زيادة طفيفة لتبرئة إسرائيل    بطولة العالم للراليات بالمملكة ل10 سنوات    المنطقة الشرقية: القبض على 5 أشخاص لترويجهم 1.7 كيلوغرام «حشيش»    وزير الأوقاف اليمني ل«عكاظ»: نثمن دور المملكة في التسهيلات المقدمة للحجاج اليمنيين    الجمهوريون يؤيدون ترمب حتى بعد حكم الإدانة    برلمانية مصرية: استئناف «جلسات الحوار» يعزز الاصطفاف الوطني لمواجهة تحديات الأمن القومي    متنزه جدر يحتضن محبي الطبيعة    البيئة تفسح 856 ألف رأس ماشية    اختتام مبادرة «حياة» للإسعافات الأولية بتعليم عسير    أمير القصيم يرعى جائزة إبراهيم العبودي.. ويُطلق «الامتناع عن التدخين»    وزير الداخلية يلتقي أهالي عسير وقيادات مكافحة المخدرات ويدشن مشروعات جديدة    د. السند يطلق مشروع الطاقة الشمسية بالأيواء    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُنهي معاناة «تسعينية» مع ورم سرطاني «نشط» بالقولون    اكتشاف تابوت أقوى فرعون بمصر القديمة    أمير الرياض يهنئ بطل الثلاثية    إنقاذ حياة حاج تعرض لنزيف حاد نتيجة تمزق للشريان بالمدينة المنورة    السعودية تدين محاولة إسرائيل تصنيف الأونروا منظمة إرهابية    صلاح يدعم صفوف منتخب مصر في وجود المدرب حسن للمرة الأولى    1.6 مليون مقعد على قطار الحرمين استعدادا لحج 1445    الشؤون الإسلامية في جازان تُنهي الدورة العلمية في شرح كتاب الحج    فلكية جدة: اليوم بداية موسم الأعاصير 2024    بَدْء المرحلة الثانية لتوثيق عقود التشغيل والصيانة إلكترونياً    شراكة بين المملكة و"علي بابا" لتسويق التمور    فتح التسجيل بمعرض الرياض الدولي للكتاب 2024    ترحيل 13 ألف مخالف و37 ألفاً تحت "الإجراءات"    "نزاهة": توقيف 112 متهماً بقضايا فساد في 6 وزارات    منظومة النقل تطلق الدليل الإرشادي للتنقل في موسم الحج    بدء تسجيل الطلبة الراغبين في الالتحاق بمدارس التعليم المستمر    المطيري يتلقى التهاني بتخرج «لين»    تفعيل اليوم العالمي لتنمية صحة المرأة بمكتب الضمان الاجتماعي    التقليل من اللحوم الحمراء يُحسِّن صحة القلب    تقنية جديدة من نوعها لعلاج الأعصاب المقطوعة    «الداخلية»: القصاص من مواطن أنهى حياة آخر بضربه بآلة حادة        "إعمار اليمن" يضع حجر الأساس لمشروع تطوير وإعادة تأهيل منفذ الوديعة البري    اتحاد التايكوندو يختتم نهائي كأس السوبر السعودي    ‫الابتسامة تستقبل حجاج العراق في منفذ جديدة عرعر    قمة سويسرا.. إنقاذ خطة زيلينسكي أم تسليح أوكرانيا؟    تدشين أول رحلة طيران مباشرة من الدمام إلى النجف في العراق    بونو: الهلال أكثر من فريق.. وقدمنا موسماً استثنائياً    فيصل بن فرحان يتلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأمريكي    بن نافل: العمل في الهلال يأخذ من حياتك    جامعة الطائف ترتقي 300 مرتبة بتصنيف RUR    جهود مُكثفة لخدمة الحجاج في المنافذ    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب جنوب غرب الصين    رياح نشطة مثيرة للأتربة والغبار على مكة والمدينة    45 شاباً وشابة يتدربون على الحرف التراثية في "بيت الحرفيين"    الإعلان عن إطلاق معرض جدة للتصميم الداخلي والأثاث    سفير المملكة لدى اليابان: العلاقات السعودية اليابانية خلال السبعين السنة القادمة ستكون أكثر أهمية    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    أسعار النفط تتراجع قبيل اجتماع "أوبك+"    بونو يُبكّي رونالدو بْزَّاف    أمر ملكي بالتمديد للدكتور السجان مديراً عاماً لمعهد الإدارة العامة لمدة 4 سنوات    وزير الداخلية يدشن مشاريع أمنية بعسير    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    عبدالعزيز بن سعود يلتقي عدداً من المواطنين من أهالي عسير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأكراد يشددون على ترحيل جميع الوافدين العرب والتركمان يتمسكون ب "عاصمتهم" . نفط كركوك نقمة لا نعمة ... واقوام المدينة ما زالت تتنازع هويتها وتاريخها
نشر في الحياة يوم 10 - 06 - 2007

تعتبر كركوك 255 كلم شمال بغداد الغنية بالنفط، القضية المركزية للأكراد في المرحلة الحالية التي باتت تختصر معظم تعقيدات الأوضاع العراقية وتناقض مصالح القوى والأطراف السياسية. اذ لا يخفى ان المدينة التي تعوم على بحر من النفط باتت محل تجاذب محلي وإقليمي يخشى ان ينفلت من الضوابط وصولاً الى تفجر الأوضاع بما يؤدي الى تداعيات خطيرة على المنطقة كلها في حال الفشل في التوصل الى اتفاق بين مكوناتها الرئيسية الثلاثة الأكراد والتركمان والعرب. وتحمل المدينة في ثناياها أيضاً إمكان اجتراح حل نموذجي يصلح ان يصبح قدوة لحل الخلافات على مستوى العراق ككل.
