التغييرات والتعديلات الجذرية التي أحدثها خادم الحرمين الشريفين في بعض الوزارات والجهات الحكومية التي ترتبط ارتباطاً مباشراً ووثيقاً بصميم حياة الوطن والمواطن تعتبر بداية مرحلة جديدة وعهداً جديداً يدعو إلى التفاؤل. إذ إنها لم تأتِ جزافاً وإنما بعد دراسة عميقة ومتأنية وواعية، ووفقاً لمتطلبات وضرورات المرحلة، وتفاعل معها الجميع، وعلقت عليها وسائل الاعلام المختلفة محلياً وخليجياً وعربياً ودولياً، بما يتناسب مع ضخامة الحدث، علينا جميعاً أن نتكاتف ونتعاون لدعم وتفعيل مسيرة الاصلاح بما يتوافق مع المشروع الاصلاحي والشمولي الكبير لخادم الحرمين الشريفين الذي يحرص دائماً على مصلحة المواطن ورفعة هذا الوطن، فجاء هذا التغيير في المفاهيم والافكار وفي المنظومة ككل، بما يتواكب مع روح العصر ومع التحديات التي تواجهنا على الأصعدة كافة. إذا قمنا بتسليط الضوء على بعض هذه التغييرات الخاصة بإعادة هيكلة بعض المؤسسات وتقييمها بشكل موضوعي يتضح لنا ما يأتي: أولاً: في المجال الاقتصادي، قرر خادم الحرمين الشريفين في وقت سابق دعم الموازنة لهذا العام على رغم انخفاض أسعار النفط والازمة المالية الطاحنة التي يشهدها العالم لضمان استقرار السوق السعودية ورفع الاعباء عن كاهل المواطن، وكانت الحكومة قد أكدت أنها ستواصل تمويل المشاريع لدعم الاقتصاد وتشجيع الاستثمار وتذليل كافة العقبات التي حول دون ذلك. في مجال التربية والتعليم، تم تعيين نورة الفايز نائبة وزير التعليم لشؤون البنات، وهو حدث غير مسبوق، إذ إنها أنجزت الكثير من البحوث والدراسات، إضافة إلى التأليف والترجمة في مجالات الادارة والتدريب والتربية، وكانت ترأس الفرع النسائي لمعهد الإدارة. القضاء، أول المرافق التي أولاها المغفور له الملك عبدالعزيز جُل اهتمامه، والحفاظ على الهوية الإسلامية، وتطبيق قاعدة المرونة والتطوير، وهو ما نادى به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، من خلال إعادة بناء"ثقافة القضاء"في المملكة، سواء بالنسبة للقضاة ومعاونيهم وللمتقاضين أيضاً، وتطوير وتحديث بعض الأنظمة كنظام المرافعات الشرعية ونظام القضاء السعودي وديوان المظالم والاجراءات الجزائية، وقد تطلب ذلك اعادة تنظيم الهيكل الإداري لهذه المنظومة لتنفيذ وتفعيل خطط الإصلاح القضائي، وتحديد صلاحيات ومهام القائمين عليها، ووضع آلية تنفيذية لنظام القضاء وديوان المظالم من اجل اختزال مدة التقاضي، وتحويل دور القضاء والمحاكم إلى دور للعدالة العصرية. وقد أشار وزير العدل الجديد إلى سعي وزارة العدل إلى تلمس حاجات القضاة وكتّاب العدل، وتذليل كل ما يواجههم من عقبات، ووضع خطط تدريبية لتثقيفهم وتأهيلهم التأهيل المناسب لدحض البيروقراطية وسرعة الفصل في القضايا. وقد قُسم التقاضي إلى ثلاث درجات هي: محاكم الدرجة الأولى، محاكم الاستئناف، المحكمة العليا التي تقابل"محكمة النقض"، وتعد إضافة درجة تقاضي"الاستئناف"ضمانة اخرى لتحقيق حسن سير العدالة، ومن ثم فإننا نستطيع أن نقرر بأنه يوجد لدينا قضاء مستقل ومنظم،"وسلطة قضائية"فاعلة لا تفتقر إلى الشفافية، ما يضمن إجراء محاكمات عادلة وأن الكل امام القضاء سواء... كما أن هذه التغييرات الجذرية شملت وزارات العدل والإعلام والصحة، إضافة إلى المؤسسات القضائية والدينية والتعليمية. إن الحياة رسالة، وكل من يحمل لواءً فهو مؤتمن عليه، يدلي بدلوه وبرأيه في حدود فكره وعقله طوال فترة تكليفه، وأنه مسؤول امام الله عن ذلك ويسلم الراية إلى خلفه وهكذا... إذ أن المناصب الوزارية والإدارية العليا خدمية في المقام الأول وكل المناصب زائلة، ويظل المنصب شاهداً على حجم الانجازات التي تحققت على أيدي شاغليه، وإذا حدث خلاف في وجهات النظر فيجب علينا أن نحسن فن الاختلاف ونحسن النيَّة ونترك الفرصة للجميع لكي يعملوا في صمت وتكون أقلامنا أدوات بناء"لا معاول هدم"! إننا على قناعة كاملة ويقين كامل بقيادتنا الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، فهما رجال أفعال وليسوا رجال أقوال، فالرجل الذي أطلق حملة"حوار الأديان"بعد الحملة الشرسة التي قادها بعض أصحاب الأقلام الصفراء في الغرب ضد الإسلام، واكتسب احترام العالم اجمع، هو نفسه صاحب المبادرات الحكيمة في مختلف القضايا الاقليمية والدولية، فهو رجل فكر ورجل مواقف قبل أن يكون رجل دولة!... من كانت له هذه المواقف المشهودة على المستويين الدولي والاقليمي، فليس بغريب عليه أن يقوم بهذه الاصلاحات وهذا التطوير الذي يعتبر تحولاً في حياة المجتمع السعودي، وتصحيحاً للمسار من دون المساس بالثوابت، في سبيل راحة المواطن ورفعة وكرامة وعزة الوطن. سعد بن حمدان الوهيبي الرئيس العام للمركز الاستشاري للدورات القانونية