تباينت مواقف الاطراف السياسية العراقية في شأن اعلان الرئيس باراك اوباما سحب القوات القتالية من العراق خلال 18 شهراً مع الابقاء على قوات للتدريب الى نهاية 2011. ورحب العراقيون، عموماً، بالتزام واشنطن سحب قواتها وفقاً للخطة التي اعلنها اوباما، لكنهم اكدوا في الوقت ذاته استمرار الحاجة الى دعم المجتمع الدولي، خصوصا الاميركي، الذي يتحمل"عبئا كبيرا"في هذا المجال. ومع انتقاد التيار الصدري تراجع اوباما عن وعوده بسحب كل القوات خلال 16 شهراً، أعرب رئيس"جبهة التوافق"عدنان الدليمي عن خشيته من أن يتيح"الانسحاب المبكر الفرصة لإيران لاحتلال العراق تحت ذرائع سد الفراغ الامني". وقال ياسين مجيد المستشار، الإعلامي لرئيس الوزراء نوري المالكي، إن الرئيس الأميركي أطلع المالكي على خطته بشأن سحب القوات الأميركية من العراق قبل الإعلان عنها الجمعة. وأوضح أن أوباما والمالكي بحثا في اتصال هاتفي سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين على كل الأصعدة، خصوصاً"تسليح القوات العراقية وتجهيزها كي تتمكن من حفظ الأمن والاستقرار في البلاد والتصدي للارهابيين وحماية البلاد من التهديدات الاجنبية"كما ذكر بيان رسمي. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع العراقية محمد العسكري ل"الحياة"ان وزارته كانت اعدت منذ وقت مبكر خططاً بديلة في حال حصول اي انسحاب اميركي مفاجئ"ونقلت وكالة"فرانس برس"عنه ان قرار الانسحاب"لم يكن مفاجئاً. فالقوات العراقية قادرة على التعامل مع الملف الامني، في حال الانسحاب وفق ما اعلنه الرئيس اوباما". وأضاف ان"قواتنا نجحت خلال العامين الماضيين في ضمان امن عاشوراء والانتخابات المحلية، والعمليات العسكرية ... واثتبت جداراتها من دون الحاجة الى القوات المتعددة الجنسيات التي اقتصر دورها على الدعم الجوي". واكد ان"هذا الانسحاب سيتعزز مع دعم المؤسسة العسكرية بالتسليح والتدريب وتأمين المعدات والاسلحة المتطورة للجيش العراقي مما سيمكنه من تأديته المهمات الموكلة اليه". واعلن ان"صفقات عسكرية ستصل على امتداد فترة الانسحاب من دول لديها صناعة متطورة، كالولاياتالمتحدة واوروبا، ستجعل من الجيش العراقي مشابهاً لجيوش حلف شمال الاطلسي". من جهته قال اللواء الركن عبدالكريم خلف، مدير مركز القيادة الوطنية في وزارة الداخلية في تصريحات امس إن وزارته"اعدت خطة متكاملة لهذا الغرض، حيث يمكنها السيطرة الكاملة على المدن العراقية كافة في حال انسحاب القوات الاجنبية من العراق وفق الجداول الزمنية التي تضمنها اتفاق سحب القوات". ووقعت الحكومة العراقية في 13 كانون الأول ديسمبر الماضي اتفاقاً أمنياً مع الولاياتالمتحدة ينظم انسحاب قواتها من العراق بحلول العام 2011. وقال القيادي في"حزب الدعوة"حسن السنيد إن الحكومة والبرلمان العراقيين سيرحبان بانسحاب مبكر للقوات الأميركية. واضاف السنيد، وهو عضو لجنة الامن والدفاع في البرلمان، ان"أي قوات أجنبية ستبقى بعد الانسحاب ستكون لتدريب القوات الأمنية العراقية". ورحب نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ب"التزام الادارة الاميركية بسحب قطاعاتها من العراق"داعياً الى"بذل اقصى جهد ممكن من اجل تطوير جاهزية القوات المسلحة العراقية". لكنه في المقابل، شدد على ان"حاجة العراق الى المجتمع الدولي ستبقى قائمة لبعض الوقت من اجل بناء دولة المؤسسات والقانون، وعلى الولاياتالمتحدة يقع عبء كبير في هذا المجال". وافاد مكتب الهاشمي انه تلقى اتصالا من وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون التي اكدت ان"سحب القوات يأتي طبيعيا في ظل التحسن الامني ورغبة الادارة في التحول من الجهد العسكري الى الجهد المدني والإنساني في اعادة اعمار العراق". الى ذلك، اعتبرت"جبهة التوافق"اعلان اوباما"متسرعا"ويحتاج الى بعض الدراسة والتروي. وقال القيادي في الجبهة عدنان الدليمي في تصريح الى"الحياة"ان"اعلان انسحاب مبكر من البلاد في هذا التوقيت سيتيح لإيران الفرصة في احتلال العراق تحت ذرائع سد الفراغ الامني الذي سيخلفه انسحاب القوات الاميركية". واضاف ان"قواتنا الامنية ما زالت غير جاهزة لتولي الملف الامني في البلاد بشكل نهائي، لأنها ما زالت في طور التشكيل والبناء". واشار الى ان"مثل تلك التصريحات الخطيرة تحتاج الى دراسة عميقة للبحث في نتائج الانسحاب المبكر من البلاد". واستدرك قائلاً:"لا نعارض فكرة انسحاب القوات الاجنبية من العراق لكن نريد انسحاباً متأنياً ومدروسا". وانتقد التيار الصدري تراجع اوباما عن الوعود التي اطلقها قبل فوزه بمنصب رئيس الولاياتالمتحدة. وقال المتحدث باسم الكتلة الصدرية احمد المسعودي في اتصال مع"الحياة"ان"اوباما تراجع عن وعوده السابقة في الانسحاب من البلاد في غضون 16 شهرا". واضاف ان"اوباما اشار الى انسحاب القوات المقاتلة فقط والابقاء على 35 -50 الف جندي، أي ان الانسحاب لن يكون كليا وانما بشكل جزئي، الأمر الذي نرفضه بشدة"، لافتاً الى ان"قواتنا الامنية والعسكرية قادرة على حفظ امن البلاد اذا ما انسحبت القوات الاجنبية المحتلة منها". الى ذلك طالبت كتلة"التحالف الكردستاني"درس امر الانسحاب بشكل دقيق. وقال النائب الكردي عبدالخالق زنكنه ل"الحياة":"نحن ملتزمون بتأييد الاتفاق الامني الذي ابرم بين الحكومة العراقيةوالولاياتالمتحدة في تنظيم عمل القوات الاجنبية في البلاد". وتابع:"كتلتنا ستدرس تصريحات اوباما وستعلن موقفها الرسمي ازاءها لاحقا". ورحبت كتلة"الفضيلة" بقرار الرئيس الاميركي، وقال رئيس الكتلة في مؤتمر صحافي عقده في مقر البرلمان ان اعلان اوباما سحب القوات من العراق واستكماله بحلول عام 2011 صائب". نشر في العدد: 16767 ت.م: 01-03-2009 ص: 10 ط: الرياض