والخلاف الرئيس الذي بات محل تجاذب شديد يتمحور حول هوية المدينة: هل هي كردية أم عربية أم تركمانية؟ ويستبطن هذا السؤال سؤالاً أهم وهو: أين هو موقع المدينة ادارياً؟ هل هو مع اقليم كردستان الذي يفترض ان يشرعه الدستور الجديد أم تبقى خارجه مع منحها وضعاً خاصاً مثل بغداد؟
الأكراد لا يخفون نيتهم ضم المدينة الى اقليم كردستان فيما يتهمهم خصومهم بتنفيذ خطة لتكريدها وفرض أمر واقع يمكنهم من السيطرة عليها كلياً عن طريق الاستفتاء لاستكمال عناصر دولتهم الاقتصاد قبل اعلان الاستقلال.
وأسباب المشكلة قديمة تعود الى عقود خلت وتتمثل، كما يقول الأكراد، في محاولة تغيير الطابع الديموغرافي للمدينة من خلال ما عرف ب"سياسة التعريب"التي بدأها الرئيس العراقي الأسبق عبدالسلام عارف بعد الاطاحة بعبدالكريم قاسم وأكملها أحمد حسن البكر ووصلت الى ذروتها في عهد صدام حسين.
وفي اطار هذه السياسة استقدمت آلاف العائلات العربية من مناطق مختلفة في العراق وأسكنت كركوك بعد منحها حوافز مالية 10 آلاف دينار وأراضي ووظائف، فيما استقر بعضها في بيوت وأملاك الأكراد الذين رحلوا بعد رفضهم تغيير قوميتهم الى العربية في ما عرف بپ"تصحيح القومية". فضلاً عن ذلك أجرى نظام صدام تغييرات إدارية في المحافظة فألحق بعض الأقضية والنواحي التابعة لها بالمحافظات العربية.
عقدة الوافدين والمرحلين
ورسم قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية إطاراً عاماً من دون تفاصيل للتسوية النهائية في كركوك في المادة 58 التي نصت على اتخاذ الحكومة العراقية تدابير محددة لتصحيح الأوضاع في المدينة وأهمها: أولاً ترحيل الأشخاص الذين جاؤوا من مناطق أخرى العرب وسكنوا في كركوك، وإعادة المرحلين من كركوك الى مدينتهم مع تعويضات، ثم اجراء احصاء سكاني قبل الاستفتاء العام في المحافظة لتقرير مصيرها.
وشكل رئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي لجنة برئاسة الأمين العام للحزب الشيوعي حميد مجيد لمتابعة قضية كركوك، فيما أعطى الدستور الجديد الحكومة مهلة حتى كانون الأول ديسمبر 2007 موعداً نهائياً للانتهاء من أعمالها.
في غضون ذلك، يسعى كل طرف في كركوك الى استباق التسوية في محاولات دؤوبة لفرض رؤيته ومحاولته التأثير في مجرى هذه العملية. فكل من العرب والتركمان والأكراد، مثلاً، يقدمون معلومات متضاربة عن هوية كركوك القومية بالاستناد الى إحصاء عام 1954، علماً أن بعض المراقبين يشير الى حصول تزوير لا يعرف مداه في هذه الوثائق.
