الطائف تشهد المرحلة الثالثة من برنامج "حكايا الشباب" بمشاركة عددٍ من الأكاديميين والرياضيين    الهلال يعلن التعاقد مع نونيز    تحت رعاية الملك.. انطلاق التصفيات النهائية لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن    إكرام الضيف خلق أصيل    النفط الجديد من أجسادنا    انتهاء الانتفاع بالأراضي البعلية الموسمية    النصر ينتظره.. برشلونة يؤكد رحيل إينيجو مارتينيز    الخليج يتعاقد مع اللاعب "صالح العمري"    ⁧النادي ⁧الأهلي⁩ يعلن التعاقد مع البرازيلي إنزو ميلوت    إدانات دولية واسعة لخطة احتلال غزة وتحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية    في عام الحرف اليدوية.. المعدن ينطق فناً    ارتفاع عدد الشهداء إثر العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة إلى 61,369    المملكة تعزي لبنان إثر وفاة وإصابة عدد من عناصر الجيش    كاسيت 90 تعود بأصوات التسعينات إلى جدة    تهنئة سنغافورة بذكرى اليوم الوطني    استمرار الدعم الإغاثي السعودي في سوريا والأردن    سفير اليابان يزور المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    بيان من السياحة يوضح سياسة ال 20 ساعة في مرافق الضيافة    مانشستر يونايتد ينفق 240 مليون يورو لعلاج عقمه التهديفي    الشمّام يُحلّي صيف المملكة بإنتاج وفير يتجاوز (63) ألف طن سنويًا    القبض على (3) باكستانيين في جدة لترويجهم (2.3) كيلوجرام (شبو)    نجاح زيادة الهاطل المطري على شمال شرق الرياض    تحذيير من استمرار الأمطار الرعدية على مناطق عدة    مصر توقع صفقة ضخمة مع إسرائيل لتوريد الغاز    لبنان يعود إلى الحاضنة العربية    الداخلية : ضبط (22072) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    كامكو إنفست تنقل مكاتبها في السعودية إلى مركز الملك عبدالله المالي "كافِد"    أمطار غزيرة وسيول متوقعة على عدة مناطق اليوم    طالبة من "تعليم الطائف" تحقق الميدالية الفضية عالمياً    النفط يستقر ويسجّل أكبر خسائر أسبوعية    أمير تبوك يدشّن ويضع حجر أساس (48) مشروعًا تنمويًا لمنظومة "البيئة" بالمنطقة بتكلفة إجمالية تتجاوز (4.4) مليارات ريال    محافظ خميس مشيط يتفقد مركز الرعايه الصحية بالصناعية القديمة    معجم الحيوان الأليف عند العامة    فريق النجوم التطوعي ينفذ مبادرة صناعة الصابون لنزيلات دار رعاية الفتيات بجازان    المملكة ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان    الفيحاء يتعاقد مع "الخيبري"لمدة 3 سنوات    جمعية فضاء العالية للتنمية الشبابية تختتم برنامج ماهرون الصيفي    أمير جازان يرعى ملتقى أبحاث السرطان 2025 بجامعة جازان    الشيخ أسامة خياط: يدعو لغرس قيم البر والتقوى في الأسرة والمجتمع    المصالح الوطنية السعودية    سفير جمهورية مالطا لدي المملكة يزور قرية جازان التراثية    الربيعة: تطبيق "نسك" متاح مجانًا دون استهلاك بيانات الإنترنت    أنواع فيتامين D وجرعاته الصحيحة    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    سبعة آلاف خطوة تعزز الصحة    رئيس وزراء موريتانيا يغادر المدينة المنورة    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدرب    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    العطش يلتحق بالجوع في غزة وتحذيرات من توسيع إسرائيل عملياتها    المجلس الاستشاري لمركز صحي المرابي يناقش احتياجات الأهالي مع تجمع جازان الصحي لتعزيز الخدمات الطبية    زيلينسكي يدعو واشنطن لزيادة الضغط على موسكو.. روسيا تدرس هدنة جوية مع أوكرانيا    استهداف (أبو سلة) بطائرات مسيّرة.. اشتباكات بين الجيش اللبناني ومطلوبين في بعلبك    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    احتفال الفرا وعمران    الأمير فهد بن سلطان يطلع على نتائج القبول بجامعة تبوك.    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة جواهر بنت مساعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمم المتحدة تقدم أرقاما مفزعة للمأساة . كفى للتدمير وهدر الدم في سورية
