بنزيمة يحتفل بلقب دوري روشن    محافظ صبيا يؤدي صلاة الميت على شيخ الباحر سابقًا    وزير الرياضة يعتمد تشكيل مجلس إدارة الاتحاد السعودي للملاكمة    قادة «التعاون»: دور المملكة محوري وريادي في دعم القضايا الإقليمية والدولية    القادسية يتغلب على الوحدة بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    وحدة التَّوعية الفكريَّة تنظِّم ملتقى تعزيز الوعي الفكري والانتماء الوطني    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    NHC توقّع مذكرة تفاهم مع شركة كي هوفينيان الأمريكية لتطوير مشاريع سكنية وتجارية في وجهاتها العمرانية    مُحافظ الطائف يستقبل مدير فرع هيئة التراث بالمحافظة    نائب أمير الرياض يطّلع على برامج وخطط جائزة حريملاء    بترومين راعٍ رئيسي لفريق نيسان فورمولا إي في سباق طوكيو إي - بري    باخشوين ل"الرياض": 1200 خدمة رقمية تقدمها الوزارة عبر منصات متطورة    الزخم السعودي في أعلى تجلياته    إطلاق النسخة الثالثة من معرض "إينا 3" للقطاع غير الربحي في الرياض بمشاركة خليجية ودولية واسعة    موقف الفتح من ضم مدافع منتخب مصر    تجمع جازان الصحي يدشن عيادة البصريات في مراكز الرعاية الأولية    لاعب الاتفاق يجري عملية جراحية في الدوحة    التحالف الإسلامي يختتم برنامجا تدريبيا في مجال محاربة تمويل الإرهاب    "الداخلية": تأشيرات الزيارة بجميع أنواعها ومسمياتها لا تخوّل حاملها أداء فريضة الحج    نجاح عملية فصل التوأم الملتصق الإريتري "أسماء وسمية" بعد عملية جراحية دقيقة استغرقت 15 ساعة ونصفًا    الجامعة العربية تدين رفض الاحتلال الإسرائيلي الانصياع لقرارات مجلس الأمن    أسبوع الرياض للصناعة 2025 يؤكد الحراك السعودي لتشكيل مستقبل القطاع    الإنسانية السعودية في الحج: مبادرة "طريق مكة" نموذج رائد    الماجستير لعبير أبو ربعية    العمري ل"الرياض" : زلزال 14 مايو ناتج عن انزلاق صفيحة أفريقيا تحت بحر إيجة    الجمعية العمومية لجمعية الإعاقة السمعية بمنطقة جازان تعقد اجتماعها العادي الأول    بصمة على علبة سجائر تحل لغز جريمة قتل    تأمين ضد سرقة الشطائر في اسكتلندا    أفراح الزواوي والتونسي بعقد قران عبدالرحمن    كفيف.. فني تصليح أجهزة كهربائية    إغلاق موقع عشوائي لذبح الدجاج في بوادي جدة    وكالة الفضاء السعودية تستعد لإطلاق أول قمر صناعي    أسرار رونالدو!!    برشلونة في مهمة حسم اللقب أمام الجار    جناح سعودي يستعرض تطور قطاع الأفلام في" كان"    "بينالي الفنون" يدعم صناعة الأفلام التناظرية    الملا يكرم العنود وحصة والصحفي في "رواية وفيلم"    ميناء جدة الإسلامي يستقبل أُولَى طلائع حجاج 1446ه    2400 مشروع لتطوير 9200 غرفة فندقية في مختلف المناطق    انطلاق "هاكاثون الابتكار الصحي الرقمي الأول"    الأغذية المعالجة بوابة للإصابة بالشلل الرعاش    «الغذاء والدواء»: ضبط 1621 منشأة مخالفة خلال شهر    عظيم الشرق الذي لا ينام    رؤيةٌ واثقةُ الخطوةِ    الحدود الشمالية.. تنوع جغرافي وفرص سياحية واعدة    رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم الحج    فعالية «تراثنا» تبرز الهوية الثقافية للمدينة المنورة    «الرئاسي الليبي» يدعو للتحلي بالوعي والصبر    «فهارس المخطوطات الأصلية في مدينة حائل»    لا حج إلا بتصريح    تعليق الحياة ليوم واحد    77% نموا بمطالبات التأمين    عماد التقدم    الهيئة الملكية لمحافظة العلا وصندوق النمر العربي يعلنان عن اتفاقية تعاون مع مؤسسة سميثسونيان لحماية النمر العربي    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    الكوادر النسائية السعودية.. كفاءات في خدمة ضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطر التحالفات الجديدة على مستقبل العراق
نشر في الحياة يوم 20 - 01 - 2005

ربما لم يحنْ الوقت بعد للبحث في العوامل النفسية المحرّكة للأفعال وردود الأفعال في العراق الآن، بَيدَ أن التحالفات التي تنفرز بين العراقيين منذ سقوط نظام صدام حسين، لا تخلو من هواجس تاريخية غير معلنة، لكنها موجودة وكامنة، تعمل على بلوّرة المواقف كلما ازداد غموض مصير العراق.
إعلامياً، تردّد الفئات العراقية الضالعة في الأحداث حرصها على مصير العراق ووحدته. لكن عملياً يبدو كأن الجميع مُقدم على الانتحار، هم وعراقهم! ذلك إن التحالفات تأخذ شكلاً طائفياً وعرقياً، وتفلت الردود عن الضوابط المألوفة في كل حوار"وطني"يناقش وحدة الكيان العام أو مصيره، وبذلك يساهم القلقون من غموض المصير في زيادته تشوّشاً! وتمعن أعمال القتل اليومية، التي تحمل هوية الأصوليين وأسلوب"القاعدة"في حمل الفئات العراقية على شقّ خنادق الخوف وعدم الثقة، كل طرف إزاء الطرف الأخر، مما جعل الكلام عن الوحدة الوطنية بمثابة مصيدة تريد كل فئة من خلالها ابتلاع الفئة الثانية وحقوقها ورؤيتها للمستقبل، وتشير طبيعة التحالفات التي قامت إلى أنّ العراق أشبه بمجموعة شعوب، فقدت صوابها وهي تواجه محنة مشتركة، ينظر كل شعب إليها بعصبية تاريخية مميزة، وبوجهة نظر عدائية، تبعدانه عن الجماعات الباقية.
فالشيعة الذين توحّدوا في قائمة لخوض الانتخابات، يتلقى عدد من أحزابهم الدعم من إيران التي تموّل المقاومة السنيّة الساعية لمنع الانتخابات تجنباً لتثبيت حقائق جديدة تحرمهم من سيطرة على الحكم عزّزها صدام حسين طوال الثلاثين عاماً الماضية. والسنّة الذين عرفوا بمواقفهم القومية من القضايا العربية جعلوا سورية، بعلم نظامها أو عدمه، قاعدة لأعمال المقاومة ضد قوات الاحتلال، فيما تنسّق دمشق، التي يرفع نظامها شعارات قومية براقة، مع طهران علناً للتأثير في مجرى الصراع العراقي، والذي يتّخذ سمة طائفية، قد يؤدي إلى تحقيق أهداف إيران الخاصة بإقامة كيان شيعي في القسم الجنوبي تفرض عليه حماية من نوع ما باسم المذهب، أو الجوار.
والسنّة، أيضاً، الذين أقاموا حكومات علمانية، ونجحوا في إدارة شؤون الدولة على هذا الأساس، سلّموا رايتهم في مقاومة الاحتلال إلى جماعات أصولية القاعدة تلعب بعقولها طموحات خيالية مثل إقامة دولة دينية ملتحية نموذجها الأمثل حكومة"طالبان"الفاشلة.