والخلاف يتمحور حول مسألتين رئيستين: عدد المرحلين الأكراد من كركوك وعدد العرب الوافدين الذين أسكنوا المدينة ومصيرهم. وفي ظل عدم وجود احصاءات دقيقة يمكن الركون اليها تتبادل الأطراف الرئيسية الأكراد والعرب والتركمان الاتهامات بتزوير الأرقام.
پ
تكريد كركوك
العرب والتركمان يتهمون الأكراد، الذين باتوا يسيطرون على كركوك منذ سقوط نظام صدام حسين في نيسان ابريل 2003، بتنفيذ خطة لپ"تكريد"المدينة وفرض أمر واقع باللجوء الى وسيلتين رئيستين:
الأولى: استقدام أكثر من نصف مليون كردي اليها، من مناطق مختلفة كالسليمانية واربيل وغيرها وحتى من دول مجاورة كايران وتركيا وسورية، منذ سقوط نظام صدام حسين. وما يدعم هذه الاتهامات، بحسب ممثلي العرب والتركمان، ما كشفت عنه سجلات الناخبين في كركوك من اضافة نحو 250 ألف ناخب. ويكثر الحديث عن تشجيع الأحزاب الكردية الأكراد للإقامة في كركوك عن طريق تقديم حوافز كما كان صدام حسين يفعل مع العرب مثل قطعة أرض ومبالغ مالية 750 دولاراً لكل كردي يريد الإقامة في المدينة. ويلاحظ في الطريق من السليمانية الى كركوك كيف ان قطعاً كثيرة من الأراضي في منطقة الفيلق على مدخل كركوك تابعة للدولة تم تقسيمها وفرزها بأحجار من الطوب او بنوع من الدهان الأبيض للبناء عليها، كما تلاحظ حركة بناء كثيفة خصوصاً في منطقة آزادي الحرية.
ثانياً: ترحيل العرب بارهابهم أو تشجيعهم أو دفعهم الى الرحيل. وبحسب ممثلي العرب والتركمان تنظيم فرق من الأكراد عمليات اغتيال لشخصيات وأفراد من القوميتين العربية والتركمانية في كركوك لخلق حالة من الرعب في أوساط هاتين القوميتين تدفعهم الى الرحيل، اضافة الى حرمانهم من فرص التوظيف في المرافق الحكومية التي تقتصر على المحازبين والأنصار. وعلمت"الحياة"ان أعداداً متزايدة من العرب بدأت بيع أملاكها خصوصاً في أحياء الأمن والعروبة والواسطي.
الأكراد من جهتهم ، يتهمون الحكومة بعدم الجدية في حل مشكلة المرحلين والوافدين والتباطؤ في تطبيق المادة 58 من قانون إدارة الدولة. ويقول رئيس مجلس محافظة كركوك رزكار ان مئات العائلات الكردية التي رحلت من كركوك وأقامت في مناطق أخرى، بعضها قريب يقع على تخوم المدينة، تنظر الى بيوتها وأرزاقها بحسرة من دون ان تتمكن من استعادتها بانتظار البت في مصير شاغليها. وبعض هذه العائلات عادت الى كركوك ولم تجد بيوتها فأقامت في ملعب كركوك الرياضي وثكنات الجيش العراقي السابق.
تطبيع الأوضاع وعدم الترحيل بالقوة
والجدير بالذكر ان الكثير من العائلات الكردية التي رحلت من كركوك انتقلت الى أماكن بعيدة واستقرت فيها بعدما تدبرت أمرها واندمجت في هذه المناطق ووجدت عملاً لها. وينتاب الأحزاب الكردية خشية حقيقية من عدم حماسة هؤلاء للعودة الى كركوك وربما التخلي عنها.
ويقول زركار:"الأولوية لدينا هي لتطبيع الأوضاع في كركوك باعادة الأكراد المرحلين اليها وترحيل العرب الوافدين الى مناطقهم". ويضيف:"نحن لسنا ضد وجود العرب في كركوك. هناك عرب يسكنون في مناطق كردية كالسليمانية واربيل ودهوك وغيرها. ونرحب بالعرب في مناطقنا شرط ان لا يؤثر وجودهم في التركيبة السكانية أو يؤدي الى تغيير ديموغرافي، أي لا يؤثر على حقوق الأكراد. فنحن نرحب بالعرب من كل العراق للمجيء الى أي منطقة في كردستان اذا شاؤوا، لبناء عمارات أو تملك عقارات أو العمل أو لأي سبب كان، لكن ليس عن طريق سياسة التطهير العرقي كتلك التي اتبعها نظام صدام حسين.
