وزير السياحة يطلق برنامج «صيف السعودية 2024» في 7 وجهات    مفتي الهند يدعوا الله بأن يشفي خادم الحرمين    غرفة الشرقية تنظم معرض التطبيقات الالكترونية مطلع يونيو القادم    زراعة الشرقية تطلق مبادرة إنتاج عسل المانجروف للموسم الرابع 2024م    لوم إيراني لأمريكا:عقوباتكم حطمت طائرة الرئيس    وزير الخارجية يعزي نظيره الإيراني بوفاة رئيس إيران ومرافقيه    مصادر «عكاظ»: لؤي ناظر يترشح لرئاسة العميد «يونيو القادم»    أمير تبوك يستقبل معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان    محمد بن عبدالعزيز يكرم المتفوقين    الجنائية تتحرك لاعتقال قادة من حماس وإسرائيل    الربيعة يلتقي كبار المتبرعين لمركز الملك سلمان للإغاثة    رئيس "إيكاو": للمملكة دور قيادي في صناعة مستقبل الطيران بالعالم    الأمير سعود بن نهار يستقبل مدير مطار الطائف الدولي    اختيار الرياض مقرا لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    "تعليم جدة" يصدر نتائج حركة النقل الداخلي    "العامري" بين استعراض المنجزات، لثانويات مكتب تعليم حلي    13 كفيفة تأهلت لbrail note    أمير تبوك يرعى تخريج أكثر من 2300 متدرب ومتدربة بالمنطقة    التهاب البول عند الأطفال الذكور    وزير الخارجية يجري اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية الإيراني المكلف    د. العيسى يتسلَّم مفتاح محافظة الإسكندرية أعلى وسام في المدينة    وزارة الإعلام تنظّم النسخة السابعة من "واحة الإعلام"    منتدى كايسيد للحوار العالمي: تجديد جهود الحوار وإنشاء منصات مستدامة وشاملة وآمنة وحيوية ضرورة عالمية    كوادر وطنية لخدمة الحجاج في بنجلاديش    خلاف بين الهلال وجيسوس بخصوص أحد بنود العقد الجديد    الاجتماع الثاني للجنة الأمنية والعسكرية المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي القطري    ارتفاع شهداء غزة إلى 35562    قدوم 267657 حاجا عبر المنافذ الدولية حتى نهاية أمس    وول ستريت تفتح على استقرار مع ترقب نتائج إنفيديا    من هو الرئيس المؤقت لإيران؟    أمير الرياض يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية المتقاعدين بالمنطقة    تايكوندو الشباب يهيمن على بطولتي البراعم والناشئين والحريق يزاحم الكبار    بعد مصرع عبد اللهيان.. «كني» يتقلد حقيبة الخارجية الإيرانية    وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له في حادث تحطم الطائرة المروحية    وصول أبطال آيسف 2024 إلى جدة بعد تحقيق 27 جائزة للوطن    «التعليم» تحدد أنصبة التشكيلات المدرسية في مدارس التعليم العام    البنيان: تفوق طلابنا يبرهن الدعم الذي يحظى به التعليم في المملكة    أوتافيو يتجاوز الجمعان ويسجل الهدف الأسرع في «الديربي»    السعودية.. يدٌ واحدةٌ لخدمة ضيوف الرحمن    متحدث «الداخلية»: «مبادرة طريق مكة» توظف الذكاء الاصطناعي    «عضو شوري» لمعهد التعليم المهني: بالبحوث والدراسات تتجاوزون التحديات    جائزة الرعاية القائمة على القيمة ل«فيصل التخصصي»    السعودية من أبرز 10 دول في العالم في علم «الجينوم البشري»    5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والسمنة    نائب أمير منطقة مكة يُشرّف حفل تخريج الدفعة التاسعة من طلاب وطالبات جامعة جدة    وزارة الحج والعمرة تنفذ برنامج ترحاب    ولي العهد يبحث مع سوليفان صيغة شبه نهائية لاتفاقيات استراتيجية    تنظيم مزاولة مهن تقييم أضرار المركبات بمراكز نظامية    القادسية بطلاً لكأس الاتحاد السعودي للبلياردو والسنوكر    الشيخ محمد بن صالح بن سلطان «حياة مليئة بالوفاء والعطاء تدرس للأجيال»    جائزة الصالح نور على نور    ثقافة سعودية    بكاء الأطلال على باب الأسرة    كراسي تتناول القهوة    الملاكم الأوكراني أوسيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع    الانتخابات بين النزاهة والفساد    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بمسابقة براعم القرآن الكريم    ارتباط بين مواقع التواصل و«السجائر الإلكترونية»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نائب رئيس الوزراء العراقي السابق الزعيم الركن رجل الانتفاضات والانقلابات يعترف . عبدالغني الراوي : نعم تعاونت مع إيران وبارزاني لإطاحة نظام البكر - صدام لقاء مع رئيس "السافاك" تبعه اجتماع برئاسة الشاه انتهى بإقرار الخطة 1
نشر في الحياة يوم 07 - 07 - 2003

في 1970 لفظت محكمة عراقية خاصة أحكامها في قضية ما أسمته بغداد "مؤامرة المجرم عبدالغني الراوي"، وأصدرت بحق الرجل الذي كان مقيماً في طهران حكماً غيابياً بالإعدام. كان من الصعب تصديق المحكمة. فقد امتلك نظام أحمد حسن البكر وصدام حسين، ومنذ الساعات الأولى، القدرة على فبركة المؤامرات لتبرير التصفيات. وكان من الصعب أيضاً الوثوق بمحكمة يرأسها طه الجزراوي، وهو نفسه طه ياسين رمضان الرجل النحاسي القلب الذي سيلازم سيده حتى سقوط بغداد وسقوطهما معها. وضمت هيئة المحكمة أيضاً رجلاً مرعباً اسمه ناظم كزار سيُقتل في 1973 بأمر من صدام حسين لضلوعه في مؤامرة لاغتيال البكر "الأب القائد". وكلما أوردت اسم كزار عاد إلى بالي ما قاله لي قبل أعوام عزيز محمد، الأمين العام السابق للحزب الشيوعي العراقي، ومفاده أن سجناء في "قصر النهاية" الشهير شاهدوا كزار يتناول الكباب مبتهجاً ويضغط برجله في الوقت نفسه على عنق سجين يحتضر.
