قال لها: هل تعرفين أن القبل لغة الحب؟ قالت: نعم. قال: ما رأيك ان نناقش الموضوع. تذكرت ما سبق وأنا أقرأ دراسة أخرى عن العلاقات بين الرجال والنساء بدءاً بالحرية قبل الزواج، ثم غفلة فترة الخطوبة، وانتهاء بالزواج، وهل هو نهاية أو بداية. الدراسات كثيرة، وهوايتي أن أجمعها، مع أن بعضها يناقض بعضاً، والموضوع لن يحسم يوماً، وحتماً ليس في هذه السطور. وأمامي دراستان، واحدة تقول إن استطلاعاً في بلدان عدة أظهر أن 55 في المئة من النساء يفضلن الرجل الثري، مقابل 39 في المئة يفضلن البارع في أمور الحب، ودراسة ثانية على أساس استطلاع آخر يقول إن أكثر ما يهم المرأة أن يستمر زواجها، وأكثر ما يهم الرجل الفلوس. لا أعرف ما إذا كانت هذه الاستطلاعات يلغي أحدها الآخر، أو يكمل بعضها بعضاً، فما أعرف هو أنه لا يكفي أن ننظر الى رجل لنعرف إن كان متزوجاً، فهو قد يكون مصاباً بصداع أو خارجاً من حادث سير. يظل الزواج ضرورياً ومطلوباً، لأنه لولا الزواج لكانت خناقات الرجال والنساء مع غرباء، وشخصياً لا أجد سبباً يستحق الخناق والزعل والحرد، فكل المطلوب إذا كان رأي الزوج يخالف رأي زوجته ألا يدعها تعرف ذلك. بكلام آخر الصمت من مفاتيح السعادة الزوجية، وكان هناك رجل مات من دون أن يقول أي كلمة أخيرة لأن زوجته بقيت معه حتى النهاية، وهو في حياته قال: أعرف ان من قلة الذوق أن أنام وزوجتي تحكي غير أنني لا استطيع البقاء من دون نوم. كنت اعتقد ان هذا هذر، او اشاعة، لا بد من ان رجلاً اطلقها، فالنساء اللواتي أعرف لا يتكلمن أكثر من الرجال، غير ان البروفسورة الأميركية لوان بريزندين نشرت أخيراً كتاباً بعنوان"عقل المرأة"يؤكد تهمة الثرثرة النسائية، فهو يقول إن معدل الكلمات التي تصدر عن رجل أو امرأة في اليوم هو حوالى سبعة آلاف كلمة له و20 ألف كلمة لها. هناك دائماً قصص عن النساء وكثرة الكلام، فواحد يقول: بُحَّ صوتي وأنا استمع اليها، وآخر ينصح المرأة ألا تتعلم لغة ثانية، لأن لغة واحدة تكفي وتزيد، وغيره يزعم أن زوجته حاولت أن تكون لها الكلمة الأخيرة مع صدى، وانها تتجادل مع الرسائل المسجلة على الهاتف. كان على الرجل ان يتوقع الوصول الى هذه المرحلة وزوجة المستقبل تقبل سخف معاكساته ببراءة الأطفال حتى يقع في الفخ. - هو يقول: هل أنا أول واحد تقبلينه؟ وترد: نعم وأمهر واحد. - يقول: ممكن ان تحبي واحداً مثلي؟ وترد: إذا لم يكن مثلك كثيراً. - هو يهدد: اذا لم تقبلي الزواج مني سأموت. هي لم تقبل، وهو مات فعلاً بعد 60 سنة. - يقف وراءها ويغمض عينيها ويهدد: اذا لم تعرفيني فسأقبلك. وتقول: بابا نويل. - ويهدد أيضاً: اذا بقيت تعارضينني في كل شيء فسأقبلك: وترد: لا تستطيع. حسناً، ضحكت عليه أو ضحك عليها وتزوجا، والوضع بعد ذلك ان حياة المرأة تظل أصعب لأنها مضطرة ان تتعامل مع رجال. وما يناقض هذه المسلّمة هو ان الرجال أكثر من النساء في مستشفى الأمراض العقلية لأن النساء جنّنهم. إذا تجاوزنا الهذر في موضوع من يجنن الآخر، فعند الرجل أسباب أكثر للجنون، لأنه يفترض فيه أن يكون قادراً على إعالة أسرته، وتوفير كل حاجاتها لها، فاذا قصّر يوماً، شعر بنقص في رجولته حتى اذا لم يعترف بذلك، وربما كان رده العنف للتغطية على تقصيره. في المقابل، المرأة لا ينتظر منها ان تعيل أسرتها، وهي اذا عملت فالأرجح ان تتوقف مع إنجاب الأولاد. وإذا استمرت في العمل رغم الزواج والإنجاب، يعود الزوج الى الضيق بنفسه وتقصيره. وربما كان هذا السبب في أن المرأة ترى في الزواج بداية عمرها. في حين يرى الرجل فيه نهايته. بعض النساء عاقلات جداً، وقد قرأت دراسات تقول إن أهم أسباب السعادة عند المرأة ان تتمتع بالصحة. بل قرأت من قالت إنه يكفيها من أسباب السعادة المشي حافية على رمل الشاطئ وأكل الشوكولا، شرط ألاّ تسمن. في المقابل، هناك نساء يردن المال كله مع زوج شاب في وسامة ممثلي السينما، من دون أن تكون هي نعومي كامبل او جيزيل بوندشن. البنت سألت أباها: بابا لماذا تزوجت الماما؟ ورد الأب: حتى أنت يا حبيبتي بدأت تتساءلين عن السبب. السبب انه تزوجها عندما كانت في جمال عارضة أزياء. وفي هذا المجال فالضغط أكثر على المرأة التي تحتاج ان تجتهد كل يوم لتظل تبدو أصغر وأجمل. أما الرجل، فيتقدم كرشه، ويتراجع كرشه، وتغور عيناه، ويظل يعتبر نفسه كمال الشناوي في شبابه. مرة أخرى الدراسات يلغي بعضها بعضاً، وأنصح الجميع بالزواج، فثمة فوائد معروفة، وأخرى أقل ذيوعاً، مثل ان الموظف الزوج أفضل من العازب، كما صرّح صاحب عمل قال يوماً انه يفضل المتزوجين لأنه إذا صرخ عليهم لا يزعلون، وإنما يتوقعون ذلك.