والأمر نفسه ينسحب على كركوك. العرب مرحب بهم للمجيء الى هذه المدينة أيضاً والاقامة فيها لكن بعد تطبيع الأوضاع فيها كما نص على ذلك قانون ادارة الدولة للفترة الانتقالية والدستور الجديد، اذ سيصبح الأمر حينها طبيعياً في كركوك كأي محافظة عراقية يسمح لأبناء الشعب العراقي كافة الاقامة والعمل فيها".
ويشدد زركار على انه"يجب أولاً ازالة آثار سياسة البعث السابقة في كركوك قبل استئناف الحياة الطبيعية فيها. وفي الوقت نفسه نؤكد اننا لن نرحل أي عائلة بطريقة صدامية كما رحل الأكراد والتركمان بطريقة غير انسانية وكأنهم أعداء".
ورداً على سؤال لپ"الحياة"عن مصير أبناء العائلات العربية التي أسكنت كركوك، خصوصاً ان جيلاً كاملاً من هؤلاء ولد وترعرع هناك ولا يعرف إلا كركوك موطناً له، ومدى شرعية القانون بترحيلهم، أجاب زركار:"نحن لسنا عنصريين كما يحاول البعض تصويرنا. لكن ما هي شرعية القانون الذي سنه صدام حسين وجاء بموجبه العرب الوافدون لتغيير الديموغرافيا في كركوك؟ هذه ليست قوانين بل كانت قرارات يصدرها ما يسمى مجلس قيادة الثورة لحزب البعث المنحل. القرار مخالف في الأصل للقانون. هل تسمح مبادئ حقوق الإنسان بتطبيق سياسة تغيير الديموغرافيا؟ وهل ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ذلك؟"وأضاف:"هل تعلم ان العرب الوافدين منذ قدومهم الى كركوك لم يدفنوا موتاهم في كركوك، وليس لديهم مقبرة خاصة بهم، علماً بأن للعرب الأصليين مقبرة خاصة بهم؟".
پ
5 آلاف عائلة عربية مستعدة للرحيل
وشدد زركار على ان"هدفنا ليس منع وجود العرب في كركوك، بل ان لا يؤثر وجودهم في نتيجة الاستفتاء المزمع إجراؤه فيها. فالمشاركة في الاستفتاء يجب ان تنحصر في سكان محافظة كركوك الأصليين من أكراد وعرب وتركمان وأرمن وصابئة وغيرهم".
وكشف زركار ان"نحو 5 آلاف عائلة عربية شيعية وافدة في كركوك أعلنت عزمها على العودة الى مناطقها الأصلية، ووقعت وثائق بهذا الخصوص". ورداً على سؤال هل وقع هؤلاء بحرية أجاب:"نعم، وقعوا بكل حرية ويمكنكم مقابلتهم أيضاً. والتقى ممثلون عن هذه العائلات جلال طالباني رئيس الجمهورية وابراهيم الجعفري رئيس الوزراء ومسؤولين أكراد وأعلنوا خلال هذه اللقاءات نيتهم العودة الى مناطقهم الأصلية. والترتيبات جارية بهذا الشأن".
وعن عمليات الاغتيال التي تطاول العرب والتركمان خصوصاً، ذكر زركار ان"هذه العمليات، التي تستهدف أيضاً أكراداً، يقوم بها عناصر نظام البعث لخلق فتنة في كركوك تماماً كما يفعلون في بغداد وبقية المناطق بتنفيذ عمليات اغتيال لشخصيات سنية وشيعية بهدف إشعال فتنة بين الطائفتين".
وهكذا تبدو الصورة في كركوك من الداخل بحسب زاوية النظر إليها: العرب والتركمان يشعرون بوطأة قبضة الأكراد على المدينة وإصرارهم على تكريدها تمهيداً لضمها الى إقليم كردستان وهذا ما يرفضه العرب والتركمان، فيما يرد الأكراد بإعلانهم الالتزام بقانون إدارة الدولة القاضي بتصحيح الأوضاع في المحافظة قبل الاستفتاء، وذلك من دون إغفال دور العاملين الاقليمي والدولي في تقرير مصير المحافظة التي غدت نعمة النفط فيها نقمة نتيجة تنازع القوى السياسية المحلية والاقليمية حولها.
