النصر ينتصر على غوا الهندي ويعزز صدارته للمجموعة الرابعة بدوري أبطال آسيا 2    نائب وزير الخارجية يصل إلى مملكة إسواتيني في زيارة رسمية    تصعيد ميداني في أوكرانيا وتوتر بين ترمب وبوتن    السويد وأوكرانيا توقعان خطاب نوايا لشراء 150 مقاتلة «غريبن»    أمر ملكي: تعيين الشيخ الدكتور صالح الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    قمة بروكسل: غزة في قلب الأجندة السياسية والإنسانية    غداً .. انطلاق بطولة كأس العرب للهجن 2025 في وادي رم بمشاركة السعودية    المملكة تدين مصادقة الكنيست على قوانين لفرض سيادة إسرائيل على الضفة    الذهب يشهد انتعاشًا مع قوة الطلب وتراجع الدولار    كوليبالي: إنزاغي أعاد الثقة للفريق    الرابطة توقّع مذكرة تفاهم مع الجمعية السعودية للذوق العام    سمو الأميرة نجود بنت هذلول تزور أمانة الشرقية    كأس آسيا 2 .. النصر يتغلب على جوا الهندي بثنائية ويعزّز صدارته    تحديث جداول المخالفات والعقوبات وقواعد التطبيق الخاصة بالأنشطة السياحية    ضبط 13 إثيوبياً في عسير لتهريبهم (195) كجم "قات"    مشاريع نوعية بأمانة جازان لرفع كفاءة الطرق وتحسين المشهد الحضري    فتح باب تسجيل المتطوعين لبطولة كأس آسيا تحت 23 عاما    تجمع الرياض الأول يعزّز التكامل الصحي في وادي الدواسر والسليل    نائب أمير جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة    الأمير ناصر بن محمد يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي    محافظ الأحساء يرعى توقيع اتفاقيات إستراتيجية لجمعية زهرة    أمير حائل يستعرض خطط وبرامج جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة    نائب أمير منطقة الرياض يرعى حفل جائزة الاستدامة المالية    غرفة الطائف تبحث فرص الاستثمار في التعليم الأهلي    وزير الثقافة يلتقي وزيرة الثقافة الفرنسية    "مركزي القطيف" يحقق إنجازا طبيا نوعيا متسلحا بكوادر طبية سعودية    الحقيل يختتم جولته الآسيوية بتوقيع اتفاقيات إسكانية نوعية تعزز الشراكات الدولية    "الوداد" تحصد جائزة الأميرة نورة للطفولة في مجال جودة الحياة والرفاه النفسي للطفل    "القارب الفارغ".. كيف تتقن فن الهدوء وسط زحام الغضب؟    تشغيل وحدة العلاج الطبيعي والتأهيل للأطفال في مستشفى الأسياح العام    بيع 3 صقور ب (399) ألف ريال في مزاد نادي الصقور السعودي 2025    بهدف جميل أمام السد.. سافيتش يُظهر مهارته المُعتادة مع الهلال    هجوم صاروخي روسي يستهدف كييف ومدنا أوكرانية    ميالبي.. فريق القرية الصغيرة يتوج بالدوري السويدي    الجاسر: القطاع السككي سيواصل دوره التنموي والخدمي    تحايل قانوني.. قضية «شمس الزناتي» تشتعل    «رجال عبدالعزيز» في التلفزيون السعودي    السواحة للمبتعثين: الوطن يترقب إسهاماتكم المستقبلية    موجز    الصليب الأحمر يؤكد تبادل 15 جثماناً لفلسطينيين.. «حماس» تسلم جثتي أسيرين إسرائيليين    أكدت الاستعداد للدخول في حوار مع القوى الدولية.. إيران: استئناف المفاوضات النووية مرهون بموقف الطرف الآخر    الأمم المتحدة: إسرائيل تسعى لفصل المزارعين عن أراضيهم    جمجمة في سنارة صياد بدل السمكة    أكد دعم المملكة لجهود السلام بالعالم.. مجلس الوزراء: الموافقة على إنشاء فرع لجامعة ستراثكلايد