نشر في الحياة يوم 01 - 05 - 2013

تقدر الأمم المتحدة أنه بعد 25 شهراً من الصراع الدموي في سورية وإزهاق أرواح أكثر من 70 ألف رجل وامرأة وطفل، وبعد أن نزح حوالى 7 ملايين نسمة عن منازلهم التي تحولت إلى أنقاض، وبعد أن أصبح 4.25 مليون شخص مشرداً داخل البلاد، منهم 1.5 مليون يواجهون انعداماً وشيكاً للأمن الغذائي، وبعد أن صار لدينا 3.1 مليون طفل في سورية يعانون العوز، وبعد أن نزح إلى البلدان المجاورة 1.3 مليون لاجئ سوري، وبعد أن بات هناك 400 ألف لاجئ فلسطيني متضررين من الصراع داخل سورية. بعد كل ذلك وإزاء هذه الأرقام المفزعة، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية الفادحة، لا شك في أننا نواجه مأساة إنسانية كبرى تستلزم تحركاً جاداً وحاسماً من المجتمع الدولي ومن جميع الأطراف.
وهذا هو بالتحديد ما دفع قيادات خمس وكالات أممية للعمل الإنساني قبل أيام إلى توجيه صرخة مدوية تقول للجميع، حكومة ومعارضة وأطرافاً خارجية،"كفى... كفى... كفى". كفى للقتل وأنهار الدماء، كفى للدمار والخراب، كفى لصراع يأكل الأخضر واليابس ويعصف يومياً بمنجزات التنمية التي حققها الشعب السوري عبر عقود من الزمان في ذلك البلد التاريخي العريق والمحوري في المنطقة. وجاء ذلك النداء في رسالة وجهها مديرو مفوضية شؤون اللاجئين ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وبرنامج الأغذية العالمي واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية، وتم نشرها على نطاق واسع في صحف ووسائل الإعلام في شتى أنحاء العالم في 15 نيسان أبريل.
إضافة إلى التحديات الأمنية الكبيرة التي تواجه عمليات الأمم المتحدة للمساعدة الإنسانية في سورية وبلدان الجوار ومصر وشمال أفريقيا ووقوع حوادث تعرض لها عاملوها في المجال الإنساني والموارد التي يقدمونها، ثمة عوائق كبيرة أخرى من بينها استمرار نقص التمويل الدولي لخطط الاستجابة الإنسانية ومحدودية عدد الشركاء المسموح لهم تقديم المساعدات الإنسانية والذين عادة ما يؤدون دوراً تكميلياً مهماً. وعلى رغم كل ذلك، فإن الوكالات الأممية الإنسانية في سورية، وعددها 11 وكالة، إلى جانب منظمات إنسانية دولية وإقليمية أخرى، تواصل عملها المضني والخطير لتقديم العون والإغاثة إلى أعداد غفيرة من المحتاجين، وتستمر في مواجهة وضع أمني محفوف بالأخطار وتناضل مع حالات نقص الوقود وندرة القدرات المتاحة في الميدان والقيود الإدارية المكبلة، وغير ذلك. ووصف أحد مسؤولي مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قبل أيام مدى صعوبة التنقلات التي تقوم بها الوكالات عبر خطوط القتال وخطورتها، واستشهد على سبيل المثل بصعوبة الوصول إلى مدينة حلب من دمشق عبر طريق يتعين فيه اجتياز 54 نقطة وحاجز تفتيش تابعة لقوات الحكومة والمعارضة معاً، بدلاً من إمكانية الوصول مباشرة من الحدود التركية الأقرب والأسهل كثيراً، وهو ما لا يُسمح به في الوقت الحالي. ووصف المسؤول مدينة حلب المنقسمة بين قوات الطرفين بأنها في حال إنسانية مزرية. وكان مجلس الأمن الدولي أعرب قبل أيام عن أسفه إزاء تلك"العراقيل"التي تعترض توزيع المساعدات الإنسانية في سورية، مناشداً بإلحاح جميع الأطراف التعاون مع وكالات الأمم المتحدة وتأمين"الوصول الآمن"لجميع المنظمات الإنسانية وإمداداتها من أجل مساعدة المحتاجين في كل أنحاء سورية وإغاثتهم.