رئيس حزب العدالة التركماني العراقي . بيرقدار : نصف مليون كردي وفدوا
أيد رئيس"حزب العدالة التركماني العراقي"أنور بيرقدار عودة المرحلين والمهجرين الى مدنهم الاصلية من دون استغلال هذه القضية سياسياً، وكشف في حديث الى"الحياة"ان عدد الذين رحلهم النظام السابق بلغ 11865 شخصاً تركمانياً وكردياً، فيما بلغ عدد الوافدين الى كركوك بحجة الترحيل والتهجير نحو 500 الف كردي. هنا نص الحديث.
أعلنتم رفضكم للدستور، لماذا؟
- السبب الرئيسي لرفضنا الدستور فهو المادة 136 التي تنص على تطبيق المادة 58 من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية، ما يعني في المحصلة انضمام كركوك الى اقليم كردستان. ونحن نخشى من أن يؤدي انضمام كركوك لاقليم كردستان الى انفصال هذا الاقليم عن العراق واعلان دولة كردية. وأكرر ان استراتيجيتنا في"حزب العدالة التركماني العراقي"التمسك بوحدة العراق.
المادة 58 تنص على تصحيح الأوضاع في كركوك ثم استفتاء أهلها لتحديد مصيرهم بالانضمام الى اقليم كردستان أو بقاء الأوضاع كما هي الآن. فهل أنتم ضد حق تقرير مصير سكان كركوك؟
نحن مع عودة الأكراد الذين رحلهم نظام صدام حسين من كركوك. وهذه مسألة انسانية، ونحن مستعدون لتقاسم رغيف الخبز معهم، ولكن هذه القضية استغلت سياسياً، وهذا الأمر نرفضه.
وأود ان أوضح ان عدد المرحلين الأكراد في عهد صدام لحين سقوط نظامه في نيسان ابريل 2003 بلغ 11865 شخصاً، في حين ان عدد الأكراد الذين جاؤوا الى كركوك وأسكنوا في المدينة تحت عنوان المهجرين أكثر من نصف مليون شخص.
كيف توصلتم الى هذه الأرقام، وما هو مصدر معلوماتكم؟
عدد الاضافات في سجل الناخبين في كركوك بلغ 227 ألف ناخب. وبعملية بسيطة اذا قارنا نسبة الناخبين في كل العراق مع عدد السكان تكون النتيجة 50 في المئة. يعني ان عدد الأكراد الوافدين الى كركوك حديثاً يساوي ضعف عدد الناخبين الذين أضيفوا الى سجل الناخبين، أي نحو 460 ألفاً، فضلاً عن أعداد أخرى لم تسجل في سجل الناخبين.
هل لديكم ثقة بلجنة تطبيع الأوضاع في كركوك برئاسة سكرتير الحزب الشيوعي العراقي حميد مجيد موسى؟
- نحن نعترض على شخص حميد مجيد موسى لأسباب عدة: أولاً لأنه عين من جانب رئيس الوزراء السابق اياد علاوي، الذي ليس من صلاحياته تعيين رئيس للجنة تطبيع الأوضاع في كركوك. وثانياً، أهل كركوك الأصليون لهم تاريخ مرير مع الحزب الشيوعي العراقي. فالشيوعيون هم الذين ارتكبوا مجزرة 1959 في كركوك. وهذا الحزب مكروه لدى سكان كركوك الأصليين بسبب تلك المجزرة التي لم ينسوها بعد. وثالثاً، تنص المادة 58 في قانون ادارة الدولة للفترة الانتقالية على ان يتولى هذه الأمر تصحيح الأوضاع محكّم محايد. لكن حميد موسى ليس محايداً، اذ يأتي الى كركوك ويلتقي مع ممثلي الفصائل والأحزاب الكردية من دون ان يلتقي مع ممثلي الأحزاب والتجمعات التركمانية أو العربية، كما يذهب الى اربيل ويلتقي مسعود بارزاني للغاية نفسها. لذلك نعتبر حميد موسى ليس محكّماً محايداً ونعترض على توليه رئاسة لجنة تطبيع الأوضاع في كركوك.
البعض يتهم أحزاب الجبهة التركمانية بأنها أداة بيد تركيا، ما هو ردكم؟
هذا اتهام باطل. العراق محتل الآن من جانب الأميركيين، وهناك من يتعامل مع الأميركيين ليتولى بعض المناصب وتحقيق مكاسب. فلماذا لا يعتبر هؤلاء عملاء للأميركيين أو البريطانيين؟ لماذا يتهمون الجبهة التركمانية فقط بالعمالة لتركيا. تركيا تحتفظ بعلاقات مع كل القوى والأحزاب السياسية العراقية. وعلاقتنا كجبهة مع تركيا ليست مميزة.