القانون هو القانون لدى الجزراوي. سطر في الوقت نفسه حكماً غيابياً بالإعدام بحق عبدالرزاق النايف الذي عينته ثورة 17 تموز يوليو 1968 رئيساً للوزراء. وبعد 13 يوماً من ذلك التاريخ سيخرج صدام النايف، وبالرشاش، من القصر الجمهوري ورئاسة الوزراء والبلاد. وبعد عقد كامل سيقع النايف في الفخ في لندن غداة "عشاء غريب" رتبه قريب من صدام. سيتحول النايف جثة ليس فقط لأنه كان شريك الراوي، بل أيضاً لأنه كان يعرف الكثير عن صدام ورفاقه يوم كان الرجل القوي في الاستخبارات العسكرية.
صدرت الأحكام وتدحرجت الرؤوس. رؤوس الضباط المقربين من الراوي والنايف، فضلاً عن بعض المدنيين. ويقول الراوي إن حفلة الإعدامات والتصفيات شملت نحو 150 شخصاً. اتهم الزعيم الركن عبدالغني الراوي، وهو نائب سابق لرئيس الوزراء، بالضلوع في مؤامرة إيرانية - أميركية لإطاحة نظام البعث. كان من الصعب تصديق إعلام بغداد ومحاكمها.
اليوم وبعد أكثر من ثلاثة عقود سيعترف الراوي ل"الحياة"، وللمرة الأولى، بأن "المؤامرة" كانت حقيقية وسيزود "الحياة" بما كتبه في مفكرته، مؤكداً لقاءاته مع رئيس جهاز "السافاك" الجنرال نعمة الله نصيري، وأن الخطة أقرت في اجتماع برئاسة الشاه محمد رضا بهلوي، وان جهة اقليمية تبرعت لانجاحها بعشرة ملايين دولار.
لم تكن تلك المحاولة الانقلابية سوى الفصل الأخير من المسيرة الصاخبة لهذا الضابط الذي كان حاضراً في كل المحطات الصعبة للجمهورية العراقية. قبل شهرين من ثورة 14 تموز يوليو 1958 نظم مع عبدالوهاب الشوّاف، أحد أبرز الضباط الأحرار، محاولة لاغتيال الملك ورئيس وزرائه وكبار المسؤولين. كاد العقيد الركن أن يفجر الثورة قبل عبدالكريم قاسم وعبدالسلام عارف، وسيروي سبب فشل المحاولة. وحين قامت ثورة 14 تموز شارك فيها وسيدخل السجن في عهدها.
عندما اندلعت حركة 14 رمضان 1963 التي أوصلت البعث إلى السلطة. كان متقاعداً. أوصل له أحمد حسن البكر كلمة السر. في الموعد المحدد ارتدى الراوي المتقاعد بزته العسكرية وتوجه إلى معسكر الحبانية ليقود من هناك اللواء الزاحف في اتجاه بغداد للمشاركة في اسقاط قاسم. ويجزم الراوي أنه كان الرجل الذي أمر بتنفيذ حكم الإعدام بقاسم ورفاقه، بعدما رفض عبدالسلام عارف السماح ل"الزعيم الأوحد" بالمغادرة إلى المنفى. وفوجئت أن الراوي لم يعرف حتى الساعة ان اشراكه في 1963 لم يكن اقتراح البكر، بل اقتراح مهندس ثورة 8 شباط فبراير 1963. ويقول الراوي إن البعثيين استقدموا عبدالسلام عارف بعد نجاح الحركة، وأنه لم يكن صاحب القرار في البدايات، وان حازم حداد كان مسؤولاً عنه.
