مجلس حضرموت الوطني يثمن الإجراءات التي اتخذتها السعودية وقوات التحالف لمنع تهريب السلاح إلى ميناء المكلا    هل المشكلة في عدد السكان أم في إدارة الإنسان    وكالة وزارة الداخلية لشؤون الأفواج الأمنية تشارك في التمرين التعبوي لقطاعات قوى الأمن الداخلي (وطن 95)    عبدالله كامل رئيسال لاتحاد الغرف السعودية والصيخان والفاخري نائبين    رئيس مجلس القيادة اليمني يلغي اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات    تحديد أول الراحلين عن الهلال    غيابات الأهلي في لقاء الفيحاء في دوري روشن    السجل العقاري شريك مستقبل العقار في النسخة ال5 لمنتدى مستقبل العقار 2026    المتاحف والمواقع الثقافية بمكة المكرمة.. منصات معرفية    الإحصاء: نمو الإيرادات التشغيلية للأنشطة الصناعية خلال 2024 بنسبة 1.3%    مهاجم الهلال يتربع على قائمة أمنيات جماهير فلامينغو    خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد يعزيان أسرة الخريصي    مبادرة رافد الحرمين تستأنف عامها الثَّالث بتدريب المراقبين الميدانيين    سمو الأميرة تهاني بنت عبدالعزيز بن عبدالمحسن آل سعود ترعى اختتام برنامج التدريب على جهاز برايل وتدشّن كتابها بالمدينة المنورة    تراجع أسعار النفط    الصين تجري مناورات عسكرية لليوم الثاني على التوالي حول تايوان    مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة بشأن الاعتراف الإسرائيلي بإقليم "أرض الصومال"    قيادة القوات المشتركة للتحالف (تحالف دعم الشرعية في اليمن): تنفيذ ضربة جوية (محدودة) استهدفت دعم عسكري خارجي بميناء (المكلا ).    تتويج أبطال المملكة للمبارزة    وزير الاتصالات يشيد بمشروعات "تحديات الهاكاثون التقني"    300 ألف متطوع في البلديات    فيصل بن بندر يزف 106 من أبناء «إنسان» للحياة الزوجية    قائد الأمن البيئي يتفقد محمية الملك سلمان    غزال ما ينصادي    معرض «بصمة إبداع» يجمع مدارس الفن    وزير التعليم يزور جامعة حائل    رونالدو يُشعل الصحف العالمية بثنائية الأخدود    جيل الطيبين    حين يغيب الانتماء.. يسقط كل شيء    "الرياض الصحي" يدشّن "ملتقى القيادة والابتكار"    سماعات الأذن.. التلف التدريجي    المزارع البعلية.. تراث زراعي    «عريس البراجيل» خلف القضبان    أمانة جدة تتلف 4 أطنان من اللحوم الفاسدة    حكاية وراء كل باب    متى سيعاود سوق الأسهم السعودي الارتفاع مجدداً؟    افتتاح أول متنزه عالمي بالشرق الأوسط في القدية    ولادة مها عربي جديد بمتنزه القصيم الوطني    بعد مواجهات دامية في اللاذقية وطرطوس.. هدوء حذر يسود الساحل السوري    رامز جلال يبدأ تصوير برنامجه لرمضان 2026    التقدم الزمني الداخلي    مواجهة ثأرية لآرسنال أمام أستون فيلا    في كأس أمم أفريقيا بالمغرب.. تونس تسعى لعبور تنزانيا.. ونيجيريا تلاقي أوغندا    أندية روشن وأوروبا يتنافسون على نجم دفاع ريال مدريد    رجل الأمن ريان عسيري يروي كواليس الموقف الإنساني في المسجد الحرام    «الهيئة»أصدرت معايير المستفيد الحقيقي.. تعزيز الحوكمة والشفافية لحماية الأوقاف    نتنياهو يسعى لخطة بديلة في غزة.. حماس تثق في قدرة ترمب على إرساء السلام    نقص حاد في المساعدات والمأوى.. والأونروا: الشتاء القاسي يفاقم الكارثة الإنسانية في غزة    محمد إمام يحسم جدل الأجور    التحدث أثناء القيادة يضعف دقة العين    معارك البيض والدقيق    نجل مسؤول يقتل والده وينتحر    الدردشة مع ال AI تعمق الأوهام والهذيان    انخفاض حرارة الجسم ومخاطره القلبية    القطرات توقف تنظيم الأنف    «ريان».. عين الرعاية وساعد الأمن    دغدغة المشاعر بين النخوة والإنسانية والتمرد    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



... بالعودة إلى مشروع اللقاء الأرثوذكسي
نشر في الحياة يوم 09 - 03 - 2013

قيل:"الاهتمام بالسياسة فكراً أوعملاً يقتضي قراءة التاريخ أولاً، لأن الذين لا يعرفون ما حدث قبل أن يُولدوا محكوم عليهم أن يظلوا أطفالاً طوال عمرهم...".
مناسبة هذا القول هو الجدل الدائر حالياً على الساحة السياسية اللبنانية وانهماك الوسط السياسي اللبناني: مجلس النواب رئيساً وأعضاء، قادة سياسيون، كثيرون من المحللين وأصحاب الرأي وغيرهم، بصياغة اتفاق جديد لقانون انتخابي يكون بديلاً من مشروع نال موافقة اللجان البرلمانية المشتركة وعُرف باسم"مشروع اللقاء الأرثوذكسي"، ويقوم على أن ينتخب الناخب اللبناني نائباً في المجلس من مذهبه الديني ذاته، علماً أن الدستور، الذي جاء بناء على اتفاق الطائف في 1989، تنص مادته ال27 على أن النائب المنتخب هو ممثل الأمة اللبنانية جمعاء، وليس طائفته أو مذهبه.
