اعتبرت الدكتورة نورة السعد في دراستها ذات البعد الاجتماعي والديني والحقوقي، أخطر ما تتعرض له الأسرة، العمل على إحداث تغييرات في التشريعات السماوية التي تنظم تشكيلها ونمط الحياة فيها. وبالطبع يتم هذا من خلال تناول قضايا المرأة بصفتها القضية المحورية التي تسعى هذه الاتفاقات وتوصيات المؤتمرات إلى مساواتها التامة بالرجل، وسيلة غربية لرفع الظلم عنها كما يقولون. وتغيير التشريعات التي يرون أنها تعتبر تمييزاً ضدها . وكي نستوعب هذا السياق التشريعي القادم لا بد من إلقاء الضوء على المنطلقات للرؤية الغربية التي نشأت فيها هذه المواثيق وتم تعميمها من خلال بنود اتفاقات أصبحت ملزمة للدول التي وقعت وصادقت علىها. تتحدد هذه المنطلقات في الآتي: 1- النظر إلى المرأة خارج السياق الاجتماعي لها. أي النظر إلىها ليس بصفتها عضواً في أسرة علىها واجبات ولها حقوق مستمدة من دورها بصفتها ابنة أو أماً أو زوجة أو أختاً... الخ، ترتبط مع بقية أفراد الأسرة بعلاقات تشريعية وإنسانية. وأيضا من دون النظر إلى مسؤولياتها الزوجية والمرتبطة بأمومتها أو بنوتها وأخوتها. 2- إعلاء الجانب ألصراعي في العلاقات الأسرية. التأكيد على الصراع بين المرأة والرجل سواء كان زوجاً أم أباً أو أخاً، ويتضح هذا من إلغاء القوامة والمساواة في الميراث، وتغييب مفاهيم الأسرة المسلمة والأساس المعنوي، الذي يربط بين الزوج والزوجة كالمودة والسكن. 3- مناقشة قضايا الأسرة والمرأة بعيداً عن أي منطلق ديني أو أخلاقي. باعتبار أن التشريعات الإسلامية تنتقص من النساء وأنها مجحفة في حقهن وصنفت بعضها مثل المهر، والميراث، وتكليف الزوج بالنفقة، ونظام الحضانة للأبناء. والسفر بأذن ولي الأمر، بل وحقوق النسب، وحق الطلاق للرجل. وتعدد الزوجات، تعتبرها لوناً من ألوان العنف ضد المرأة ولا بد من إزالتها. كي تتحقق المساواة التامة بين النساء والرجال. بل طالبت بتقنين الإجهاض، والممارسة الجنسية للشواذ واعتبار أية مناهضة للشواذ لوناً من ألوان التمييز ضدهم! وطالبت هذه الرؤية أيضاً بحرية المعتقد. 4- تعبر هذه الرؤية أن سلطة هذه القوانين التي صكتها وثائق المؤتمرات الدولية المنبثقة من اتفاقة السيداو فوق أي تشريعات سماوية أو قوانين لأية دولة قامت بالتوقيع والمصادقة على هذه الاتفاقة. وتطالب بإزالة أي عوائق ثقافية وفكرية وقانونية قد تعترض تنفيذ بنود الاتفاقية. إشكاليات الاتفاقات الدولية التي تنفذها المؤتمرات الدولية لقضايا المرأة والأسرة: - تمثل هذه الاتفاقات في مبادئها، أفكارها جوهر الحضارة الغربية، وفلسفاتها الوضعية، وهي بالطبع تختلف تماماً عن نظرة الإسلام للإنسان وأهمية الالتزام بالمنهجية الإسلامية في التشريعات، وفي جميع ما يتعلق بالبناء الأسري والمجتمعي من علاقات تشريعية أو تنظيمية مستمدة من القرآن والهدي النبوي. وتنظر إلى الدين كمعوق لنمو المرأة، فالحجاب بالضرورة تهميش وعزل. وإلغاء لحريتها، ورفض توصيف المرأة بنسبة كونها أمًّا أو زوجةً أو أختًا أو ابنة بإعلاء للجانب الفردي والذري لها في المجتمع على حساب ارتباطها بالأسرة ومسؤولياتها وحقوقها وواجباتها. الحط من دور المرأة في الأسرة أو في"النشاط من دون مقابل مادي نقدي""إذ أضحى العمل خارج المنزل وبأجر هو أساس تأكيد الاستقلالية وأساس المكانة"لأن الأبعاد المادية الاستهلاكية هي معيار الفاعلية والإنجاز، ذلك في ظل النسبية المفرطة تجاه القيم الأخلاقية والمعنوية، والوفاء بمسؤولياتها عنف وانتهاك ومصادرة ل"إنسانيتها". - عدم احترام الخصوصيات الحضارية للشعوب والتنوع الثقافي لها، وهو ما نجده في بنود هذه الاتفاقات ووثائقها الدولية التي تشرع للأسرة وللمرأة وللطفل وفق المنظومة الغربية وفلسفتها الوضعية.فهناك إلغاء لمعظم ما تزخر به الديانات المختلفة من تشريعات. وليس للدين الإسلامي فحسب. وهناك مناهضون لهذا الاتفاق حتى داخل الولاياتالمتحدة نفسها. - إشكالية المصطلحات في هذه الوثائق الدولية، أمثال الصحة الإنجابية - الجندر - الأم البيولوجية - الحقوق الجنسية - الأسر المثلية - الأسرة النمطية - حرية التوجه الجنسي - الأحوال الشخصية - المتحدين المتعايشين - الأمومة وظيفة اجتماعية - التمكين - تعدد أشكال الأسرة - الأدوار النمطية - حقوق المرأة بصفتها والدة بغض النظر عن حالتها الزوجية - وغير ذلك مما يستجد . وما يهم توضيحه أن لكل مصطلح من هذه المصطلحات مدلولاً فكرياً، ومنظومة متكاملة من القيم والأعراف الاجتماعية والثقافية والحضارية الخاصة بجذور هذا المصطلح الفلسفية والتاريخية والجغرافية. وهي تختلف من ثقافة لآخرى. ويحمل معاني خطيرة عند تنفيذه، خصوصاً أن هناك عدم وضوح في الترجمة العربية للمصطلحات مثل مصطلح الجندر الذي يستخدم مرة باسم النوع الاجتماعي، ومرة باسم الجنوسة . - اختلاف المشكلات من مجتمعات لأخرى باختلاف أسبابها وبالتالي اختلاف أساليب علاجها. فليس من المعقول كما ترى مكارم الديري، من أجل القضاء على العنف ضد المرأة أن يكون هناك تغيير التشريعات والقيم المنظمة لحياة الأسرة"القوامة، مساواة الميراث، نظام الزواج الشرعي".