سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
انعدام المياه والطعام والأدوية والمراحيض... وسيارة تدهس أحدهم وبغداد تعتقل خمسة منهم 372 فلسطينياً يعيشون مجدداً تجربة اللجوء في "المنطقة الحرام" بين سورية والعراق
بينما كان الطفل الفلسطيني ايسر طلال 12 عاما يمشي في حي"البلديات"في بغداد قبل سنتين، صدمته سيارة، ففارق الحياة لأن الوضع الامني المتردي في العراق حال دون وصوله الى احد مستشفيات العاصمة العراقية. وقبل ايام، وعندما بلغ شقيقه الاصغر ايمن 12 عاما من عمره، صدمته سيارة في"المنطقة الحرام"بين نقطتي الحدود السورية - العراقية، ففارق الحياة قبل التمكن من اسعافه. تختصر الوفاة المأسوية"خارج المكان"لكل من ايسر وايمن معاناة فلسطينييالعراق بعد سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين، اذ اضافة الى الفوضى الامنية والمشاكل الطائفية الحاصلة في العراق، تعرض الفلسطينيون الى مزيد من التمييز لأنهم كانوا"محسوبين على النظام السابق"، بحسب اعتقاد القائمين على الوضع الحالي في العراق. اسرة ايمن بين 372 فلسطينيا هربوا من العراق الى الحدود السورية على امل الدخول اليها. وكان عدد الفلسطينيين في العراق يبلغ نحو 25 الفاً قبل سقوط النظام، لكن"التمييز"الذي تعرضوا له ادى الى انخفاض عددهم الى نحو ستة آلاف شخص. بعضهم كان"محظوظا"في انه حصل على جوازات سفر عراقية، حقيقية او مزورة، فاستطاع السفر الى الدول المجاورة، خصوصا الى سورية حيث يقيم نحو نصف مليون عراقي. وقالت مصادر مستقلة ل"الحياة"امس:"هناك الاف الفلسطينيين الذين دخلوا الى مخيمي اليرموك وفلسطين على انهم عراقيون". لكن الفقراء وقليلي الحيلة من فلسطينييالعراقي، كانوا اسوأ حظاً، اذ خرج 300 فلسطيني في ربيع العام الحالي الى نقطة"طربيل"العراقية على امل دخولهم الاردن. وبعد بقائهم على الحدود لفترة طويلة، وافقت الحكومة السورية على ادخالهم بوساطة من حركة"حماس"ونقلوا الى مخيم"الهول"شمال شرقي سورية. وكانت الحكومة السورية وافقت على ذلك شرط ان تكون لمرة واحدة"كي لا يتشجع جميع اللاجئين للقدوم الى سورية"، كما منعت دخول مئات الفلسطينيين الذين لجأوا مع نحو 300 الف لبناني خلال الحرب الاخيرة بين"حزب الله"واسرائيل. لكن ما حصل هو العكس، اذ تشجع عشرات الفلسطينيين بالخطوة السورية. ويقول المسؤول عن"المفوضية السامية لشؤون اللاجئين"في سورية بارنوس مومسيس ل"الحياة":"نتيجة تعرضهم للتمييز، هرب 372 فلسطينيا من العراق باتجاه سورية، 80 في المئة منهم من الاطفال. وما زالوا عالقين منذ ستة اشهر"، قبل ان يوجه"نداء الى الدول العربية كي تقبلهم لأن وضعهم مزر وصعب: لا خدمات ولا مياه وادوية ولا مراحيض، بل ان بعضهم يعاني من اثار تعذيب تعرض لها من عراقيين". لكنهم ما زالوا عالقين بين نقطتي"التنف"السورية و"الوليد"العراقية منذ ستة اشهر، لا يستطيعون العودة او التقدم. انهم عالقون بين جدارين مرتفعين من الاسمنت، وبين اسلاك شائكة والغام ومنطقة صحراوية تضم العقارب والافاعي في الصيف والسيول والامطار في الشتاء. ومن جهتها، ما تزال دمشق ترفض دخولهم وتقترح"تسهيل دخولهم الى فلسطين من جانب اسرائيل، او العمل على تحسين وضع الفلسطينيين في العراق"، علماً ان سورية"تستضيف"420 الف فلسطيني في 13 مخيما يملكون جميع الحقوق من التعليم والصحة وحرية التنقل والتوظيف. وقالت مصادر دولية ل"الحياة"ان الحكومة الاسرائيلية رفضت طلبا بدخولهم. ويقول محمد سليمان في اتصال اجرته"الحياة"الى مكان وجود الفلسطينيين قرب"التنف"امس ان"المعاناة تزداد يوما بعد يوم، اذ نعيش في 88 خيمة من دون الحد الادنى. لا ماء ولا كهرباء. ترسل لنا المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الخبز والماء مع معلبات كل فترة طويلة"، وزاد:"ليست هناك اي جهة مسؤولة عنا. اننا في المنطقة الحرام". وكان سليمان قال ان خمسة من اللاجئين، بينهم اثنان في عمر ال14 سنة، اعتقلوا الاثنين الماضي من جانب القوات العراقية لأنهم حاولوا الذهاب باتجاه نقطة"الوليد"للحصول على مازوت لتشغيل مولدات كهربائية. وفي مقابل رفض دمشق دخولهم، فإنها تقدم تسهيلات انسانية كبرى. وقال مومسيس امس ان وزارة الخارجية السورية وافقت على ادخال تسعة شباب للتدرب في"اونروا"ثم للعودة الى الحدود وتدريس 180 طفلا بينهم اللاجئون العالقون، كما انه سمحت للشاب محمد لطفي بالدخول الى الاراضي السورية مرتين في الاسبوع لاجراء غسيل كلية.