ترمب: أميركا ستستضيف قمة مجموعة العشرين 2026 في ميامي    المغرب يكتسح النيجر ويصبح أول المنتخبات الأفريقية المتأهلة لكأس العالم 2026    كيليان مبابي يعادل إنجاز تييري هنري ويهدد عرش جيرو    الاتحاد يتعاقد مع البرتغالي"روجر فيرنانديز" لاعب سبورتينج براجا    مبابي وأوليس يقودان فرنسا لبداية مظفرة لتصفيات كأس العالم    وزراء الخارجية العرب يؤكدون أهمية أمن الملاحة وحماية إمدادات الطاقة في الخليج العربي    القبض على إثيوبي في الباحة لترويجه مادتي الحشيش والإمفيتامين المخدرتين    استعداداً لآسيا 2026 .. الأخضر الأولمبي يتغلب على روسيا بثنائية    حين تتحول المواساة إلى مأساة    الذهب يسجل مستوى قياسيا بفضل توقعات خفض الفائدة    هيئة الموسيقى و«فيلهارموني باريس» يوقعان برنامجًا تنفيذيًا للتعاون في مجال الموسيقى    إنزاغي يُسجل ثنائي الهلال الأجنبي في النخبة ويتمسك باستمرارهم    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال(62) لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة    حقيقة تحمل الهلال راتب ميتروفيتش في الريان    الأمن البيئي: غرامة صيد الذئب العربي 80 ألف ريال    جمعية رواد العمل التطوعي في جازان تعقد ورشة تدريبية بعنوان "بناء الفرص التطوعية"    السجن والغرامة لمرتكبي المخالفات التي تهدد السلامة العامة    خطيب المسجد النبوي: الظلم يُذهب الأجر ويقود للهلاك    خطباء المملكة يخصصون خطبة الجمعة للحديث عن مكانة كبار السن وحقوقهم    خطيب المسجد الحرام: الحسد من أعظم ما يُنغص على العبد طمأنينته    طقس ممطر ورياح مثيرة للأتربة على عدة مناطق    انخفاض أسعار النفط    المعمرون أقل عرضة للأمراض    حملة الدراسات العليا بين الموارد والتعليم    وزارة الرياضة تختتم مشاركتها في جناح "واحة الإعلام" بالعاصمة الرياض    الرواية.. سحر الحكاية وشغف القراء    وزارة الثقافة تحمي التراث وتترجِم رؤية 2030    التربية بين الأنْسَنة والرقْمَنة    ملامح عامة في شعر إيليا أبو ماضي    إنهم يشوهون المثقفين 2/2    مفردات من قلب الجنوب 19    لقاء الثلاثاء بغرفة الشرقية يناقش صناعة السينما في السعودية    هل الروبوتات أكبر خطر يُهدِّد البشريّة؟    كل عام وأنت بخير    كيف ستغير رسوم الأراضي البيضاء مسار السوق العقارية ؟    من قلب الأحساء إلى العالمية... حكاية اللومي الحساوي    اضطراب المساء عند كبار السن (متلازمة الغروب)    النوم عند المكيّف يسبب الخمول    إتاحة الدراسة عامين لخريجي الثانوية الراغبين في رفع معدلاتهم التراكمية    الجوف تشهد انطلاقة أعمال السجل العقاري    محافظ الخبر يدشن المؤتمر الدولي الخامس لمستجدات أمراض السكري والسمنة    ضبط 26 مخالفًا لتهريبهم (450) كيلوجرامًا من القات المخدر    غرفة الرس تستعرض منجزاتها في الدورتين الثالثة والرابعة    السعودية تفرض قيوداً على لعبة روبلوكس لتعزيز الأمان الرقمي    الطريق البري بين المملكة وعُمان إنجاز هندسي في قلب الربع الخالي    استخدام الإنترنت في السعودية يقفز ل 3 أضعاف المعدل العالمي    احتجاجات إسرائيلية قرب منزل نتنياهو للمطالبة بصفقة غزة    القيادة تعزّي رئيس مجلس السيادة الانتقالي بجمهورية