بعد ذلك التاريخ سيقال الكثير عن الراوي وافراطه في القسوة على الشيوعيين. وبين الروايات أنه كلف في تموز 1963 بإعدام 30 عسكرياً شيوعياً، فاعترض معتبراً العدد شديد التواضع. وهو سيقول ل"الحياة" انه غير نادم لأنه لم يرحم الشيوعيين، مؤكداً حصوله على فتاوى تجيز قتلهم "وأنا تصرفت دائماً كعربي متمسك بإسلامه". يتفق السياسيون والعسكريون في وصفه بالضابط الشجاع. كثيرون يضيفون إلى السجاعة ميلاً واضحاً إلى المبالغة فيها حتى التهور. وبينهم من يقول إنه عاشق سلطة. لم يرضه منصب الوزير في عهد عبدالسلام عارف. ولم يقنعه منصب نائب رئيس الوزراء في عهد عبدالرحمن عارف. ويروي أنه انقذ الأخير من محاولة انقلابية كاد ان يستسلم خلالها، و"كان يبكي كالنساء".
عشية الحرب الأميركية على العراق، وفي فندق في الرياض، افتعلت ارتباكاً في المواعيد لرؤية الراوي يلتقي الفريق الركن إبراهيم الداوود عضو مجلس قيادة الثورة وزير الدفاع العراقي السابق. تعانق الرجلان واستعادا محطات كثيرة وكانت آلة التسجيل ساهرة على التقاط الذكريات. وفي اليوم التالي حين سلمني الراوي مفكرته وجدت بين صفحاتها اتهاماً للداوود والنايف، بأنهما كانا على علاقة بال"سي آي اي" حين مكنا البعث من العودة إلى السلطة في 1968.
ولد الراوي في 16-12-1922. تخرج من الكلية العسكرية في 1941 وبدأ السباحة في المياه العراقية الشائكة. كاد الحديث أن يتوقف مرات عدة فالجنرال الثمانيني لا يزال صعب المراس. مشاركته في سلسلة "يتذكر" تشكل إضافة تساهم في شرح الزمن المضطرب الذي أنجب صدام حسين. وهنا نص الحلقة الأولى:
ماذا حدث في 1969؟
- قام حزب البعث الذي عاد إلى السلطة في 17 تموز يوليو 1968 بتصفية مختلف القوى المناهضة له باستثناء الإسلاميين. الحكومة الإيرانية اتصلت بي. لم تكن المسألة سهلة. كنت اخضع لمراقبة شديدة. سيارتان تقفان باستمرار على مسافة عشرات الأمتار من منزلي، وثالثة تلاحقني كلما خرجت. متابعة قريبة وشديدة.
"سري للغاية"
قبل مجيء البعثيين إلى الحكم ذهبت في كانون الثاني يناير 1968 إلى الحج. عدت ومعي طه جابر. بعد بضعة أيام قرع باب منزلي عصراً. فتحت فوجدت ثلاثة أشخاص بينهم سفير إيران في بغداد. بصفتي نائباً سابقاً لرئيس الوزراء كنت أتلقى دعوات إلى مناسبات تقيمها السفارات. كنت البي دعوات السفارتين السعودية والإيرانية، الأمر الذي سهّل قيام علاقة. دخل الثلاثة وجلسوا. اعتقد أن ذلك كان في الأسبوع الأول أو الثاني من شباط فبراير 1968. قال لي السفير: أنا أتحدث بصفة رسمية. هذا الشخص وأشار إلى واحد من رفيقيه هو جنرال، وجاء خصيصاً من إيران لرؤيتك. نحن نعرف أن لغتك الانكليزية ضعيفة فجئنا بعباس آزرمي القنصل العام الإيراني في بغداد ليتولى الترجمة. تقدم الجنرال نحوي وانحنى بطريقة احرجتني وأدى التحية وسلمني مغلفاً مختوماً بالشمع الأحمر ومكتوباً عليه سري للغاية. فتحته فوجدت مغلفاً آخر. وجدت فيه كتابة بالإيرانية فأعطيته رأساً للقنصل العام. قرأ من الرسالة: "نحن نلتزم بما يقوله فلان". قلت تفضل فقال: "نحن ما تبقى من حلف بغداد إيران وتركيا وباكستان. نحن أمام الاتحاد السوفياتي وأنتم العراق في ظهرنا. إذا جاء حكم شيوعي في بغداد سيكون موالياً لروسيا. وإذا جاء حكم ناصري سيكون قريباً بالدرجة نفسها. لقد درسنا الساحة العراقية. الناصريون يريدون الاستيلاء على الحكم. البعثيون يسعون إلى الهدف نفسه. الشيوعيون لهم طموحاتهم. الإسلاميون وأشار إلي يريدون أخذ الحكم أيضاً. درسنا أوضاع كل الأحزاب والتجمعات والأفراد، فوجدنا أن أقوى شخص وأصدق شخص في أقواله وأعماله هو أنت، ونعرف أن العراقيين يثقون بموقفك وشجاعتك ونزاهتك. من مصلحتنا أن تأتي أنت إلى الحكم، لأننا نثق بك، فأنت مسلم والحوار مفتوح بيننا. نحن جئنا لنعرض كل ما لدينا من طاقة لدعمك".
