على رغم الهدوء النسبي في مناطق العاصمة العراقية، تواصل استهداف "المنطقة الخضراء" المحصّنة وسط بغداد، ما أسفر عن سقوط خمسة جرحى، في حين أعلن مدير العمليات في وزارة الدفاع العراقية وصول تعزيزات عسكرية جديدة الى مدينة البصرة للمشاركة في عمليات لتطهيرها من"المجرمين والمطلوبين ومن حملة السلاح"، على رغم توقف القتال فيها بعد يوم من مطالبة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أتباعه بالغاء المظاهر المسلحة. وأوضح مدير العمليات في وزارة الدفاع اللواء الركن عبدالعزيز محمد خلال مؤتمر صحافي في بغداد أن القوات العراقية المسلحة ستبدأ"اعتباراً من اليوم الاثنين بتطهير جملة من المناطق في البصرة من المجرمين والمطلوبين للقانون، ومن حملة السلاح". وتابع أن"التعزيزات للعمليات في البصرة تكاملت امس، وسنبدأ بعمليات التطهير والتفتيش"، مشيراً الى أن"العمليات في المدينة لن تنتهي حتى يستقر الوضع ويكون آمناً". وفي العاصمة العراقية، أعلن الجيش الأميركي مقتل 41"مجرماً"في شرق بغداد وشمالها خلال قصف جوي واشتباكات أول من أمس، بينهم 25 مسلحاً كانوا في موقع لاطلاق قذائف الهاون والصواريخ باتجاه"المنطقة الخضراء"وأحياء أخرى في العاصمة. وترتفع بذلك حصيلة المواجهات التي استمرت ستة أيام بين قوات الأمن العراقية تدعمها وحدات أميركية والميلشيات الشيعية في بغدادوالبصرة والمدن الأخرى، الى اكثر من 320 قتيلاً بينهم 140 في بغداد وحدها. وأكد الجيش الاميركي أن جنوده كانوا يلاحقون مناطق انطلاق الصواريخ وقذائف الهاون في شرق بغداد الاحد عندما تعرضت احدى آلياته الى انفجار عبوة اسفرت عن اصابة احد الجنود الاميركيين. وأشار بيان للجيش الى أن الجنود عثروا على عبوة ثانية في المكان وتعرضوا لهجوم بالهاون والصواريخ، والأسلحة الخفيفة. وأكد أن"فريق مكافحة الهاون رصد على سطح أحد المنازل مصادر اطلاق الصواريخ ... ما حتّم استدعاء الدعم الجوي لقصف المكان، ما أسفر عن مقتل 25 مجرماً". وفي شمال شرقي بغداد، أشار البيان الى مقتل ثمانية"مجرمين"عندما هاجموا جنوداً أميركيين في حادثين منفصلين احدهما في الكاظمية. كما قُتل ثمانية"مجرمين"في سلسلة هجمات استهدفت قوات أميركية. وكان زعيم"جيش المهدي"مقتدى الصدر أمر اتباعه ب"الغاء المظاهر المسلحة"، معلناً"براءته"ممّن يحملون السلاح ويهاجمون مؤسسات الحكومة ومكاتب الأحزاب. ورحب رئيس الوزراء نوري المالكي بقرار الصدر معتبراً اياه"خطوة في الاتجاه الصحيح"، وشدد على أن"العملية الامنية في البصرة لا تستهدف انصار الصدر"بالتحديد. واندلعت مواجهات في 25 آذار مارس الماضي عندما أمر رئيس الوزراء نوري المالكي بشن عملية عسكرية ضد الخارجين عن القانون في البصرة، أحد معاقل"جيش المهدي". وسرعان ما توسعت دائرة القتال لتشمل عدداً من المدن الشيعية في الجنوب ومدينة الصدر، أهم معاقل الميليشيا الشيعية في العراق. وفي غضون ذلك، قال سليمان الفريجي مسؤول مكتب الصدر في بغداد ل"فرانس برس"إنه"على رغم الالتزام باخفاء المظاهر المسلحة، ومحاولة بسط الأمن عن طريق مكتب الصدر في عموم العراق، فان ردود فعل القوات الاميركية بمساعدة القوات العراقية تمثلت بقصف عشوائي وعمليات دهم". ولم يكن ممكناً الحصول على تأكيد لهذه المعلومات من مصادر أخرى. وأضاف الفريجي أن عمليات الدهم حدثت"في مدينة الصدر والديوانية وكربلاء والناصرية، نطالب المسؤولين والقيادات الدينية الزام الحكومة بتنفيذ بنود الاتفاق الذي ابرمته مع التيار الصدري". وتابع أن"أبناء الخط الصدري، من جيش الامام عموماً التزموا"بيان الصدر"و نفذوا مطلبه باخفاء المظاهر المسلحة، وانهاء العمليات العسكرية ... لافشال المخطط الأميركي الذي أراد فتنة". "المنطقة الخضراء" وأفاد شهود أن خمسة أشخاص على الاقل أُصيبوا في قصف استهدف"المنطقة الخضراء"المحصّنة التي