وفد من «اليونسكو» يطلع على جهود المركز الدولي «ICAIRE» بالرياض    روي بيدرو ينفي رحيل توني عن الأهلي    نيجيريا تقسو على الجابون برباعية وتصعد لنهائي الملحق الأفريقي لمونديال 2026    انطلاق "موسم شتاء درب زبيدة 2025" في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    الأمير خالد الفيصل يكتب التاريخ ويفوز بلقب الروّاد في البطولة العربية للجولف بالرياض    القبض على (3) يمنيين لتهريبهم (60) كجم "قات" في عسير    برعاية أمير جازان.. ورشة تنفيذية للصحة تستعرض مشروعات 2026    الاتحاد الدولي للصحافة يعتمد كتاب صحافي سعودي كمنهج لتدريب الصحافيين الاقتصاديين    الذهب يتجاوز 4200 دولار وسط مخاوف الديون الأمريكية وخفض "الفائدة"    وفد سعودي يشارك في تمرين إيطالي لمحاكاة مخاطر البراكين ويبحث تعزيز التعاون في الحماية المدنية    تجمع الرياض الصحي الأول يحتفي باليوم العالمي للجودة ويستعرض منجزاته في تحسين الرعاية وسلامة المرضى    اليماحي يثمن الدور الرائد لدول الخليج في تعزيز مسيرة العمل العربي المشترك والدفاع عن القضايا العربية    سوق الموسم ينطلق من منطقة الطوالع التاريخية ب "النجناج"    مدة غياب بونو وكوليبالي عن الهلال    هطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة من يوم غدٍ الجمعة حتى الاثنين المقبل    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير جمهورية فرنسا لدى المملكة    روبيرتو مانشيني مدربًا لنادي السد القطري    خوارزميات الإنسان    مفتي عام المملكة يستقبل وزير العدل    خبراء: السجائر الإلكترونية تقوض حقوق الأطفال الإنسانية    توازن كيميائي يقود إلى الرفاه الإنساني    غرفة القصيم توقع تفاهمًا مع الحياة الفطرية    منسوبو وطلاب مدارس تعليم جازان يؤدّون صلاة الاستسقاء    "محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين    نجاح فصل التوأم الملتصق الجامايكي «أزاريا وأزورا» بالرياض    محافظ صبيا يؤدي صلاة الاستسقاء تأسياً بسنة النبي واستجابة لتوجيه خادم الحرمين الشريفين    التضخم في السعودية يبلغ 2.2% في شهر أكتوبر 2025    أمير القصيم يؤدي مع جموع المصلين صلاة الاستسقاء في جامع الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز ببريدة    شراكة مجتمعية بين ابتدائية قبيبان وجمعية «زهرة» للتوعية بسرطان الثدي    أول اجتماع لمكتب المتقاعدين بقوز الجعافرة    انتخاب القانونية الكينية فيبي أوكوا قاضية بمحكمة العدل الدولية    تقني الشرقية تختتم "راتك 2025"    مصرية حامل ب9 أجنة    الثقوب الزرقاء ورأس حاطبة.. محميتان بحريّتان تجسّدان وعي المملكة البيئي وريادتها العالمية    أمير حائل يدشّن عددًا من الحدائق الجديدة بالمنطقة .    محافظ محايل يزور مستشفى المداواة ويطّلع على مشاريع التطوير والتوسعة الجديدة    أمانة نجران تطلق حملة موسم التشجير لعام 1447    المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء في جميع مناطق المملكة    تحذير فلسطيني من تهجير قسري في قلنديا ينتهك القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف    ورشة استراتيجية مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة 2026–2030    الشلهوب: الرسائل المؤثرة.. لغة وزارة الداخلية التي تصل إلى وجدان العالم    كمبوديا وتايلاند تتبادلان الاتهامات بالتسبب بمواجهات حدودية جديدة    ذاكرة الحرمين    الإمارات تواجه العراق في ذهاب ملحق المونديال    تجربة الأسلحة النووية مرة أخرى    تعزز مكانة السعودية في الإبداع والابتكار.. إطلاق أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    «مغن ذكي» يتصدر مبيعات موسيقى الكانتري    160 ألف زائر للمعرض.. الربيعة: تعاقدات لمليون حاج قبل ستة أشهر من الموسم    وفد رفيع المستوى يزور نيودلهي.. السعودية والهند تعززان الشراكة الاستثمارية    السعودية تقود اعتماد أول مواصفة عالمية للتمور    القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    يجتاز اختبار القيادة النظري بعد 75 محاولة    شهدت تفاعلاً واسعاً منذ إطلاقها.. البلديات: 13 ألف مسجل في مبادرة «الراصد المعتمد»    النويحل يحتفل بزواج عمر    طهران تؤكد جديتها في المفاوضات النووية.. إيران بين أزمتي الجفاف والعقوبات    وسط جدل سياسي واسع.. الرئيس الإسرائيلي يرفض العفو عن نتنياهو    في أولى ودياته استعداداً لكأس العرب.. الأخضر السعودي يلتقي ساحل العاج في جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر بين الواقعيتين الثورية و السلطوية
نشر في الحياة يوم 13 - 12 - 2013

تعتقد القوى الدولتية في معسكر 30 يونيو والتي تنتمي في الأغلب إلى نظام مبارك أن صدور قانون التظاهر بتلك الصورة التي تمنح الأمن الحق في منع التظاهرات وفضها كذلك باستخدام القوة، يعني كبح جماح التظاهرات"الإخوانية"التي تجنح، وفقاً لاعتقاد تلك القوى، في اتجاه استخدام العنف وقطع الطرق وتخريب الممتلكات العامة. كما يعني كذلك إعطاء جهاز الأمن دفعة قوية يستطيع من خلالها استعادة هيبته وهيبة الدولة التي تخلخلت بفعل العنف"الإخواني"بطابعيه الاحتجاجي والإرهابي.