بالرياض    4.9 مليار تداولات السوق    شريحة ذكية تعيد البصر ل84% من المكفوفين    جائزة صيتة بنت عبدالعزيز تستعد لملتقى دراية بحائل    محمد بن عبدالعزيز يشيد بمنجزات «محكمة إدارية جازان»    سعود بن نايف: القطاع غير الربحي شريك في تحقيق مستهدفات رؤية 2030    حراك متنامٍ    العنزي مديرا للإعلام والاتصال    نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    انطلاق منتدى الأفلام السعودي الثالث غدا الأربعاء    محافظ بيش يستقبل شيخ شمل السادة الخلاوية والشابين المبدعين الشعفي    استقبل الفائز بالمركز الأول بمسابقة تلاوة القرآن بكازاخستان.. آل الشيخ: دعم القيادة لحفظة كتاب الله يحقق الإنجازات    استقبل وزير الحج والعمرة.. نائب أمير مكة: العمل التكاملي يعزز جودة خدمات ضيوف الرحمن    نائب أمير مكة يترأس اجتماع محافظي المنطقة لمتابعة مشاريع التنمية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالقوة الناعمة وحدها يمكن للولايات المتحدة الأميركية أن تخترق ... العالم
نشر في الحياة يوم 19 - 12 - 2004


جوزيف باي.
مفارقة القوة الأميركية.
مكتبة العبيكان، الرياض.
2003 .
300 صفحة.
هل يمثل الصعود نحو امتلاك أدوات القوة مأزقا حادا لدى الدول والامبراطوريات؟ وهل تمثل تلك القوة كمَّاً من المخاطر والمشكلات للدولة التي استحوذت على مقاليدها أكثر من انعكاس هذه المخاطر على الدول الأخرى؟ إنها بعض من تساؤلات لا نهائية يثيرها ويحركها ذلك الوجود الفاعل لآلية القوة الأميركية على مستوى العديد من المرجعيات الفكرية التي تحاول أن تنظّر لحركة الواقع في تداخلاتها مع الكيانات الدولية الأخرى، طارحةً منظورات نقدية مختلفة للانطلاقات التي حققتها هذه القوى المتفردة للولايات المتحدة الأميركية، متناولةً مفهوم القوة والفارق النسبي بينها وبين القوى الأخرى، وكيف يمكن استخدامها في إعاقة الاتجاه الطردي لميكانزمات القوى لدى الدول الأخرى؟ ومتى يمكن استخدام فلسفة تطويق القوة والاعتماد على بدائل أخرى؟ وهل تحقق هذه القوة أهداف الهيمنة؟ وما هو مستقبل هذه القوى؟ وما هي سبل ووسائل دعمها؟
ويتجلى ذلك على مستوى قائمة مطولة منها ما كتبه زتشارلز جونسون في "مآسي الامبراطورية" وإيمانويل تود عن "ما بعد الامبراطورية" وبنجامين باربر في "امبراطورية الخوف" ونيل فيرغسون في "ثمن الامبراطورية" و"ماذا يريد العم سام" و"أوهام الشرق الأوسط" لتشومسكي و"أين وطني" لمايكل مور و"من نحن" لهنتنغتون و،"التمزق العظيم" لفوكوياما، الخ.
وفوق كل ذلك تتألق أطروحة جديدة هي "مفارقة القوة الأميركية" لجوزيف باي الابن، عميد معهد كينيدي لأنظمة الحكم في جامعة هارفارد ومساعد وزير الدفاع في إدارة كلينتون والتي خصصها كلية للإجابة عن تساؤل واحد هو: لماذا لا تستطيع القوة العظمى الوحيدة في العالم أن تمضي وحدها؟ وتدور الفكرة المحورية لهذه الاطروحة حول مستقبل الامبراطورية الأميركية لكنْ في اطار مجموعة من التساؤلات الموضوعية التي تأخذ مساراً موحداً نحو استكشاف طبيعة هذا الدور الذي يجب أن تلعبه الولايات المتحدة في العالم الآن، وما تلك التحديات الأساسية التي تواجهها في القرن الحادي والعشرين، وكيف ينبغي أن تحدد مصالحها الوطنية، وكيفية صياغة سياسة خاصة تسمح لها بالقيادة المتوازنة لهذه القوة.
