على رغم كل الفوارق الطبيعية والمناخية والجغرافية والبيئية بين السعودية وأوروبا، والمرجحة لوفرة المياه في الكفة الأوروبية من خلال غزارة الأمطار، وتعدد الأنهار، وتساقط الثلوج، مقابل ندرة المطر، وتطاول الجفاف، وغلبة طابع التصحر في بلادنا، إلا أن نسبة استهلاك المياه للفرد الواحد في السعودية تجاوزت 250 لتراً يومياً وتصل أحياناً إلى 300 لتر، بحسب إحصاءات وزارة المياه للعام الماضي، مسجّلة بذلك ما يوازي ضعف ما يستهلكه الأوروبيون من الماء، إذ لا يتجاوز استهلاكهم اليومي 150 لتراً. وأوضح رئيس مجموعة بشناق للمياه رئيس المنتدى السعودي للمياه والطاقة 2007 الدكتور عادل بشناق، أن مؤشرات مرور السعودية بأزمات مياه تتحرك باتجاه تصاعدي في كل الأحوال. وأضاف أن الأزمة قائمة حالياً وستتضاعف في الأعوام المقبلة، إن لم تواجه بترشيد واع، مع الاستفادة من مياه الأمطار التي يذهب الكثير منها إلى البحر، مضيفاً أن الحاجة ملحة لتصميم المساكن والمباني بمواصفات تمكّن من خزن مياه الأمطار والإفادة منها، ومعالجة المياه المستعملة وتأهيلها للاستعمال مرات أخرى في غير الشرب. وعن تجاوزنا للأوربيين في الاستهلاك، قال بشناق:"من الطبيعي أن نتجاوزهم، لأن كلفة المياه عند الأوروبيين عالية جداً، ومن عادة الشعوب الواعية أن تتفادى تحمّل أعباء خارج إطار قدراتها". أما عن المبالغة في استعمال الماء للوضوء المطلوب، فقال:"منذ 1400 عام والمسلمون يتوضأون ويغتسلون، من دون أن يكون ذلك مدعاة لشح المياه"، مطالباً المواطنين بالحد من الهدر المذموم دينياً ووطنياً لما يؤذن به من مخاطر. وأضاف بشناق أن المياه الجوفية في السعودية قابلة للنفاذ، علماً أن وزارة المياه تجهد في سبيل إقامة المزيد من السدود لخزن المياه ودعم الحفظ الجوفي، مشيراً إلى أن آلية الترشيد الحالية لا تكفي في ظل استهلاك المزارع لكميات كبيرة من المياه، وتلاشي مظاهر المياه السطحية في الأودية والمنخفضات،"ما يدفعنا لإعادة النظر في طريقة استهلاك المياه، لأن معالجة الأزمات قبل تفاقمها ميسور".