صعود العقود الآجلة لخام النفط الأمريكي    تدشين مبادرة تشجير مدارس منطقة المدينة المنورة    مظلات المسجد النبوي.. تُحف وإبداع معماري    برنامج «قياديَّة» يُخرِّج الدفعة الثانية بجامعة نورة    «إغاثي سلمان».. ورش عمل ومساعدات تعليمية وتقنية    معرض للتوعية بالسلامة البحرية    أمانة المدينة ترفع كفاءة «تصريف السيول»    «هلال الباحة» يُفعّل خطة الشتاء    فيصل بن مشعل يطلع على برامج الكلية التطبيقية بجامعة القصيم    شوطا «المنغولية» في أكبر تجمع للصقور بالعالم    مسجد عمر بن الخطاب.. معلم إسلامي تاريخي يروي بدايات العمارة الدينية    «هيئة الحرمين» توفّر سوارًا تعريفيًا للأطفال    أمير نجران يُدشِّن مبادرة النقل الإسعافي للمرضى المحتاجين    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة يفتتح أحدث مركز للطب النووي والتصوير الجزيئي    تعليق الدراسة.. قرار تنظيمي تحكمه إجراءات ومعايير واضحة    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيسة تنزانيا    الأخضر بطلاً لكأس الخليج تحت 23 عاماً    في دور ال 32 لكأس ملك إسبانيا.. قطبا العاصمة أمام تالافيرا وبالياريس    الحياة الفطرية يطور الحوكمة ب« الثقوب الزرقاء»    توحيد الهوية تحت علامة واحدة تعكس الجودة والموثوقية.. وزير الصناعة: «صنع في السعودية» يرفع تنافسية المنتجات الوطنية عالمياً    السعودية تعزز التعاون الدولي في التحول الرقمي    إطلاق برنامج «خبراء التطوير المهني» التعليمي    رصد مخالفات بيع على الخارطة.. هيئة العقار: مباشرة الإجراءات النظامية بحق 25 مطوراً عقارياً    القيادة تعزي ملك المغرب في ضحايا الأمطار والفيضانات    بسبب قمع المعارضين.. كندا تفرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين    فوز المملكة برئاسة اتحاد إذاعات الدول العربية    الإعلام تنظم جلسة «حديث إمباك» بصنع في السعودية    الرياض وجمال المطر    ترفض أي وجود لقوات غربية.. روسيا تسعى لإنهاء الحرب في أوكرانيا    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    «أمهات المختطفين»: عذبوا المحتجزين.. مطالبة باستبعاد مسؤولين حوثيين من مفاوضات مسقط    أمينة العنزي: أول رائدة في مجال الصقارة بالحدود الشمالية    أبها يحافظ على الصدارة.. وسباق الهدافين يشتعل بين سيلا سو و نوانكو    الصحة العالمية: ظهور سلالة فيروسية جديدة للإنفلونزا    5 أشياء في منزلك تزيد من خطر السرطان    28.88 مليار ريال رواتب موظفي القطاع غير الربحي    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة    في الشباك    غونزاليس مع القادسية.. أحلام حطمها قطبا جدة    مليار دولار مشتريات الساعات الفاخرة    ساركوزي قد يمثل أمام القضاء مجدداً بشبهة التلاعب بالشهود    ترامب وقع أوامر تنفيذية في أقل من عام أكثر ممّا وقعه في ولايته الأولى    اكتشافات أثرية    انطلاق التصفيات النهائية لمسابقة جائزة الجميح لحفظ القرآن الكريم في دورتها السابعة عشر    الإيمان يولد من المحبة لا من الخوف    مشكاة يشارك في جناح الطفل بمعرض جدة للكتاب 2025    زيلينسكي: مقترحات إنهاء الحرب في أوكرانيا قد تُعرض على روسيا خلال أيام    4658 حالة إسعافية بالجوف    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    الأمان المجتمعي يبدأ من الحوار    أمير حائل يستقبل رئيس كتابة العدل بالمنطقة    غزة: وفاة رضيع بعمر أسبوعين نتيجة البرد الشديد    نائب أمير المنطقة الشرقية يطلع على برامج وجهود جمعية هداية للدعوة والإرشاد    أمير جازان يستقبل مدير عام حرس الحدود    القحطاني: المقاطع المتداولة عن غرق مواقع في الرياض غير صحيحة ولا تعكس واقع الحالة المطرية    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطابه يمثله ... ويحررهپ. أوباما يغازل طبقة وسطى وعالماً يدير أزماته
نشر في الحياة يوم 24 - 01 - 2013

ألقى الرئيس الأميركي باراك أوباما خطابين في حفل تنصيبه: واحد لنا"نحن الشعب"في أميركا، وآخر إلى بقية العالم. في خطابه إلى"نحن الشعب"كان الرئيس الأميركي لصيقاً بمبادئه التي يستمدها من"إعلان الاستقلال الأميركي حيث الحقيقة واضحة، أن كل الناس خلقوا متساوين". ولكن على رغم وضوح هذه الحقيقة إلا أنها لم تطبّق من تلقاء نفسها. ومع أن الحرية هي هدية من الله إلا أنه يجب أن يتم ضمانها من قبل ناسه على الأرض".