السودان    أوروبا تعتبر لقاء بوتين وشي وكيم تحدياً للنظام الدولي.. لافروف يتمسك ب«الأراضي» وكيم يتعهد بدعم روسيا    لا أمل بالعثور على ناجين بعد زلزال أفغانستان    الواحدي والدغاري يحتفلان بزفاف محمد    100 % امتثال تجمع جدة الصحي الثاني    حُسنُ الختام    اليوم الوطني السعودي.. عزنا بطبعنا    فضيلة المستشار الشرعي بجازان "التماسك سياج الأوطان، وحصن المجتمعات"    أربعون عاما في مسيرة ولي العهد    ميلاد ولي العهد.. رؤية تتجدد مع كل عام    نائب أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غاب في عمّان عن 73 عاما رافع الناصري في رحلة اللون
نشر في الحياة يوم 09 - 12 - 2013

قبل المعرض الاستعادي الأخير للفنان رافع الناصري، الذي أقيم في عمان، ويستعيد أعمالاً معظمها من منزل الفنان في العراق بجهد من المشرف على المعرض الفنان التشكيلي خالد وهل، أحد تلامذة الفنان الناصري، ويؤرخ لمسيرة فنية بدأت عام 1963، كنت شاهدت أعمال معرضه""بوابات""2008"، الذي أقيم في""غاليري غرين آرت""في دبي، وضم الأعمال التي أنجزها الناصري خلال ذلك العام، وهي تعبر عن مرحلة جديدة في مسار الناصري الذي يحتفظ لأعماله بهوية وطابع مميزين منذ الستينات.
في أعماله"بوابات"، كان الناصري المولود في تكريت العام 1940، يفتح بوابات على العالم، بل على عوالم ذات شفافية عالية في التعبير عن دواخل محتشدة بالأزمنة والأمكنة، من خلال خلطات لونية وتكوينات وخطوط تحتضن حروفاً وكلمات بالخط العربي. ومتنقلاً بين أسلوب الحروفية الحفر والطباعة الغرافيكية حيث يعمل الفنان على لوحة تستوقف المشاهد للمزيد من التأمل باستمرار. وكما يتنقل بين أساليب عدة يجمعها في إطار واحد منتقلاً بين البني ودرجاته والأزرق الساطع بشفافيته، وهو قليلاً ما يستخدم الأخضر.
تأخذنا أعمال الناصري عموماً إلى عالم يجمع السماوي بالأرضي، ضمن تكوينات وتشكيلات ذات أبعاد خرافية، حيوانات وطيور وكائنات أسطورية، لكن كل ذلك أقرب إلى التجريد، لكنه تجريد تعبيري يرتقي ببصر المتلقي وبصيرته، حيث يغوص في عوالم غريبة ومدهشة، بينما تنشغل خلفية اللوحة بالخط العربي من خلال خط الثلث غالباً.
ويتكرر في أعمال الناصري شكل يشبه كائناً خرافياً، على هيئة ثور محلق في سماء زرقاء، بينما تنعكس من اللوحة أشكال وكتل صغيرة، ضمن بناء يوحي بالتراجيدية، خصوصاً في أعمال اللون البني والبني المحروق، حيث كثافة اللون وخشونة الملمس توحي بالعمق والقوة والشفافية في آن. كما تبدو بعض التكوينات أجساداً تنزف بألوانها التي تتساقط مثل دم الذبيحة، فهناك عالم أرضي يبكي أو ينزف، وعالم سماوي يضيء بنوره من حوله، بما يحيل على موروث عراقي طويل، حيث الناصري خير من يلعب لعبة الظل والنور في كل أعماله.
تقول مؤرخة الفنون الأردنية سلوى الناصري إن"مما يشهد على براعة الفنان الفائقة في تقنيات الحفر، قدرته الهائلة في التقريب بين تقنيات الرسم والحفر، وهو نموذج للكيفية التي يمكن فيها الفنون أن تتداخل، وتحظى الأشكال الفنية الجديدة في أغلب الأحوال بالأفضلية على غيرها من الأشكال، من دون الأخذ بعين الاعتبار النتائج الخلاقة التي يحتمل أن يحققها التزاوج بين أشكال الفن الكلاسيكي والتقنيات الحديثة".
