حمار هارب يشغل التواصل    الشباب يهزم الرائد بثنائية في "روشن"    سلطان الحربي حكماً لمباراة النصر والوحدة    غداً.. إقامة المؤتمر الدوري للقطاع الرياضي في الرياض    «مكافحة المخدرات» بحائل تقبض على شخص لترويجه «الأمفيتامين»    تعيين 261 مُلازم تحقيق بالنيابة العامة    حصر المباني الآيلة للسقوط بالدمام    تحذيرات من 5 أيام ممطرة    انطلاق شهر التصلب المتعدد    منصور بن متعب ينقل تعازي القيادة لرئيس دولة الإمارات في وفاة الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    أمير الجوف يعزي معرّف جماعة الشلهوب بوفاة شقيقه    "فلكية جدة": شمس منتصف الليل ظاهرة صيفية    الديوان الملكي ينعى الأمير بدر بن عبدالمحسن    إعصار يضرب كينيا وتنزانيا وسط فيضانات مدمرة    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمراً دوليّاً للقادة الدينيين.. الثلاثاء    الرياض تستضيف أكبر معرض دولي في صناعة الدواجن    «يويفا» يوافق على زيادة عدد اللاعبين في قوائم المنتخبات المشاركة بيورو 2024    نيابةً عن الملك.. وزير الخارجية يرأس وفد المملكة في الدورة ال 15 لمؤتمر القمة الإسلامي المنعقد في جامبيا    السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها    الديوان الملكي: الصلاة على البدر عصر غد    وزير الخارجية: السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة «التعاون الإسلامي» وتطويرها    160 ألف سيارة واردات المملكة خلال عامين    لن يغيب "البدر" لأن صفاءه في القلوب علامة    ضبط أكثر من 19600 مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    بدر بن عبدالمحسن.. غاب البدر وانطفى ضيّ الحروف    ملتقى الصقارين ينطلق في الرياض بهدف استدامة هواية الصقارة    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في غزة إلى 34654    اللجنة الثلاثية «السعودية - التركية - الباكستانية» تناقش التعاون الدفاعي وتوطين التقنية    ضغوط على بايدن لوقف مبيعات السلاح لإسرائيل    "تسلا" تقاضي شركة هندية لانتهاك علامتها التجارية    مصر: الفنانة السورية نسرين طافش تستأنف على الحكم بحبسها 3 سنوات.. الأربعاء    "زرقاء اليمامة" تفسر أقدم الأساطير    رحل البدر..وفاة الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر ناهز ال75 عاما    توافق سعودي – أذربيجاني على دعم استقرار "النفط"    الذكاء الاصطناعي يبتكر قهوة بنكهة مميزة    3 مخاطر لحقن "الفيلر" حول العينين    بدء إجراءات نقل السيامي "عائشة وأكيزا" للمملكة    إغلاق مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية مرتفعة    الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الدولار الأمريكي وينخفض مقابل اليورو الأوروبي    انخفاض أسعار النفط في أكبر خسارة أسبوعية في ثلاثة أشهر    بيان «الصحة» عكس الشفافية الكبيرة التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية في المملكة    "الترفيه" تنظم عروض "سماكداون" و "ملك وملكة الحلبة" في جدة الشهر الجاري    بأمر الملك.. إلغاء لقب «معالي» عن «الخونة» و«الفاسدين»    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    «النصر والهلال» النهائي الفاخر..    أمانة الطائف تنفذ 136 مبادرة اجتماعية بمشاركة 4951 متطوعًا ومتطوعة    جريمة مروّعة بصعيد مصر.. والسبب «الشبو»    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام أبها    تركي الفيصل يرعى حفل جائزة عبد الله بن إدريس الثقافية    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    كيفية «حلب» الحبيب !    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طبعة جديدة محققة من أشعاره ."البابطين" تحتفل بابن زيدون في قرطبة
نشر في الحياة يوم 09 - 10 - 2004

شهدت مدينة قرطبة الاسبانية من 4 وحتى 8 تشرين الاول اكتوبر الجاري فاعليات الدورة التاسعة لجائزة مؤسسة عبدالعزيز البابطين للابداع الشعري والتي اقيمت تحت عنوان "دورة ابن زيدون" برعاية خوان كارلوس ملك اسبانيا. حضر الحدث عدد كبير من المستعربين الاسبان وجمهور تقدمته الاميرة الينا ابنة ملك اسبانيا وقد ارادت مؤسسة البابطين ان تميز فاعليات هذه الدورة بتناول قضايا فكرية ركزت على اشكالية العلاقة بين الغرب والاسلام من الخلاف الى الشراكة، الى جانب المحاور الادبية التي بحثت في اعادة الاعتبار لشعر الشاعر الاندلسي ابن زيدون والنظر في التأثيرات المتبادلة بين الشعر العربي والاسباني.