وأضاف: "قل لنا ما هي حاجتك. مليون أم ثلاثة أم خمسة أم سبعة. إذا كنت تحتاج إلى ما يزيد عن عشرة ملايين سأكون مضطراً لأخذ موافقة طهران".
نظرت إليه وقلت، والله شاهد على كلامي: "الذين يعملون معي سيتركونني إذا عرفوا انني أخذت منك ديناراً واحداً. يتخلون عني فوراً. إنهم مجاهدون انقياء، وأنا أطمح أن أكون في مستواهم في الجهاد. نحن لا نريد أموالاً منكم. نريد دعمكم. الاعتراف بنا فور نجاح الحركة، وأن تطلبوا من أميركا وفرنسا وبريطانيا والمانيا أن تعترف بنا بسرعة. الأمر الثاني هو اننا نريد فتح الحدود الإيرانية - العراقية، وأن تتدفق عبرها المواد الغذائية وأن تضغطوا على تجاركم للبيع بأسعار زهيدة وتتولون أنتم مسألة تعويضهم. نحن مسلمون. إذا تعرضتم لاعتداء من روسيا سنقاتل معكم كمسلمين سواء كانت هناك معاهدة بيننا أم لم تكن". ارتسمت الابتسامة على وجوههم.
ستكون رئيساً
بعد مجيء البعث تعرضت لمراقبة شديدة. ارسلت إيران شخصاً لمقابلتي في مكان ما. التقيت الشخص ولم أكن رأيته من قبل. بدأ يحاول اقناعي بأن أغادر إلى الخارج عن طريق إيران. أنا فقير الحال وأعيش من راتبي التقاعدي. إذا هربت سينقطع الراتب فوراً عن عائلتي وهي كبيرة. إذ لديّ ستة أولاد. كيف سيعيشون؟ رفضت أن أسافر. اشتدت الرقابة عليّ. زارني مستشار السفارة الإيرانية وقال لي: "نحن استخدمنا صداقاتنا وعملاءنا في الداخل لتأجيل اتخاذ الاجراءات ضدك. نجحنا في تأخير الاجراءات عشرة أيام، إذ دعا عملاؤنا إلى مزيد من الرقابة في حقك. أنت ستكون رئيس الجمهورية. لا تهتم بمعيشة عائلتك. اكتب أي راتب تريد وستحصل عليه. نحن لا نقدم لك هدية. أنت ستكون صاحب فضل علينا إذا توليت الحكم. ومع ذلك إذا اردت اعتبار ما سنقدمه لك ديناً فإننا نعتبر انك صاحب الفضل حين تقبل أن تأخذ منا".
قلت له: "إذا غادرت بغداد لا أريد أكثر من راتبي التقاعدي. أنا لا أقول من باب التفاخر. أنا أفقر خلق الله مالياً ولا أطلب منه غير أن يشملني برحمته كواحد من عبيده وجنوده".
***
من المفكرة
طرحت مزيداً من الأسئلة على الراوي عن تفاصيل المحاولة الانقلابية، ففضل تسليمي ما كان دوّنه في مفكرته عنها. وهنا نصه:
3- إلى إيران والتعاون مع الحكومة الإيرانية
إن الأسباب التي دعتني إلى الذهاب إلى إيران والتعاون مع حكومتها هي:
أ - وصل البعثيون إلى السلطة ببغداد في 17/7/1968 بعملية انقلاب نفذها آمر لواء الحرس الجمهوري المقدم الركن إبراهيم عبدالرحمن الداود وزميله معاون مدير الاستخبارات العسكرية المقدم الركن عبدالرزاق النايف وكلاهما من عملاء "سي آي اي". واعترف الأول منهما في مجلس …بأن الأميركان هم الذين جلبونا جابونا إلى الحكم وهم الذين أخرجونا منه. فقد نفذا الانقلاب اطاعة لأوامر "سي آي اي" لفرض متطلبات أمن اسرائيل واستمراريتها. لأن حزب "البعث" هو من يؤمن هذه المتطلبات. ذلك لأن الدول الغربية والشرقية أيضاً - روسيا كانت تريد أن يقوم في العراق حكم تتوافر في قادته المواصفات التالية:
أولاً، أن يكونوا أعداء مع نظام البعث السوري.
ثانيا، أن يكونوا أعداء مع النظام المصري الناصري.
ثالثاً، أن يكونوا أعداء مع الدول العربية المجاورة الأردن، السعودية، الكويت.
رابعاً، أن يكونوا أعداء مع الدول الإسلامية المجاورة إيران، تركيا.
خامساً، أن يكونوا أعداء مع الشعب العراقي من غير العرب الأكراد، الأتراك، القوميات الأخرى.
سادساً، أن يكونوا أعداء مع الإسلام والمسلمين خارج العراق، وذلك بتطرفهم ضد عقيدة العراقيين 98 في المئة مسلمون وضد الإسلام والمسلمين في أي مكان آخر بتبنيهم الشيوعية المشوهة باسم الاشتراكية.