قدّم أوباما نفسه، وريثاً للزعيم الأميركي الأسود مارتن لوثر كينغ الذي دافع عن الحريات المدنية وحقوق السود، وأنه هو من سيضمن العدالة الاجتماعية والمساواة والحفاظ على حقوق الضعفاء والمحتاجين. الرئيس أوباما الذي يقول عنه المقربون إنه مسكون بالإرث الذي ستتركه رئاسته، يعتبر أن الولايات المتحدة وصلت إلى لحظة تاريخية في حياتها وأن الشعب الأميركي اختاره وعليه أن يغتنم هذه اللحظة لإعادة صوغ أميركا وفق المبادئ التي تأسس عليها الاتحاد والقيم التي نادى بها الرئيس أبراهام لينكولن ومن ثم مارتن لوثر كينغ.
هذه علامات اللحظة. قال في خطابه:"إن عقداً من الحرب ينتهي الآن. الاقتصاد بدأ يتعافى. إن إمكانات أميركا لا حدود لها. إننا نملك كل الصفات التي يتطلبها هذا العالم الذي بلا حدود: الشباب والاندفاع، التنوّع والانفتاح، القدرة اللامتناهية لكي نتحمل الأخطار ونعمة إعادة الاختراع. أيها الأميركيون، إننا صُنعنا من أجل هذه اللحظة، وسنغتنمها إذا ما اغتنمناها معاً".
يتحدى الجمهوريين
وفي ما اعتبره الجمهوريون تحدياً لهم اعتبر الرئيس أن أميركا"لا يمكن أن تنجح حيث تزدهر حفنة من الناس عددها إلى تضاؤل، بينما الكثيرون غير قادرين على البقاء .... إننا لا نعتقد أن الحرية هي للمحظوظين فقط، والسعادة لقلة. إننا نعتقد أن ازدهار أميركا يجب أن يرتكز على أكتاف طبقة وسطى صاعدة".
هذا الكلام هو كابوس لمعارضيه سواء في الكونغرس أو في أنحاء الولايات المتحدة الذين يعتبرون أن جزءاً كبيراً من الشعب الأميركي 47 في المئة قال المرشح الجمهوري ميت رومني يعتاش على ظهر الحكومة الأميركية ولا يريد أن يعمل. ويرى الجمهوريون أنه لا يمكن إصلاح الاقتصاد وتخفيض العجز إلا إذا تم تخفيض البرامج الاجتماعية مثل الضمان الصحي المجاني والإعانات الاجتماعية. ولكن أوباما دافع عن هذه البرامج الاجتماعية في خطابه، معتبراً أنها"لا تمتصّ المبادرة فينا بل تقوّينا"، إنها"لا تجعلنا أناساً من الذين يأخذون، إنها تحرّرنا لاتخاذ الأخطار التي تجعل هذا البلد عظيماً". هذا الخطاب يمثّل أوباما وما يؤمن به أكثر من أي خطاب ألقاه حتى اليوم. فالولاية الثانية حرّرت الرئيس الذي لن يترشّح في أية انتخابات أخرى بعدما أطلق فوزه يديه.
وهو قدّم في خطابه خريطة الطريق لولايته الثانية ولكن ما جاء فيه بالنسبة إلى السياسة الداخلية الأميركية ينذر بمعركة قاسية بينه وبين الجمهوريين ربما جعلت شهر عسله السياسي ينتهي فور نزوله عن المنصّة. ولكن ماذا عن الخطاب الثاني، خطاب الرئيس أوباما للعالم؟ على عكس خطابه الداخلي، أتى الجزء الخارجي، الصغير جداً والذي لم يتعدَّ الفقرة ليشدّد على ما قاله الرئيس للشعب الأميركي. الرئيس أوباما يتطلّع إلى الداخل وهو يريد أن يكون إرثه السياسي في إعادة بناء أميركا ولكي ينجح في ذلك يجب أن يتصالح مع العالم لكي تتوافر لديه القوة والموارد اللازمة لتأمين النجاح. وإذا كان خطابه الداخلي مجبولاً بالتحدي أتى خطابه الخارجي ضعيفاً وربما يسيء العالم قراءته ويعتقد أن أميركا ستنكفئ على نفسها ولن تواجه التحديات الكثيرة اليوم لها ولحلفائها حول العالم.