تضم معظم مقرات الحكومة العراقية وسفارتي الولاياتالمتحدة وبريطانيا. وقال الشاهد مهنّد الدليمي لوكالة"فرانس برس"إن"ستّ قذائف سقطت داخل المنطقة الخضراء قرب احدى نقاط التفتيش، ما أسفر عن اصابة خمسة أشخاص على الاقل بينهم ضابط عراقي". وأضاف:"شاهدت الجرحى وبعضهم اصابته خطرة، فيما انطلقت صفارات الانذار". وازدادت عمليات قصف"المنطقة الخضراء"منذ بداية المواجهات الاخيرة بين"جيش المهدي"والقوات العراقية المدعومة من القوات الاميركية. وتتهم القيادة العسكرية الاميركية عناصر منشقة عن تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بقصف"المنطقة الخضراء". كما تتهم ايران بتدريب وتسليح هذه المجموعات المتطرفة. وعلى رغم توقف المواجهات بين الطرفين، لم يتوقف استهداف"المنطقة الخضراء". ولا تزال القوات الأميركية تطوق مداخل مدينة الصدر في ظل اتهامات تشير الى انطلاق الهجمات الصاروخية من هناك باتجاه"المنطقة الخضراء". مقتل جنديين أميركيين وفي هذا السياق، اعلنت القيادة الاميركية في بغداد في بيانين منفصلين مقتل جنديين أميركيين في العراق. وتوفي العسكري الأول وهو من سلاح مشاة البحرية الأميركية المارينز متأثراً بجروح أُصيب بها في انفجار عبوة في محافظة الانبار غرب بغداد، بحسب البيان الاول. يذكر أن هذه المحافظة الكبيرة التي كانت لفترة معقلاً ل"القاعدة"في العراق تشهد منذ الأشهر الاخيرة في عام 2007، استقراراً نسبياً. وقُتل جندي الأحد في انفجار عبوة لدى مرور آلية كان فيها في شمال بغداد، وفقاً لبيان آخر. وتشهد الأحياء الشمالية للعاصمة العراقية خلال الأيام الأخيرة مواجهات عنيفة بين ميلشيات شيعية والقوات الحكومية العراقية المدعومة من وحدات أميركية أدت الى سقوط عشرات الضحايا. وبمقتل العسكريين ارتفع عدد الجنود الاميركيين الذين قُتلوا منذ بدء العمليات الاميركية في العراق في آذار مارس عام 2003، الى 4010، وفقاً لحصيلة وضعتها وكالة"فرانس برس"، استناداً الى أرقام موقع الكتروني متخصص في هذا المجال. وفي منطقة بعقوبة، أعلنت الشرطة أن أربعة من أعضاء قوة مجالس"الصحوة"المدعومة من الولاياتالمتحدة، قُتلوا في صدامات مع مسلحي"القاعدة"جنوبالمدينة. وفي منطقة بلد، أعلن الجيش الأميركي أن مسلحين قتلوا ستة من رجال الشرطة في مكمن نُصب لدوريتهم شمال شرقي بلد على بعد 80 كيلومتراً شمال بغداد. "سي آي اي" وأعلن مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايكل هايدن أن الولاياتالمتحدة لم تعلم مسبقاً بالأمر الذي أصدره رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ببدء العملية ضد ميليشيا"جيش المهدي"الشيعية في البصرة. ورداً على سؤال عن مدى معرفته مسبقاً باطلاق السلطات العراقية العملية في 25 آذار مارس الماضي، أجاب هايدن:"لم اكن أعلم أكثر مما علم قائد القوات الأميركية في العراق دايف بيتراوس والسفير الأميركي في العراق ريان كروكر"، وذلك في مقابلة مع تلفزيون"ان بي سي". وقال:"أعلم بانه قرار للحكومة العراقية، اتخذه رئيس الوزراء"، مشيراً الى ترحيبه بالمبادرة. وصرح:"كنا ندرك جميعاً بأنه ينبغي أن يحصل ذلك لأنه كان لا مفر منه ... لا يمكن أن تبقى المدينة الثانية في البلاد لجهة أهميتها ... خارج سيطرة الحكومة"، مقراً بشعوره بنوع من"خيبة الامل لتفاقم العنف"، بعد انجازات الاشهر الماضية. وتشهد البصرة، المدينة الغنية بالنفط جنوبالعراق، مواجهات عنيفة منذ أسبوع بين الجيش العراقي وعناصر"جيش المهدي"الموالي للزعيم الشيعي مقتدى الصدر. وقدمت القوات الأميركية والبريطانية دعماً جوياً للجيش العراقي، فيما أقرت القوات الاميركية للمرة الأولى بأنها قدمت دعماً برّياً في العملية العسكرية. وقُتل أكثر من 270 شخصاً منذ بدء المعارك التي انطلقت الثلثاء الماضي في البصرة ثم توسعت لتشمل مدناً أخرى في الجنوبوبغداد.