ويتجسد مفهوم مفارقة القوة الأميركية لدى المؤلف في أنه لم يحدث منذ روما القديمة أن امتلكت أمة مثل هذا القدر من القوة الاقتصادية والثقافية والعسكرية، لكن المفارقة تأتي من كون هذه القوة ذاتها لا تتيح حل مشكلات عالمية كالإرهاب والتدهور البيئي وانتشار أسلحة الدمار الشامل من دون إشراك، أو حتى الاعتماد، على أمم أخرى. من ثم يطرح جوزيف باي حقيقة مؤداها أن القوة العسكرية وحدها لا تستطيع أن تعطي النتائج المتوخاة في كثير من القضايا التي تهم الأميركيين أنفسهم. ويتمثل أيضاً جزء من هذه المفارقة في صعود مؤشرات هذه التحديات الجديدة وغيرها بحيث يتعين على أميركا أن تقيم ارتباطاً قوياً مع دول ودويلات العالم المعاصر استدلالا بأن تهديد الإرهاب، وهو أكثر الأمثلة إثارة للفزع، يدفع الى البحث عن علاقات مع الأمم الأخرى على اختلاف وضعيتها بالنسبة لمستويات القوى. فبعد أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001 يجب أن يزال المفهوم السائد لدى البعض من أن أميركا تستطيع أن تمضي وحدها في مسيرتها ضد الإرهاب أو أي شيء آخر على الإطلاق! بل أصبح لزاماً على القيادة الأميركية أن تعيد توجيه نفسها نحو المجتمع العالمي، معتمدةً بصورة أقل على إجراءات القوى التقليدية وبصورة أكبر على تلك القوة المستمدة من جاذبية الثقافة والقيم والمؤسسات، وهو ما يطلق عليه جوزيف باي مصطلح القوة الناعمة الطرية ويعطيها نوعاً من الأهمية المتزايدة في تحقيق مزيج مثمر مع القوة القاسية الصلدة. وعندئذ سيكون الاختيار التاريخي متمثلاً في القدرة على تطوير وتوافق الآراء حول المبادئ والمعايير التي ستتيح للأميركيين العمل مع الآخرين لتكوين استقرار سياسي ونمو اقتصادي وقيم ديموقراطية. فالقوة الأميركية ليست أبدية بالتالي.
ويخوض جوزيف باي في توصيف العملاق الأميركي الضخم خلال ما قدمه من تعدد مصادر القوة الأميركية وتأكيد الريادة المطلقة لهذه القوة على اختلاف أبعادها، متناولاً في تقييم دقيق توازنات القوى والائتلافات المحتملة أو المرشحين الذين يتحدون الولايات المتحدة ومساحة الخطأ الذي يمثلونه ومنهم الصين باعتبارها المرشح الأبرز الساعي إلى مكانة الند المنافس في السنوات المئة المقبلة، وكذلك اليابان وقد أوشكت أن تصبح قوة عظمى، لا سيما وقد أصبحت صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم. أما روسيا فهي لا تزال مطروحة باعتبارها نموذجاً ممثلاً للقوة التي تشكل خطراً حقيقياً على الولايات المتحدة. أما بالنسبة للهند فليس هناك احتمال أن تصبح متحدياً عالمياً للولايات المتحدة، لكنها في الوقت ذاته يمكن أن تمثل أحد دعائم تحالف صيني روسي هندي، بينما أوروبا قد تكون احتمالية الندية بينها وبين الولايات المتحدة قائمة في بداية القرن الحادي والعشرين، لا سيما بعد تكوين الاتحاد الأوروبي الذي استطاع بالفعل أن يحد من القوة الأميركية في مسائل التجارة والنفوذ داخل منظمة التجارة العالمية.
