سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرّج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    أسواق    إنجازات استثنائية للسياحة السعودية    السعودية والبحرين تعززان التكامل الصناعي    أمير قطر يبحث مع وزراء خارجية "التعاون" التنسيق المثمر.. تضامن خليجي مع الدوحة وإدنة العدوان الإيراني    شبح هيروشيما يرقص من جديد    القيادة تهنئ رئيسة جمهورية سلوفينيا بذكرى اليوم الوطني لبلادها    الهلال يحسم صفقة هرنانديز.. وإنزاغي يصر على أوسيمين    في الجولة الثالثة من كأس العالم للأندية.. إنتر ودورتموند لتصدر مجموعتيهما وتجنب المواجهة في ثمن النهائي    طقس حار و غبار على معظم مناطق المملكة    شدد على مراجعة إجراءات فسح الشاحنات.. "الشورى" يطالب بتشجيع استخدام النقل العام عبر الحوافز    القبول الموحد: نقلة نوعية في عدالة التعليم الجامعي    ضبط 3 مقيمين لترويجهم 4 كجم من "الشبو"    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    تخريج أول دفعة من "برنامج التصحيح اللغوي"    ما يسوي بصلة… مع الاعتذار للبصل    "التخصصات الصحية": إعلان نتائج برامج البورد السعودي    الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين تنهي استبدال كسوة الكعبة    مؤتمر صحفي يكشف ملامح نسخة تحدي البقاء لأيتام المملكة    الإبداع السعودي يتجلى في «سيلفريدجز» بلندن    «الظبي الجفول».. رمز الصحراء وملهم الشعراء    الهلال يصل ناشفيل وكوليبالي يحذر باتشوكا    في الشباك    الجوعى يقتلون في غزة.. 94 شهيداً    رخصة القيادة وأهميتها    الخرطوم: كينيا تسلح «الدعم السريع»    المملكة حضور دولي ودبلوماسية مؤثرة    «الناتو» يتجه لإقرار أكبر زيادة في الإنفاق الدفاعي    صوت الحكمة    صيف المملكة 2025.. نهضة ثقافية في كل زاوية    القطاع غير الربحي في رؤية 2030    بكين تحذّر من تصاعد توترات التجارة العالمية    مرور العام    جبر الخواطر.. عطاءٌ خفيّ وأثرٌ لا يُنسى    مهندس الرؤية وطموحات تعانق السماء    دورتموند يكسب أولسان ويتصدر مجموعته بمونديال الأندية    فيصل بن نواف يشهد توقيع مذكرة شراكة لدعم المراكز التأهيلية بسجون الجوف    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل البريطاني    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشمالي    وزير البلديات والإسكان يتفقد مشاريع استثمارية نوعية في الشرقية    " طويق " توقع اتفاقية مع جمعية " قدوات" لاستثمار خبرات كبار السن بالموارد البشرية    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    إجراء أول عملية جراحية بالروبوت في مستشفى الأمير سعود بن جلوي بالأحساء    أمير الجوف يبحث تحديات المشروعات والخدمات    بنفيكا يكسب البايرن ويتأهلان لثمن نهائي مونديال الأندية    الذكاء الاصطناعي والتعليم.. أداة مساعدة أم عائق للتفكير النقدي    أقوى كاميرا تكتشف الكون    انحسار السحب يهدد المناخ    العثور على سفينة من القرن ال16    الجوز.. حبة واحدة تحمي قلبك    الميتوكوندريا مفتاح علاج الورم الميلانيني    استشارية: 40% من حالات تأخر الإنجاب سببها الزوج    أسرة الفقيد موسى محرّق تشكر أمير المنطقة على مشاعره النبيلة وتعزيته    تسجيل محمية عروق بني معارض في القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    الرواشين.. ملامح من الإرث المدني وفن العمارة السعودية الأصيلة    جامعة أم القرى توقّع مذكرة تفاهم مع هيئة جامعة كامبردج لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي في تعليم اللغة الإنجليزية    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصورات دونكيشوتية للمرأة في الدراما السورية
نشر في الحياة يوم 10 - 12 - 2004

ربما اهتمت الدراما السورية، في شهر رمضان الفائت، بالتفاصيل الحياتية للمرأة السورية، ولعلها ارتقت في تقديم صورة لها، تحاكي واقعها المعاش، وتناولت مواضيعها الحساسة كقضية الزواج المختلط بين الأديان، ولكنها بقيت عموماً في الاطار الوصفي ان صح التعبير، ولم تستطع الخوض في جوهر قضية المرأة، باعتبارها اشكالية، مجتمعية ثقافية متعددة المستويات.
بأية حال يمكن القول انه لا يمكن مطالبة الدراما بأكثر مما تسمح به الهوامش المتاحة، لها، كما لا يمكن في جو الانغلاق الاجتماعي والثقافي إعادة انتاج صورة درامية، جديدة للمرأة، تخترق حدود الدراما القائمة أصلاً في بيئة خصامية، تخلق امرأة واقعية في علاقتها بالرجل والأسرة والمجتمع، وتبدع صورة فنية أخرى لها، تكاد تناقضها في معظم الأحيان.
لكن كما سبق وأشرنا، ثمة تقارب من نوع ما هذا العام بين المرأة الواقعية، وصورتها الفنية، ولعل ذلك يعود الى تبلور الرؤية الدرامية لكتاب السيناريو، لا سيما ان الأعمال الدرامية، والاجتماعية المعاصرة، حيث صار تفعيل دور المرأة ومقاربة صورتها الواقعية، باتت جزءاً من اقناعية العمل الدرامي.
