بعد اكثر من عام ونصف العام من تفاوض الاسرائيليين فيما بينهم, انتهت المرحلة الاولى من عملية"فك الارتباط"الاحادية الجانب باخلاء مستوطنتي"حومش"و"صانور"القريبيتن من مدينة جنين شمال الضفة في خطوة سبقها اخلاء مستوطنتي"غانيم"و"كاديم"المحاذيتين للمدينة ذاتها ومستوطنات قطاع غزة فيما بات الفلسطينيون في حالة ترقب لتداعيات هذه المرحلة على تفاصيل حياة بعضهم بعيدا عن مظاهر الاحتلال. في بلدة جبع, وهي احدى القرى الفلسطينية الثلاث التي تشرف عليها مستوطنة"صانور"كان الفلسطينيون يتابعون، بعضهم عبر المناظير, من فوق اسطح منازلهم عملية اخلاء نحو اربعمئة من مستوطني"صانور"ومناصريهم من المعارضين لفك الارتباط، وسط حشد عسكري اسرائيلي غير مسبوق لتنفيذ عملية الاخلاء شارك فيها نحو 5000 جندي وشرطي بواقع اكثر من خمسين شرطيا لكل مستوطن. وبدا المشهد أشبه بمسرحية تقدم امام مئات وسائل الاعلام العربية والعالمية اذ اقتلعت جرافة عسكرية ضخمة البوابة الرئيسة للمستوطنة واعقب ذلك دخول آلاف من افراد الشرطة الاسرائيلية الى المنازل التي بدا معظمها خالياً باستثناء مبنى الكنيس في وسط المستوطنة حيث تمركز عشرات المستوطنين الذين سرعان ما بادر غالبيتهم الى المغادرة وسط كلمات التأنيب الموجهة لرجال الشرطة قوبلت بكلمات تطمئن المستوطنيين ب"اننا معكم وسنواصل الطريق معاً ونحن لم نأت هنا لايذائكم". وانتشر في الموقع عدد كبير من الناطقين باسم الشرطة ووزارة الخارجية الاسرائيلية للحديث الى الصحافيين عن"قيام اسرائيل بما عليها، وان على السلطة الفلسطينية ان توفر الامن في المنطقة وتحافظ على الهدوء وتحارب المنظمات الارهابية"، كما قال الناطق باسم الخارجية الاسرائيلية. وخلافا لما اعلن سابقا جرت عملية الاخلاء بسلاسة. ومع ساعات بعد الظهر لم يتبق من المستوطنين الذين نقلوا بحافلات الى وجهة لم تعرف سوى خمسة عشر مستوطنا معظمهم من الصبية اغلقوا غرفة متنقلة على انفسهم بالاسمنت ما حدا بالشرطة الى جلب رافعة ضخمة لاخراجهم من المستوطنة. ولم تبرز مظاهر مقاومة حقيقية من جانب المستوطنين الذين قيل سابقا انهم اعدوا حبات بطاطا محشوة بالشفرات الحادة وقنابل دخانية. وفي هذه الاثناء كان اهالي القرى المجاورة، خصوصاً جبع يحتفلون على طريقتهم بتوزيع الحلوى واطلاق الهتافات المرحبة باخلاء من قالوا انهم كانوا يتصرفون"كقطاع طرق"يطلقون النار على المواطنين ويتحكمون في ايقاع حياتهم ويغلقون الطريق الرئيس الوحيد الذي يربط بينها وبين مدينة جنين. وقال المواطن سامر جرار وهو ينظرعبر منظار الى المستوطنة التي يطل عليها منزله:" أكاد اطير من الفرح. سأرجع الى ارضي التي حرمت من فلاحتها وحرم اطفالي حتى من رؤيتها. هناك لي 24 دونماً من الارض حرمني المستوطنون حتى من الوصول اليها لقطف ثمار الزيتون". وقال المواطن عوض علاونة الذي هدمت قوات الاحتلال منزله في الانتفاضة بحجة ان محيط المنزل استخدم من جانب المسلحين الفلسطينيين لاطلاق النار على الجيش والمستوطنين:"سنرتاح من المستوطنين ومن ارهابهم ولكن القضية التي تبقى معلقة هي ما سيفعله الجيش الاسرائيلي وما اذا كان سيستبدل بالمستوطنين". وبانتهاء المرحلة الاولى من"عملية فك الارتباط"الاسرائيلية ما زال الجانب الفلسطيني مغيبا عن تفاصيلها كما اكد ل"الحياة"مجدي علاونة مدير مكتب الارتباط الفلسطيني الذي اشار الى ان الجانب الاسرائيلي يرفض، رغم اللقاءات المتعددة التي جرت بين الطرفين، اعطاء اجوبة عما اذا كانت السلطة على المستوطنات الاربع ستنقل الى السلطة الفلسطينية"ام انها ستبقى تحت مظلة الجيش الاسرائيلي وبالتالي تستمر السيطرة الاسرائيلية على الارض وعلى حياة الاف الفلسطينيين في المحيط. الى ذلك، اعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية ان اسرائيل تقوم، خلافاً لاتفاق بينها وبين السلطة الفلسطينية، بهدم منازل المستوطنين في قطاع غزة من دون ان تزيل المواد الضارة من اسقفها، خصوصاً مادة الاسبيستوس التي وعدت بازالتها. وقال الناطق باسم الوزارة انه سيكون من الصعب مستقبلاً ازالة هذه المواد الضارة من بين الانقاض.