فالرئيس الذي أنهى حرباً أميركية العراق وفي طريقه إلى إنهاء الأخرى أفغانستان يعتبر أن"الأمن والسلام الدائمين لا يتطلبان حرباً دائمة". فهو يعلم أن الشعب الأميركي تعب من الحرب على أرض الآخرين ودفع ثمناً باهظاً في الأرواح"ويعرف الثمن الذي دُفع للحرية". ويعتبر نفسه وريث الذين"ربحوا السلام وليس فقط الحرب، وحوّلوا أعداء لدودين إلى أصدقاء موثوقين"، وهو سيسير على خطاهم"ويجب أن نحمل هذه الدروس إلى يومنا هذا".
السلام مع الآخرين
وبعدما أكد"أننا سندافع عن شعبنا ونحافظ على قيمنا من خلال قوة السلاح وحكم القانون"، قال:"إننا سنتحلى بالشجاعة لنحاول أن نحلّ خلافاتنا مع الدول الأخرى سلمياً، ليس لأننا سذاج حول الأخطار التي نواجه ولكن لأن التواصل يستطيع تبديد الشكوك والخوف على المدى الأطول". لكن المشكلة بالنسبة إلى أوباما هي أن سياسة"التواصل"التي تبناها في ولايته الأولى لم تؤدِّ إلى أي نتيجة وأبرز مثل هو سياسة مدّ اليد إلى سورية وإيران التي لم تجد يداً مقابلة في إيران، وهدّد اللهيب السوري بإحراق الأخرى.
وحاول أوباما أن يطمئن الحلفاء حين أكد أن"أميركا ستبقى الركيزة للتحالفات القوية في كل زاوية على وجه الأرض. وسنجدّد هذه المؤسسات التي توسّع قدرتنا على إدارة الأزمات في الخارج لأنه ليس لأحد مصلحة أكبر من مصلحة الدولة الأقوى في عالم سلمي". إن ما قصد به الطمأنة من أن أميركا هي"الدولة الأقوى"، يثير القلق لأن الرئيس الأميركي يتحدث عن"إدارة الأزمات في الخارج"، وليس حلّها. فإذا كان الدور الأميركي سيقتصر على إدارة الأزمة فإن أياً من أزمات المنطقة لن تجد حلاً بل سيجري فيها الحفاظ على الوضع الراهن.
والرئيس أوباما هنا وكأنه يتحدث بروحية ملهمه الروحي الرئيس أبراهام لينكولن الذي قال في خطابه في حفل تنصيبه لولايته الثانية"من دون ضغينة تجاه أحد، وبالحسنة للجميع"، دعا إلى"تضميد جراح الأمة وعمل كل ما يحقق السلام العادل والدائم ويقدّسه بين بعضنا ومع جميع الأمم".
اللافت في الخطاب تأكيد الرئيس أن بلاده ستدعم"الديموقراطية من آسيا إلى أفريقيا ومن الدول الأميركية اللاتينية إلى الشرق الأوسط، لأن مصالحنا وضمائرنا تجبرنا على العمل باسم أولئك الذين يتطلعون إلى الحرية".
منتقدو إدارة الرئيس أوباما الأولى كانوا يأخذون عليها عدم دعم أجندة الديموقراطية بل الابتعاد عنها لأنها كانت أصبحت مرتبطة باسم الرئيس السابق جورج بوش. سيكون مهماً في خطاب الرئيس أوباما المقبل حول"حال الأمة"الذي يلقيه أمام الكونغرس أن نعلم كيف ينوي دعم الديموقراطية ومساعدة الذين يتوقون إليها إذا كانت أنظمة الحكم في بلادهم تستخدم الرصاص والمدافع والطائرات لإسكات أصواتهم بدلاً من صناديق الاقتراع.
في حفل التنصيب تمنّت السيدة التي قرأت الدعاء له في ولايته الثانية أن يتحرك"بشجاعة ولكن بحذر". والرئيس أوباما تحرك خلال ولايته الأولى بالكثير من الحذر. أما في خطابه إلى الشعب الأميركي فقد أظهر الكثير من الشجاعة الخارجة من رحم الحرية الجديدة التي ربحها بفوزه وبتحرره من عبء الحالات الانتخابية. وفي خطابه إلى العالم، أظهر الحذر نفسه، ولكن العالم يتطلع اليوم إلى شجاعة رئيس يكون إرثه التاريخي بلا حدود تماماً مثل آماله للشعب الأميركي.
* مستشارة في الشؤون الدولية - واشنطن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.