هكذا تأتي صورة المرأة هذا العام، تتويجاً لمسيرة تمتد منذ التسعينات، حيث تشكل طيفاً واسعاً من النماذج، منها ما هو هامشي، أو مهمش، ومنها ما هو فاعل، لكنها جميعاً تستند الى أرضية الاشكالات الاجتماعية والاقتصادية، الجديدة، التي بدأت تتعمق في المجتمع السوري، وتطاول مختلف شرائحه، رجالاً ونساء.
وعلى رغم ان نماذج المرأة في الأعمال التاريخية، والتاريخية المعاصرة، لم يطرأ عليها أي تعديلات تذكر، إلا أنها في الأعمال المعاصرة، طاولت المرأة المهمشة، الرازحة تحت أثقال الفقر والتفكك الأسري، وتخلخل القيم، كما طاولت المرأة المثقفة، والمتعلمة، وقدمت تصورات دونكيشوتية من نساء يصارعن الطاغية - الرجل الذي"جلد"المرأة و"قتلها"معنوياً، وذلك ما عكسه مسلسل"رجال تحت الطربوش"من إخراج هشام شربتجي، وتأليف فؤاد حميرة، حيث قدم المرأة على أنها ضحية الرجل، فهي رمز الاخلاص، والتفاني، وهو الأناني المتجبر، وهكذا مثلاً يكافئ الفنان عماد خالد تاجا زوجته الفنانة وفاء نادين على تركها عملها، من أجل أسرتها، بالزواج من أخرى فتية، ولا يكتفي بذلك، بل يمعن في اضطهادها، فتسعى للبحث عن كيانها من جديد، فتجده في العودة الى العمل والفن، واضعة أولادها أمام خيارات قاسية، وزجه أمام امتحان مسؤولية الأبوة، وقد كسرت بذلك قاعدة قدسية الأم.
أما مسلسل"الخيط الأبيض"اخراج هيثم حقي، تأليف نهاد سيريس، فبدا انه مخصص لامرأة واحدة، - فصل النص على القد -، يشاركها نمط وحيد من النساء اللاهيات، اللواتي لا عمل لهن سوى ملاحقة نجم تلفزيوني وصاحب الطلة الدونجوانية رأفت الشمالي جمال سليمان أسقط رابطة الزواج من حساباته، لكن امرأة وحيدة سهام البنا جومانة مراد منتجة العمل، بينهن تحرك قلبه، لا سيما أنه ساعدها في الوصول الى الشهرة، فتسعى الى رد المعروف، على رغم مشكلاتها ومعاناتها كامرأة مطلقة، بالغ العمل في الحديث عن معاناتها، فهي امرأة تسكن في منزل فخم - وحيدة مع ابنها، على رغم توسط حال أسرتها، وتركب سيارة فخمة، وترتدي الكعب العالي، ذا الرنين الهامس في الآذان همساً - ربما أراد الكاتب التعبير عن انوثتها، وعصريتها! ألا يوحي هذا ان العمل كتب خصيصاً للممثلة بعينها؟
لكل هذه الأسباب نقول ان العمل لم يستطع أن يقدم أكثر من صورة تزيينية، واستعراضية للمرأة، وممسوخة، لذلك كانت بنية العمل برمته، موضع تساؤل وشك في أن الأمر لا يتعدى معركة، مخترعة للوصول الى أهداف أخرى، وقع في شباكها المخرج والكاتب معاً.
في حين أن الأعمال التاريخية قدمت صورة عن المرأة بأسلوب منسجم مع سياق العمل، ربما لوجود موضع محوري مهم، قادر على دمج مختلف العناصر في نسيجه، بما فيها قضايا المرأة. ف"التغريبة الفلسطينية"، من اخراج حاتم علي، وسيناريو د. وليد سيف، أبرزت المرأة مثقلة بأحمال الموروث الاجتماعي، وضمور الوعي، لكن محنة التهجير تضعها في تناقض عنيف بين القيم التي عاشتها، والقيم التي يفرضها عليها الواقع الجديد، وبين هاتين الحالين، تتبلور صورة المرأة والرجل معاً، في علاقتها بالهم الوطني العام، وتنفتح على أفق أرحب.
لكن معظم الأعمال لم تستطع الخروج من ثنائية العلاقة، رجل - امرأة، لترصد واقع هذه العلاقة، من منظور اجتماعي أشمل، فالمرأة ضحية الرجل، أما هذا الأخير، فهو مجرد مستبد، متسلط، تحركه أهواؤه، وشهواته. وهكذا يتزوج المحامي بسام زهير عبدالكريم - في مسلسل"رجال تحت الطربوش"- مرتين، بسبب عجزه عن الإنجاب، وفي كل مرة يداوي هذا العجز بالتسلط، وممارسة العنف ضدهن، وفي حين تجد المرأة السلبية نفسها مضطرة للاستكانة الى قدرها، والاستجابة الى الثورة، ورفض الواقع، وحتى خارج المنزل وخارج العلاقة الأسرية، تجد المرأة نفسها مقيدة بهذه العلاقة كحكم القانون تماماً، فحين تتعرض الصيدلانية سميرة كاريس بشار للاعتداء عليها، من جانب مدمن مخدرات، يبرز الموقف السلبي لزوجها، الكاتب الفاشل، ويفرض عليها التنازل عن حقها، حرصاً على سمعتها، التي تجرأ المجتمع عليها أيضاً بلا رحمة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.