كيف ترى الحل لوضع كركوك؟
بقاء الحدود الادارية لكركوك كما هي واعطاء خصوصية للمدينة كما لبغداد كي لا تضم الى أي اقليم. كانت المادة 53 في الدستور الانتقالي مؤلفة من 3 فقرات: الأولى تنص على الاعتراف باقليم كردستان، والثانية بقاء الحدود الادارية للمحافظات ال18 كما هي.
أما الفقرة الثالثة فكانت تنص على منح كل من كركوك وبغداد وضعاً خاصاً. لكن الذي جرى ان النص الجديد في الدستور ألغى المادة 53 ما عدا الفقرة الأولى التي هي في مصلحة الأكراد، فيما ألغيت الفقرتان الثانية، والثالثة التي تعتبر ضمانة لمصالح كل سكان كركوك الأصليين من عرب وتركمان وغيرهم. نحن نريد بقاء الحدود الادارية لكركوك كما هي ومنح كركوك وضعاً خاصاً مثل بغداد كي لا تضم الى أي اقليم.
ناطق باسم "التجمع العربي". الجبوري : الأكراد المرحلون 13 ألفاً والعائدون 300 ألف
اتهم محمد خليل الجبوري، عضو مجلس محافظة كركوك والناطق باسم التجمع العربي فيها، الأكراد بمحاولة"تكريد"كركوك. ولفت في حديث الى"الحياة"الى ان عدد المرحلين الأكراد من المدينة خلال السنوات الماضية لم يتعد ال 13 ألفاً فيما عاد اليها منذ سقوط نظام صدام حسين أكثر من 300 ألف كردي. وأكد ان كركوك مدينة عراقية لكل العراقيين من دون تمييز. هنا نص الحديث:
العرب يتهمون الأكراد ب"تكريد المدينة"والأكراد يتهمون العرب باستيطان المدينة لتغيير الديموغرافيا كي يصبح الأكراد أقلية. ما هو رأيكم؟
بعد احتلال العراق في نيسان ابريل 2003 بدأ نزوح غير طبيعي أو اعتيادي الى مدينة كركوك بحجة عودة المرحلين. ولدينا احصاءات بعدد الأشخاص الذين رحلوا من كركوك من القومية الكردية وهم لا يتجاوز عددهم 13 ألفاً في ما عرف بتصحيح القومية. والوثائق موجودة في المركز التمويني للبطاقة التموينية، لأن أي شخص يرحل من المدينة كان ينقل معه البطاقة التموينية الى محل اقامته الجديد وتؤشر في سجل الأمم المتحدة في برنامج"النفط مقابل الغذاء".
ويتجاوز عدد الوافدين الأكراد الى كركوك بحجة الترحيل ال 300 ألف حتى الآن.
وحتى أعلى نسبة زيادات سكانية في العالم لا تصل الى هذه النسبة. فالزيادة السكانية ل 11 ألف نسمة لمدة 10 أو 20 أو سنة لا يمكن ان تتجاوز ال 100 ألف.
من أين لكم هذه الأرقام، والى ماذا تستندون؟
من سجل البطاقات التموينية في كركوك. فالأسماء التي سجلت حديثاً في المركز التمويني واعطيت لها بطاقات تموينية يبلغ عددها نحو 300 ألف. هذا دليل أكيد نعتمد عليه، اذ عندما يأتي المرحل من الشمال الى المركز التمويني لاستخراج بطاقة تموينية يثبت اسمه في سجلات المركز عبر الكومبيوتر.
ونحن حصلنا على هذه الأرقام من سجلات كومبيوتر المركز التمويني. وبلغ عدد المسجلين حديثاً، وبالتحديد من نيسان ابريل 2003 وحتى الآن، نحو 325 ألف شخص حصلوا على بطاقات تموينية.
من أين جاء كل هؤلاء؟
من المناطق الشمالية اضافة الى عناصر من"حزب العمال الكردستاني"PKK يبلغ عددهم نحو 150 ألفاً موزعين على مناطق مختلفة من كركوك واحتلوا أماكن للسكن فيها. ونحن في مجلس المحافظة خصصنا العام الجاري أماكن محددة للسكن الموقت للمرحلين، لكن تم تجاوز هذا الأمر، وعلى سبيل المثال سكنت أكثر من 120 عائلة مقر الفيلق العسكري القديم و120 عائلة في بنجالي، اضافة الى تجاوزات كثيرة على أراضي المواطنين وأخرى تابعة للدولة وتم البناء عليها بشكل غير قانوني.
