لهم أن المواجهة المباشرة بينهم وبين الشرطة خاسرة ... لجأوا الى الهجوم على الباصات والبواخر والمنشآت السياحية بهدف ضرب السياحة والاقتصاد وموازنة الدولة".
ولا ينكر منفذو الهجمات ذلك، فالناطق باسم "الجماعة الاسلامية" طلعت فؤاد قاسم، المعروف باسم أبو طلال القاسمي، قال ل "الوسط" خلال اتصال هاتفي أجرته معه في مقر اقامته في كوبنهاغن ان "سياستنا هي ضرب السياحة وليس السياح لأن اقتصاد الدولة يعتمد بدرجة كبيرة على دخل السياحة ...، ليست لنا علاقة بالسياح ونحن حذرناهم أكثر من مرة، مواجهتنا مع النظام وضد ما يضخ في خزينة الدولة من أموال من دخل السياحة".
خسائر وتهويل
وتمكن المتطرفون المصريون من الحاق بعض الأذى بقطاع السياحة في بلادهم. ويرى خبراء السياحة المصريون ان صناعة السياحة تعرضت لهجوم ارهابي مركز وخطير، خصوصاً ان القطاع السياحي يمثل المصدر الأول للدخل القومي من العملة الأجنبية نحو 3.5 بليون دولار عام 1991. ويعمل في هذا القطاع نحو 1.5 مليون عامل ضمن 20 ألف منشأة سياحية، ويعيلون بدورهم نحو عشرة ملايين شخص.
ويؤكد مصدر رسمي في وزارة السياحة والطيران المدني في مصر ل "الوسط" ان "حوادث الارهاب وما تبعها من تضخيم اعلامي في الخارج أدت الى حدوث انخفاض في أعداد السياح والليالي السياحية والدخل السياحي". لكنه دعا في الوقت نفسه الى "وضع هذه الحوادث في اطارها الصحيح من دون تهويل"، ووصف العناصر التي نفذتها بأنها "إجرامية لأن الدين لا يحرض على الارهاب والقتل".
وسجلت حركة السياح القادمين الى مصر انخفاضاً نسبته 19.4 في المئة بين كانون الثاني يناير وآب اغسطس من العام الماضي. وانخفض عدد الليالي السياحية بنسبة 29 في المئة، كما تدنت عائدات الدخل السياحي بنسبة 35.7 في المئة حتى حزيران يونيو الماضي.
وتشير تقارير الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والاحصاء الى تدهور الأشغال في 673 منشأة سياحية وفندقية ما اضطر بعضها الى تسريح نصف مستخدميه وخفض رواتبهم، وأغلق نحو خمسين في المئة من المنشآت السياحية في محافظة أسوان ومدينة الأقصر. وانعكس توتر الوضع الأمني والهجمات على السياح سلباً على شركة "مصر للطيران" التي يقدر رئيس مجلس ادارتها المهندس محمد فهيم ريان أنها "سجلت خسائر تقدر بنحو 120 مليون جنيه مصري خلال الأشهر التسعة الأخيرة ... كما انخفضت استثماراتها من 700 مليون جنيه مصري الى 90 مليوناً فقط العام الماضي بسبب الأزمة".
وردت السلطات المصرية بحزم على محاولات اغتيال السياحة وأصدرت أجهزة القضاء أحكاماً باعدام بحق متطرفين اتهموا بتنفيذ هجوم على باص سياحي في الصعيد. لكن الهجمات التي يتعرض لها السياح لم تتوقف، ولا يزال قطاع السياحة يعاني من خسائر بفعل هجمات المتطرفين.
