من كمبوديا، المحطة الثانية في رحلة مُكرسة لمقاومة وباء انفلونزا الطيور، حذر وزير الصحة الاميركي مايكل ليفييت من احتمال موت ملايين البشر، في حال تحول فيروس"اتش 5 آن 1"الى نوع يصيب البشر بانفلونزا مميتة. ولذا، حض ليفييت شعب كمبوديا وحكومتها على بذل اقصى الجهود لاحتواء الموجة الراهنة من انفلونزا الطيور التي انطلقت في العام 2003 ولم تتوقف الى الآن. وانشدت انظار العالم، بقلق هائل، على اسراب الطيور المهاجرة، التي تستعد لاختراق اوروبا، متجهة نحو الشرق الاوسط. واتخذ عدد من البلاد العربية اجراءات وقاية متفاوتة، تركزت على حظر صيد الطيور، وكذلك منع استيراد الدواجن ومشتقاتها من دول مصابة بالفيروس، مثل تركيا. اما المفوضية الاوروبية فأكدت ان الفحوص اثبتت عدم وجود مرض انفلونزا الطيور في رومانيا، مما جنبها الحظر على صادراتها من الدواجن. خط سير الطيور المهاجرة وشكّل منع صيد الطيور جزءاً اساسياً من الاجراءات الوقائية التي اعلنت عنها المملكة العربية السعودية ومصر ولبنان وسورية. واعلنت السعودية انها شددت من إجراءاتها الصحية على المنافذ البرية والبحرية والجوية استعداداً لمواجهة أي طارئ. وتركزت تلك الاجراءات على المراقبة الدقيقة لواردات المملكة من الطيور واللحوم من الخارج، خصوصاً من تركيا والبرازيل. وفي السياق نفسه، حظرت الحكومة المصرية استيراد الطيور الحية من دول العالم كافة، وألغت موسم الصيد البري، خصوصاً في الفيوم ومناطق الصيد الآخرى. لماذا الخوف من الطيور المهاجرة؟ وهل يبدو الخوف مُبرراً؟ الموجة الراهنة من فيروس"اتش 5 آن 1"ابتدأت قبل عامين هاجرت خلالهما الطيور، كما تفعل كل عام. فلماذا الخوف راهناً؟ تبتدأ الاجابة عن السؤال بالاشارة الى ان نوعاً قوياً من فيروس"اتش 5 آن 1"اكتشف في طيور الصين البرية في ربيع العام الجاري. وتهاجر تلك الطيور، خصوصاً الاوز البري، في اتجاه الهند وهضبة التيبيت، وكذلك نحو دول جنوب شرقي آسيا مثل فيتناموكمبوديا واندونيسيا وتايلاند. وتعبر الطيور التيبيت متجهة الى السهب السيبيري الكبير. وصلت فعلياً، مع مطلع الخريف، الى جبال الاورال التي تفصل روسيا الآسيوية عن روسيا الاوروبية واصابت مناطق زراعية فيها، وواصلت سيرها فوصلت الى تركيا. وباتت على حدود القارة الاوروبية. وهنا تصل الطيور الى نقطة مفصلية مهمة بالنسبة الى العالم العربي. فبحسب العادة، تتوزع تلك الطيور على خطين رئيسيين، اذ يواصل قسم منها السفر نحو اوروبا. ويتابع القسم الآخر طيرانه من تركيا في اتجاه العراق ثم يعبره الى المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي وايران، واحياناً، تصل بعض الاسراب الى سورية ولبنان، وتحملها الرياح في اتجاه اسرائيل ثم مصر. ويعني ذلك ان المنطقة العربية مطالبة بوقف فوري لصيد الطيور، منعاً لانتشار فيروس"اتش 5 آن 1". ولذا، وصف وزير الصحة اللبناني محمد خليفة صيد الطيور راهناً بأنه يمثل"جريمة وطنية". وفي مداخلة له امام البرلمان اللبناني، استعاد الوزير الكثير من ملامح الطبيب حين قدّم شرحاً مُركزاً عن انفلونزا الطيور، منبهاً الى غياب اللقاح. واورد خليفة ان الوزارة توصلت الى اتفاق مع شركة"روش"لكي ترسل الاخيرة بودرة دواء"تاميفلو" Tamiflu، لكي يُصنع في لبنان. وفي هذا السياق، اعلنت شركة"روش"قبولها التعاون مع شركات آخرى لانتاج ذلك الدواء، لكنها رفضت التخلي عن براءة الاختراع الخاصة بها، وهي الخطوة التي قد تُمكن شركات من العالم الثالث من انتاجه. واعلن كوفي انان انه لا يريد ان يرى الملكية الفكرية تعوق حق الفقراء في الحصول على أدوية، في الاشارة الى الثمن المرتفع لما تُنتجه"روش"، لكنه لم يطلب من الشركة التخلي عن براءة اختراع هذا الدواء. وقد تبرعت بثلاثة ملايين عبوة منه لمنظمة الصحة العالمية كي تستخدمها في أي مكان في العالم. والمعلوم ان دولاً عدة تُكدس هذا الدواء تحسباً للاسوأ. وفي المقابل، فان"تاميفلو"ليس الدواء الوحيد لعلاج انفلونزا الطيور، في حال اصابتها البشر. ويتوافر دواء آخر للعلاج هو"ريلانزا" Relenza. ويُعرف علمياً باسم"زاناميفار"، ويعمل كمضاد للفيروس ويخفف من قوة فيروس الانفلونزا.