مشكلة بعض المدربين الأجانب الذين يأتون الى منطقة الخليج، أنهم باتوا يعرفون أن البقاء في مناصبهم لأكثر من موسمين يعتبر ضرباً من الخيال، وأن مدربين على شاكلة ماريو زاغالو وكارلوس البرتو باريرا وليوبنهاكر وهنري ميشال وغيرهم، لم يفلحوا في الاحتفاظ بمناصبهم التدريبية لأكثر من موسمين، لأن عقلية الأندية والاتحادات الخليجية غير قادرة على استيعاب الخطط المستقبلية والصبر حتى موسم الحصاد، ويبدو أن أصحاب القبعات من الأوروبيين واللاتينيين باتوا يتعاملون مع الأندية على طريقة"قبل ما يتعشون فينا"، ما جعلهم يلجأون الى أساليب عدة، لزيادة غلتهم من الذهب والفضة قبل أن يتسلموا أوراق عزلهم عن التدريب. وتتعدد الحيل وطرق"النصب"من مدرب الى آخر، غير أن القاسم المشترك هو في النهج الذي يعتمد على"السمسرة"من وراء الستار، عن طريق جلب لاعب أجنبي الى الفريق، أو إقامة معسكر في بلد ما، أو إخضاع اللاعبين لفحوصات طبية في مركز متخصص، أو حتى التعاقد مع فريق من المعاونين. ولعل المشكلة الأكبر تكمن في أن الأندية والاتحادات الوطنية لا تتبادل الخبرات والتجارب، إذ يأتي المدرب البرازيلي على سبيل المثال، ويمارس في ناد خليجي ما يندى له الجبين من التلاعب وتحصيل العمولات على حساب مصلحة الفريق ونتائجه، ومن ثم يتم اكتشاف أمره قبل أن يتسلم قرار اقالته بيمينه، ويرحل إلى ناد أو منتخب خليجي بدم بارد ومن دون أن تكشف تفاصيل اقالته أو مسبباتها! وقبل انتهاء الموسم الأخير، جاء الأرجنتيني غابريال كالديرون الى نادي الاتحاد، بعدما تمت اقالته سابقاً من تدريب المنتخبين السعودي والعماني، لأسباب لا نعلمها حتى الآن، وإن كانت تدخلات كالديرون في كثير من الترتيبات، جعلتنا نستمع الى أحاديث عن اهتمامه بالمال ورغبته في فرض معسكرات ومعاونين ومراكز تدريب على مسؤولي تلك المنتخبات، الذين عانوا طويلاً من قناعات ذلك المدرب، وتدخله في أمور ليست من شأنه. وبالأمس فرض كالديرون على مسؤولي نادي الاتحاد اقامة معسكر تدريبي"للمرة الأولى"في الأرجنتين، مع أن لاعبي الفريق الاولمبي بحاجة إلى أجواء معتدلة، توازي إقامة معسكر في اوروبا وليس في نصف الكرة الجنوبي، حيث يتدرب اللاعبون في طقس يصل الى أربع درجات مئوية وأحياناً الى الصفر! وحقيقة لا ألوم مسؤولي الاتحاد الذين مازالوا يخوضون مرحلة التجربة مع كالديرون، ولكن كان الأجدر بهم أن يسألوا الذين تعاملوا مع ذلك المدرب قبل أن يزجوا بلاعبيهم الى برد بوينس ايرس، سيراً وراء مصالح مدرب يعتقد في قرارة نفسه، أن مستقبله في الاتحاد لن يتجاوز الموسم المقبل. وحتى الآن لم يشاهد الاتحاديون كالديرون على حقيقته، لأنهم سيجدون أنفسهم أمام قائمة مطالب، تتضمن التعاقد مع لاعبين ومعاونين من الأرجنتين، فضلاً عن معسكرات ومراكز طبية لقياس الأداء واختصاصيين نفسيين ومراكز احصائية الى غير ذلك. وعندما أتحدث عن كالديرون، فذلك مثالاً وكثيرون من هم على شاكلته يسرحون ويمرحون بحثاً عن أكثر غلة من الدولارات من دون النظر إلى مصلحة الفريق أو لاعبيه، وما أحوجنا الى الشفافية حين اقالة المدرب من خلال فضحه بالأوراق الرسمية والإثباتات، حتى لا يتجرأ مدرب"سمسار"على التلاعب مجدداً، وحتى يعلم أصحاب القبعات أنهم مطالبون بالعمل الفني حصراً، وليسوا شركاء في إدارة الأندية والاتحادات الوطنية. [email protected]