سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الرئيس اللبناني يختتم زيارته السعودية ويؤكد استعداده لأي دور يدعم التضامن العربي . الأمير سلطان وسليمان يناقشان تعزيز التعاون سعود الفيصل : لا مشكلة مع أحد اذا سلم لبنان
اختتم الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس زيارته التاريخية للمملكة العربية السعودية حيث أجرى محادثات مع كبار المسؤولين السعوديين في مقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز. كما كانت له سلسلة لقاءات مع الجالية اللبنانية في السعودية ومع رجال أعمال سعوديين ولبنانيين، اضافة إلى وضعه الحجر الأساس للقنصلية اللبنانية في جدة. ورافق سليمان في زيارته الرسمية التي استمرت يومين، وفد وزاري ضم نائب رئيس الحكومة عصام أبو جمرا ووزراء: الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ، والاقتصاد والتجارة محمد الصفدي، والأشغال العامة والنقل غازي العريضي، والتربية والتعليم العالي بهية الحريري، والدولة نسيب لحود. وعقد الأمير سلطان اجتماعاً مغلقاً مع سليمان حضره الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، جرى خلاله"استعراض سبل دعم التعاون بين البلدين الشقيقين وتعزيزه في كل المجالات بما يخدم البلدين والشعبين الشقيقين"، بحسب ما جاء في وكالة الأنباء السعودية. وسبق ذلك لقاء موسع بين الأمير سلطان وسليمان حضره أمراء ومسؤولون سعوديون والوفد اللبناني. وفي مستهل اللقاء رحب الأمير سلطان بسليمان ومرافقيه، متمنياً لهم"طيب الإقامة في المملكة". وعبر سليمان عن تقديره البالغ لولي العهد، وعن شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية على"ما قدمته وتقدمه للبنان ومن ذلك اتفاق الطائف الذي أنهى سنوات من الحرب الأهلية في لبنان إضافة إلى دعم المملكة ومساندتها لاتفاق الدوحة". ثم أقام ولي العهد مأدبة تكريمية لسليمان. سعود الفيصل وكان سليمان التقى أمس في مقر اقامته في قصر الضيافة في جدة الأمير سعود الفيصل في حضور الوزيرين صلوخ والعريضي وسفير لبنان في السعودية مروان زين وسفير السعودية في لبنان عبد العزيز خوجة. وجدد الفيصل تأكيده استمرار وقوف بلاده الى"جانب لبنان وعلى مسافة واحدة من كل اللبنانيين". وقال الفيصل، بحسب بيان صادر عن مكتب الاعلام في الرئاسة اللبنانية:"ان مشكلات السعودية مع بعض الدول سببها لبنان، واذا سلم لبنان فلا مشكلة للمملكة مع أحد". وشدد على أن"دعم السعودية للبنان ليس مرتبطاً بأي مصلحة خاصة، ويفترض كذلك أن تكون مساعدات الآخرين له في السياق نفسه". وشكر سليمان للسعودية، ملكاً وحكومة وشعباً،"وقوفها الدائم الى جانب لبنان ودعمها له". واعتبر أن"التضامن العربي هو الرد الصحيح لمواجهة التحديات التي تعترض العرب"، مبدياً استعداده ل"القيام بأي دور مناسب، وفي الوقت المناسب، لتعزيز هذا التضامن لما له من انعكاس طيب على العرب". واقترح سليمان"انشاء مرصد للارهاب في الدول العربية والاسلامية لمصلحة الانسانية لأن عمل الارهاب ضاقت رقعته وبات محصوراً تقريباً في عدد من الدول العربية والاسلامية، ومثل هذا المرصد يساعد في القبض على الارهابيين". وأوضح سعود الفيصل بعد الاجتماع أن"أجواء اللقاء ممتازة، واللقاء مهم جداً"، مشيراً إلى أن"محادثات الرئيس سليمان مع خادم الحرمين الشريفين غطت كل مجالات التعاون بين البلدين والقضايا المشتركة". وأمل ب"التوفيق لهذا البلد الشقيق العزيز الذي طالما قاسى من محن هو ليس سبباً فيها. ان شاء الله المستقبل خير من الماضي ونحن سنقف دائماً مع لبنان على طول الطريق". وهل تطرق البحث الى العلاقات العربية - العربية؟ أجاب سعود الفيصل:"عندما يجلس العرب بعضهم مع بعض، يتحدثون دائماً في الشؤون العربية، وهذا شيء طبيعي. ونأمل، اذا كانت هناك مشكلات بالنسبة الى الساحة العربية، بأن تحل في شكل يكسب الأمن العربي المشترك القوة التي يحتاج إليها لحفظ مصالحه". أوغلو والتقى سليمان الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي اكمال الدين احسان أوغلو الذي جدد وقوف المنظمة الى جانب لبنان وضد الارهاب، سائلاً:"من أعطى الارهابيين صلاحية النطق باسم الاسلام؟". وأوضح ان منظمة المؤتمر الاسلامي هي"الجهة الوحيدة المخولة التكلم باسم الاسلام". وأثنى سليمان على"مواقف المنظمة ونشاطها"، مشيراً إلى أن"قضية الارهاب عطلت القضية الاسلامية والعربية المحورية التي هي قضية فلسطين، خصوصاً أن اسرائيل تغذي الخلافات العربية لصرف النظر عن هذه القضية". رجال الأعمال وأعلن سليمان خلال لقائه أصحاب الأعمال السعوديين في غرفة جدة أمس في حضور وزير التجارة السعودي عبدالله زينل، تشكيل لجنة برئاسة الوزير الصفدي ل"حصر خسائر المستثمرين السعوديين خلال الأزمة السياسية والأمنية التي عاشها لبنان في السنوات الماضية"، داعياً رجال الأعال إلى"إعادة استثماراتهم إلى لبنان في ظل الاستقرار الأمني الذي يعيشه في الوقت الحالي". وأكد سليمان"أن لبنان، على رغم ما حل به من أزمات، لا يزال يختزن الكثير من القوى الاقتصادية الكبيرة ولم يشهد وضعه الاقتصادي أي انهيار طوال الأزمة وحقق النظام المصرفي استقراراً كبيراً وكذلك القطاع العقاري". وأشار الى"أن هناك سببين رئيسين لصمود الاقتصاد اللبناني، الأول يعود إلى حيويته وتنوعه والثاني لتمتعه باحتضان عربي كبير وسعودي على وجه الخصوص وهي فرصة لشكر الأشقاء السعوديين على كل ما قدموه ويقدمونه إلى لبنان حكومة وشعباً". وأوضح سليمان أن لبنان"لا يفرض رسوماً على دخول الرساميل إليه وخروجها منه، ولم يحدث أن فقد أي مستثمر رأس ماله في لبنان". وأعلن في اللقاء نفسه، رئيس مجلس الأعمال السعودي - اللبناني عبدالمحسن الحكير أن"المجلس يعمل على تأسيس شركة متخصصة في جذب الاستثمارات برأس مال لا يقل عن بليون ريال"، كاشفاً عن"اتجاه رؤوس أموال سعودية تقدّر بنحو 5 بلايين ريال، إلى الاستثمار في لبنان خلال الفترة المقبلة"، موضحاً أن"هدفها الرئيس تحديد الفرص وأبرازها للمستثمرين السعوديين واللبنانيين، خصوصاً أن رجال الأعمال السعوديين يسعون الى جذب استثمارات في مجالي السياحة والعقار، أما رجال الأعمال اللبنانيين فيهتمون بجذب الاستثمارات الصناعية في السعودية". ودعا زينل إلى"ارتباط البلدين باتفاقات اقتصادية ثنائية بما يوفر أرضية مشتركة لبلدينا لمزيد من التنسيق في المواقف ويدعم الاستفادة من المزايا والفرص المتاحة ما يتطلب منا جميعاً تفعيل تلك الآليات لتحقيق قدر أكبر من التعاون". وطالب بأن"يعمل البلدان معاً لتنمية التبادل التجاري بينهما"، مشيراً إلى أن"المستوى التجارة البينية لا يتناسب مع الإمكانات الكبيرة والفرص المتاحة". محادثات وكان الملك عبدالله وسليمان أجريا ليل أول من أمس محادثات موسعة، استهلها الملك عبدالله بالترحيب بسليمان"في بلده وبين أهله"، لافتاً إلى أن"العلاقة التي تربط المملكة بلبنان قديمة ومنذ ما قبل الاستقلال". وأشار الملك عبدالله الى ان"غالبية العرب يحبون لبنان ويعزونه"، متمنياً أن"يحب اللبنانيون وطنهم ويعودوا الى ضميرهم لأن لبنان متنفس للعالم العربي". وقال:"اسمع اننا مع ناس وضد ناس. نحن مع الحق. وان شاء الله يأتي يوم يرجع الجميع الى أصلهم. نحن مع الجميع وعلى مسافة محبة واحدة. ومحبتنا للبنان لا نبتغي منها أي فائدة او مصلحة. وأكبر عيب على الإنسان ان يتعاطى مع أخيه بالسلاح". ولفت الملك عبدالله الى أن"المملكة استقبلت اللبنانيين من دون أي تمييز أو تفرقة". وجدد الدعوة الى"رفع اليد عن لبنان". وكشف كيف انه"كان يلتقي قيادات لبنان مجتمعة من مختلف التوجهات والانتماءات"، مشدداً