من ناحية أخرى، أثقل نزوح مئات آلاف اللاجئين السوريين والفلسطينيين كاهل بلدان الجوار إلى حد أن التقارير تتحدث عن عزم حكومتي لبنان والأردن، المضيفين لأكبر أعداد منهم، الذهاب بملف اللاجئين إلى مجلس الأمن من أجل دفع المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته وأعبائه، خصوصاً بعد أن أخفقت الدول المانحة في الوفاء بالالتزامات المالية التي تعهدت بها من قبل لمساعدة هؤلاء اللاجئين، ولا سيما في مؤتمر الكويت المخصص لذلك الغرض. ولولا إعلان دولة الكويت قبل أيام عن تسديد 300 مليون دولار للأمم المتحدة لمساعدة هؤلاء اللاجئين، لما أمكن حتى الآن جمع حوالى نصف التعهدات المالية المعلنة في ذلك المؤتمر في كانون الثاني يناير والتي بلغ مجملها 1.5 بليون دولار.
وأياً كانت الصعوبات والتحديات الجسام التي تواجهها الأمم المتحدة في جهودها لحل الأزمة السورية البالغة التعقيد وتلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة لملايين السوريين اللاجئين والنازحين والمشردين داخلياً، فلا يمكن المرء أن يتصور للحظة مشهد الحال السورية المؤلم من دون الدور العصيب والجوهري للمنظمة الدولية على الصعيدين الإنساني والسياسي. فبينما يناضل المئات من عامليها في المجال الإنساني والإغاثي للتعامل مع إحدى أكبر الأزمات الإنسانية التي تواجهها الأمم المتحدة في تاريخها، لم يتوقف قادة العمل السياسي الأممي يوماً عن محاولات التقريب والتوفيق والتوسط بين الأطراف المتقاتلة وبلوغ حل سياسي ناجع للصراع على رغم المواقف المتشددة والمتشنجة هنا وهناك.
وربما يلاحظ القارئ، على سبيل المثل، الجدل الذي ثار أخيراً بين بعض الأطراف والمراقبين بعد أن طالب أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون بوقف توريد السلاح لأي من طرفي الصراع لأن"المزيد من الأسلحة لا يعني سوى المزيد من الموت والدمار"، وبعد أن كررت دمشق مطلبها بعدم التعامل مع المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي إلا بصفته ممثلاً الأمم المتحدة وحدها ومن دون تمثيله جامعة الدول العربية. كما يجدر التنويه هنا بالحاجز السميك المتمثل في الاستقطاب الحاد بين دول مجلس الأمن الدولي الخمس الدائمة العضوية والذي ما زالت تصطدم به أمانة الأمم المتحدة في مساعيها الديبلوماسية الدولية لحل الأزمة السورية منذ عامين للتفاوض على وقف لإطلاق النار وإجراء حوار مباشر بين الطرفين من دون إحراز التقدم اللازم. وما فتئ الأمين العام والإبراهيمي يدعوان ويحضّان مجلس الأمن على توحيد صفوفه لوقف حمام الدم السوري وتيسير بلوغ الحل السياسي.