في الشمال، إذ رتّب الأكراد حياتهم ضمن إدارة ذاتية، تقلقهم الآن فكرة منطقة فيديرالية للجنوب، مبكّرة، وذات طابع طائفي، يسعى إليها أحمد الجلبي، وهو شخص غارق في الديون، دائماً يبحث عن مهمة، أو منصب، يسمحان له بالاقتراض لتسديد قروض أقدم تتراكم عليها الفوائد في البنوك الغربية!
ومثلما يحدث في كل حالات الاهتياج العام، تلزم الصمت غالبية كبيرة من العراقيين، تنتمي إلى الفئات المتحاربة نفسها، لكنهم يفضلّون التنازل عن وزنهم الاجتماعي على الانخراط في صراع عسكري وسياسي ينحدر إلى مستويات خطيرة من المغامرة والضياع. فما يُنسب إلى المثلث السنّي من تمثيل لموقف الطائفة ليس صحيحاً، لأن سكان هذه المنطقة التي تجمع بين الرمادي والفلوجة وتكريت وما بينها من قرى ومدن لا يكاد يبلغ ثلاثة أرباع المليون نسمة، فيما يوجد في منطقة الاعظمية وحدها في بغداد ما يقارب مليون سنّي، جميعهم ذوو نزعة قومية ولهم مساهمات كبيرة في إدارة الدولة منذ تأسيسها، وعرفوا بتحضّرهم، قياساً إلى سكان الرمادي والفلوجة، الذين احتفظوا بتقاليد بدوية ونزعة طائفية مما جعل متطرّفاً مثل الزرقاوي يجد بينهم الكثيرين ممن يستجيبون لمنهجه في وضع المتفجرات في الأسواق، وأمام المدارس، أو على أبواب الجوامع، وأبشع من ذلك قطع الرقاب أمام كاميرات الفيديو.
اعتماداً على هذه الحقائق، لا يكاد سكان المثلث السنّي يمثلون خمسة في المئة من سنّة العراق، وفي الأسبوع الثاني من هذا الشهر تقدّمت أحزاب سنّية، بعضها له دور تاريخي في المعترك السياسي، بقوائم منفردة أو مؤتلفة للاشتراك في الانتخابات التي قاطعتها"هيئة علماء المسلمين"وهي تضمّ رجال دين سنّة اجتمعوا بعد نشوب القتال في الفلوجة، وحصروا مهمتم بالدفاع عن موقف سكان مثلث الرمادي - الفلوجة - تكريت من الاحتلال.
وبين الشيعة أيضاً فئات علمانية متنورة لا تحترم النزعة الطائفية، التي وسمتها إيران بالتخلّف، وترفض تدخّل الجوار في شؤون العراق لأنها تدرك خطر التأثيرات الخارجية على الكيان السياسي للعراق. إضافة إلى ذلك، يوجد مسيحيون، وذوو ديانات أخرى، وتركمان، وصابئة، ممن لا يجدون في مصلحتهم، ولا أمنهم، الضلوع في نزاعات محتدمة وغامضة.
إذن، إضافة إلى الاحتلال، فإن فئتين من سكان العراق يزيدان بسلوكهما الغموض الذي يلفّ مصيره ككيان مستقل، الأولى: تمثلها قلّة من السنّة ممن أغدق عليهم صدام حسين ليشكّلوا عماد نظامه القمعي، ولا يحتملون الآن مسألة فقدان السطوة التي وضعتْ بين أيديهم. والثانية: كثرة من الشيعة الذين يطالبون بحصة عادلة في الحكم توازي عددهم، لكنهم لم يتخلّصوا بعد من التأثير الإيراني عليهم!
وقد تكون النسب الآنفة غير دقيقة تماماً، لكن التحالفات القائمة تكشف طبيعة الخلاف الحاصل بين العراقيين في الوقت الراهن، وتمثل الدمامل النفسية التي كانت تنتظر انهيار النظام السابق لتخترق سطحاً رقيقاً ظلّت تختفي تحته.
كاتب عراقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.