وعلى مدخل كركوك من جهة السليمانية يلاحظ انه جرت تجاوزات كبيرة، بتحديد قطع من الأراضي بأحجار من الطوب أو بنوع من الدهان الأبيض بهدف البناء عليها بشكل غير قانوني اذ تعتبر هذه المنطقة"محرمة"لأنها غنية بالنفط.
ما هو الحل الذي ترتأونه لحل مشكلة كركوك؟
قانونياً، وكما جاء في قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية وكما ثبت في الدستور الجديد، يحق للعراقي التنقل والسكن أينما يشاء في أرض العراق.
القانون ينص على هذا الحق بعد تصحيح الأوضاع في كركوك؟
لكن هؤلاء أتوا الى كركوك بقانون دولة، وسكنوا هذه المدينة منذ نحو 20 أو 30 سنة أو أكثر، وتصاهروا مع أبنائها وأصبحوا من أهل المدينة. صدام حسين لم يأت بهم الى هذه المدينة لتعريبها وانما أتوا بسبب الحرب العراقية - الايرانية اذ كانوا عرضة للخطر لأنهم كانوا يسكنون على الحدود المحاذية لايران.
لكن صدام أسكن بعضهم في بيوت الأكراد ومنحهم أملاكهم كما منح بعضهم أراضي وأموالاً في ما عرف برجال العشرة آلاف دينار؟
صحيح. رجال العشرة آلاف هم أهالي منطقة الأهوار التي جففت مياهها، فشجع النظام السابق هؤلاء على الهجرة الى مدينة كركوك ومنحهم 10 آلاف دينار لبناء منازل لهم اذ لم تكن لهم مصادر دخل أخرى للمعيشة في هذه المنطقة. وبرأيي لم تكن النية تعريب مدينة كركوك.
وليرحل هؤلاء الذين لا يتجاوز عددهم أكثر من 60 ألفاً ولكننا نحن أهل كركوك العرب الأصيلين سنبقى.
يقال ان معظم العمليات المسلحة التي تحصل في كركوك يقوم بها"عرب وافدون"؟
- هذا غير صحيح وتشويه للحقائق. العرب في كركوك لا يمتلكون ميليشيا أو جيشاً مسلحاً. هناك عدد قليل منهم في الشرطة والجيش العراقي الجديد. لكن الميليشيات والاستخبارات في المنطقة كلها من عناصر الأحزاب الكردية وهي التي تزعزع استقرار المدينة بالمداهمات والاعتقالات المتواصلة التي تقوم بها وخصوصاً خلال اقتراب موعد الانتخابات حيث تبدأ حملة المداهمات للأحياء العربية بشكل عشوائي. وهي متهمة بالمسؤولية عن التفجيرات في مناطق مختلفة في كركوك، حيث ألقي القبض على بعض العناصر المنتمين الى الأحزاب الكردية وعلى منتمين الى أجهزة أمنية متورطين في هذه العمليات وهم معتقلون حالياً في السجون الأميركية.
قيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني . جلال عزيز: بقاء العرب يعني استمرار المشاكل
شدد ممثل"الاتحاد الوطني الكردستاني"في كركوك جلال جوهر عزيز على ترحيل كل الوافدين العرب الى كركوك، واعتبر بقاء بعضهم استمراراً للمشاكل. واعتبر في حديث الى"الحياة"ان الأكراد"جزء رئيسي من العراق"ونفى أي توجه للانفصال مع توافر فرص ذلك منذ 1991. وهنا نص الحديث:
ماذا عن مطالبتكم بعودة المرحلين الأكراد الى بيوتهم وأملاكهم في كركوك واعادة الوافدين العرب الى المناطق التي جاؤوا منها؟
من الناحية السياسية الأدوات التي ساهمت في تعريب المنطقة تعتبر جزءاً من الجريمة. صحيح لا ذنب للطفل أو العائلة التي وفدت الى كركوك لكن في المقابل ما هو ذنب العائلات الكردية كي تبقى مشردة عشرات السنين؟
العراق بلد غني وكركوك خصوصاً مدينة غنية، يمكن ان تساهم في حل القضية عبر دفع تعويضات للجميع. الأكراد يعودون الى أرضهم وبيوتهم والعرب يعودون الى المناطق التي أتوا منها أو اذا أرادوا الاقامة في أي منطقة أخرى، كالسليمانية أو اربيل أو دهوك أو الناصرية أو البصرة.
