سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القيادة السعودية تنتقل الى مكة المكرمة للاطمئنان الى سير الحج . تصعيد ناجح للحجيج الى عرفات خلا من اي حادث المفتي يحمل على من "جعلوا الجهاد شعاراً والتكفير مطية"
وسط اجراءات أمن مشددة ومراقبة دقيقة لتحركات الحجاج بين مناطق المشاعر المقدسة والمسجد الحرام عبر كاميرات حديثة متحركة، تدفق نحو مليوني حاج من وادي منى إلى جبل عرفات لإدراك الحج أيمانا بقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "الحج عرفة". وانتشر الآلاف من عناصر الاجهزة الأمنية في منطقة المشاعر المقدسة وساحات وبقاع مكةالمكرمة، في دوريات راكبة وراجلة مزودة بأجهزة اتصال حديثة مرتبطة مباشرة بغرفة عمليات القيادة والسيطرة للحيلولة دون وقوع أي حوادث تهدد أمن الحج والحجاج. وانتقلت القيادة السعودية يتقدمها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير عبدالله بن عبدالعزيز والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلى منى في مكةالمكرمة للاشراف على راحة حجاج بيت الله الحرام والاطمئنان الى تنقلاتهم. ولم تشهد التظاهرة الاسلامية الابرز على مستوى العالم ما يسيء إلى الحج الذي يشارك فيه مثل كل سنة، بعض كبار المسؤولين من العالمين العربي والاسلامي. من جهته، أعلن أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز نجاح خطة تصعيد قوافل الحجيج إلى عرفات والوقوف بها. وأوضح الأمير عبدالمجيد ان "وفود الرحمن ادوا شعائرهم على صعيد عرفات في اجواء آمنة تحفهم عناية الله وسط منظومة من الخدمات المتكاملة والرعاية الشاملة في شتى المجالات الصحية والغذائية والتموينية والنقل"، مشيراً إلى ان جميع الخدمات متوفرة بالصورة الطيبة التي تفي باحتياجات حجاج بيت الله الحرام". وأكد ان الدولة "تبذل كل غال ونفيس لخدمةحجاج بيت الله الحرام وتواصل تنفيذ المشروعات الحيوية واجراء الدراسات والبرامج والابحاث لتطوير هذه الخدمات وفق أسس علمية مدروسة" مشدداً على ان "الحالة الامنية والصحية بين الحجاج ممتازة ولم ترد اي بلاغات تفيد بوجود اي حالات وبائية او وقوع حوادث مرورية او أمنية ولله الحمد والمنة". وأكد وزير الصحة السعودي الدكتور حمد المانع أن الأوضاع الصحية بين الحجاج "مستقرة ومطمئنة" ولا يوجد أي حالات خطيرة أو حرجة بين حجاج هذا العام. وقال ل"الحياة" انه للمرة الاولى لم تسجل بين الحجاج أي حالات حمى مخية شوكية، مشيراً إلى ان ذلك كان نتيجة الاجراءات الدقيقة التي قامت بها وزارة الصحة بالنسبة الى حجاج الداخل والحملات الوقائية للمقيمين في العاصمة المقدسة والمدينة المنورة. وأشار الى التزام دول العالم الإسلامي والدول الآخرى بتطعيم حجاجها باللقاح الرباعي الذي يحمي من الحمى المخية الشوكية. وسارت تحركات الحجيج بين مناطق المشاعر في مرونة وانسيابية بفضل الخطة التي وضعتها السلطات السعودية المختصة ونفذتها اجهزة المرور بدقة. وكانت المشكلة الوحيدة التي ظهرت أمس، تعثر الاتصالات الهاتفية في اوقات الذروة بسبب الاقبال الكبير عليها داخل منطقة المشاعر. وكان الحجاج بدأوا مبكراً أمس الصعود إلى جبل الرحمة الذي القى النبي محمد من فوقه خطبة الوداع، ليصلوا ويستغفروا الله. وتحول لون الجبل إلى الأبيض في مشهد مهيب. وكان مساعد وزير الداخلية السعودي للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز اوضح أن عدد الحجاج القادمين من خارج المملكة لحج هذه السنة بلغ مليونين وأربعمئة وتسعة عشر ألفا وسبعمئة وستة حجاج، في حين أدى قرابة نصف مليون حاج الفريضة من داخل المملكة. وامضى الحجاج ليلتهم في مزدلفة بعد ان انتقلوا إليها من عرفات وصلوا فيها صلاتي المغرب والعشاء قصراً، قبل أن ينتقلوا إلى منى لرمي الجمرات عند الفجر ثم الطواف بالكعبة المشرفة. خطبة المفتي وأم مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المصلين لصلاة الظهر والعصر قصراً. ودعا في خطبته جموع الحجيج إلى تقوى الله في السر والعلن وتوحيده وإقامة أركانه والتمسك بنهج الله القويم اإتباع سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم في جميع أعمالهم وأقوالهم. وحض المسلمين على إعزاز دينهم وإعلاء شأنه، متسائلاً: "هل يكون خادماً لدينه من يطعن في أمته ويخون حملة هذا الدين من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان". وزاد: "هل يكون