وخلاصة هذه المواصفات المطلوبة هي أن يكون العراق معادياً لكل الدول المجاورة له بسبب من عقيدة يتبناها مخالفة لعقيدة الدول المجاورة، كما أن هذه العقيدة هي مخالفة لعقيدة الشعب العراقي نفسه.
سابعاً، ان الجماعة المؤهلة والوحيدة التي لديها هذه المواصفات هي عصابة "البعث" العراقي أو عصابة الشيوعيين، وبما أن الشيوعيين غير مقبولين في ذلك الوقت من قبل الشعب العراقي وغير مقبولين من قبل الدول المجاورة، لذلك فإن "البعث" العراقي هو المرشح الوحيد. فبسبب من مبادئه التي لا تختلف عن المبادئ اللينينية - الماركسية إلا في كون البعثيين ينادون بالقومية العربية، بينما اللينينية - الماركسية تنادي بالأممية. وعلى صعيد القومية العربية المتطرفة، فسيكون معادياً للقوميات غير العربية للدول المجاورة إيران وتركيا ومعادياً للقوميات غير العربية الموجودة في العراق الأكراد والأتراك والقوميات الصغيرة الأخرى. وعلى صعيد الاشتراكية اللينينية - الماركسية، فسيكون معادياً للدول الإسلامية المجاورة وللدول العربية المجاورة أيضاً التي لا تدين بمذهبهم. هذا إضافة إلى معاداتهم أبناء الشعب العراقي المسلم 98 في المئة مسلم. والنتيجة لذلك هي "تثبيت الجبهة"، أي أن العراق يشد الدول المحيطة به خوفاً منه على نفسها، وهذا هو الطريق إلى أمن إسرائيل واستمرارية بقائها إلى أن يشاء الله غير ذلك.
من سيساعدنا
ب - في 30/7/1968 طرد البعثيون كلاً من عبدالرزاق النايف وإبراهيم عبدالرحمن الداود وبعدها باشروا شيئاً فشيئاً في تصفية خصومهم، فابتدأوا بالناصريين ثم بالقوميين ثم بالمستقلين… الخ. ولفقوا شتى التهم ضدهم فأعدموا وسجنوا كثيرين وعذبوا الكثير من الأبرياء التعذيب المنقطع النظير مع التهديد بهتك العرض أمام أعينهم، لكي يرغموهم على الاعتراف بأمور هم أبرياء منها. ولم يتعرضوا للمسلمين والمسلمين المنضمين الى تنظيمات علنية أو سرية، حيث كان في تخطيطهم انهم سيكونون آخر من يجري تصفيتهم لأنهم جاؤوا إلى السلطة لهذا الغرض أصلاً.
ج - ناقشت الموقف في نفسي، كما هو عليه في ربيع عام 1969. من هي الدولة التي تعيننا على طرد البعثيين وإعادة العراق إلى حظيرة الإسلام وتصحيح كل الأخطاء التي تراكمت. ليست تلك الأخطاء التي حدثت منذ 14 تموز يوليو 1958 فحسب، بل تلك التي كانت السبب في الثورة على العهد الملكي أيضاً، كما يلي:
أولاً - السعودية: لا يمكن أن تعيننا لأن سياستها الخارجية منذ أيام الملك عبدالعزيز هي عدم التدخل في شؤون الدول المجاورة.
ثانياً - الكويت: لا يمكن أن تعيننا ولا يمكن الاعتماد عليها ولا الثقة بها في هذا الأمر، لأنها أعانت على مجيء حكم "البعث". كما أنها ضعيفة ومسيطر عليها من قبل جهات أجنبية متعاونة مع البعثيين. ولا يستبعد أن تفشي الكويت سرنا، بل وتسليمنا إلى الحكام البعثيين في بغداد، إضافة إلى أنها تأتمر بأوامر انكلترا التي أعانت على مجيء البعثيين إلى الحكم بالاشتراك مع أميركا.
ثالثاً - الأردن: ضعيف في كل شيء. وفي أراضيه حكومات تتقاسم السلطة، فهناك سلطة الحكومة الشرعية وسلطة الجيش العراقي الموجود في الأردن آنذاك، وسلطة حزب "البعث" العراقي وسلطة حزب "البعث" السوري وسلطة حزب "التحرير" وسلطة الناصريين وسلطة "الاخوان المسلمين" والسلطات المتعددة للثورة الفلسطينية.
رابعاً - سورية: لا يمكن الاعتماد عليها، لأن حزب "البعث" السوري هو المتسلط على الحكم فيها، وهو وإن كان متظاهراً بالعداوة مع حزب "البعث" العراقي المتسلط على الحكم في بغداد، إلا أنهما سرعان ما سيتعاونان في أمور كثيرة، وعلى رأس هذه الأمور هي أنهما عدوان لدودان للإسلام والمسلمين، وهما إنما تسلما السلطة لهذا الغرض، لذا فهما يتعاونان ضد أولئك الذين يريدون القيام بعمل لمصلحة الإسلام والمسلمين، لذا فلا يمكن الثقة ولا الاعتماد على سورية.