لكن هذا يتناقض مع نص في الدستور يمنح كل عراقي حرية التنقل والاقامة والتملك في أي مكان في العراق؟
هناك نوعان من الوافدين: الأول استولى على منازل الأكراد وأملاكهم ومزارعهم، والثاني أعطته الحكومة العراقية أراضي للبناء عليها مع منح مالية. حل مشكلة الفئة الأولى بات مستعجلاً اذ ان أصحاب هذه الأملاك الأكراد الذين يعيشون أوضاعاً مزرية مهجرين في أمكان مختلفة يريدون العودة الى أملاكهم. أما الفئة الثانية فمشكلتها أسهل.
واذا بقي الوافدون العرب في كركوك، وخصوصاً الذين لديهم مشاكل عقارات وأراض فبقاؤهم يعني بقاء المشكلة. أما الذين لا مشاكل لديهم من هذا النوع فقضيتهم أسهل وأقل حدة.
ألا يوجد حل وسط لهذه المشكلة؟
نحن لا نؤمن بحل مشكلة على حساب أخرى. فبقاء العائلات التي لديها مشاكل اقتصادية وادارية في كركوك يعني بقاء المشاكل. واذا أردنا حل هذه المشاكل فالتعويضات تبقى الحل الأنسب لموضوع الوافدين.
إضافة الى ذلك، الوافد الذي اغتصب أملاك الآخرين في كركوك سيبقى عائقاً أمام تحديد مستقبل المدينة في الاستفتاء المزمع بعد سنتين تقريباً، اذ سيصوت مع بقاء الوضع الحالي ورفض انضمام كركوك الى اقليم كردستان مثلاً لأن مصلحته تقتضي ذلك.
كيف تنظرون الى العراق الجديد؟ وهل تنوون الانفصال عن العراق اذا توافرت الظروف الملائمة؟
الأكراد جزء رئيسي من مكونات العراق، ويشعرون باعتزاز وفخر لمشاركتهم في صنع هذه الحضارة في هذه البلاد. وسبب اصرارنا على البقاء جزءاً من هذه البلاد ليس مجرد عاطفة تجاه اخواننا العرب بل لأننا شركاء في هذه الحضارة التي ليست فقط حضارة عربية. فالأكراد لعبوا دوراً مهماً في كل جوانب الحياة في هذا البلد.
تأسيس الجيش العراق مثلاً بني بأيادٍ كردية في بداية تأسيس الدولة العراقية. وحتى على مستوى الدين الاسلامي كان ولا يزال للأكراد مساهماتهم القيمة. مفتي العراق عبدالكريم المدرس الذي توفي قبل أسابيع كردي، فضلاً عن وجود علماء دين أكراد كبار فقهاء في الفكر والشريعة.
وفي الجانب الاقتصادي نرى اننا شركاء في تقاسم كل الثروات مع الشعب العراقي. ولو كان الأكراد يريدون الانفصال عن العراق لما بذلوا كل هذه التضحيات ولما شاركوا في العملية السياسية في عموم العراق. فجلال طالباني رئيس الجمهورية ومسعود بارزاني ومسؤولون أكراد كبار جازفوا بحياتهم في سبيل البقاء في بغداد والمساهمة في حل الخلافات بين الأطراف العراقية. وهم الى الآن يلعبون دوراً محورياً في العراق.
وهل تنوون الانفصال متى توافرت الظروف الملائمة؟
- منطقة كردستان تتمتع منذ 1991 14 سنة بحكم ذاتي وشبه انفصال عن العراق، وكان هناك مجال كبير لدى الأكراد لاعلان انفصالهم لو أرادوا، لكنهم لم يفعلوا من دون ان يعني ذلك التخلي عن حقوقهم السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية بأي شكل من الأشكال.
الأكراد عانوا كثيراً من قمع الأنظمة الديكتاتورية ذات النظام الواحد والسلطة الواحدة والطائفة الواحدة والشخص الواحد والحزب الواحد. وليس فقط الأكراد عانوا من هذه الأنظمة الاستبدادية، بل كل العراقيين عانوا.
هناك غبن كبير لحق الأكراد خصوصاً في ما يخص شركة نفط الشمال، فمن مجموع 16 ألف موظف هناك 900 كردي فقط، علماً أنه في بداية تأسيس هذه الشركة عام 1927 كانت نسبة الأكراد فيها الأكبر يليهم الكلدواشوريون فالتركمان ثم العرب. والآن هناك 13 ألف موظف عربي على الأقل في الشركة.
لذلك سياستنا ترتكز على تقاسم السلطات والثروات وعدم ابقائها بيد طرف واحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.