شهدت الأيام الأخيرة تحركات حاسمة في تاريخ الدراما الأردنية. فبعد يوم من إعلان رئيس"اتحاد المنتجين الأردنيين"عدنان العواملة استقالته، أعلن الناطق الإعلامي في الاتحاد داود عمر داود استقالته هو الآخر تضامناً مع العواملة، احتجاجاً على الوضع المتردي الذي وصلت إليه الدراما الأردنية. وقال العواملة في نص استقالته إنه يريد التنحي عن رئاسة الاتحاد"لعلهم يتذكرون الدراما المحلية، ويهبّون لإنقاذها. فكيف يمكن النهوض بالدراما المحلية وأقصى موازنة يمكن أن يدفعها التلفزيون الأردني لمسلسل تلفزيوني من ثلاثين حلقة هو 90 ألف دولار، في حين أن أي مسلسل عادي قليل التكلفة المادية يحتاج إلى نحو 450 ألف دولار؟". أما داود في كتاب استقالته نقداً قاسياً للحكومة التي حمّلها مسؤولية تدهور وضع الدراما الأردنية، وقال إنه"في ضوء تردي صناعة الإنتاج التلفزيوني وعدم وفاء الحكومة بوعودها للاتحاد في دعمها، فإن العمل في الاتحاد أصبح من دون طائل ومجرد عبث ومضيعة للوقت". بيان الاتحاد وبعد ان انتشر خبر هاتين الاستقالتين، ونتج عنهما عدد من التفاعلات، أصدر اتحاد المنتجين الأردنيين الذي يضم في عضويته 38 شركة إنتاج محلية، بياناً أول من أمس، يحاول فيه طرح القضية من وجهة نظره وتحديد المنطلقات الأساسية للنقاش. جاء في البيان المذكور أن"صناعة الإنتاج التلفزيوني الاردني عاشت فترة ازدهار وانتشار كبيرين في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وبعد ذلك واجهت هذا الانتاج معضلتان، بدأت أولاهما مع حرب الخليج الثانية عام 1991 عندما توقف الاشقاء في دول الخليج العربي عن شراء الاعمال الفنية الاردنية. والثانية تتمثل الآن في صعوبة التسويق". وطالب الاتحاد كذلك كلاً من العواملة وداود ب"العدول عن الاستقالة والاستمرار في خدمة الاتحاد". ومضى بيان"اتحاد المنتجين الأردنيين"في تصعيد نبرة النقاش، اذ ألقى اللوم على وزارة الاعلام الاردنية التي"لم تبادر الى دعم تسويق المسلسل الاردني في محطات التلفزة العربية، ما ادى الى توقف الانتاج التلفزيوني الاردني، لأن عائد المبيعات لا يغطي كلفة الانتاج". القشة و ... ظهر البعير وعلى رغم عدم وجود خطوة حقيقية يمكن اعتبارها القشة التي قصمت ظهر البعير وأدت إلى استقالة العواملة وداود من الاتحاد، فإن وجود تراكمات تمتد لنحو ست سنوات أدت إلى هذه الأحداث التي قد تعصف بما تبقى من عناصر الدراما المحلية التي تنازع أصلاً. وعلى رغم أن كثيراً من هذه التراكمات التي دعت إلى هذه"الهزة"مما لا يمكن تصنيفه في باب القضايا المحلية، كدور الرقابة التقليدية وتواضع الدعم الحكومي المقدم لهذا القطاع، فإن معوقات محلية كثيرة تبرر تقلبات الساحة الدرامية في المملكة هذه الأيام. فشركات الإنتاج غير معفية من الضريبة العامة وضريبة المبيعات التي تبلغ نسبتها 16 في المئة، كما إن منتجاتها من أعمال درامية خاضعة لقانون مراقبة المصنفات المرئية والمسموعة الذي يطبق أصلاً على الأفلام السينمائية، ولكن تم إقحام الأعمال الدرامية التلفزيونية فيه منذ جعله قانوناً بديلاً لقانون مراقبة الأشرطة السينمائية عام 1997. وطالب بيان اتحاد المنتجين الحكومة ب"دعم المنتجين في تسويق اعمالهم في محطات التلفزة العربية، واعطاء التلفزيون الاردني الأولوية للأعمال الاردنية المنتجة محلياً، والاهتمام باعمال المنتجين الاردنيين وتقديمها على ما هو سواها، وفق ما تتعامل المحطات الاخرى مع منتجيها المحليين". وتطول قائمة المطالب التي تتركز، بشكل أساسي، على قضية الدعم الحكومي لقطاع الدراما الذي شهد تراجعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، على رغم انتشار أعمال درامية"أردنية"على شاشات القنوات الفضائية العربية، لكنها في حقيقة الأمر إنتاج خليجي في الغالب، يقتصر فيها دور الجهة المنتجة الأردنية على"الإنتاج التنفيذي"، كما حصل أخيراً مع المسلسل الذي لم يبث كاملاً"الطريق إلى كابول"، الذي أشرف على الإنتاج التنفيذي فيه"المركز العربي للخدمات السمعية والبصرية"الذي يملكه عدنان العواملة.