... كذلك في تركيا
و"الارهاب" السياحي ليس حكراً على منطقة واحدة، وهو ما أكدته مجموعات كردية في تركيا وثوار منظمة "ايتا" الانفصالية في اسبانيا وغيرهم. فقد خطف مسلحو "حزب العمال الكردستاني" بزعامة عبدالله اوجلان العام الماضي عدداً من السياح الاجانب بينهم الفرنسي بيار فيكس والاميركي كولين باتريك ستارغر والنيوزيلندي ارنيس دوغار والبريطاني دايفيد روبوتوم وابنة عمه الاوسترالية تانيا ميلر. وعلى رغم افراج المسلحين الاكراد عن جميع السياح المحتجزين لديهم، فان عملياتهم ضد السياح والمنشآت السياحية في تركيا اثرت سلباً في حركة السياحة خصوصاً في جنوب شرقي البلاد. والغى الألمان وحدهم نحو مئة الف حجز سياحي في تركيا السنة الماضية خصوصاً بعدما جرح 12 سائحاً من المانيا وفنلندا والسويد في انفجار قنبلة في انطاليا في حزيران يونيو الماضي. وادت انفجارات مماثلة في كوساداسي واسطنبول الى جرح تسعة سياح آخرين.
وكان "حزب العمال الكردستاني" هدد بضرب "اهداف سياحية" في تركيا وان يكون صىف عام 1993 "صيفاً دموياً جداً". وأدت هذه السياسة الى تحذير الحكومتين الالمانية والبريطانية مواطنيهما من السفر الى جنوب شرقي تركيا حيث تكثر الاعتداءات على السياح. وتشعر الحكومة التركية بالقلق ازاء الهجمات التي تستهدف قطاع السياحة في البلاد خصوصاً ان المداخيل السياحية امنت للخزينة نحو ثلاثة بلايين دولار اميركي العام الماضي.
… واسبانيا وايرلندا
وخلال الثمانينات، عانت دولة متوسطية اخرى من الاعتداءات على المنشآت السياحية فيها. فخلال العام 1986 وحده، نفذ ثوار منظمة "ايتا" الانفصالية في اسبانيا 13 هجوماً على الفنادق السياحية في البلاد . ويقدر الباحثان والتر اندرز وتود ساندلر في جامعة "أيوا" الاميركية "ان أي عملية ارهابية في اسبانيا تخفض عدد السياح الاجانب بنحو 140 الف شخص"، وعلى سبيل المقارنة يذكر ان 35 مليون سائح زاروا اسبانيا العام الماضي.
وترويع السياح اسلوب لجأ اليه ثوار "الجيش الجمهوري الايرلندي" منذ فترة طويلة. واستهدفت الهجمات حانات في مناطق سياحية في وسط لندن، ومصايف بريطانية مثل "بورنموث" و"برايتون"، وزرع الثوار الايرلنديون قنابل في متجر "هارودز" اللندني الشهير. وادت الانفجارات المستمرة في ايرلندا الشمالية الى انخفاض عدد السياح الوافدين الى المقاطعة خصوصاً في مدينة بلفاست.
واتبع ثوار ومتمردون في الفيليبين وسري لانكا واميركا اللاتينية الاسلوب نفسه من قبل للضغط على حكوماتهم سياسياً من خلال ضرب السياحة. وربما كانت حملة "الجماعة الاسلامية المسلحة" في الجزائر ضد الاجانب تتخذ الطابع نفسه ولو أنها غير موجهة ضد السياح فقط. وكان أحد قادة "جبهة الانقاذ" في الخارج الشيخ رابح كبير قال لصحيفة "آل باييس" الاسبانية اخيراً ان مغادرة الاجانب للجزائر تخدم مصالح الجبهة "لأنها تضعف النظام…".
