اندلعت حرب الاسعار بين المصارف التجارية في المغرب للفوز بحصة الاسد في برنامج تمويل المباني والعقارات الذي اعلنت الحكومة نيتها جعله احد اهدافها الاستراتيجية للسنوات الاربع المقبلة وتزيد كلفته على اربعة بلايين دولار ويستهدف تقليص العجز المسجل في توفير المنازل الجديدة المقدر بنحو مليون وحدة. وادت هذه الحرب الى خفض الفائدة على القروض العقارية الى اقل من 6 في المئة. تتنافس المصارف التجارية المغربية منذ بداية الصيف الجاري على تقديم معدلات فائدة منخفضة للزبائن الراغبين في تملك عقارات جديدة او شراء منزل ثان او تحديث بناية قائمة تصل مدته الى 25 سنة. وتعرض نحو عشرة من المصارف الكبرى في المغرب اسعار فائدة على العقارات تبتدئ من 6 في المئة وقد تغطي القروض نحو 100 في المئة من قيمة العقار شريطة توافر قدرات مالية كافية لدى العميل لسداد قيمة الديون التي قدمت الحكومة ضمانات ائتمانية في شأنها عبر "صندوق المخاطرة والضمان" المقدرة اعتماداته بنحو 900 مليون درهم يشمل كذلك تغطية مخاطر تحديث الشركات العائلية المرشحة للمنافسة الدولية والفنادق المتوسطة الحجم. وارتفعت حمى المنافسة بحلول الصيف وعودة مئات الاف المهاجرين لقضاء العطلة في المغرب وهي فئة تراهن عليها المصارف التي تكبدت في الاعوام الثلاثة الماضية تراجعاً في ارباحها الى اقل من 250 مليون دولار. وفي عملية غير مسبوقة انضمت مصارف مثل "البنك التجاري المغربي"، التابع لمجموعة "اونا"، ومصرف "قرض المغرب"، التابع ل"كريدي ليونيه" الفرنسي ومصرف "سوسيتيه جنرال" و"المغربي للتجارة الخارجية" و"المغربي للتجارة والصناعة"، التابع ل"بنك ناسيونال دي باري باريبا"، الى جوقة المنافسة التي تراجعت فيها اسعار الفائدة امس الى 5.75 في المئة بعدما عدل مصرف "بنك الوفاء" قروضه العقارية الى اقل من 6 في المئة للابقاء على المنافسة التي كان سباقا الى اطلاقها قبل عامين عبر فرعه "عقار الوفاء". وكانت النكسة المالية التي تعرض لها "القرض العقاري والسياحي" تجاوزت بليون دولار جعلته يفقد الريادة في تمويل مشاريع الاسكان ما سمح بدخول المصارف التجارية الى هذا النوع من التمويلات التي كانت تصنفها ضمن المخاطر بسبب حالات النزاع التي تعرضت لها قروض الاسكان. وقال وزير الاسكان المغربي توفيق حجيرة ل"الحياة" ان انضمام جل المصارف التجارية الى خطة تمويل العقارات "سيزيد من حماسة المطورين العقاريين لخفض اسعار الكلفة ما سيقلص قيمة المنازل الجديدة ويجعلها جذابة لعدد اكبر من الشرائح الاجتماعية". واضاف: "ان الخطة تقضي ببناء 100 الف سكن جديد سنوياً على امتداد العقد الجاري لامتصاص النقص المسجل في العقارات ويفوق 900 الف وحدة عبر اشراك الدولة والقطاع الخاص والجمعيات المهنية والبلديات في تلك المشاريع" مشيراً الى انها ستغير وجه عدد من المدن المغربية وستوفر مئات الاف فرص العمل عبر ضخ مبالغ تزيد على 38 بليون درهم اربعة بلايين دولار. وتعرض الحكومة المغربية منازل مدعومة السعر ابتداء من 22 الف دولار لكن الاسعار في القطاع الخاص قد تصل الى 220 الف دولار للشقق الفاخرة في الدار البيضاء مثلاً. وكانت مشاكل التمويل احد الاسباب الرئيسة التي حالت دون نجاح التجربة في الماضي بسبب عدول المصارف عن اقراض بعض انواع الزبائن غير الميسرين وارتفاع اسعار الفائدة التي كانت تزيد على 13 في المئة. واعرب الوزير حجيرة عن اعتقاده بأنه سيتم بناء نحو مليون وحدة جديدة قبل نهاية العقد وسيكون للمصارف دور كبير في انجاح العملية بعدما وفرت الدولة الاراضي الصالحة للبناء باسعار زهيدة وقدمت لصغار الموظفين والعمال دعماً بقيمة 30 الف درهم 3.3 الف دولار في اطار الحوار الاجتماعي. واشار الى ان معارض للاسكان تُنظم حالياً في بعض المدن المغربية لاطلاع الزبائن على مختلف المشاريع المعروض سواء تعلق الامر بشقق او فلل او تجمعات سكانية او شاليات بحرية او منازل جبلية وهي موجهة للشرائح كافة. وذكرت مصادر مصرفية ل"الحياة" ان الطلب على قروض الاسكان زاد 30 في المئة منذ بداية السنة مقابل 15 في المئة في عام 2002 وهو مرشح للارتفاع في الشهور المقبلة الى 50 في المئة خصوصاً بعدما اضحت اسعار الفائدة تقل بمعدل النصف عن قيمتها قبل اعوام. ومن جهته حدد المصرف المركزي اسعار الفائدة على اذونات الخزانة ب3.18 في المئة بينما تراجعت عائدات الادخار الى دون ثلاثة في المئة وهي تقل عن نصف مردوديتها قبل اعوام انسجاماً مع الاتجاه الدولي في مجال خفض اسعار الفائدة.