كذلك، برز أخيراً واقع صعوبة وتعقيد التعامل السياسي مع الملف السوري للأمانة العامة في قضية التحقيق المطلوب منها في مزاعم استخدام أسلحة كيميائية في جبهات القتال ومواقف مختلف الأطراف من هذا التحقيق وحتمية تبني مواقف مهنية وعالية الاحتراف من قبل المنظمة الدولية في معالجة هذه المسألة. وما زال فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة ينتظر موافقة دمشق على البدء بإجراء التحقيق وهو يرابط حالياً في قبرص انتظاراً للسماح بنشره في سورية على الفور وخلال 24 ساعة. وكانت الحكومة السورية رفضت مقترحات الأمين العام في شأن ترتيبات وطرائق إجراء التحقيق حول الاستخدام المزمع لهذه الأسلحة المحرّمة دولياً، وهو ما دفع المسؤول الأممي الأول إلى مناشدة السلطات السورية للتعاون والسماح للتحقيق بالمضي قدماً. وكانت الحكومة السورية هي التي طلبت من المنظمة الدولية إرسال"بعثة مختصة ومحايدة ومستقلة"للتحقيق في إدعاءات استخدام أسلحة كيماوية في بعض المواقع السورية والتي وردت إلى المنظمة رسمياً من حكومتَي بريطانيا وفرنسا في 21 آذار مارس، وبخاصة في ما يتعلق بحادثة مزعومة في خان العسل في حلب وادعاءات باستخدام أسلحة كيماوية في حمص في كانون الأول ديسمبر الماضي.
وعلى صعيد آخر لا يقل خطورة وأهمية، انتفضت الأمم المتحدة إزاء مشهد تدمير التراث التاريخي النفيس في سورية والذي يجمع أصولاً مصنفة ضمن التراث العالمي الذي هو ملك للإنسانية بالنظر إلى قيمته التاريخية العظيمة. فمع انتشار خبر دمار مئذنة الجامع الأموي في حلب، وهو أحد أشهر المساجد التاريخية في سورية، أعربت الأمم المتحدة على لسان مديرة منظمة اليونيسكو إرينا بوكوفا عن انزعاجها الشديد من التدمير المتواصل لمدينة حلب العتيقة والمصنفة موقعاً تراثياً على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي منذ عام 1986 تقديراً من المجتمع الدولي لما تمتلكه الشهباء من"طرز معمارية عربية نادرة وأصيلة"ولكونها شاهدة على التطور الثقافي والاجتماعي والتقني من العصر المملوكي. وحلب هي واحد من ستة مواقع سورية على لائحة التراث العالمي هذه. وكان المسجد الأموي التاريخي فيها أصيب من قبل بأضرار بالغة من نيران معارك ضارية دارت في المدينة في شهر تشرين الأول أكتوبر الماضي. وأعادت بوكوفا تذكير جميع الأطراف المتحاربة بالتزامات سورية في إطار اتفاقية لاهاي لعام 1954 المعنية بحماية الممتلكات الثقافية في حالات الصراع المسلح والتي وقعت سورية عليها.
إن الأمم المتحدة اليوم ترى أن تفاقم الأزمة والمأساة الإنسانية في سورية، مقترناً بالحال العامة المتسمة باستفحال الأخطار في منطقة الشرق الأوسط برمتها، يقتضي من المجتمع الدولي تحركاً عاجلاً وحاسماً ليس لوقف طوفان الدمار السوري هذا فحسب بل وأيضاً من أجل العمل الدولي المتعدد الطرف للحفاظ على الاستقرار الإقليمي في هذه المنطقة الملتهبة، وهو ما يعني بالطبع الدفع من أجل تحقيق تقدم أيضاً على جبهة القضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي. وكما أكد الأمين العام بان كي مون وقيادات أممية أخرى مراراً وتكراراً، فالمخرج من الأزمة السورية وكل الصراعات الأخرى في المنطقة يتمثل في الحل السياسي التوافقي والمتفاوض عليه والذي يضمن المصالح العليا للشعوب ويحفظ أمنها واستقرارها ويؤمن لها الحكم الرشيد وسيادة القانون والنظام وصون حقوق الإنسان والحريات لأفراد المجتمع بمختلف طوائفة ومكوناته. فلقد أثبتت الحلول العسكرية أنها مدمرة وغير مستدامة ولا تفضي إلا إلى حلقات ودوائر الانتقام الجهنمية وإلى استئناف الصراع في جولات أخرى مؤجلة والتي غالباً ما تكون أكثر دموية.
* مدير مركز الأمم المتحدة للاعلام في بيروت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.