تسعون وخمس.. الرَّقم الذي يُشبهنا    من توطين البداية إلى توطين الذكاء الاصطناعي    في اليوم الوطني السعودي 95 الواقع يسبق الحلم    اليوم الوطني ال95: السعودية مجدٌ يتجدد وصعودٌ لا يتوقف    الهلال يتغلّب على العدالة بهدف ويتأهل إلى دور ال 16 من بطولة كأس الملك    ماذا تعني كلمة الوطن    إنها السعودية يا سادة    في يوم الوطن نعيش الحاضر زاهراً ونتطلع لمستقبل واعد    فهد العجلان:اليوم الوطني ال95 محطة فخر وريادة سعودية    أعلام الوطن في 15 فعالية احتفاءً باليوم الوطني بالخبر    مسؤولو وأهالي ورجال أعمال أبانات: اليوم الوطني تجسيد للوحدة والإنجاز ورفع أبانات إلى محافظة يعكس حرص قيادتنا المباركة    مصر تسطر التاريخ وتتوج ببطولة كأس العالم لكرة القدم المصغرة للسيدات في أربيل    عثمان ديمبيلي يتفوق على لامين يامال ويتوج بالكرة الذهبية 2025    عثمان ديمبلي يحقق جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم 2025    عبدالعزيز التويجري: اليوم الوطني ال95 يجسد دعم القيادة لرياضة الفروسية    احتفال 270 ألف طالب في الطائف باليوم الوطني    موهوبو الأحساء يحصدون أكثر من 50 جائزة دولية    جامعة الباحة.. إدراج 12 باحثًا ضمن قائمة أفضل 2% من علماء العالم لعام 2025م    الملك عبدالعزيز يؤسس الدولة السعودية الحديثة    العسيري تبرز فن "البوب آرت" في أعمالها    نائب أمير الشرقية يكرم الرعاة والداعمين لجمعية قبس    وطني خفقة حب تتسامى    المسجد النبوي.. إرث العناية ومسيرة الإعمار    الفحوص تحدد غياب ثنائي الهلال    عظيم أيها الوطن    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية تركيا    الخليج يتفوق على الطائي بخماسية في كأس الملك    الرئيس السوري يدعو لرفع العقوبات المرتبطة بقانون قيصر المفروضة على بلاده    تصاعد الضربات بالطائرات المسيّرة بين روسيا وأوكرانيا    الرياض تستضيف «معرض التحول الصناعي 2025» خلال شهر ديسمبر المقبل    الربيعة: السعودية قدمت 500 مليون دولار للمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال    مستشفي الدرب العام يُكرم الإعلامي محمد الحسين    إسرائيل تأمر بإخلاء مستشفى في غزة وسط تصاعد الاعترافات الدولية    إيران وروسيا ستوقعان اتفاقيات لبناء وحدات طاقة نووية جديدة    استخدام الهاتف المحمول أبرز مسببات الحوادث المرورية بمنطقة مكة    حرس الحدود بمنطقة جازان يقبض على مخالفين لنظام أمن الحدود لتهريبهما (90) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    جمعية نبض العطاء تطلق برنامج "كسوة الأسر المتعففة" بالتعاون مع مؤسسة حمد المحيسن الخيرية    فريق صيني يصمم مستشعرًا روبوتيًا لأداء مهام داخل جسم الإنسان    هيئة عسير تفعّل المصلى المتنقل في عدد من المتنزهات والحدائق العامة    المملكة تعزز مسيرة التعافي الصحي في سوريا عبر الطب العابر للحدود    الهيئة العامة لتنظيم الإعلام تُعلن ضوابط جديدة للمحتوى وتتوعد المخالفين    انجازات عالمية بمعرض فيلاكوريا 2025 للطوابع    غارات الاحتلال تتسبب في مقتل العشرات بغزة    احتجاجات أمام منزل نتنياهو.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد الحرب    الفالح يرأس وفداً رفيعاً في زيارة رسمية لطوكيو.. شراكة استثمارية بين السعودية واليابان    مؤتمر وقمة للمستثمرين العرب    وفاة الفنان حمد المزيني    السعودية تستضيف مسابقة «إنترفيجن» للموسيقى    أكد دعم القيادة للقطاع.. الصمعاني: التطورات العدلية أسهمت في تعزيز حقوق الإنسان    المرور: 3 مسببات ل«الحوادث بالطرق»    الشجاعة تصنع القادة    اليوم الوطني.. معاً خلف قيادتنا لبناء السعودية العظمى    فاحص ذكي يكشف أمراض العيون    تبتلع قلمين بسبب الوسواس القهري    وطن المجد.. في عامه الخامس والتسعين    وزير الشؤون الإسلامية يوجّه بفرش 23 جامعاً ومسجداً بالمدينة    الجلوس الطويل يبطئ الأيض    مخاطر الألياف البلاستيكية الدقيقة على العظام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصص رمضان التلفزيونية : تقوقع في الحارة والحقل واستقواء بالأساطير
نشر في الحياة يوم 26 - 06 - 2013

هناك الكثير من تغييب العقل في"حواديت"المسلسلات الرمضانية. قصص بطولات شعبية تنعقد على درجة التمسك بالأصول. الأبطال، في مواجهتهم"الآخر"وپ"الغريب"، القابع وراء السور أو بعيداً من حدود الحقل، ينتفضون لقيم الحق والفضيلة والشجاعة، من جهة، ويتوغلون في"أصولية"تفكير ومنطق حادة، تدّعي أنها الأمثل، والأقدر، على حماية تلك القيم النبيلة، من جهة أخرى.