وفي معرضه الأخير في عمان، عمل تركيبي يضم مقاطع من قصيدة ابن زيدون"إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا"في أكثر من لوحة ومكان، ويكتب عند مدخل الجاليري ترحيباً بشاعر الحب والجمال والرياض والوصل الأندلسي العريق: إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا/ والأفق طلْق ومرأى الأرض قد راقا/ وللنسيم اعتلال في أصائله/ كأنه رقّ لي فاعتلّ إشفاقا/ والروض عن مائه الفضي مبتسم/ كما شققت عن اللبات أطواقا.
معرضه الحالي يتواصل في عمان حتى 30 الشهر الجاري، وجاءت عبر تقنيات عديدة، طعّم الفنان بعض لوحات معرضه بصور أيقونات لعازفين وعازفات من الزمن القديم، يداعبون آلة تشبه عود زرياب. وخلال السنوات الأخيرة، وجد الناصري الإلهام في نماذج من الشعر العربي، كشعر المتنبي ومحمود درويش وابن زيدون ومحمد مهدي الجواهري وإيتيل عدنان ومي مظفر وغيرهم، فكانت هذه الرحلة الشعرية، المقرونة بالاستغراق في عنصر الزمن.
عام 1963 بدأ رافع رحلته إلى الصين، وهناك صار عليه أن يفكر بتوأمة الرسم والطبيعة، بعيداً من سحر الانطباعية الأوروبية. وهذا ما يمكن أن نكتشفه في هذا المعرض الاحتفائي الذي يضع هذا الفنان الرائد في مقدم المشهد التشكيلي العربي بتحولاته العديدة.
حول الفنان وأعماله كان صدر في عمان قبل عامين كتاب حمل عنوان"رافع الناصري: حياته وفنه"تأليف مشترك بين رفيقة دربه الشاعرة والناقدة مي مظفر والباحث صباح الناصري.
وعن تجربته الجديدة يقول الناصري:"في الغربة ومع تقدم سنوات العمر، يتداخل الزمن تلقائياً بين ماض وحاضر، وبين قديم وحديث، حينها تتوالى الصور والذكريات، والأحداث الكبيرة والصغيرة لتشكل الملامح الرئيسة لكل حالة ابداعية. وفي الفن تمتزج الأفكار والألوان والأشكال مع ذلك الزمن فتكوّن حالة واحدة تستمد حياتها من تلك التجليات الإنسانية لتصبح لوحة. وفي أعمالي الفنية التي أنتجتها في السنوات السبع الأخيرة جزء من هذا التماهي مع الزمن، فالتنقل بين شعر أبي الطيب المتنبي، إنما هو طواف بين أزمان وحالات مختلفة تتغنى بالوطن والحب والجمال، وكلها تصب في صلب ما أتمنى أن أعبر عنه في لوحاتي سواء في الرسم أو الطباعة".
سيرة
ولد رافع الناصري عام 1940، ودرس في معهد الفنون الجميلة في بغداد من 1956 حتى 1959، وفي الأكاديمية المركزية في العاصمة الصينية بكين من 1959 حتى 1963، وتخصص في الغرافيك الحفر على الخشب، وفي عام 1963، أقام أول معرض لأعماله في هونغ كونغ، وبعد عودته إلى بغداد درس في معهد الفنون الجميلة إذ كان فنه واقعياً تشخيصياً.
في 1967، درس الحفر على النحاس في لشبونة/ البرتغال، وفي هذه الفترة اكتشف جماليات الحرف العربي وأدخلها في تكوينات تجريدية، كما اكتشف الأكرليك واستعمله بدلاً من الألوان الزيتية، وبعد عودته إلى بغداد العام 1969، أسس جماعة الرؤية الجديدة مع عدد من الفنانين العراقيين، وشارك في تأسيس تجمّع البعد الواحد مع شاكر حسن آل سعيد.
ترك رافع الناصري بغداد في 1991، ودرّس في جامعة إربد في الأردن وساهم في 1993 بتأسيس محترف الغرافيك في دارة الفنون في عمّان، وأشرف عليه لبضع سنوات. وفي 1997 درّس في جامعة البحرين وأصبح مديراً لمركز البحرين للفنون الجميلة والتراث، وأقام في المنامة عام 1999 معرضه المهم عشر سنوات... ثلاثة أمكنة، ثم عاد وأقام في العاصمة الأردنية عمان مع زوجته الشاعرة والناقدة مي مظفر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.