457 مليونا مستحقات مزارعي القمح    أمير منطقة تبوك يستقبل معالي نائب وزير البيئة والمياه والزراعة    اطلاق النسخة الثانية من مشروع "رِفْد" للفتيات في مدينة أبها بدعم من المجلس التخصصي وأوقاف تركي بن عبد الله الضحيان    الأمير سعود بن نهار يلتقي المدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الغربي    سحب ممطرة على جنوب غرب المملكة وحرارة شديدة على اجزاء من الرياض والشرقية    فعاليات نوعية تُثري تجربة الزوّار في كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    معلقون ومحللون يرتقون بتجربة المشاهدة في كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    أمين المدينة المنورة يستعرض جهود هيئة تطوير المنطقة    ارتفاع أسعار الذهب    ارتفاع الدخل السياحي في الأردن    "الأونروا": سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة تضاعف في قطاع غزة    رابطةُ العالم الإسلامي تُدين الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية    المواصفات تجدد دعوتها للتحقق من مطابقة المركبات عبر"سابر"    "الأكاديمية اللوجستية" تفتح التسجيل ل" الدبلوم المشارك"    تسحب اليوم بمقر الاتحاد القاري في كوالالمبور.. الأخضر يترقب قرعة ملحق تصفيات مونديال 2026    حفل يامال المثير للجدل يغضب برشلونة    السويسري"تشاكا" بين نيوم وسندرلاند    معرض"عجائب أرض السعودية" يرسو في اليابان    أصابع الاتهام تشير للفصائل المسلحة.. تحقيق عراقي في ضرب حقول النفط    تفكيك خلية خطيرة تابعة للمليشيا.. إحباط محاولة حوثية لاغتيال المبعوث الأممي    د. باجبير يتلقى التعازي في وفاة ابنة شقيقه    " الأمن العام" يعرف بخطوات إصدار شهادة خلو سوابق    "الأحوال": جدد هويتك قبل انتهائها لتفادي الغرامة    "الداخلية" و "الموارد البشرية" يوقّعان مذكرة تفاهم    «شلة ثانوي».. مسلسل جديد في الطريق    بهدف الارتقاء بالمنتج الثقافي والمعرفي.. توقيع مبادرة "سعوديبيديا" لتعزيز المحتوى السعودي    شركة الدرعية توقع عقداً بقيمة "5.75" مليارات ريال لمشروع أرينا الدرعية    وزارة الحج والعمرة تكرم عمر بالبيد    المفتي يستعرض أعمال "الإفتاء" ومشاريع "ترابط"    إطلاق مبادرة لتعزيز التجربة الدينية لزائرات المسجد النبوي    20 قتيلاً.. وتصعيد إنساني خطير في غزة.. مجزرة إسرائيلية في خان يونس    طبيب يقتل 15 مريضاً ويحرق منازلهم    زلزال بقوة 7,3 درجات قبالة ألاسكا مع تحذير من تسونامي    رونالدو يخطف جائزة لاعب الموسم..وجماهير الاتحاد تنتزع"تيفو العام"    الخليج يضم الحارس الدولي"أنتوني"حتى 2027    القادسية يوقّع رسمياً مع المهاجم الغاني"كريستوفر بونسو" حتى 2029    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركي الاعتداءات الإسرائيلية على سورية    187 ألف مستفيد من مركز خدمات المسجد النبوي    «الشورى» يطالب «الصحة» بتحقيق المتطلبات الأساسية لسلامة المرضى    المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر يُطلق مبادرة تقليم أشجار العرعر في منطقة عسير    نائب أمير الرياض يلتقي سفير المكسيك    المفتي يستقبل مفوض الإفتاء بمكة وعددًا من المسؤولين    أمير جازان يزور بيت الحرفيين    شباك التذاكر.. حين تروى الحكاية بلهجة سعودية    سعود بن نايف يشيد بجهود «مكافحة المخدرات»    العُلا تجمع بين سكون الطبيعة والمنتجعات الصحراوية    وزير الخارجية ومدير الطاقة الذرية يبحثان تعزيز العمل الدولي    نيابة عن أمير عسير محافظ طريب يكرم (38) متفوقًا ومتفوقة بالدورة (14) في محافظة طريب    الشؤون الإسلامية بجازان تنفذ برامج دعوية بمحافظتي بيش وصامطة لتعزيز الوعي بشروط وأهمية الصلاة    بعد توقف عامين استئناف جلسات منتدى الأحساء    خيول أصيلة تحرج الجيش الفرنسي    متى يجب غسل ملاءات السرير    تحسن طفيف في التلقيح العالمي للأطفال    إغلاق منشأة تداولت منتجات تجميلية متلاعباً بصلاحيتها    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    محافظ أبو عريش يرأس اجتماع المجلس المحلي لبحث الاستعدادات لموسم الأمطار    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعتراضات منهجية وسياسية جذرية تنسف تقريري التنمية
نشر في الحياة يوم 13 - 02 - 2005


منير شفيق.