يمرّ رمضان واحد كل عام. لكن واقعنا المعاش في العالم العربي يمرر كل يوم إمعاناً شرساً في اضطهاد الفرد والتهام حقوق المواطن، بشتى أساليب القمع التي تصنعها ماكينة هادرة من الفساد. تلتهم النيران القطارات في مكان، وتلتهم السلطة حقوق التعبير في مكان آخر. وتخلو"حواديت"رمضان الآتية من تلك النواحي من ذلك كله. يعاود الإبداع العربي في رمضان التأكيد على حال الانفصال التامة التي يعيشها، راضياً او مكرهاً، مع واقعه.
هناك شرر مفتعل في قصص رمضان. مثاليات قيمية تتجاوز الواقع المعاش وتصنع معاركها الغيبية الخاصة ونيرانها الوهمية. هناك حارة وصعيد. عودة الى التقوقع، وتصوير الانعزال على أنه الحل المثالي للتصدي الى الظلم والفساد. تقفل الحارة أسوارها على الزمن والمكان وشخوصها، وتعيش، كما من مئة سنة وأكثر، قصصها التي تبدأ من بطولة الاحتفاظ بالشوارب الذكورية، مروراً ببطولة الاحتفاظ بالوديعة وعدم التفريط بها، وصولاً الى بطولة تصدي الفتوات للغريب المتآمر والآخر الغريب. متآمر لأنه آخر وآخر لأنه متآمر."باب الحارة"نهاية الكون الفسيح، وخلفه تنهار القيم في عالم ملوث وفاسد. العودة الى قيم الحارة، التي، غالب الظن أنه لم يعد لها وجود حقيقي في العالم العربي، في سياقاتها الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية، هي دعوة لرد فعل"جبان"، على رغم كل مظاهر البطولة التي يرتديها، على تنامي الاضطهاد. تشغلنا حواديت الحارات بشيء من النوستالجيا الى ما لم يعد موجوداً، فنغرق في الذكرى والحلم، ويتلذذ عقلنا بالخيالات البعيدة، غير المرئية، كما تتلذذ معداتنا بأطايب المأكولات والسكر، التي تمعن، بيولوجياً، في تغييب العقل. ولا تختلف"حواديت"الصعيد عن قصص الحارات. أبناء الصعيد المصري الذين شاهدوا الحلقة الأولى من مسلسل"حدائق الشيطان"، ضحكوا كثيراً. بان لهم أن المخرج اسماعيل عبدالحافظ لا يزال عالقا عند الصعيد المصري، بصورته قبل نصف قرن. هناك"غولة"تطلق صرخاتها من وراء الجبال، ويختلف أهالي القرية في ما بينهم على تصديق أسطورتها أو نفيها. هناك سيّد وجيه يركب الفرس وينتقي الفتيات من الكرم الى سريره. هناك بدوية تعاون السيّد على فعلته لقاء المال. كأن"شفيقة ومتولي"الأسطورة لا تنوي مفارقتنا. وهناك، في"حدائق الشيطان"أيضاً امرأة غامضة، مجنونة منكشة الشعر، محبوسة خلف السياج، يرمي لها السيد بفتات الطعام، فترفض وتهجم على وجهه بأظافرها. في المقابل، هناك سيدة القصر."الست قمر". تجلس على كنبتها المخملية الوثيرة، تبخرها الخادمة، وتفلش"الدلالة"عند ركبتيها القماش الملون الذي تنتقي منه ما تشتريه. شيء من أساطير الشاطر حسن، أو علي الزيبق أو قصص"ألف ليلة وليلة"، بپ"لوكات"عصرية، أو شبه عصرية. السيد الظالم، جمال سليمان في دور أول في الدراما المصرية، هو في السلة ذاتها مع عمر الشريف في"مواطن مصري"ومحمود مرسي في"شيء من الخوف". والمجنونة المقيدة في القصر هي معالجة سينمائية عتيقة من زمن الابيض والاسود. لا نعرف تفاصيل الحلقات المقبلة بعد، لكن البطل، بالتأكيد، سيخرج من بين أشجار"الغيطان"لكي ينقذ الأميرة من قصر الوحش ويحرر الرهينة.
في الزمن الذي يدك فيه استبداد القطب العالمي الواحد وفساد قادة الداخل، جدران بيوت المواطن العربي، تحرضنا بعض قصص رمضان على بناء الأسوار حول حاراتنا وزرع الاشجار الكثيفة حول حدائقنا، خوفاً من أن يتسرب اليها الشيطان. تحرضنا على ذلك ولا تقول لنا كيف. تخاف البوح، وتفضل التركيز على أهمية الشوارب بصفتها حصن الخلاص الأخير!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.