وكمبوديا وكورسيكا
والسياح معرضون للخطر في دول عدة نتيجة الاضطرابات السياسية فيها. وعلى سبيل المثال، هددت الهجمات التي نفذها "الخمير الحمر" في كمبوديا قبل الانتخابات العامة في ايار مايو الماضي مئات السياح، بينهم مئة احتجزوا تحت القصف في قرية سيم ريب الشمالية القريبة من معبد "انغكور فات" الاثري. كما تعرض بريطاني وفرنسيون وأربعة هولنديين لانفجار لغم زرعه "الخمير الحمر" وتسبب في انحراف القطار الذي كانوا يستقلونه قرب بلدة باتامبانغ الشمالية وادى الى اصابتهم بجروح وكدمات. اما في جزيرة "كورسيكا" الفرنسية فاضعفت عمليات التفجير الذي تنفذها "جبهة تحرير كورسيكا" الانفصالية صناعة السياحة التي تدر على الجزيرة 500 مليون فرنك فرنسي سنوياً. ويبرر الثوار هجماتهم هذه بأن 70 في المئة من عائدات السياحة المحلية تذهب الى البر الفرنسي ولا تستثمر في الجزيرة. ومن بين الاهداف التي هاجمتها الجبهة، بيت البروفسور البريطاني موريس ويلكنز الحائز جائزة نوبل للطب و63 منزلاً سياحياً في شمال كورسيكا.
وفي ايطاليا القريبة كذلك، اصيب سياح بجروح طفيفة اثناء انفجار سيارة ملغومة قرب متحف "آوفيتزي" الشهير في مدينة فلورنسا التاريخية. واعتبرت السلطات ان المافيا كانت وراء العملية التي دمرت وسط المدينة الذي يعج عادة بالسياح.
شمس فلوريدا قاتلة
ودوافع الاعتداءات على السياح ليست سياسية دائماً وان كان "الارهاب السياحي" يحظى بتغطية اعلامية اكبر. اذ يتعرض السياح للقتل والسرقة والاغتصاب في اماكن عدة من العالم بسبب الفقر المدقع احياناً وتنفيساً عن كبت وازمات اجتماعية في احيان اخرى. وعلى سبيل المثال يتعرض عشرات السياح لاعتداءات مسلحة في ولاية فلوريدا الاميركية التي يقصدها الكثير منهم طلباً للشمس والاستجمام . وخلال العام الماضي قتل تسعة سياح اجانب في فلوريدا بينهم بريطانيان وأربعة المان وكنديان وفنزويلي. كما قتل طالب تركي في السابعة عشرة كان يدرس الانكليزية في الولايات المتحدة. وخلال 1992 قتل ثلاثة بريطانيين في ميامي بعدما تعرض احدهم للسطو وتاه الآخران إثر عودتهما من مدينة "والت ديزني". وأدت الدعاية السيئة التي لازمت ولاية الشمس خلال العام الماضي الى انخفاض عدد الحجوزات السياحية فيها. وتؤكد شركة "لن بولي" السياحية البريطانية ان "حجوزات فلوريدا انخفضت بنسبة 48 في المئة مع نهاية حزيران الماضي". وفي مدينة سان فرانسيسكو الاميركية تزايدت الاعتداءات التي تعرض لها السياح العام الماضي الى درجة ان هيئة السياحة المحلية وضعت كتيباً يحتوي على ارشادات لسلامة السائح. وقتل اثناء احدى هذه الهجمات طالب ايرلندي رفض تسليم محفظته لمراهق اعترضه وسط المدينة. وأدت حوادث الشغب في مدينة لوس انجيليس الربيع الماضي الى خسارة المدينة 40 في المئة من دخلها السياحي الذي يقدر بنحو سبعة بلايين دولار سنوياً.
وعقب موجات القتل أوقفت فلوريدا جميع الاعلانات السياحية التي تجتذب الى الولاية كل عام 42 مليون زائر بينهم 7 ملايين من الخارج. كذلك تبلغت الفنادق الغاءات لحوالي 35 في المئة من حجوزات الاجانب فيها هذا الشتاء. وتقرر ايضاً ان يقوم أفراد الحرس الوطني وشركات اخرى تخصص في الأمن بحراسة محطات الاستراحة.
أسلحة كثيرة ومناطق محظورة
ويقول جون جويس الناطق بلسان شرطة ولاية فلوريدا: "ان هناك اعداداً هائلة من الاسلحة كما ان الفتيان يسخرون من قوانين الاحداث والقاصرين لأنها تضمن اطلاقهم في وقت مبكر".