وهنا مراجعة سريعة لأبرز القضايا التي تناولتها هذه المحاور وكانت البداية مع ورقة سلمى الخضراء الجيوسي التي قدمت قراءة في شعر ابن زيدون وموقعه في الشعر الأندلسي من خلال تبيان علاقة نصه الشعري بالنصوص الأخرى في زمنه، وفي ما سبق زمنه، وكذلك علاقته بالأعراف الشعرية المتوارثة.
وأشارت الجيوسي الى ان ابن زيدون عاش في زمن الفتنة ورأى انهيار قرطبة بعينه، لم يلتزم إجمالاً بهذا الحدث الخارجي الجلل، بل بقي في شعره محايداً، عكس سواه من معاصريه أمثال ابن شُهيد الذي كتب عن خراب قرطبة بأسى بالغ وحادثها وكأنها امرأة محبوبة تنكرت للحب والوفاء.
ولاحظت الجيوسي أن ابن زيدون كان من نوع الشعراء الذين سمتهم "بالمطورين" أولئك الذين يطورون اتجاهاً قائماً فيعطونه ألقاً جديداً وروحاً قيمة. فشعره حاول أن يعيد إلى الشعر الأندلسي في زمنه شيئاً من متانة التعبير القديم وجزالته واتساع حصيلته اللغوية. كما حاول إيقاف الشطط في عكوف الشاعر على الجماليات الخالصة، فرفض أن يجعل الطبيعة غرضاً في حد ذاته، بل استطاع أن يدمج الجمالية بالحياة كما نجد في قافيته الجميلة: "إني ذكرتك بالزهراء مشتاقاً"، وفي نونيَّته أيضاً. وإجمالاً فإن ابن زيدون كان يقف وسطاً بين التجربة الجمالية الصرف في الأندلس وشعر التجربة الذي يمثل قسماً من شعر الجيل الأصغر عمراً، مثل ابن عمّار والمعتمد بن عباد "فكان شعره بمثابة صمام أمان للحدّ من انتشار الجمالية الصرف، جاهداً، بنجاح ملحوظ، لإيقاف تدفق المجازات التي لا تتصل بتجربة محددة... أو بالوضعية الإنسانية عموماً. وتوقف وهب رومية امام شعر ابن زيدون في ميزان النقد، مقدماً إحصاء بعدد قصائده في الرثاء والمديح، والغزل والحنين والشكوى والتهديد والعتاب والشفاعة، ويرى أن المديح غلب على شعره، كذلك يظهر في شعره معاناته الخاصة في شكل واضح، وما تعرض له من اضطهاد، بسبب تطلعاته السياسية. وانتهى الباحث الى القول إن مراثي ابن زيدون لم تحظ باهتمام الباحثين وذلك بسبب قلته، وعدم فاعلية الشاعر فيها.
