دافع الرئيس جورج بوش عن الاستراتيجية الاميركية في الحرب معلناً تعليق عمليات الانسحاب من العراق وتقليص مدة مهمات الجنود الاميركيين فيه وافغانستان الى 12 شهراً، في وقت يبدي الديموقراطيون استياء متزايداً من الحرب"بلا نهاية"التي تخوضها الادارة الاميركية في العراق ويتهمون بوش بأنه سيترك"مأزقا"إرثاً لخلفه. وبعد نقاش متواصل في الكونغرس حول العراق ألقى بوش بياناً في البيت الابيض أيد فيه توصية قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس باستكمال سحب محدود للقوات بحلول تموز يوليو ثم فرض تجميد لحجم القوات مدته 45 يوماً لتقويم الموقف الامني. وتأتي كلمة بوش بعد التقرير الذي قدمه بترايوس والسفير الاميركي في بغداد راين كروكر الى الكونغرس حول الوضع العراقي. وكان بوش التقى بترايوس وكروكر على مأدبة افطار في البيت الابيض صباح أمس قبل الادلاء ببيانه. واوضح بترايوس الاربعاء امام مجلس النواب انه من غير المرجح ان ترسل الولاياتالمتحدة تعزيزات مجددا الى العراق حتى لو سُجل تدهور امني فيه. وقال:"انها فكرة بعيدة كل البعد عني لأسباب عدة". وتابع:"من هذه الاسباب الاعتبارات الاستراتيجية. ومن الاسباب الاخرى ايضاً انه من الواضح ان لدينا القدرة على تحريك بعض القوات سواء القوات العراقية او قواتنا وهذا ما سنحتاج بالتأكيد القيام به". ولفت الجنرال بترايوس الى ان ارهاق القوات نتيجة ارسالها في مهمات طويلة ومتكررة كان من الاعتبارات الاستراتيجية التي حملته على التوصية بتجميد سحب القوات. وحذر القادة العسكريون الاميركيون صراحة من ان الطلب المتواصل على القوات البرية في العراق يعيق جهوزية الجيش للتعاطي مع اوضاع اخرى مثل افغانستان. ودعوا للعودة الى مناوبات من 12 شهراً في اقرب وقت ممكن لتخفيف الضغوط عن القوات البرية التي تحملت اعباء خمس سنوات من الحرب. وقال قائد الجيش الاميركي الجنرال جورج كايسي انه سيكون من الممكن العودة الى مناوبات اقصر في وقت لاحق هذه السنة بعد اتمام سحب التعزيزات. وكان كروكر وبترايوس أكدا الأربعاء امام الكونغرس ان زيادة القوات خفضت العنف، وان الفصائل العراقية تتجه الى المصالحة على رغم أن ذلك يجري بخطى بطيئة. واعترف بترايوس بأن قادة"القاعدة"ما زالوا"يعتبرون العراق جبهة مركزية في استراتيجيتهم العالمية ويرسلون التمويل والتوجيه والمقاتلين الاجانب الى العراق". وأضاف من الواجب الاستمرار في ممارسة ضغوط لمنع"القاعدة"من تجميع صفوفها في العراق. لكن النواب الديموقراطيين شككوا، في أسئلتهم الى كروكر وبترايوس، بإمكان تغلب الولاياتالمتحدة على التهديد الحقيقي لأمنها الذي تمثله"القاعدة"في باكستانوافغانستان وهي لا تزال مقيدة في العراق، وأبدوا استياء متزايداً من الحرب"بلا نهاية"التي تخوضها الادارة الاميركية في العراق ويتهمون الرئيس بأنه سيترك"مأزقا"إرثاً لخلفه. وصرح السناتور الديموقراطي جو بيدن خلال جلسة الاستماع الى الجنرال بترايوس في الكونغرس انه ليس هناك"نهاية في الأفق"للوضع في العراق، ما يثير غضب الديموقراطيين المؤيدين لانسحاب سريع. وقال زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد الاربعاء:"حين يزداد العنف يقول الرئيس انه لا يمكننا اعادة الجنود الى البلاد. وحين يتراجع العنف يقول الرئيس ايضا انه لا يمكننا اعادتهم". وتابع ان"الرئيس بوش لديه استراتيجية خروج لرجل واحد له هو نفسه في 20 كانون الثاني يناير 2009". من جهته اتهم السناتور الديموقراطي ديك دوربن ادارة بوش بأن خطتها تقتصر على"ترك المأزق العراقي للرئيس المقبل". وحذرت المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون، معلقة على الاتفاق الاستراتيجي الذي يجري التفاوض بشأنه حاليا بين بغداد وواشنطن حول الوجود الاميركي في العراق بعد 31 كانون الاول ديسمبر:"يجب ان لا يلزم الرئيس بوش الرئيس المقبل باتفاق يمدد التزامنا في العراق الى ما بعد ولايته". وركز النواب الديموقراطيون مجددا انتقاداتهم على موضوعين يهمان الرأي العام الاميركي هما كلفة الحرب الباهظة بينما تواجه البلاد خطر الانكماش الاقتصادي، وهشاشة وضع القوات المسلحة بعد ست سنوات من المعارك في افغانستانوالعراق، كما جاء في كلمة رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب ايك سكلتون الذي قال:"هذا البلد يواجه مستوى قياسيا من العجز في الموازنة في حين حقق العراقيون فائضا في الموازنة بسبب العائدات النفطية بدل ان يستخدموا هذه المبالغ لتمويل خدمات". وتساءل:"في ظل هذه الظروف وعلى ضوء المخاطر التي تحدق بوضع قواتنا المسلحة، لماذا يجدر بنا الابقاء على وجود مكثف في العراق؟". وتابع:"نظرا للاحتياجات في افغانستان، فإن الجهد الجاري في العراق بالرغم من اهميته يهدد قدرتنا على التغلب على الجهات التي يرجح اكثر من سواها ان تهاجمنا"معتبرا ان"العراق يمنعنا ايضا من ان نتهيأ بشكل فاعل لخوض نزاعات اخرى".