كما تقول كاثلين راندل النائبة العامة في ميامي ان معدل ما يقضيه مرتكبو الجرائم والمخالفون من الشباب الذين تصدر بحقهم احكام مدتها عشر سنوات، لا يتجاوز ثمانية عشر شهراً.
وفلوريدا ليست المكان الوحيد غير الآمن للسياح الأجانب او القادمين من ولايات اخرى في اميركا. اذ ان لوس انجيليس معروفة بعنفها خصوصاً ضد ابناء شبه القارة الهندية. كما أن في مدينة نيويورك مناطق لا يمكن أي سائح ان يجرؤ على زيارتها ليلاً او نهاراً اذا كان بكامل قواه العقلية. وهذا ينطبق ايضاً على واشنطن على رغم ان عدد سكانها لا يتجاوز نسبة سبعة في المئة من مجموع سكان نيويورك. كما أنها تفتقر الى العدد الكافي من رجال الشرطة المحترفين مثلما هو الحال في نيويورك ولوس انجيليس وميامي. وهذا واحد من الاسباب التي تجعل معدل الجريمة فيها أعلى معدل بالنسبة الى عدد السكان في العالم.
وأكثر الناس تعرضاً هم اصحاب البقالات الصغيرة. ويشكل الكوريّون نسبة 53 في المئة من هؤلاء مع أن معظمهم ممن حارب في كوريا ويحتفظ بمسدسات في صناديق النقد في متاجره.
مصيدة قطارات الانفاق
وقبل أشهر قليلة تعرض عجوز بريطاني كان يقضي اجازة مع ابنه للقتل في أحد الأزقة ولم يسرق منه شيء. وذكرت الشرطة آنذاك انه نزل في محطة لقطارات الانفاق غير تلك التي اعتاد النزول فيها فقتله مراهق أسود لأنه لم يسبق لهذا المراهق أن شاهد أي وجه أبيض في ذلك الجزء من المدينة.
وفي هذه الحادثة الأخيرة ما يثبت أن اللصوص لا يرتكبون كل الجرائم الكبيرة. اذ لم تمض فترة طويلة على مطالبة كارل روان وهو معلق أسود مسن في صحيفة "واشنطن بوست" بسجن كل من يحمل سلاحاً غير مرخص مدة خمسة عشر عاماً على الأقل، حتى اعتقلته الشرطة لأنه أطلق النار على شاب أبيض تسلق فوق سياج بيت روان ليلاً ليسبح في بركة سباحته. ولأن اصابة الشاب الأبيض كانت طفيفة ولأن روان شخصية معروفة ولأنه حصل على السلاح من ابنه وهو محام وعميل سابق خاص لمكتب التحقيقات الفيديرالي إف. بي. آي فان القاضي اكتفى بفرض غرامة مالية عليه.
سؤال وقتيل
وفي العام الماضي طرق فتى ياباني كان في زيارة لمدينة نيو أورلينز باب أحد البيوت ليسأل عن عنوان حفلة فما كان من صاحب البيت الا أن سحب مسدسه وقتله. ومرة أخرى لم يعاقب صاحب البيت إلا بفرض غرامة مالية عليه.
من الواضح أن السهولة التي يمكن بها أي شخص تقريباً حتى وان كان خرج من السجن حديثاً، الحصول على سلاح تجعل أميركا أقل اماناً من أي دولة صناعية اخرى. كما أن "لوبي السلاح" في الكونغرس قوي جداً. فعندما أعلن الرئيس بيل كلينتون انه سيدفع نفقات نظام التأمين الصحي الجديد من خلال زيادة الضرائب على الكحول والتبغ والأسلحة النارية سرعان ما اضطر الى التراجع عن فرض ضريبة على الاسلحة النارية لأن رابطة البندقية الوطنية أقوى من مجموعات الضغط التي تمثل مزارعي التبغ او منتجي الكحول. وهكذا عدل كلينتون الضرائب على النحو الآتي: الضريبة على السجائر 130 في المئة وعلى الكحول 16 في المئة بينما ستظل الضريبة على البنادق والأسلحة النارية على حالها دون تغيير أي 6 في المئة.
