أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عبدالعزيز الغريض    الإبراهيم يجتمع مع وزيرة التخطيط والتنمية في جمهورية إثيوبيا    هدف الهلال.. إيزاك يطلب الرحيل عن نيوكاسل يونايتد    وزارة الرياضة تخصص أندية الأنصار والخلود والزلفي وتفتح المجال لبقية الأندية    انطلاق معرض "المدينة المنورة للكتاب" 29 يوليو    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي وزيري الخارجية والداخلية الأفغانيين في كابل    برعاية الرئيس السوري.. المنتدى الاستثماري السعودي - السوري يبدأ أعماله في دمشق    أسواق الأسهم الآسيوية تواصل مكاسبها معززة بأرباح قطاع التكنولوجيا    هل نكتفي بالظهور في وسائل الإعلام؟ أم نصنع تأثيرًا حقيقيًا؟    رسميًا.. فيرمينو ينضم إلى السد القطري    دول ومنظمات إسلامية وعربية تدين مصادقة الكنيست على فرض "السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية    تحطم طائرة الركاب الروسية المفقودة    الإحصاء: ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 6.0% في مايو 2025م    وزارة الطاقة تطلق مسرعة لدعم ريادة الأعمال وتشجيع الشركات الناشئة في القطاع    أعيان صبيا يهنئون رئيس البلدية الجديد ويناقشون سبل التنمية    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    الإحسان الطبية تنفذ مشروع «الإستشاري الزائر» في مستشفى صامطة العام    إدانة عربية إسلامية على مصادقة الكنيست الإسرائيلي بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة    الصندوق العقاري يودع مليارا و51 مليون ريال لمستفيدي برنامج الدعم السكني    برعاية أمير الباحة تنظيم مسابقة الدرمحي لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية    انطلاق فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون في الأردن    أبوظبي تفتتح قريبًا أحد أكبر تجمعات التجارب الثقافية بالعالم    رخصة "موثوق" لعبت دورا كبيرا في حماية السوق من الإعلانات الاحتيالية    اجواء شديدة الحرارة على معظم مناطق المملكة مع رياح مثيرة للاتربة    ترامب يشترط فتح الأسواق الأوروبية أمام الشركات الأمريكية    حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منظمة الصحة العالمية تنفي انتهاك السيادة الأمريكية    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    أكدت تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة.. "الموارد البشرية": تطوير برنامج الرعاية الاجتماعية المنزلية    موجز    أمازون السعودية تُطلق 7 أيام متواصلة من عروض "يوم برايم 2025" الحصرية لأعضاء برايم من 25 – 31 يوليو    واست رئيس بنغلاديش في ضحايا سقوط الطائرة.. القيادة تهنئ الرئيس المصري بذكرى اليوم الوطني لبلاده    فرنبخشة يتغلب على الاتحاد برباعية في أولى وديات معسكر البرتغال    انطلاق بطولة الهيئات المفتوحة لرفع الأثقال في الرياض بمشاركة 94 لاعباً ولاعبة    "الداخلية" تعلن فتح تحقيق في انتهاكات السويداء.. لا إعدامات جماعية في سوريا    تعاون سعودي – سريلانكي في مجالات الإعلام    الشهري ينال الماجستير بامتياز    بين ضغوط ترمب ومواقف متصلبة.. محادثات بين موسكو وكييف في إسطنبول    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    وسط تحذيرات دولية وركود في مفاوضات الهدنة.. غزة على شفا مجاعة جماعية    الصنهاج والزهراني يحتفلان بزواج ريان    بالتنسيق مع 5 وزارات تمهيداً لوضع الإجراءات.. "البلديات" تشترط عدم كشف مساكن العمالة للجيران    اختيار سلمان: هكذا أطلق صقره ليحلق بالوطن    «سلمان للإغاثة» يوزّع (840) حقيبة إيوائية في منطقتين بإقليم جامو وكشمير في باكستان    أواصر راسخة    ابن فرحان يتلقى رسالة من لافروف واتصالاً من وزير الخارجية البريطاني    المبعوث الأميركي: المطلوب قرار من حكومة لبنان لحصر السلاح    «سوار الأمان».. حلول ذكية في المسجد الحرام    القيادة تعزي رئيس بنغلاديش    "الشعفي" يُرزق بمولودته الأولى "سما"    تركي آل الشيخ يعلن فعاليات رياضية عالمية ضخمة في موسم الرياض المقبل    أمير جازان ونائبه يتفقدان مشروعات فيفاء    155 ألف مستفيد من خدمات مستشفى ينبع    سبعة آلاف طفلٍ في مركز ضيافة المسجد النبوي    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    "هلال مكة" يفعل مساراته الطبية الإسعافية القلبية والدماغية    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة فيفاء    السعودية ترحب بمطالبة دولية لإنهاء حرب غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكآبة الآن : سقوط النماذج وصعود النوم وانتظار "غودو" الأدوية !