أما القوى المدنية التقليدية في معسكر 30 يونيو فتعتقد في إطار مكمل لاعتقاد تلك القوى الدولتية بأن إقرار قانون التظاهر من قبل السلطة الانتقالية بات يصب في إطار مفهوم الشرعية الدستورية والقانونية، ومن ثم فإن رفض القوى الثورية هذا القانون والتظاهر من دون الحصول على رخصة من الأمن يعني رفضها الشرعية الدستورية والقانونية التي تعد جوهر النظام الديموقراطي.
وفي مقابل هذين الطرحين تعتقد القوى الثورية وعلى رأسها حركة 6 أبريل وبعض نشطاء الثورة أن انتفاضة 30 يونيو امتداد لثورة 25 يناير. ووفقاً للطابع الاحتجاجي لتلك الحال الثورية فإن التظاهر والاحتجاج الشعبي في الشوارع هو الذي أسس للمسار السياسي الجديد سواء بعد سقوط مبارك أو سقوط مرسي، ومن ثم فإن قمع الاحتجاجات والتظاهرات ومنعها بالقوة يعني في جوهره شرخاً في تلك الشرعية الثورية ومن ثم شرعية السلطة القائمة.
إلا أن جماعة"الإخوان"تفسر صدور قانون التظاهر وما تلاه من قمع للتظاهرات الشعبية بأنه استمرار للمسار الانقلابي الذي دشنه العسكر ويسعون من خلاله إلى استدعاء الجهاز الأمني وقوى الثورة المضادة وكل القوانين المكبلة للحريات لفرض أمر واقع جديد يؤبد وجودهم في السلطة ويقمع معارضيهم بما يعني الارتداد عن الشرعية الدستورية والقانونية التي أتت بالرئيس"الإخواني"المعزول محمد مرسي والشرعية الثورية لثورة 25 يناير.
وتلك المواقف المتنازعة والملتبسة تحتم إعادة تكييف الإشكالية المتعلقة بالشرعية السياسية والقانونية للنظام السياسي المصري في سياق واقعي، من الناحية الثورية، وليست السلطوية. فالفكرة الأساسية التي طرحها ميشيل فوكو في كتابه"يجب الدفاع عن المجتمع"هي أن النظم السياسية الديموقراطية المعاصرة لم تتأسس فقط على معادلات فلسفية ودستورية قَبْلية تنظم عملية تبادل الحقوق السياسية والقانونية ما بين الدولة والجماهير، كالتي طرحها فلاسفة العقد الاجتماعي وعلى رأسهم جان جاك روسو ومونتسكيو، بل تأسست أيضاً على علاقات القوة التي نشأت في ظل الصراعات التي جرت على أرض الواقع انطلاقاً من تلك المعادلات القبلية والتي ترتب عليها انكشاف الأوزان النسبية الحقيقية للقوى المعبرة عن روح المجتمع الثوري خلال الثورات الديموقراطية. ومن ثم فالصراعات السياسية والأهلية والحروب شكلت بنداً تأسيسياً واقعياً في النظم الديموقراطية الحديثة، شأنها في ذلك شأن تلك المرجعيات الفلسفية والقانونية القبلية، إلا أن تكييف فكرة الصراع في إطار التحولات الثورية يتطلب في اعتقادي استدعاء مفهوم السلب عند الفيلسوف الألماني هيغل والذي يكشف عن الطابع الثوري الكامن في فلسفته المثالية ومقولاتها الواقعية.
فالسلب يعني الثورة ورفض ما هو قائم، ومن ثم تدشين واقع جديد أكثر تعقيداً وأقل تناقضاً بين الأطراف المتصارعة. وهذا في مجمله يطرح تفسيراً منطقياً لأزمة السلطة والشرعية في مصر.
فالصراع السياسي في عهد مرسي اتسم بميل"الإخوان"إلى نفي وإقصاء الآخرين الرافضين لحكمهم وسلطتهم وهو أمر ترتب عليه التعالي على متغير واقعي وهو تحول موازين القوى لمصلحة معارضي"الإخوان"والتعالي أيضاً على الدور التاريخي الذي تلعبه تلك المعارضة برفضها لممارسات السلطة. ومن ثم دفعتها تلك السلطة لتأكيد عملية التقدم التاريخي للحال الثورية من خلال تجسير فجوة التناقض بينها وبين معارضيها، وهو ما تفعله قوى تحالف 30 يونيو الآن، سواء في مواجهة"الإخوان"أو في مواجهة التيارات الثورية الشبابية التي تسعى إلى شق عصا الطاعة داخل هذا التحالف بالعودة إلى المسار الثوري الاحتجاجي من جديد. بما يعني في التحليل الأخير أن أزمة الشرعية والسلطة والثورة في مصر تكمن في تعاطي الأطراف كافة باستثناء هامش ضئيل في أروقة النخبة السياسية والثقافية مع مفهوم الواقعية السياسية باعتباره مكافئاً موضوعياً لتأبيد أركان السلطة وليس لتأكيد معنى الثورة.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.