اصدمه اذا اوقفك!
مع كل ذلك يجب عدم المبالغة في مخاطر قضاء الاجازة في أميركا. فالمسألة تعتمد على المكان الذي تذهب اليه. مثلاً ثلاثة أرباع واشنطن غير آمنة خصوصا ليلا. ولكن لا داعي لأن يزور السائح المناطق البائسة أو الضواحي المماثلة لها. وخير نصيحة للسياح الذين يقودون سيارات مستأجرة يمكن تمييزها عن غيرها لأنها تحمل حرف "آر" بالانكليزية أي الحرف الأول من كلمة "مستأجرة"، أن يبقوا ابواب السيارة مغلقة باحكام حتى اثناء قيادتها على الطريق. فالسكان المقيمون هناك دائماً يفعلون ذلك حين يعبرون مناطق الطبقة العاملة.
اسحق فولود مدير شرطة واشنطن السابق ينصح السكان بصراحة: "اذا ظهر اي شخص امام سيارتك وطلب منك التوقف، اصدمه بسيارتك". وهي نصيحة لا يحتاج معظم الاميركيين الى من يذكرهم بها.
لكن المشكلة الرئيسية في نيويورك وغيرها من المدن الكبرى هي قطارات الانفاق. ولحماية السياح هناك قطارات سريعة تتجه نحو مطار كيندي الدولي وفي كل عربة من عرباتها شرطي مسلح. ولعل هذه المشكلة وخطورتها توضح لماذا أصبح بيرنارد غويتز بطلا قومياً حين اطلق النار على اربعة من الشباب السود فأصابهم جميعاً بجروح وشلّ احدهم حين حاولوا سرقته وهو في قطار للانفاق. وكانت النتيجة الغاء الحكم الذي صدر عليه بالسجن لمدة ستة أشهر لحمله سلاحاً نارياً من دون ترخيص.
اما في طوكيو مثلا فان في وسع فتاة أن تسير في افقر احياء المدينة في الساعة الثانية صباحاً من دون ان تواجه اي خطر. لكنها لا تستطيع أن تفعل الشيء نفسه في المدن الاميركية. ومع ذلك فان في وسعها ان تسير بأمان في كثير من المدن الصغيرة خصوصا في شمال غربي أميركا حيث يمكن المرء حتى أن يترك بيته مفتوحاً من دون أن يقلق.
وينصح رؤساء الشرطة في نيويورك وواشنطن ولوس انجيليس وهيوستن، وهم جميعاً من السود، السياح بالتزام الحذر واليقظة عندما يتحدثون الى الفقراء من السود في احياء المدن الفقيرة او في اي جزء من المدينة ليلا. فهل السبب هو مشكلة الفقر؟ قد لا يكون الامر كذلك. ويقول علماء النفس ان معظم الفقراء لا يلجأ الى العنف ضد احد ولا يسرق. فالناس يسرقون "لانهم لصوص حتى وان لم يكونوا من الفقراء. فالسرقة عادة او غريزة لديهم".
وهناك عامل نفسي آخر. فالمجتمعات السوداء كما هو الحال في ميامي مثلا تنزع الى ان تكون اكثر تعصباً من الناحية العنصرية. فخلال السنوات الاربعين الماضية شهدت ميامي زيادة هائلة في المهاجرين القادمين من اميركا اللاتينية خصوصا كوبا. واصبح هؤلاء يسيطرون الى درجة كبيرة على سياسة المدينة. ومن النتائج التي ترتبت على ذلك الزيادة الكبيرة في مشاعر الكراهية بين السود للمهاجرين من اميركا اللاتينية. كذلك يكره السود القادمين من نيويورك للتقاعد هناك - ومعظمهم من اليهود. ونظراً الى السمات المتشابهة بين العرب من جهة والاسبان وابناء اميركا الجنوبية من جهة ثانية فانه يمكن الظن أن العرب جزء من اولئك المهاجرين.