خامساً - مصر: بعد خسارة المعركة مع إسرائيل في حزيران يونيو 1967 اوقفت مصر جميع فعالياتها لمصلحة القومية العربية أو الاشتراكية خارج حدود مصر، وهي غير مستعدة لمساعدة الناصريين خارج مصر، فكيف تجاهنا وهي تعتبرنا من أعدائها. لذا لا يمكن الاعتماد بالعمل على مصر.
سادساً - تركيا: هي دولة علمانية إلحادية وقومية طورانية، كما أن سياستها منذ أيام الصنم كمال اتاتورك هي عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، لذا لا يمكن الاعتماد على تركيا.
سابعاً - الدول الغربية وأميركا الدول الرأسمالية: هي التي أعانت على مجيء البعثيين إلى السلطة، فلا يعقل أن تعيننا على طردهم. كما أننا لسنا عملاء لهذه الدول. ولو كنا لما تجرأنا على محاولة القيام بالثورة على من جلبوهم لحكمنا.
هذا إضافة إلى أنهم لا يساعدون الإسلاميين على المجيء إلى الحكم، لأن خوفهم من نهوض الإسلام واستعادته لمركزه أشد من خوفهم من الشيوعية والإلحاد.
أما الدول الشرقية الشيوعية فلأننا من المسلمين العقائديين نعتبر انفسنا من أشد أعداء الشيوعية، وبالتالي لا يعقل ان تقبل هذه مساعدتنا لما يرضي الله تعالى الذي لا تؤمن به. كما أننا لا يمكننا أن نقبل الاعتماد على أية دولة شيوعية حتى وإن قدمت المساعدة ما بني على باطل فهو باطل.
ايران عدوة البعثيين
ثامناً - إيران: وهي الدولة التي لها حدود مع العراق لأكثر من 1000 كيلومتر، ومنذ مجيء البعثيين إلى السلطة في العراق عام 1968 لم نجد من يمد يد العون ويهاجمهم في جميع وسائل الإعلام ويحاول وبشكل مؤثر العمل ضدهم سوى الجارة إيران. هذا بالإضافة إلى وجود قتال مسلح بين قوات الحكومة العراقية البعثية والمسلمين من أكراد العراق الذين تقع مناطقهم بجوار خط الحدود العراقية - الإيرانية. فإذا أضفنا ان الحكومة الإيرانية كانت تعاون أكراد العراق بالأغذية والأسلحة والأعتدة الخفيفة والمتوسطة أحياناً، مع اخلاء الجرحى وادخالهم إلى مستشفياتها داخل الأراضي الإيرانية بعد نقلهم في طائرات الهليكوبتر، أي أن إيران أسفرت عن عدائها للبعثيين. بالإضافة إلى ذلك، فإن إيران بلد إسلامي أسوة بالعراق، ولأنني مسلم العقيدة ولله الحمد فقد رأيت أن المسلك الوحيد المفتوح أمامي للعمل لإنقاذ العراق والعراقيين هو عن طريق إيران وعن طريق الثورة القائمة في شمال العراق من قبل الأكراد بقيادة الملا مصطفى البارزاني، وذلك ضد نظام الحكم البعثي في بغداد.
تاسعاً - اتخذ مجلس قيادة الثورة البعثيون في بغداد قراراً بتصفية آخر من تبقى من خصوم "البعث" ألا وهم المسلمون. وقرروا بأن الخطة تبدأ باغتيالي في باب بيتي.
2- اتصلت بي الحكومة الإيرانية تعرض عليّ السفر إلى شمال العراق للشروع بالعمل لإطاحة البعثيين عن طريق طهران بعبوري الحدود أو بالذهاب إلى شمال العراق ثم أزور طهران ليومين أو ثلاثة أعود بعدها إلى شمال العراق للشروع بالعمل.
3- درست جميع الاحتمالات وكانت الحكومة الإيرانية خلال ذلك تضغط عليّ بوجوب سرعة المغادرة خوفاً من أن ينفذ البعثيون عملهم الاجرامي في حقي. بقيت متردداً لعشرة أيام على رغم شدة النصائح الإيرانية لي. وكنت أرى بأم عيني شدة ملاحقتي ومراقبتي من قبل أجهزة الأمن، فأينما أذهب كانت هناك سيارات تلاحقني عدا سيارة مرابطة بالقرب من بيتي لتصبح سيارتين ليلاً عدا المتحركة.