وتناولت المستعربة ماريا خيسوس بيغيرا موقع ابن زيدون في الغرب من خلال دراسة وتذوق الشاعر الأندلسي بين المستعربين الأوروبيين، وهي صورة ارتبطت بالنظر اليه كشاعر ارستقراطي عاشق يمجد الحنين وهي تتفق مع ذلك الشعور الذي ينتج عند تصفح النصوص العربية في العصر الوسيط وذلك على رغم أن عصر ابن زيدون الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي عرف ازدهاراً عاماً من جميع المدن الأندلسية إلا قرطبة.
وقرأ محمد حسن عبدالله موقع ابن زيدون في الأدب العربي المعاصر بين الدارسين والمبدعين مشيراً الى ان صورة ابن زيدون نبهت النقاد العرب إلى "الألم" وكيف يكون باعثاً على الإبداع، أو مصاحباً للذة، كما نبهتهم إلى اقتران صور الطبيعة بصور العشق وحالاته في نوع من التراسل جديد، ولعل قصيدة "أضحى التنائي" ظلت أحلى ثمرات هذا الحب الملتبس، حتى ان أحد نقادنا العرب المعاصرين وصفها بأنها نوع من "أنين الموسيقى"، وكذلك تنازع نسبتها إليه كل من الإسبان والعرب، وهذا التنازع يبرهن على أنها تشكيل فني خاص، نابع من حال ولم يستلهم نموذجاً كما ظن دارسون تقليديون. ولعل اهم ما اشار اليه عبدالله ما انتهى اليه من أن اختصار تجربة ابن زيدون التاريخية والفنية في قصة العشق والغربة، ثم اختصار العشق والغربة في "أضحى التنائي" ينطوي على أن الزمن العربي الإسلامي في إسبانيا لا يزال إلى اليوم ينظر إليه من زاوية عاطفية وكأنه حلم، وليس على أنه واقع تاريخي يحتاج إلى إعادة تحليل وتفسير لاستخلاص قوانين.
وفي مسار آخر تناولت الجلسات صور استحضار الأندلس في الشعر الإسباني الحديث والمعاصر من لوركا إلى المدرسة الأندلسية المعاصرة، كما فعل الباحث المصري أحمد عبدالعزيز الذي بدأ بفيديريكو غارثيا لوركا ليتلمس أبرز الجوانب العربية والأندلسية في شعره عن غرناطة وعن عربيات جيان الثلاث، وأصداء نونية ابن زيدون في "أغنية الفارس"، وظهور عمر بن حفصون أو عمر بن أبي ربيعة في شعر المراهقة وديوان التماريت بقصائده وغزلياته الحمراء وفي السياق نفسه عالج محمود السيد علي تأثيرات الشعر الأندلسي في الشعر الإسباني القديم.
وتحدثت مانويلا كورتس غارثيا عن صور استحضار الأندلس في الشعر الإسباني الحديث والمعاصر، مشيرة الى ان التأثير الأندلسي اخذ شكلاً أكثر تحديداً في العقود الأولى من القرن العشرين، ويعود الفضل في ذلك الى عمل المستشرقين، الذين ترجموا المسرحيات الكلاسيكية الإسبانية - العربية، وكذلك يعود للجوائز، وحفلات التكريم، والمجلات التي أصدرت عن الشعر ونظرية الأندلس على ضفاف البحر المتوسط. فالبروفسور بدرو مارتينث مونتابيث أكد انه: "إذا ما أراد أي أدب غربي إضفاء طابعه على العربية، كان عليه الخروج عن حدوده، وكان عليه البحث عنه، الأدب الإسباني لا يحتاج الى ذلك لأن التأثير العربي لدينا في بيتنا".
ومن ناحية اخرى، اصدرت مؤسسة البابطين في هذه المناسبة ديوان ابن زيدون إعادة إصدار الطبعة التي حققها علي عبدالعظيم وأعدها إحسان النص. و"معارضات شعر ابن زيدون مع ببليوغرافيا" لعدنان غزال. و"عصر ابن زيدون" لجمعة شيخة و"عناصر الإبداع الفني في شعر ابن زيدون" لفوزي خضر وهي الاطروحة التي حصل بها على درجة الدكتوراه من كلية الآداب في جامعة الإسكندرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.