لم تكن الإشارات، في بداية العام، مشجعة جداً بالنسبة إلى سوق الكومبيوتر في أوروبا، وذلك بسبب تراجع ثقة المستهلكين، والصعوبات الاقتصادية التي تواجهها ألمانيا وبريطانيا، وتقريباً كل البلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط. وهذا العام، شهدت إيطاليا تحركات حكومية مكثفة تحسباً لمواجهة أية فترة ركود في نشاطها الاقتصادي، التي يخشاها الجميع هنا، لكن سوق مبيعات الكومبيوتر ظلت صامدة بسبب سياسة الأسعار التنافسية الحادة، التي اتبعتها معظم شركات الكومبيوتر العالمية في السوق الإيطالية، ما عزز الطلبات من جانب المستهلكين، فيما يخص منتجات الكومبيوترات الدفترية المحمولة. وعلى صعيد حجم المبيعات، سجلت السوق الإيطالية ارتفاعاً بنسبة 14.6 في المئة، أي 822.274 كومبيوتر مباع في الربع الثالث من العام الجاري، بزيادة 100 ألف وحدة، مقارنة مع حجم المبيعات في الفترة ذاتها من العام الماضي. وتمحورت معظم المبيعات حول منتجات الكومبيوتر المكتبية"ديسكتوب كومبيوتر"Desktop Computer، إذ بيع 441 ألف كومبيوتر منها، ما يشكل 54 في المئة من السوق المحلية. وكان لافتاً للنظر الارتفاع الذي سجلته مبيعات الكومبيوترات المحمولة، الذي بلغ 29 في المئة، ما جعله يلتهم حصة 47 في المئة من سوق الكمبيوتر الإيطالية. وذلك يدفع الخبراء إلى النظر إلى سوق الكومبيوتر المحمول كمستقبل براق. والواضح أن الكومبيوترات الدفترية، تجذب الآن شريحة جيدة من مستعملي الكومبيوتر الجدد في إيطاليا، بينما تعتبر الكومبيوترات المكتبية كبدائل لنماذجها القديمة، في الدرجة الأولى، والتي هي في حوزة المستهلكين، خصوصاً الشركات. والنتائج الصادرة من الشركات الإيطالية غير مبشرة، كما تدهورت الحال في"أوليداتا"، وهي الشركة الوحيدة الحاضرة في قائمة الشركات العشر الأولى من ناحية المبيعات، لأن مبيعاتها تراجعت بنسبة 50 في المئة. وتتركز معظم أعمال الشركات الإيطالية في قطاع الكومبيوترات المكتبية، الذي يشهد نموه حالياً تقلصاً ملحوظاً في السوق المحلية. من ناحية أخرى، يعاني الإيطاليون من منافسة حادة، من جانب الشركات العالمية القيادية، ومنها شركتي"اتش بي"HP و"أسير"ACER، خصوصاً في وقت يثبط عزم الشركات الإيطالية، التي لا تستطيع الاعتماد على المساهمة الآسيوية في آلية إنتاجها المحلية. وأضحت سوق الكومبيوترات الإيطالية تنافسية وشديدة الصعوبة، لذا أطلقت الشركات العنان إلى ظاهرة القطع في أسعار منتجاتها، التي تضخم حجم مبيعاتها، على حساب التراجع في هوامش الأرباح. فصحيح أن حجم المبيعات ارتفع بنسبة 14.6 في المئة، لكن الأرباح تراجعت بنسبة 2.6 في المئة. وشركات"هيوليت باكارد"Hewlett-Packard و"ديل"Dell و"آبل"Apple فقط، تستطيع الإفادة من نسبة هوامش الربح هذه، عبر حصصها الساحقة في شتى الأسواق، أما الشركات الأصغر الباقية فهي بعيدة كل البعد من تحقيق الأرباح المنشودة. يتوقع المحللون ترسيخ أسعار السوق في المستقبل. إذ لا يمكن للشركات تحمل هوامش الربح المتقلصة لفترة طويلة، من دون اللجوء إلى وِقاء ما. وفي إيطاليا، نجد سر نجاح شركتا HP وACER، في التنافس بتفوق ملموس مع الشركات المحلية، في خط إنتاج الكومبيوترات الدفترية الجديد، عدا عن إعادة تنظيم سياسة العلاقات مع موزعيها المعتمدين. وفيما يتعلق بشركة"ديل"Dell، فقد ازدهرت مبيعاتها بنسبة 37 في المئة، لكن الارتفاع شمل على وجه الحصر، تقريباً، القطاع المهني وغطى 63 في المئة من مبيعات تلك الشركة الأميركية للكمبيوترات المكتبية. وعلى رغم غياب التحولات الجذرية في استراتيجية المبيعات، كونها تبيع فقط من طريق الشبكة العنكبوتية، إلا أن شركة"ديل"تغري تلك الشريحة من الزبائن، الذين لديهم الإمكانية والضرورة في شراء كمية ضخمة من المنتجات. علاوة على ذلك، تبرز للأنظار حال الكساد الموقتة التي تمر بها شركة"لينوفو"Lenovo الصينية، التي تراجعت مبيعاتها بنسبة 25.7 في المئة، لتحتل بالتالي 4 في المئة من حصة السوق، مقارنة مع حصة 6.2 في المئة، العام الماضي. ويفسر الخبراء هذه الظاهرة بمرحلة انتظار خيارات الشركة الاستراتيجية المقبلة، بعد شرائها قسم الكومبيوتر في شركة"آي بي ام". ويريد الزبائن الاطلاع على خريطة الطريق، لشركة"لينوفو"، التي تتميز منتجاتها بالجودة العالية. وربما يتوجب على الشركة الصينية المراهنة على منتجات الفئة الاستهلاكية المتوسطة، لتحسين أدائها، خصوصاً من ناحية تقييم السوق، بانتباه، إضافة إلى تحديد القطاعات الواعدة لعملية نموها.