اختتام بطولة غرب المملكة للملاكمة والركل بمشاركة 197 لاعباً ولاعبة وحضور آسيوي بارز    الباحة في سجل الحجيج.. طرق تاريخية عمرها أكثر من ألفي عام    النفط يتعافى مع مؤشرات بتراجع التوترات الجيوسياسية    الحجي متحدثاً رسمياً للنادي الأهلي    محافظ جدة يستقبل مجلس إدارة الأهلي واللاعبين    نجوم الرياض وهوكي جدة يتوجان في بطولتي الهوكي للنساء والرجال بالمنطقة الغربية    9.5% تراجعا في تمويل واردات القطاع الخاص    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    مبابي وبلينجهام يقودان ريال مدريد للفوز 2-0 على إشبيلية    "الداخلية" تصدر قرارات إدارية بحق (17) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج    مراقبة التنوع الأحيائي بساحل البحر الأحمر    نسخة رابعة من جائزة الحكومة الرقمية    رئيس الوزراء العراقي يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    وكيل وزارة التعليم: مشاريع طلابنا في آيسف أبهرت العالم    تعليم الطائف يستعرض خطة التحول في منظومة إدارات التعليم مع أكثر من 1700 مدرسة    الشارقة الإماراتي يتوج بطلًا لدوري أبطال آسيا 2 للمرة الأولى    بوتين: هدفنا من حرب أوكرانيا هو السلام    وزير الخارجية ونظيره التركي يترأسان الاجتماع الثاني للمجلس التنسيقي    جناح جمعية تعظيم في معرض "نسك هدايا الحاج" يشهد إقبالاً كبيرا من الزوار    انطلاق مهرجان القراءة الحرة بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة    تجاوز مستفيدي مبادرة طريق مكة مليون حاج منذ إطلاقها    الراجحي يُطلق رخصة العمل التطوعي ويدشّن مرصد خدمة ضيوف الرحمن    أمير منطقة تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال 38 الاربعاء المقبل القادم    برنامج الإقراء لتعليم القرآن    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤكِّد استكمال استعدادات الرئاسة العامة لخدمة ضيوف الرحمن في موسم حج 1446ه    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف تنفذ عددًا من البرامج التدريبية لتطوير مهارات منسوبيها من مقدمي الخدمات لضيوف الرحمن في موسم حج 1446ه    مستشفى أحد رفيدة يُنظّم عدداً من الفعاليات التوعوية    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل النادي الأهلي    "هيئة الأدب" تختتم مشاركتها في معرض "الدوحة الدولي للكتاب"    استراتيجية استثمارية طموحة لأمانة حائل في منتدى الاستثمار 2025    نجاح عملية دقيقة "بمستشفى المانع بالخبر" تُنهي معاناة سيدة من كسر وعدوى مزمنة في عظمة الفخذ    كوكب أورانوس يصل إلى الاقتران الشمسي اليوم    اعتدال: أكثر من 1.2 مليون رابطٍ للتحايل على آليات رصد المحتوى المتطرّف    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 125 شهيدًا    الأهلي يُعلن بقاء يايسله لنهاية عقده    "الأرصاد" تحذر من تدنٍ في مدى الرؤية بمعظم مناطق المملكة    صحفيو مكة المكرمة يبحثون الدراسات الإعلامية بالحج    حراك شعبي متصاعد واحتجاجات في عدة مدن.. سحب الثقة من حكومة الوحدة يضع ليبيا في مفترق طرق    ترحيل 11.7 ألف مخالف وإحالة 17 ألفًا لبعثاتهم الدبلوماسية    "تقنيات الجيوماتكس" تعزز السياحة في السعودية    بدأ المرحلة الثانية من تقييم الأداء لشاغلي الوظائف التعليمية    تفقد مقر أعمال اللجنة المعنية.. مدير عام الجوازات: معالجة طلبات إصدار تصاريح الدخول لمكة بسرعة ودقة    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    50 ألف مركبة سنوياً.. مصنع سيارات متكامل ل «هيونداي» في السعودية    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    ترمب.. الأمريكي المختلف!    يبدأ زيارة رسمية إلى مصر.. رئيس مجلس الشورى: علاقات الرياض- القاهرة العريقة تنطلق من رؤية مشتركة    وصول التوأم الملتصق الفلبيني إلى الرياض    لأول مرة.. تشخيص الزهايمر بفحص عينة من الدم    «تنمية شقراء» تُكرّم داعمي البرامج والمشروعات    قوة المملكة وعودة سورية    تأكيد ضرورة توحيد الجهود للتغلب على التحديات في المنطقة العربية وإرساء السلام    مستشفى الملك فهد الجامعي يطلق أربع خدمات صيدلية    فخر يُجسّد مكانة المملكة    فهد بن سعد ومسيرة عطاء    قلب الاستثمار.. حين تحدث محمد بن سلمان وأنصتت أميركا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبنان : الطائفية التي يصنع منها جنبلاط انعطافته تصطدم مجدداً بأقلويتها
نشر في الحياة يوم 23 - 07 - 2009

يروج وليد جنبلاط في محيطه وفي"مجتمعه"ان وراء اندفاعته نحو"حزب الله"مخاوف من التمدد الديموغرافي الشيعي نحو الجبل، وأن الاندفاعة هي استباق لاحتمال"وثبة"شيعية مشابهة لتلك التي حصلت في 7 أيار مايو عام 2008. إذاً، مادة التحالف الجديد هي نفسها مادة الخصومة، أو من نوعها على الأقل. التقارب بفعل المخاوف، و"حزب الله"يدرك تماماً هذه المعادلة، والأرجح انه يستثمرها الى اقصاها، ففي لبنان الأوراق مكشوفة وكذلك المشاعر وما خلفها من نيات! فنكون والحال هذه أمام معادلة تقوم على المخاوف وسوء النية والتحسب.