... ألف دينار
4- إن مشكلتي الشخصية هي انني على رغم كوني قائد فرقة مدرعة ثم وزيراً ونائباً لرئيس الوزراء، فإنني اعيش وعائلتي على الراتب التقاعدي. وان انقطاع هذا الراتب يعني أن عائلتي ستموت من الجوع إلا من رحمة الله تعالى، لأنني لم أكن في أي يوم من أيام حياتي من ذوي التجارة أو الصناعة أو الزراعة أو أصحاب الأملاك. لهذا فإن الراتب التقاعدي شيء مهم لإعانة عائلتي، لذلك أصررت على بقائي في بغداد وعدم الحركة لا إلى شمال العراق ولا إلى إيران، لأن سفري سيقطع مورد الرزق الوحيد عن عائلتي، وفضّلت ان اغتال على أيدي أعداء الله وأعداء الإسلام إذا كان الله قد كتب لي الموت شهيداً على أيديهم، ليبقى الراتب التقاعدي لإعاشتهم على الأقل، فأخبرني المسؤول الإيراني بأن العمل المقبل كدولة ولها موازنتها الخاصة لهذا العمل وأنت كرئيس للدولة المقبلة تخصص لك لنفسك الراتب. فأخبرني الآن هل أن ألف دينار شهرياً مناسب لكم؟ فقلت له: أنا لا اريد شيئاً لنفسي ولا أريد أكثر من الراتب التقاعدي يسلم إلى عائلتي شهرياً أو دورياً. وهكذا جرى تخصيص المبلغ التالي:
1000 دينار لي عن كل ثلاثة شهور
450 دينار إلى طه جابر عن كل ثلاثة شهور
300 دينار إلى مطر حمد ذياب عن كل ثلاثة شهور
300 دينار إلى صبار عبدالجادر عن كل ثلاثة شهور
كما تسلمنا قبل السفر مبلغ 1200 دينار وجرى توزيعه كما يلي:
500 دينار لي
400 دينار إلى طه جابر
100 دينار إلى مطر حمد ذياب
100 دينار إلى صبار عبدالجارد
100 دينار كنثرية لاغراض السفر
عاشراً - لقد سألني المسؤول الإيراني فيما إذا كنت منتمياً إلى "الاخوان المسلمين" ووجه السؤال ذاته إلى طه جابر أيضاً، فأخبرته بأنني لم انتمِ إلى أي حزب علني أو سري في حياتي، ولكنني اعتبر ان "جماعة الإخوان المسلمين" هم من أطهر خلق الله في زماننا هذا، وانهم إذا قاتلوا أي جماعة، فسأقاتل معهم حتى من دون أن أسأل عن الأسباب لأنني اثق بحقهم وبإسلاميتهم.
لقاءات طهران
4- في طهران وخطوط العمل والخطة
أ: يوم الاثنين 2/6/1969 غادرت بيتي بعد الافطار مساء. وفي 12/6/1969 وصلت طهران عصراً وكان في انتظاري الجنرال معتضد وفرازيان ونزلت ضيفاً وعوملت معاملة رئيس دولة.
ب: في 13/6/1969 جرى أول اجتماع عمل بيني وبين الجنرال معتضد وفرازيان وآخرين لا أعرفهم، فاعتذروا لي عن عدم حضور الجنرال نصيري لانشغاله بأمر طارئ ذهب إلى مقابلة الشاه بسببه وبأنه سيحضر غداً. وكان أهم أمر جرى بحثه وبصورة مفصلة هو، هل أنا من جماعة "الإخوان المسلمين" أم لا؟ فأخبرتهم بأن ممثلهم في بغداد سألني ذلك مرتين وأجبته وأكرر جوابي لكم بأنني لم انتمِ في حياتي إلى أي حزب علني أو سري، ومع ذلك فإنني اعتبر ان جماعة "الاخوان المسلمين" هم من أطهر الناس في عصرنا هذا، وانهم إذا ما نزلوا إلى الشوارع يقاتلون فإنني سأنزل معهم لأقاتل أعداءهم ومن دون أن أسأل عن أسباب القتال، وأنني قلت هذا الكلام امام رئيس الجمهورية العراقية الراحل عبدالسلام عارف وامام عبدالرحمن عارف يوم كان رئيساً للجمهورية، وذلك في حضور رئيس وزرائه ناجي طالب ونائب رئيس الوزراء رجب عبدالمجيد و14 من كبار الضباط من قادة العراق ممن شغلوا المناصب الوزارية بعد ثورة 14 تموز يوليو 1958 وذلك حينما جرى اجتماع في القصر الجمهوري في بغداد لمناقشة قطع سورية ضخ النفط العراقي في أنابيب النفط المارة عبر الأراضي السورية إلى ميناء بانياس.
مع مصطفى بارزاني
وفي يوم 14/6/1969 تكررت الأسئلة والأجوبة بحضور الجنرال نصيري ومعتضد وفرازيان والمترجمين. وسافرت من طهران إلى شمال العراق لمقابلة الملا مصطفى البارزاني لمدة يوم واحد عدت بعدها إلى طهران. ثم جرى حضور عبدالرزاق النايف يرافقه هلال بلاسم الياسين، وطلب احضار سعد صالح جبر، وأقنعوني بأنه سيجلب معه اسناد أميركا وانكلترا المادي والمعنوي قبل وبعد نجاحنا من طرد البعثيين. ثم سافرت يرافقني عبدالرزاق النايف وهلال بلاسم الياسين والجنرال منصور بور ايراني كردي كضابط ارتباط بين الحكومة الإيرانية والثورة البارزانية في شمال العراق وعباس آزرمي كمترجم. وكانت سفرتنا ليومين لمقابلة الملا مصطفى البارزاني وقيادة الثورة البارزانية، وجرت المناقشة ثم طرحوا علينا مطلبهم بالحكم الذاتي للأكراد في شمال العراق وكان جوابي صريحاً بأنني لا أؤمن به لأنه سيكون البذرة لتفتيت العراق ولأنني اؤمن بأن تاريخ الأكراد في العراق هو تاريخ العرب أيضاً، ولأنه لم يكن هناك أي تمييز عنصري بين العرب والأكراد خصوصاً وبقية القوميات الأخرى عموماً في تاريخ العراق الطويل جداً منذ أيام صدر الإسلام حيث امتزجت دماء العرب والأكراد في العراق فوحدت بينهم أخوة الدم واخوة العقيدة الإسلامية، وقلت: "وهذا لا يمنع من العودة إلى اسلوب الحكم الإسلامي فيكون لكل قرية مجلسها المنتخب، ولكل ناحية أو قضاء، وأن تكون لها موازنتها الخاصة بها تصرف وفقاً لرأي المجلس البلدي، ولكن نحن الدولة أسوة بأيام الحكم الإسلامي في صدر الإسلام"، فكان جوابي الصريح والرافض لفكرة الحكم الذاتي على رغم انني وحيد ولاجئ ومن دون سند إلا منه تعالى آمين.