وفي اطار هذا الحشد الهائل لأنماط القوة يطرح جوزيف باي ملامح استراتيجية جديدة لكي تظل الولايات المتحدة القوة العظمى المرشحة لأن تحكم العالم لقرون طوال قادمة، خلال طاقة ذاتية خارقة هي: تلك القوة الطرية الناعمة التي تمثلها عالمية الثقافة الأميركية والقدرة على إرساء منظومة القيم أو السياسات المتبعة داخل الامبراطورية، والطريقة التي تدار بها الأمور دولياً. ويربط جوزيف باي في اطار علاقة طردية بين تصاعد المد المعلوماتي وتزايد دور القوة الناعمة الطرية، إضافة إلى أن تلك القوة الناعمة آخذة في الازدياد بالنسبة للقوة الصلبة الاجبارية عما كانت عليه في الماضي، كما أن تكنولوجيا المعلومات - أنتجت ثورة في الشؤون العسكرية وإن كانت هذه الثورة لم تنتقص من قيادة الولايات المتحدة الأميركية بل، في بعض الظروف، قد تزيد من التفوق الأميركي على بلدان العالم.
كذلك أشار الكاتب إلى أن للولايات المتحدة صفات مميزة تجعلها مؤهلة دائماً وبشكل فريد للعمل كمركز للعولمة التي هي بدورها معززة للقوة الأميركية، بمعنى أن الثورة المعلوماتية تأتي منها كما أن قسما كبيرا من شبكات المعلومات العالمية يتم تكوينه فيها فيعزز أيضاً تلك القوة الناعمة الطرية، ومن ثم تلعب الولايات المتحدة دوراً مركزياً في تأثيره على أبعاد العولمة المعاصرة، وقد مكن هذا الدور الأميركيين من الاستفادة منها، لكن بقدر الرغبة في الاستمرار من هذه الاستفادة يتعين عليهم التعامل مع جوانبها المثيرة للسخط والقلق. ولن يكون ذلك باللجوء إلى شعارات السيادة والسياسات الأحادية الجانب أو الانسحاب إلى الداخل كما يقترح المنادون بالتفرد الأحادي والسيادة. أما عن مشكلة الجبهة الداخلية في المجتمع الأميركي فيرى جوزيف باي أن الولايات المتحدة تعاني مشكلات اجتماعية حادة ومعقدة على غرار انهيار المبادئ والعادات الأخلاقية وفقدان احترام السلطات والمؤسسات وانهيار الأسرة واختفاء اللطف والكياسة من الطابع المجتمعي العام، فضلاً عن إفساد الثقافة العليا والحط من الثقافة الشعبية ويترتب على كل ذلك حدوث ضعف كبير في المؤسسات الاجتماعية مما يجعل القوة تتآكل بتخفيض القدرة على العمل الجماعي والجاذبية الشاملة للمجتمع الأميركي.
ويشخّص جوزيف باي أخطر المشكلات في انعكاسها على الجبهة الداخلية للمجتمع الأميركي بأنها اللامبالاة. والمفارقة الأكثر غرابة هي أن تفوق أميركا كثيراً ما يعامله الشعب الأميركي نفسه من دون أدنى مبالاة وينعكس ذلك على المصالح الخاصة سواء كان اقتصادية أو عرقية أو ايديولوجية عقائدية، وهي الموجودة دائما في كل ديموقراطية ينمو لها صوت أقوى من صوتها الطبيعي المعتاد في تحديد المصلحة الوطنية العامة التي تمثل، في رؤية جوزيف باي، درجة كبرى من الأهمية والأولوية لأن الفشل في حمايتها يعرض البقاء الأميركي للخطر. لذلك فهو يطرح العديد من الافتراضات التي تمكن الولايات المتحدة من أن تكون القوة القائدة في السياسة العالمية طيلة هذا القرن وما وراءه، وذلك في اطار الحفاظ على انتاجية الاقتصاد الأميركي والقوى العسكرية والبعد عن الأحادية والغطرسة. وبمعنى آخر يرى أنه يجب على أميركا ألا تقتصر في المحافظة على قوتها الصلبة، بل أن تتفهم أيضا ضرورة سطوة قوتها الناعمة الطرية وكيف تجمع القوتين معاً طلباً لتحقيق المصالح الوطنية العالمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.