ليس هذا بيت القصيد في البحث عن مادة العلاقة بين الدروز والشيعة في لبنان، او العلاقة بين الحزب التقدمي الاشتراكي و"حزب الله"، اذ لطالما كان الخبث مركباً رئيساً في العلاقات بين الجماعات اللبنانية، ولكن بيت القصيد هو ما يُستحضر في سياق الترويج لهذا التقارب في طرفي معادلته، وذلك في ظل صعوبة ترويجه وتسويقه لدى الكتلتين الشعوريتين اللتين يسعى كل من الحزبين الى مخاطبتهما.
من المؤكد ان المهمة ليست سهلة على الاطلاق، وهذا ما قاله جنبلاط اكثر من مرة، وما هو أدل من قول جنبلاط، ذلك الشريط الذي"تسرب"الى وسائل الإعلام والذي يظهر فيه الزعيم الدرزي محاولاً إقناع مشايخ دروز بضرورة المباشرة ب"المصالحة". وما يجيب به مسؤولون من"حزب الله"حول صعوبة تسويق وليد جنبلاط في حزبهم و"مجتمعهم"صحيح أيضاً، فجنبلاط كان رأس حربة المواجهة مع الحزب في السنوات الفائتة، وحملت تصريحاته وتصريحات مقربين منه قدراً من الحنق الذي لامس حدود القطيعة النهائية ليس مع"حزب الله"فقط، بل مع الشيعة عموماً.
اليوم تترافق"المصالحة"مع كلام كثير مستمد من قاموس المواجهة، فيمكنك ان تسمع من مقرب من جنبلاط كلاماً منفوخاً ومبالغاً حول قدرات"حزب الله"وحول صواريخه، ويضيف ذلك المقرب مستعملاً نون الجماعة بأضيق ما يمكن استعمالها:"بالنسبة إلينا وصل الشيعة الى ما بعد خلدة وهم اليوم يتملكون على مشارف القرى الدرزية... هم ديموغرافياً أقوى منا". وفي مقابل هذا يستعمل مسؤولون في"حزب الله""الانزياح"الجنبلاطي ويسوقونه بصفته إنجازاً يعوض خسارتهم في الانتخابات النيابية.
فما لا شك فيه ان نتائج الانتخابات أحدثت ارتجاجاً في قناعات جمهور"حزب الله"وأعادت التساؤلات عن جدوى القوة التي أقنع الحزب جمهوره بأنها وسيلته لبلوغ كل شيء، الى ان وصل الأمر بهذا الجمهور الى الانقياد وراء الحزب بصفته قوة لا تقهر، فجاءت الانتخابات وبددت جزءاً من هذه القناعة. و"حزب الله"يحاول اليوم تعويض ما خسره من معدل استلاب جمهوره بقوته، عبر الإيحاء بأنه تمكن من شق 14 آذار ومن حرمانها من غلبتها.