نشر في الحياة يوم 30 - 11 - 2012

الكآبة الآن، في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، تعاني زمناً علمياً صعباً، بل ربما مأسوياً. إذ تعيش أدوية علاج الكآبة مع ما يرافقها من نظريات علمية ونماذج أساسية في البحوث على وقع انهيارات ضخمة.
على غرار سقوط النماذج وأوهامها في الفكر والفلسفة، تعاني الكآبة سقوط النماذج في العلم المتّصل بها. لنبدأ بالأقرب. بعد أن علت ثم خبت نبرة الانتصار على الكآبة مع اكتشاف"بروزاك"العام 1974، مال العلماء الى اعتبار الربط بين الكآبة ومستوى مادة معيّنة في الدماغ، هي ال"سيروتونين"، أمراً شبه بديهي. واصل العلماء تحسين مجموعة من الأدوية التي تعمل عبر زيادة تركيز هذه المادة في الدماغ. ثم تغيّر الأمر، وظهر أن دواء مثل"ستابلون"يتمتع بالفاعلية في علاج حالات من الكآبة، والمفاجأة أنه لا يعمل عبر ال"سيروتونين"!
في نفسٍ مُشابه، تتداول الأوساط العلمية تصريحاً لتوماس إنسِل، مدير"المعهد الوطني الأميركي للصحة العقلية"، أعرب فيه عن اقتناعه بأن"الغالبية الكاسحة من الأدوية النفسية اكتُشِفَت عن طريق المصادفة. لم يصنع العلماء أبداً أي عقار لمرض نفسي انطلاقاً من فهم للآلية المرضية المتّصلة به"، بحسب كلماته التي لا تخلو من الدلالة على مأزق ما تعيشه أدوية علاج الأمراض النفسية، ومنها الكآبة. ليس كثيراً القول أن انتظار"غودو"الأدوية بالاقتباس من عنوان شهير للإرلندي صامويل بيكيت عن انتظار ما لا يأتي التي تأتي من طريق تحسين أدوية سابقة، ربما سقط بقوة.
ثمة مأزق ربما كان أشد قسوة، يتعلّق بالنماذج التي يستعملها العلماء في درس الأمراض النفسية. في حال الكآبة، ترسّخ طويلاً نموذج"الفأر الطافي"عندما يصل الحيوان الى مرحلة يكفّ فيها عن بذل جهد للنجاة من غمر الماء، مكتفياً بمجرد الطفو، وسقط هذا النموذج أخيراً. يكفي الرجوع الى مجريات مؤتمر 2012 ل"الجمعية الأميركية لعلم الأعصاب"الذي استضافته مدينة نيوأورليانز بولاية لويزيانا أخيراً، للتعرّف إلى هذا السقوط المُدوّي. وكذلك خصّصت"الجمعية الأميركية لتقدّم العلوم"عدداً من مجلتها الشهيرة"ساينس"، لتناول الكآبة المرضيّة. وفي مسار مُشابه، يروّج موقع"نايتشر"حاضراً لنموذج لدراسة الكآبة يرتكز إلى أثر الضوء عبر تعاقب الليل والنهار على الدماغ، مع التشديد أيضاً على دور النوم!
ثمة استطراد مهم. تُعبّر النماذج أيضاً عن الطريقة التي يفهم بها العلماء عمل الدماغ، وعلاقته مع التفكير والعواطف والمزاج والتعلّم وغيرها. ثمة ميل ظهر أخيراً للعمل على مسألة"التحفيز العميق للدماغ"عبر وضع أسلاك كهربائية في مناطق معيّنة من الدماغ يُعتَقَد بعلاقتها مع الإدراك والعواطف والمزاج، ثم تُحفّز كهربائياً. ومع نجاح هذه الطريقة في علاج أمراض نفسية تتضمّن الكآبة، رأت هيلين مايبرغ، وهي اختصاصية في"جامعة إموري"بولاية أتلانتا، أن هذا النجاح يبرهن ان المفهوم الراسخ عن علاقة عمل الدماغ واضطراباته بمواد كيماوية معيّنة فيه، يتهاوى كليّاً. وشدّدت على أن سقوط"المفهوم الكيماوي"، يحفّز على ضرورة التفكير في مقاربة مختلفة لفهم العلاقة بين الدماغ والفكر والعواطف، ترتكز الى التكامل الديناميكي التفاعلي في هذا العضو المُعقَّد. وأيّاً تكن البدائل، لا أقل من القول أن عقوداً طويلة من ركون العلم الى التصوّر الكيماوي لعمل الدماغ وآليات مرضه، تتهاوى الآن بطريقة مُدوّية.
ثمة أشياء كثيرة لتقال، بعضها ربما كان أكثر تفاؤلاً من الكلمات السابقة، لكن هذه المعطيات تفيد في فهم تعقيد ظاهرة الكآبة. وبعد آلاف السنوات من أحد أقدم توصيفاتها في"ملحمة جلقامش"الشهيرة، ما زالت الكآبة تنتشر وتتصاعد، متجاوزة الشرائح الاجتماعية والحدود الجغرافية والفوارق الجنسية والعمرية والعرقية، والطبقية وغيرها. ما زالت الكآبة، تُعيي من يداويها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.