على ان"المطلوب احترام لبنان وعلى الدول كذلك ان تحترم هذا البلد". وكرر"استعداد المملكة لمساعدة لبنان في كل ما يطلبه". وشكر سليمان للملك عبدالله عاطفته، لافتاً الى"وقوف المملكة الى جانب لبنان على مر العصور"، ومشيراً الى انه"يحمل الى السعودية محبة جميع اللبنانيين". وقال:"لن أعود الى التاريخ، بل انطلق من اتفاق الطائف الذي رعته المملكة وأصبح دستور لبنان، وأرسى السلام بين اللبنانيين". ونوه سليمان باهتمام الملك عبدالله الأساسي بالموضوع العربي، مبدياً تأييده لتوجهات خادم الحرمين الشريفين على هذا المستوى. وخاطب سليمان الملك عبدالله قائلاً:"لن ننسى قولك المأثور بعد عدوان تموز يوليو 2006: من يقصر في حق لبنان، يقصر في حق نفسه". وأكد أن"المواطنين السعوديين في لبنان هم بين اهلهم ايضاً وأمانة في أعناقنا". وأشار الى ان"المرحلة المقبلة في لبنان هي مرحلة حوار ومصالحة، وتحتاج الى مبادرات شجاعة من الجميع لتنعكس إيجاباً على المسؤولين. ولبنان يحتاج الى متابعة للمواضيع السياسية، وخصوصاً موضوع حق العودة للاجئين الفلسطينيين لأنه لا يستطيع استيعاب هذا العدد من اللاجئين على أرضه على مستوى تأمين الحياة اللائقة والكريمة، وعلى مستوى إيجاد فرص عمل لهم". ووضع سليمان هذا الموضوع في عهدة العاهل السعودي"لبذل الجهود اللازمة لحله"، لافتاً في موازاة ذلك الى"حاجة بعض المناطق الى الإنماء، ليتم توفير فرص عمل". وشدد على"ضرورة موضوع دعم الكهرباء التي تزيد من أعباء ديون لبنان"، طالباً"إعادة العمل بقرض البليون وربع البليون للكهرباء". ووعد الملك عبد الله ب"العمل على كل ما من شأنه تأمين المساعدات للبنان في شتى المجالات". وبعد انتهاء المحادثات الموسعة، منح الملك عبدالله سليمان قلادة، الملك عبدالعزيز الذهبية، وهي أرفع قلادة عربون محبة وتقدير. ثم عقدت محادثات ثنائية تم خلالها البحث في الوضع العربي العام، وسبل تعزيز التضامن العربي والخطوات الآيلة الى تعزيز هذا التضامن. وكان سليمان أكد خلال لقائه رجال الأعمال اللبنانيين في السعودية، وأكد أن"الأمن في لبنان سيتعزز اكثر وان نهاية الارهاب في مناطقنا العربية والاسلامية ليست بعيدة". وقال:"ليس هناك مناطق ارهابية في لبنان، وانتماء احد المأجورين الى منطقة لا يعني انها ارهابية فكل المناطق وقفت مواقف مشرفة دفاعاً عن لبنان وجيشه". وطمأن سليمان الى ان"أي مخيم فلسطيني في لبنان لن يتحول مخيم"نهر بارد"جديداً". واعتبر سليمان أن"كل لبناني يتعرض في الاعلام او غيره لأشقائه العرب وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية يتعرض لعروبته". وبحثت الوزيرة الحريري في لقاء مع نظيرها السعودي خالد بن محمد العنقري، سبل تحسين العلاقات التربوية بين البلدين، وآفاق التعاون المستقبلية في هذا المجال. ونوهت الحريري بعد الاجتماع ب"مساعدات المملكة العربية السعودية للبنان، وخصوصاً تقديمها مبلغ 44 مليون دولار لتغطية نفقات الطلاب في المدارس الرسمية". وأكد صلوخ في تصريح أمس، أن"جو المحادثات بين الوفدين اللبناني والسعودي امتاز بالأخوة والود ومشاعر القربى التي تعكس تميز العلاقات بين البلدين". وأضاف:"من المعلوم ان المملكة بلد محوري على مستوى العالمين العربي والاسلامي، وكذلك على المستوى الدولي، وكانت دائماً الى جانب لبنان من دون تمييز بين مكونات شعبه حيث دعمتنا سياسياً واقتصادياً وتربوياً، ومع هذه الزيارة ستكون انطلاقة نحو آفاق رحبة". وقال العريضي أمس، ان"المحادثات تناولت مختلف الامور، ولاسيما العلاقات بين البلدين وموقف المملكة من مؤتمر الطائف ومواجهة الارهاب ودعم الجيش اللبناني، ومسيرة الحوار واتفاق الدوحة والرعاية السياسية والمالية لدعم لبنان واستمرار الدعم من صندوق التنمية السعودي اضافة الى العلاقات العربية".