اجراءات الحماية
وخير نصيحة للنساء ألا يرتدين ملابس غير محتشمة. كما ان على النساء والرجال ان يتذكروا ان من الافضل عدم حمل مبالغ كبيرة من المال معهم وعدم اظهار النقود في الاماكن العامة.
ولأن مكاتب الكونغرس الاميركي في واشنطن قريبة من أحد الاحياء الفقيرة في المدينة فان السكرتيرات تعودن حماية انفسهن من اللصوص بحمل علب او "مسدسات" اصطناعية مشحونة بالفلفل والغاز. وهو اجراء صادق عليه اعضاء الكونغرس الذي جعل حمل تلك "المسدسات" امراً مشروعاً. وباستخدام الغاز من هذه "المسدسات" تستطيع الفتاة اجبار مهاجمها على اغماض عينيه بسبب الحرقة الناجمة عن الغاز كما ان المعتدي غالباً ما يغيب عن الوعي لمدة ثلث ساعة تقريباً. ومن الطريف أن العائلات الريفية في ألاسكا تستخدم انواعاً من تلك الغازات ضد الدببة التي تفقد وعيها نتيجة لذلك وتمنعها من مهاجمة المنازل النائية.
وفي معظم الولايات الجنوبية بما في ذلك فلوريدا ولويزيانا وتكساس يمكن أي شخص ولو كان سائحاً استخدام "بندقية الذهول" التي تطلق سهاماً تؤدي الى فقدان المهاجم وعيه مثلما يفعل الطبيب البيطري عند معالجة الحيوان.
العنف الاميركي
وتقع في اميركاعموما حوادث عنف أكثر من أي دولة أخرى. اذ ان سكان الولايات المتحدة الذين يبلغ عددهم 250 مليون نسمة لديهم اكثر من 150 مليون قطعة سلاح. وثمة مدن أقل ودية من غيرها. فمدينة هيوستن عاصمة البلاد النفطية وواشنطن حيث تزيد نسبة السكان السود على سبعين في المئة ربما كانتا اكثر المدن وداً ازاء العرب. اما سان فرانسيسكو التي توجد في مطاراتها وشوارعها إشارات باللغة الصينية واليابانية والاسبانية فهي على قدر هائل من المودة لكل واحد تقريباً. كما ان معظم بقالاتها الصغيرة يملكها او يديرها فلسطينيون. وعلى الطرف الآخر ليست هناك اي إشارات عامة بالعربية أو الفرنسية في مدينة نيويورك، وهي ليست ذات صبغة عالمية مثل لندن.
وكندا مكان أكثر وداً وأماناً. وفي البحر الكاريبي لعل كينغستون عاصمة جامايكا هي المكان الوحيد الخطر في الليل، ولهذا يتوجه معظم السياح الى شاطئ الجزيرة الشمالي. ومن الطبيعي ان السلطات السياحية الاميركية تشعر باستياء شديد من المشكلة. اذ قال شايلز حاكم ولاية فلوريدا انه سيفعل كل ما في وسعه لانقاذ صناعة السياحة الاميركية التي تعود على الولاية بدخل سنوي يبلغ 31 ألف مليون دولار - أي أكبر دخل للولاية.
يقول شايلز: "إننا نعيش في مجتمع عنيف جداً فحين يتعرض احد من ابناء الولاية للقتل لا يحتل الخبر الصدارة ولا يلقى اهتماماً كبيراً لأن هذا ما يحدث كل ليلة. لكن الدول الاخرى غير معتادة على هذه الهمجية. وجميع المجتمعات ترحب بالضيوف اكثر من ابنائها".