الاجتماع مع الشاه
عدنا إلى طهران وكان لكل منّا رأيه أنا والنايف في الخطة التي يقتضي اتباعها لإنقاذ العراق من حكم "البعث" الكافر بالله وبالإسلام وبالعراق وبأنفسهم ثم وصل والتحق بنا طه جابر قادماً من فيينا عن طريق مصر ثم التحق بنا صبار عبدالجادر.
ج. جرت مقابلة الشاه محمد رضا بهلوي في قصره على بحر قزوين لغرض مناقشة الخطة، يرافقني عبدالرزاق النايف وسعد صالح جبر بحضور الجنرال نصيري والمترجم محسن فارس وبقي الآخرون في غرفة الانتظار قرب الباب النظامي وهم الجنرال معتضد وفرازيان ومنصور بور وعباس آزرمي وضابط كاتب الاختزال برتبة مقدم.
أولاً - كانت خطة عبدالرزاق النايف ويسنده سعد صالح جبر بأنه يكفي أن نشتري ذمة العقيد الركن محمد علي سعيد مدير الحركات العسكرية وقائد القوات المدرعة وقوات بغداد وعضو مجلس قيادة الثورة في الوقت نفسه، ثم يجري الانقلاب داخل البعثيين لمصلحتنا. أما نحن فنركب الطائرة من طهران إلى بغداد، فإذا تفضلوا علينا باعطائنا مسؤولية أية وزارة، فهذا فضل منهم وإلا فالعودة إلى بيوتنا سالمين.
ثانياً - وكان رأيي عكس ذلك تماماً حيث شرحت بالتفصيل بأن احتمال نجاح أي انقلاب ضد البعثيين لا يتجاوز 5 في المئة، وبأن الخطة الأصح هي في ذهابنا إلى شمال العراق مع الثوار الأكراد والبارزانيين، ومن هناك نجري الاتصال بالضباط من أوامر الوحدات والتشكيلات بل وحتى الوحدات الفرعية أمراء الفصائل والسرايا ثم بتوقيت موحد نسيطر على القطاعات العسكرية في شمال العراق ووسطه وجنوبه، خصوصاً تلك القطعات القريبة من الحدود، ثم نزحف بها وفقاً للخطة إلى بغداد، وفي الوقت نفسه نشعل الثورة بالعشائر المحيطة ببغداد وجنوبها وشمالها، وفي الوقت ذاته تزحف فصائل الأنصار للثورة الكردية البارزانية وفقاً لخطة موحدة مع زحف قوات الجيش العراقي. وهذا لا يمنع من شراء ذمة محمد علي سعيد ليقوم بانقلاب داخل قيادة حكم "البعث" في بغداد، وأن يجري توقيت هذا الانقلاب ضمن الخطة العامة، حيث ان اعتماد الخطة هي على زحفنا بالقطعات العسكرية وفصائل الأنصار وبالعشائر، وسواء نجح محمد علي سعيد بانقلابه أم فشل، فإن زحفنا من الشمال والجنوب مع قيام الثورات للعشائر المحيطة ببغداد وفي الفرات الأسفل وفي الحويجة كركوك وفي الجزيرة ما بين دجلة والفرات هو الذي سيقرر نجاحنا في سحق حكام "البعث" والانتصار عليهم بإذن الله تعالى.
لقد أيّد الشاه خطتي بعد مناقشة استمرت ساعتين وخمساً وعشرين دقيقة بينما كان مقرراً أن تكون مقابلتنا مع الشاه لمدة عشر دقائق قد تطول لتصل اثنتي عشرة دقيقة أو خمس عشرة دقيقة كحد أقصى. عدنا ليلاً إلى طهران حيث طلب سعد صالح جبر أن يسافر فوراً إلى أميركا مباشرة وقد أخبرني وبعد أكثر من ثلاث سنوات ونحن في لندن بأنه كان يسافر إلى هناك ليقدم تقريره وبعلم من إيران وهي التي كانت تسفره وتستدعيه.
غداً حلقة ثانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.