تنمية انسانية ام عولمة: دراسة تحليلية لتقريري التنمية الانسانية العربية لعامي 2002 - 2003.
دار الطليعة، بيروت.
4002.
561 صفحة.
منذ فاتحة الكتاب يوضح المؤلف ان الدافع الرئيس للرد على تقريري التنمية الانسانية العربية 2002 - 2003 هو الاهتمام الدولي الذي حظيا به، والاستناد اليهما في الحملة الاميركية التي تشنها ادارة بوش على البلاد العربية، بما في ذلك الحرب على العراق. فمن يقرأ تعليقات الصحف العربية وعدد من المسؤولين وصنّاع القرار من الاميركيين والاسرائيليين والاوروبيين على السواء خصوصاً على التقرير الأول في 2002 يجد نوعاً من التركيز على نقطتين رئيسيتين: الأولى، ان المسؤول الأول والاخير عما آل اليه الوضع العربي من الوان التخلّف الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وكذا الأمر من أوضاع الأمية والاستبداد السياسي هم العرب وحدهم، ولا أحد غيرهم، بما يعنيه ذلك تبرئة الدولة العبرية وقوى الهيمنة الدولية والنظام العالمي الاقتصادي والسياسي وتدخلات السفارات والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وما شن على المنطقة من حروب. فهذه تمت تبرئتها من اية مسؤولية في التدهور المتعدد الاوجه الذي آل اليه الوضع العربي. وهو ما اعتبره منير شفيق خللاً شديداً في كل البنية التحليلية للتقريرين، فكيف لا يُعطى هذا العامل، لا سيما في التقرير الدولي الذي ذاع صيته عالمياً، أي دور حتى لو كان ثانوياً في مآلات الوضع العربي الراهن؟
اما النقطة الثانية فإهماله عند تحليل الواقع العربي لدور التجزئة والدولة القطرية باعتبارهما المصدر التفسيري للضعف العربي وغياب التعاون الاقتصادي والسياسي والنهضوي. ومن ثم فان ناقد التقريرين يعتبر كل تحليل للوضع العربي يُسقط من حسابه نهائياً التاريخ المعاصر للتجزئة والسيطرة الاستعمارية والمشروع الصهيوني، مروراً بضغوط الحرب الباردة، وانتهاء بالعولمة والمرحلة الراهنة، وان اختلفت او تعددت أشكال التدخل، مركزاً فقط على المسؤولية العربية، أنظمة ونخباً ومجتمعات... يأتي تحليله خاطئاً، وأحادي الجانب. وهذا بالنظر الى ضغط العوامل الخارجية والاستراتيجيات الدولية الكبرى في تحديد ملامح وشخوص الوضع العربي.
من هنا يُفهم لماذا استقبل التقرير الاول بكل تلك الحفاوة والاطراء من الجانب الغربي، فأعلنت صحيفة"ذي غارديان"البريطانية مثلاً، بالبنط العريض، يوم 5-7-2002، أن"التهديد الأساسي الذي يواجه المجتمعات العربية لا يأتي من الغرب".
على ان منير شفيق يتابع المؤلف الرئيسي للتقريرين الدكتور نادر فرجاني الذي عاد فقدّم نقداً ذاتياً للتقرير الاول تحت وطأة النقد أعلاه معتبراً في مقال نشر على صفحات"وجهات نظر"، العدد 47 كانون الأول ديسمبر 2002، أن"بلدان المنطقة تعيش صراعاً ضارياً يتكثف في مقاومة المشروع الاستعماري في الوطن العربي الذي يعود الى حرص القوى المهيمنة في النظام العالمي الراهن وحقبة راعي البقر الاميركي"، مشدداً على نقد العولمة والخصخصة واعادة الهيكلة الرأسمالية، علماً ان كل ذلك خلا منه التقرير الأول، بحيث يصعب نقد هذه الاشكالية في التقرير و"النقد الذاتي".
لهذا عمد منير شفيق في سياق نقده الى الفصل بين التقريرين، لأن التقرير الثاني حاول، من دون ان يغيّر جوهرياً في نهج التقرير الأول، ان يدخل اشارات جانبية حول دور النظام العالمي والتدخلات الخارجية وجرائم الاحتلالين الاسرائيلي والاميركي في كل من فلسطين والعراق، وذلك لتفادي تهمة اهمال العامل الخارجي، والاسرائيلي منه على وجه الخصوص، لكنه مع ذلك لم ينج من نقده، لأنه افتقر الى التماسك في ربط العلاقة بين العاملين الخارجي والداخلي، ولأن محصلة ما آل اليه الوضع العربي هو، بكل تأكيد، نتاج تفاعل متبادل بين هذين العاملين، ومن ثم لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض.
