هذا المتحف ليس متحفاً عادياً. في ذلك المكان الذي تصوّره الموسيقي ناصر مخّول على مقاس أحلامه، تتنامى إلى مسامعك ترنيمة، وتتمكن من"التقاط نوتات"تائهة عبر التاريخ..."حبسها"موسيقي لبناني في"قمقم". "زرت 37 بلداً على امتداد ثلاثة عقود، وجمعت المعلومات والبحوث والمستندات من مخطوطات ونقوش وحفريات اثرية وتحف في متاحف عدة. هكذا استطعت ان اقوم بهذا الإنجاز الفريد بعمل متواصل في مشغلي المتواضع الذي صرفت فيه نحو 2500 ساعة عمل". هكذا يقدّم ناصر مخّول بحوثه وتصاميمه المتعلّقة بالآلات الموسيقية. ناي القصب كان رفيقه منذ الطفولة. وأسس فرقة فلكلورية تحت رعاية المجلس الوطني لإنماء السياحة العام 1968، مثّلت لبنان في العالم عبر حفلات كان أهمها"الليلة اللبنانية في الأممالمتحدة"في نيويورك العام 1979. كان تعرّفه إلى الباحث الموسيقي المستشرق الفرنسي جان- كلود شابرييه، نقطة التحوّل في مسيرته الموسيقية. أصدر له اسطوانتين:"موسيقى الأغاني الشعبية اللبنانية"، و"بزق من لبنان"، ونال على الأخيرة الجائزة الأولى في مجموعة"أرابيسك". ثم كرّت سبحة التكريمات المحلية والعربية والعالمية: وقد وضع مؤلفاً مرجعياً عن"الآلآت الموسيقية الوترية التراثية في العالم"، بعد جولات دراسية في متاحف بغداد ولندن واللوفر... على مدى سنوات من العمل المضني وبإمكانات ذاتية بحتة مارس مخّول هوايته في"تصنيع"الآلآت الموسيقية منذ العام 1980 في مشغله في بلدة عجلتون الجبلية، قضاء كسروان اللبناني. وبدأت تلك الآلات تشكّل نواة متحف خاص وفريد من نوعه، هو حلم مخّول منذ شبابه الأوّل: متحف موسيقي يكوّنه بنفسه، ويجمع فيه تنوعاً موسيقياً يعود لحضارات إنسانية غابرة ومعاصرة. وبما أن جولاته الموسيقية العالمية كانت تمنعه من التركيز على تحقيق هذا الحلم، فقد كان يتحّين الفرص بين الجولة والأخرى لصناعة آلة موسيقية. بدأ العام 1980 بصناعة آلة الكنار السومرية، وهي الأغلى على قلبه لأنها الأولى في قائمة آلاته التاريخية. يتألف متحف ناصر مخّول من أربعة اقسام. الأوّل خاص بالآلات الإيقاعية القرع والإيقاع، المضارب الرنانة، والقسم الثاني مخصص للآلات الوترية. ويخصص القسم الثالث في المتحف لآلات النفخ الهوائية. أما القسم الرابع من المتح فيضمّ الآلات الموسيقية الوترية المستحدثة والجديدة من لبنانية وشرقية. وتجدر الإشارة الى ان الآلات المذكورة وغيرها مما لم يتسع المكان لذكره، مصنوعة من جلود الحيوانات والأخشاب والفخار والشعر والعظام أي من مواد أولية بدائية. ولم يقف مخّول عند هذا الحدّ، بل أقدم على إختراع"الآت موسيقية"جديدة،مثل"العودأورغ"، و"البزورغ"وهي مزيج بين الأورغ والعود والبزق.