إن أميركا هي أول مستعمرة كبيرة تنتزع استقلالها. وهي لا تزال تحتفظ بروح أوروبا في القرن الثامن عشر، ولهذا فإنها كانت دائماً أعنف من "العالم القديم"، كما أنها طالما تعاملت مع العنف وعاقبته بعنف.
هل قضاء الاجازة فيها ينطوي على مجازفة وخطورة؟ لا شك في ان الاجازة في اميركا اكثر خطورة منها في اسبانيا او بلغاريا مثلاً، لكنها أكثر أمنا من الصومال او اسرائيل - ومجال الاختيار بين المطاعم أفضل!
سطو في جنوب فرنسا واسبانيا
ومن اميركا الى اوروبا حيث شهد جنوب فرنسا الصيف الماضي سلسلة اعتداءات على سياح أجانب غالبيتهم من البريطانيين. ونفذ "قطاع الطرق" الفرنسيون 13 عملية سطو مسلحة استهدفت سائقي السيارات من الاجانب خصوصاً في محيط مدينة ليون. وفي احدى هذه العمليات، كان البريطاني سيمون هدنوت وزوجته بولا وابنته 5 سنوات في طريقهم نحو مخيم عطلة في "فريجو" عندما صدمت سيارتهم سيارة "بي.أم.دبليو" من الخلف على الطريق السريع قرب ليون. وهدد ثلاثة من المسلحين هدنوت وعائلته بمسدس قبل ان يفروا بالسيارتين الى مكان مجهول. وبقي السياح على قارعة الطريق حتى اكتشفتهم الشرطة الفرنسية، ووجدت سيارتهم لاحقاً متروكة وقد سرق اللصوص منها مئتي جنيه استرليني وأمتعة شخصية وما خف وزنه وغلا ثمنه. وتعرض سياح بلجيكيون والمان واسبانيون وهولنديون لعمليات مماثلة، ووضعت "رابطة السيارات" البريطانية فرنسا على قائمة الدول التي تزود اعضاءها المسافرين اليها بنصائح وارشادات خاصة عن مشاكل القيادة والتنقل.
ويبدو ان المجرمين الذين يستهدفون السياح يتفننون في أساليب النشل. وفي مدينة برشلونة الاسبانية يعرض اللصوص على السياح التقاط صور تذكارية لهم ويفرون بآلة التصوير. اما في روما فإن الاشقياء يخطفون الحقائب من أيدي المارة مستخدمين دراجاتهم النارية، وفي مصيف "بنيدورم" التركي ينتحلون صفة الحمالين ويهربون بالامتعة.
وتعتبر مدينة دبلن، عاصمة الجمهورية الايرلندية، من اكثر المدن الاوروبية التي يتعرض فيها السياح لاعتداءات متنوعة. وسجلت الشرطة المحلية 1200 حادث اعتداء على السياح خلال العامين 1991 و1992. وكان ناطق باسم حزب "فاين غايل" الايرلندي لشؤون التجارة والسياحة جيمي دينيهان اعلن امام البرلمان الدايل ان "وسائل الاعلام العالمية تعتبر نيويورك وريو دي جانيرو ودبلن اكثر مدن العالم خطراً على السياح". وتدعو هيئة السياحة الايرلندية "بورد فايلته" السياح الى مراعاة اجراءات الحيطة والحذر ووقف سياراتهم في أماكن آمنة. وكانت آخر الاعتداءات التي تعرض لها السياح في ايرلندا عملية سطو واعتداء بالضرب على نيوزيلندي يدعى جيم أبلتون وزوجته في حزيران الماضي.
وفي اسكتلندا، قتل سائح الماني يدعى توماس بوديكر وأصيب أفراد عائلته الثلاثة بجروح بعضها خطرة بعدما أطلق مجهول النار على العربة النقالة كارافان التي كانوا في داخلها على ضفاف بحيرة "لوخ رايان" قرب مدينة "دامفريس" الاسكتلندية. وتعتقد الشرطة ان السرقة ربما كانت الدافع وراء الحادث المحير.