لقد تبنى المشروع الأرثوذكسي، بحجة أنه يُعيد بعض حقوق المسيحيين التي سلبهم إياها الاتفاق السالف الذكر، معظم الأحزاب السياسية المسيحية الرئيسية، إنما بدرجات متفاوتة. في طليعة هذه الأحزاب"تكتل التغيير والإصلاح"برئاسة النائب ميشال عون الذي اعتبر نفسه صاحب المشروع والمدافع الأول عنه. وللتأكيد على ذلك أقام احتفالاً لتكتله بمناسبة موافقة اللجان البرلمانية، وقد وصف هذا الاحتفال احد رؤساء الأحزاب الموافقة على المشروع ب"الاستفزازي". وتجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أن هذا المشروع كي يُصبح قانوناً نافذاً يجب أن يقترن بموافقة الهيئة العامة لمجلس النواب من جهة، وأن يوقع عليه رئيس الجمهورية ليُنشر في الجريدة الرسمية. وإذا كانت أوساط رئاسة الجمهورية تقول إن الرئيس سيطعن بشرعية القانون لدى المجلس الدستوري، فإن عدداً لا بأس به من النواب سيصوت ضده، ما يُشير إلى صعوبة إقراره.
لقد تمت مناقشة وتحليل نتائج هذا المشروع وانتقده كثير من المهتمين بالوضع السياسي الحالي في طليعتهم كبار رجال الدين المسيحي لأسباب متعددة ومتنوعة تتصل بالتداعيات الخطرة على العيش المشترك والوفاق الوطني اللبناني، ومن هذه التداعيات:
أولاً: فور موافقة اللجان البرلمانية المشتركة على المشروع اعترت الساحة اللبنانية ظاهرة ملفتة للنظر تمثلت بتتالي البيانات المستنكرة والمُدينة لهذا المشروع من قبل كثير من العاملين في الحقل السياسي. وفي رصد لردود فعل قادة إحدى الطوائف اللبنانية الكبرى، نجد أن هؤلاء أعلنوا معارضتهم لهذا المشروع وأنهم مع أولئك الذين وقفوا ضده منذ البداية، فتناسوا خلافاتهم وخصوماتهم السياسية وحل النزاع والتوتر الطائفي الديني محل الاختلافات والنزاعات السياسية، وسادت أجواء الاحتقان بين الطوائف.
ثانياً: في حال تم تطبيق هذا المشروع فإن حال التشدد أو التطرف سينتقل من الطوائف إلى النواب. فإذا أصبح النائب منتخباً من طائفته، وليس من سكان منطقته، فإنه سيركز اهتمامه على تحقيق مصالح الطائفة وسينتقل دوره التشريعي من التشريع للأمة إلى التشريع للطائفة. ومن نافل القول إن هذا النائب سيحصر دوره واهتماماته في التعاون مع زملائه من الطائفة نفسها، وستعمل كل مجموعة من النواب من طائفة معينة لمصلحة هذه الطائفة، وسيتحول مجلس النواب من مجموعة سياسية إلى مجموعة طائفية.
ثالثاً: إذا ما وضعنا هذا النوع من الانتخابات وتداعياتها جانباً نطرح الأسئلة التالية: هل حقوق المسيحيين في لبنان مسلوبة كما يُروج مؤيدو هذا المشروع؟ وهل باقي الطوائف يتمتع أفرادها بامتيازات لا يتمتع بها أفراد الطائفة المسيحية، أم أن هذه الامتيازات محصورة فقط بالطبقة السياسية الحاكمة منذ عقدين، تاريخ ولادة الطائف، وهل هذه الطبقة لا تضم قادة من الطائفة المسيحية؟ إذا سلمنا جدلاً أن هذا صحيح، فمن هو المسؤول عن ذلك؟ هل هو اتفاق الطائف أم هم المسؤولون والقياديون في الطائفة المسيحية؟ وأخيراً، هل قرأنا التاريخ جيداً لنستلهم منه الإجابات الصحيحة لتتم معالجة المشاكل إذا كانت فعلاً موجودة؟ لنعد إلى منتصف الثمانينات ولنطرح الأسئلة التالية: من عمل على إضعاف الساحة المسيحية؟ ما هو دور الخلافات والاختلافات والنزاعات والحروب في عملية الإضعاف، وما هي الأدوار التي لعبها المسؤولون في تلك الفترة وتقييمنا لها وما هو دورهم اليوم؟ لو أخذنا مثلاً واحداً عما عانته الطائفة المسيحية، وليكن هذا المثل التهجير القسري لكثير من المسيحيين من قراهم، ماذا فعل هؤلاء لتثبيت العودة إلى تلك القرى والبلدات، أم انحصرت العودة بفئة عمرية متقدمة في السن، في حين تعرضت الفئة الشبابية لموجات الهجرة عندما لم تجد زعيماً أو قائداً يقف إلى جانبها، ما عدا إصدار البيانات التحريضية التي لا تُعيد مهجراً إلى قريته أو بلدته، ولم تؤمن لها فرصة عمل محترمة لا في القطاع الخاص في متجر أو مصنع، ولا في القطاع العام؟
* كاتب لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.