خادما لدينه من يدل على عورات المسلمين أو من يسعى في زعزعة أمن الأمة، وهل يكون خادما لدينه من يصم أذنيه عن سماع الحق ومن يتهم علماءه وولاة الأمر ويصفهم بالخيانة، أو هل يكون خادماً لدينه من يزعم قصور هذه الشريعة وعجزها عن مواكبة الحياة"، وأجاب نافياً "كلا ليس هذا خدمة للدين ولكنه البلاء والعياذ بالله". واضاف موجها كلامه الى "من جعل الجهاد له شعارا والتكفير له مطية" فقال: "هل سألت نفسك يوما هل من الجهاد في سبيل الله سفك دماء المسلمين وتدمير ممتلكاتهم واستحلال دماء المستأمنين وتسليط الأعداء على المسلمين ليتخذوا ذريعة في بلاد الإسلام؟". ونبه المفتي المسلم أينما كان لأن يكون "فطناً راشداً واعياً بعيداً عن العاطفة والحماسة والإندفاع"، مشيراً إلى إن "الجهاد في سبيل الله لم يشرع لسفك الدماء والقتل ولا للتشفي والإنتقام بل هو عبادة لله وشعيرة من شعائر الدين شرع للدفاع عن أوطان المسلمين ليكون وسيلة في إبلاغ هذا الدين والدعوة إليه وإخراج الناس من الظلمات إلى النور". وقال: "يا من رفعت شعار الجهاد وأحببته أسألك حقا هل جاهدت نفسك في تعلم العلم والعمل به؟ هل جاهدت نفسك باتباع الكتاب والسنة؟ هل جاهدت نفسك في قبول الكتاب والسنة؟ هل جاهدت نفسك في قبول قول الله؟". وأضاف، إن مفهوم الجهاد عظيم وليس قاصرا في شيء معين بل هو جهاد على اختلاف انواعه كالدعوة إلى الله والإصلاح بين المسلمين والقيام بالواجبات". وتطرق المفتي إلى ما شهده العالم من "صنوف البلايا وانواع المصائب واصفاً أياها أنها تدمر الحرث والنسل، واصطلح عليها بالإرهاب ومقصودهم التعدي على النفوس والتعدي على الممتلكات". وشدد على دور المسلم تجاه تلك الأحداث قائلاً "آن للمسلم ان يصدع بالحق ويظهر الحق ويبين موقف الإسلام من ذلك". وناشد العالم أن يصغي إلى الإسلام والمسلمين "ألا فليعلم العالم اجمع ان ديننا دين الإسلام دين الرحمة والخير ودين العدل والهدى دين يحرم الظلم بشتى صوره ويحرم سفك الدماء بغير حق ويحرم الغدر والخيانة ويوجب الوفاء بالعهود ويعظم دماء المعاهدين ويحرم الفساد في الأرض بكل انواعه وما يندرج تحتها من اختطاف للطائرات والسفن والمراكب ووسائل النقل ويحرم الإخلال بالامن مهما كانت صوره ويحرم الفساد ونشر المخدرات وما يسوء الامة في دينها ودنياها ويحرم السعي في قلب أنظمة الحكم الشرعي القائمة". وأهاب المفتي بالجميع الوقوف "وقفة صادقة يراجعون بها انفسهم ويعودون بها إلى افكارهم وعقولهم ولا يكون عليهم وصاية حتى يعلموا موقف الإسلام من تلك البلايا التي نسبت إلى الإسلام والإسلام منها براء". ولفت الى ان "اعداء الاسلام الذين يحاربون ما يسمونه بالوهابية ويصفونها بالارهاب وسفك الدماء والتشدد والاعتداء على العالمين مرادهم من ذلك القدح في دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله الذي احب الله ورسوله وقرأ كتاب الله وكلام رسوله وعاش في مجتمع جهل وضلال وقتل وسلب وتفرقة، فدعا الى عبادة الله واتّباع الكتاب والسنّة والعدل والحياة الدينية المدنية فسار على هذا النهج اتباعه وقامت هذه الدولة على هذا الدين ولا تزال ان شاءالله ثابتة عليه مستقيمة عليه لانه كتاب الله وسنة محمد عليه الصلاة والسلام". ودعا قادة الامة الاسلامية الى "تقوى الله في جميع الاحوال" موصيا إياهم "بالتمسك بالوحدة الاسلامية في سياساتهم وأمنهم واقتصادهم وأن يظهروا للعالم كله كيف تنتظم الحياة إذا طبقت أحكام الشريعة الاسلامية وحكمت بالعدل لان شريعة الاسلام ثبتت العدل في كل الاحوال". وأوصى شباب الاسلام بتقوى الله والابتعاد عن التسرع والعجلة مؤكداً أهمية أداء فرائض الاسلام والابتعاد عن نواهيه وطاعة ولاة امرهم وملازمة علمائهم والحذر من الآراء الوافدة والافكار البعيدة عن الدين مهما كانت شعاراتها والتفقه في الدين ووزن الاقوال الافعال في ضوء الكتاب والسنّة. ودعا في خطبته رجال التربية والتعليم إلى تحصين عقول ابناء الامة الاسلامية بالشريعة الاسلامية والاخلاق الفاضلة والاعمال الصالحة والحذر من التعرض لثوابت الدين في مناهج المسلمين وتطوير المناهج بما ينفع الامة الاسلامية. وتحدث عن مكانة المرأة في الإسلام وقال "إن الدين الحنيف رفع من شأن المرأة وخلصها من ظلم الجاهلية وأعزها وأعلى من مكانتها في المجتمع، مشيراً إلى أن أعداء الإسلام يريدون أن تكون المراة ألعوبة بيد الرجال لنيل شيء من الشهوات المحرمة".