شجون الاجانب في افريقيا
وفي افريقيا كما أوروبا، يتعرض السياح لحوادث عنف متفرقة يتركز معظمها في كينيا وجنوب أفريقيا. وتسببت النزاعات القبلية وعمليات السطو المسلح المتكررة ضد السياح في كينيا في انخفاض الحجوزات السياحية بنسبة النصف. ففي العام 1988، قتلت سائحة بريطانية شابة تدعى جولي وارد في محمية قبيلة "ماساي مارا" وتكتمت الشرطة المحلية على ملابسات الحادث.
وفي حزيران الماضي، أطلقت الشرطة الكينية الرصاص على مراهقة فنلندية ما أدى الى توتير العلاقات بين كينيا والدول الاسكندنافية. وقتل قطاع طرق محليون امرأة اميركية في العاصمة نيروبي في الفترة نفسها، وراح ضحيتهم ايضاً مبرمج كومبيوتر بريطاني يدعى كريس ميلفين بعدما رفض تسليمهم مفاتيح سيارته.
وخلال الاضطرابات القبلية التي سادت جزيرة "لامو" مقابل الساحل الكيني، نقل مئات السياح الى بر الأمان وذهبوا بلا رجعة. وانخفض المردود السياحي السنوي في البلاد من 400 مليون دولار اميركي الى 295 مليون دولار عام 1991، وألغيت ستون ألف ليلة سياحية في الفنادق الكينية خلال الاشهر الخمسة الاخيرة من عام 1992.
وكانت المانيا والولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا حذرت رعاياها من التنقل في حدائق السفاري الكينية، خصوصاً محمية "ماساي مارا"، من دون مواكبة حراس السفاري لهم.
وفي كانون الأول ديسمبر عام 1992، قتلت سيدتان بريطانيتان على شاطئ خليج "سودوانا" في جنوب افريقيا بعدما تعرضتا للضرب. وبعد اسبوع من الحادث، تعرضت سيدة بريطانية لاغتصاب متكرر على يد شابين مراهقين في احد شواطئ "اومغابابا" قبل ان يفرا بساعة يدها وحقيبتها وآلة التصوير التي في حوزتها. وتشير احصاءات الشرطة المحلية الى ان سائحاً من بين كل مئة سائح يزورون جنوب افريقيا يتعرض للسرقة.
يبقى ان مطاردة السياح، أينما جرت وأيا كانت دوافعها، سلاح ذو حدين. فالمتضرر النهائي منها أهل البلد الذين يعتاش الكثير منهم على الدولارات التي تجنى في مقابل الخدمات التي تقدم الى السياح. والسمعة السيئة التي تلازم بلداً معيناً نتيجة الاعتداءات التي تطاول السياح والاجانب فيه لا تمحى بسهولة، بل تتخطى آثارها البلد نفسه الى منطقة بأكملها. وعلى سبيل المثال، اكد وزير السياحة السوري محمد أمين أبو الشامات في حديث نشرته "الوسط" ان ما يحدث من عنف في دول الشرق الأوسط يضر بالدول الاخرى.
جدول بأعداد السياح الوافدين الى مصر حتى تموز يوليو 1993
الدول تموز يوليو كانون الثاني/ تموز يناير / يوليو
1993 1992 التغير $ 1993 1992 التغير $
مجموع 128290 152723 - 0،16 543998 637595 - 7،14
الدول العربية
مجموع منظمة 87480 108203 - 1،19 721768 974020 - 9،25
التعاون الاقتصادي
والتنمية
مجموع دول 5194 4468 " 2،16 41070 33118 " 0،24
شرق أوروبا
مجموع الدول 29238 30166 - 1،3 141119 136432 " 4،3
الاخرى
الاجمالي 250202 295560 - 3،15 1447955 1781165 - 4،19
* المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.