ولعل أبشع صور التقارب بين جنبلاط من جهة، و"حزب الله"وحركة"أمل"من جهة ثانية، هو القاموس المستعمل لتسويق التحالف، فالصور التي تجمع المتصالحين والتصريحات التي يتولى مطلقوها ترويج التقارب، يستظل خلفها شعور عقيم بالتباعد والخوف يتولد منه خطاب كراهية عقيم فعلاً. فالحديث عن أنواع الأسلحة التي بحوزة"حزب الله"في مجتمع النخبة الجنبلاطية لا يرقى الى مستوى الخوف على لبنان، انما الخوف على طوائفه مستثناة منها الطائفة الشيعية، فهؤلاء في الثقافة الجنبلاطية في عهدة"حزب الله"وهو حر بالتصرف بمصائرهم، انه حرفياً ما ورد على لسان واحد من وجوه هذه النخبة، إذ قال في معرض حديثه عن مفاعيل القرار الدولي الرقم 1701 والذي من المفترض ان يكون تطبيقه قد أفضى الى ابتعاد الشبكة الصاروخية ل"حزب الله"في جنوب لبنان الى شمال نهر الليطاني، إن وجود هذه الصواريخ اصبح الآن مهدداً لغير الشيعة من السكان. ففي شمال الليطاني يقيم، إضافة الى السكان الشيعة، مواطنون من طوائف اخرى، من غير المنطقي بحسبه ان يدفعوا أثمان انتشار هذه الصواريخ في مناطقهم، أما الشيعة فهم خارج منطقة مخاوفه.
حساسية أخرى تحرك الاندفاعة الجنبلاطية باتجاه"حزب الله"وحركة"أمل"وهي ذلك المركب العميق والغائر والتاريخي الذي يعوق أي دفء في العلاقة بين الزعامة الجنبلاطية وبين المسيحيين في جبل لبنان. فالحقبات التي شهدت تقارباً بين مركبي السياسة في جبل لبنان الجنوبي في تاريخ لبنان الحديث كانت استثناء، في حين كان التنافس والخصومة هما القاعدة. مسيحية الجبل تلغي درزيته، والزعامة الجنبلاطية لطالما سعت اثناء سعيها لتعدي مضمونها الدرزي الى موازنة التفوق الماروني في الأعداد والقدرات. فالقدر الأقلوي لهذه الزعامة أعاق طموحاتها في حقبات كثيرة، ومثل انتكاسة في حقبات أخرى. ولنراجع نتائج الانتخابات الأخيرة والتي من المفترض أن يكون التحالف الذي ضم جنبلاط، فاز فيها، لكن كتلة جنبلاط تراجعت من 18 نائباً الى 11، وهو رقم مرشح للتراجع اكثر في حال استمرت الاحزاب المسيحية في السعي الى استعادة مواقع جديدة لها في القادم من الانتخابات.
لعل أبرز ما يمكن استخلاصه من التصور الجنبلاطي للموقع المسيحي في جبل لبنان يتمثل في التذمر من عودة الاحزاب المسيحية على حساب شخصيات كانت بدأت تتكرس خلال فترة غياب هذه الاحزاب القسري، إذ ان تلك الشخصيات وبغض النظر عن مواقع متقدمة لعدد منها، شغلت الفراغ الذي خلفه تهميش السوريين زعماء المسيحيين، إضافة الى إقصائهم احزابهم، فتوسع جنبلاط في منطقة التمثيل المسيحي. والانسحاب السوري، والذي كان لجنبلاط دور فيه من دون شك، أعاد هذه الاحزاب، وإذا كان من المفترض ان يُراعى موقع جنبلاط في هذه العودة، لكن الواقع اللبناني لا يتيح مبالغة في المراعاة. فمكافأة جنبلاط على دوره لا يمكن أن تتم عبر تسليمه زعامة المسيحيين، بل عبر موازنة بين حجمه السياسي وحجمه الطائفي، وهذا ما هو حاصل الآن على كل حال. لكن يبدو أن انتظارات جنبلاط سابقة على التحول المسيحي في إمارة جبل لبنان في القرن الثامن عشر، يوم تبدلت معادلة الإقطاعية الدرزية المرتكزة على رعايا موارنة.
لكن اللافت في"الحراك الجنبلاطي"مع ملاحظة ان تعبير"الحراك"يردنا الى ما ابتكرته النزعة الانفصالية المستجدة في اليمن الجنوبي، بصفتها حنيناً الى جمهورية قبائل اليسار في عدن، وهو حنين مواز ومشابه لحنين جنبلاط المستجد الى ذلك الماضي، هو سعيه الى مشابهة المسيحيين اثناء ابتعاده منهم، في مقابل تثبيت اختلافه عن المضمون الاجتماعي الذي يمثله"حزب الله"اثناء سعيه الى الاقتراب من هذا الحزب.
انها معادلة العودة الى المادة الأولى التي تتشكل منها الطائفية اللبنانية، أي تلك التي سعت الجمهورية بصيغتها الأولى الى استبدالها، او على الأقل تلطيفها بما اعتقدت انها سياسة.
اللقاء الذي جمع نصر الله وجنبلاط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.