لم يقتصر النقد في كتاب"تنمية انسانية ام عولمة"على مناقشة تلك الجوانب وانما حاول اظهار ما حمله التقريران من ضعف في المنهجية العلمية، من ذلك مثلاً اعترافه بالنقص الفادح في معلوماته وبياناته وضعف المقياس الذي وضعه للتنمية الانسانية، وهي المؤشرات الستة: العمر المتوقع عن الميلاد، ومستوى التعليم، والحرية، وتمليك المرأة، والاتصال بشبكة الانترنت، ومدى انبعاث ثاني اوكسيد الكربون، فيما مؤشرات"التنمية البشرية"المعتمدة من البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي الذي اصدر التقرير هي ثلاثة: العمر المتوقع، مستوى التعليم، ومتوسط الدخل الذي أسقطه مضيفاً المؤشرات الاخرى. وهذا المقياس ووجه بنقد شديد من طرف جلال أمين ومحمود عبدالفضيل وآخرين. وقد تساءل منير شفيق كيف يحق للتقرير ان يعترف بكل هذا النقص الفادح في البيانات والمعلومات والمؤشرات والمقاييس المستخدمة مثلاً مقياس"بيت الحرية"الاميركي ومع ذلك يخرج بكل تلك الاحكام القاطعة الجازمة في استنتاجاته؟وحتى نظرية"مجتمع المعرفة"لم تفلت بدورها من النقد ابتداء بارتباك التقرير الثاني في تعريف المعرفة وخلطه بتعريف الثقافة، مروراً بما وقع فيه من تناقضات بين علاقة مجتمع المعرفة بمستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي، وبالقفز فوق ذلك للمطالبة بمواكبة مجتمع المعرفة العالمي.
اما الفصل الثالث من الكتاب فينتقد التقرير الثاني من حيث نظرته"للمجتمع المدني"ونقده للاسرة الابوية و"أزمة اللغة العربية"، وهو ما يحتاج بدوره الى تعميق النقاش في هذه القضايا التي لا يصح ان يتم المرور عليها بصورة سريعة، من دون تمحيص للشائع من المسلّمات حولها.
ولعل ما يلفت الانتباه ما جاء في نقد لمعلومة اشتهرت جداً عن التقريرين، وانساق وراءها كثيرون، وهي ان الناتج الاجمالي لاسبانيا يزيد عن الناتج الاجمالي لكل الدول العربية مجتمعة، وهي مقولة رددها الرئيس الاميركي بوش وعدد من الرؤساء والمسؤولين الغربيين والاسرائيليين، ناهيك عن المعلّقين الصحافيين. لكن الباحث الفلسطيني يفاجئ قارئه بثلاثة حقائق، الأولى ان الارقام التي وردت في التقرير الثاني اختلفت عن الأول، بلا تفسير لكيف حدث هذا، والثانية ان اسبانيا ليست ثانوية في الناتج الاجمالي، فناتجها الاجمالي رقم تسعة في العالم، وهي من هذه الناحية متفوقة على الهند والبرازيل وروسيا وغيرها من الاقطاب الدولية الأخرى، بل متفوقة حتى على بعض المجموعات الاقليمية من غير الدول الثماني الكبرى التي جاءت بعدها. ثم، وهذه فضيحة للتقريرين بحسب الكاتب، ان الناتج الاجمالي العربي يتفوق على ناتج اسبانيا، وذلك بالاعتماد على التقرير الاقتصادي العربي الموحد، عربياً، وعلى تقرير البنك الدولي، اسبانيا وعالمياً، بحوالى ستين بليون دولار. وبهذا يصبح المجموع العربي رقم ثمانية في العالم، داحراً وراءه كندا لتصبح رقم تسعة، واسبانيا لتصبح رقم عشرة، الأمر الذي يكشف عن مدى خفة التقريرين في استخدام الارقام والمقارنات، من دون اتهام بالتعمد. وهذا مع لفت الانتباه الى كون العرب قد حصدوا موقعاً ثامناً وهم مجزأون ومشتتون، فكيف سيكون حالهم لو كان هناك قدر من التكامل، ولا نتحدث هنا عن السوق المشتركة او الموحدة؟
هذه بالطبع مجرد اشارات لما ورد في الكتاب من نقد للتقريرين مما يصعب الرد عليه، لآنه التزم عدم اصدار أحكام عامة وقاطعة، واعتمد بدلاً من ذلك على تقديم ما يمكن تسميته بالبنية الداحضة للأسانيد النظرية والتحليلية التي وردت في التقريرين. لكن يبقى سؤال أخير، وهو كيف سيواجه منير شفيق التقرير الثالث الذي هاجمته الإدارة الأميركية ونفض برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يديه منه؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.