يشك الجيش الاميركي في أن زرافة تعيش في بيت أحد العراقيين في مكان ما جنوببغداد. ويرغب الجنود، مع العاملين في حديقة الحيوانات في العاصمة العراقية، في العثور على الزرافة بأسرع وقت ممكن، حيث الشعب في هذا البلد فقير، ولو انه ليس على حافة الموت من الجوع. ويقول الكابتن ويليام سامنور، من الوحدة الأميركية المتمركزة في حديقة الحيوانات: "أكلوا إحدى الزرافات… وعلينا ان نعثر على الثانية قبل ان تؤكل"! ومن نواح عدة، تبدو ظاهرة جيدة ان الأوضاع تحسنت الى درجة ما، حيث للجيش الاميركي وقت كاف للخوف على مصير حيوانات الحديقة. ودعا المسؤولون الاميركيون الصحافيين ليتجولوا في الحديقة بعدما جعلتها الحرب ساحة أقفاص شبه فارغة. وعاد الماء الى الحديقة الأحد. ودُفع للعاملين فيها 20 دولاراً وحرص المسؤولون على تصوير ذلك. وقالوا إن أكلاً للحيوانات سيصل قريباً، ما يعني الكف عن قتل الحمير لتغذية بعضها! وفي حديقة حيوانات مصغرة كانت تابعة لعدي صدام حسين، منفصلة عن الحديقة العامة، ولد 6 أشبال قبل عشرة أيام تحت رعاية القوات الخاصة الأميركية. ونامت والدتهم التي سماها الجنود الاميركيون "زينا". وقال المسؤول في منظمة "المعونة البرية" الاميركية ستيفن بوغنار: "لم يعلم احد أنها حامل. وذات صباح أتوا الى القفص وكان مظلماً، ثم سمعوا بعض الاصوات ورأوا في الركن ستة اشبال". ويتكون غذاء الأسود من لحم البقر والحمار، وأضاف بوغنار: "اليوم يوم الحمار"، مشيراً إلى أن الحصول عليه سهل في الأسواق المحلية. وتلقت الادارة الأميركية بعض النقد لبطء تحركها لإعادة النظام الى العراق، ولو بأقل المقاييس. ووصف نائب الجنرال المتقاعد جاي غارنر المسؤول عن الادارة المدنية في العراق، تيموثي كارني العمل في الحديقة بأنه "نموذج لنوع المعونة التي نأمل بأن نقدمها". وعاد معظم العاملين ال35 في حديقة الحيوانات إلى وظائفهم، وتسلموا بعض أجورهم من الأموال العراقية المجمدة في الولاياتالمتحدة، وتوقف نهب الحيوانات. وقال كارني: "لولا وجود الجنود في الحديقة، لكانت فارغة الآن. وهم ساهموا في تغذية الحيوانات". ورأى ان هناك املاً لبقية البنى التحتية في العراق "اذا استطعنا إعادة إعمار حديقة الحيوانات في وقت قصير كهذا وبموارد قليلة كهذه". واستدرك: "لا أريد أن اتكهن، فالتشابه بسيط"! وهي حقاً حديقة حيوانات بسيطة، فبعدما سكنها 650 حيواناً قبل الحرب، هناك 10 فقط الآن: نمران من البنغال و3 أسود و3 خنازير وحشية عراقية وشيهماً ودبّان لونهما بني. ونقل أخيراً 7 أسود و3 نعامات وفهدان من حديقة عدي الخاصة في أحد قصوره، حيث ولد الاشبال. وقُتل أو سُرق بقية الحيوانات: الجِمال والغزلان والخيول والقردة ومئات الطيور، وبعضها بدأ يظهر في سوق شعبية تفتح كل يوم جمعة. ويقول مسؤولون عسكريون إن الكثير منها، خصوصاً البط، أكِل. ويشكون من أن بعض خيول صدام حل الدهر بها على مائدة ما. وكان معظم الحيوانات اختفى حين وصل الجنود الاميركيون الى الحديقة في الاسبوع الثاني من نيسان ابريل، بعد معركة في حي المنصور الراقي، حيث أُسست الحديقة عام 1971. وعثر الجنود على نحو 5 آلاف قطعة سلاح و 40 طناً من الاجهزة العسكرية، والقليل من الحيوانات الهزيلة. وقال العريف ماثيو سانت بيار: "كان الوضع سيئاً جداً. نحو 90 في المئة من أبواب الاقفاص كانت مفتوحة". وتسبب القتال في ورطة فورية، ويقول الأميركيون إن قذيفة "هاون" عراقية أدت الى ثقب في السور الخارجي للأسود. ويشير سلنت بيار إلى أن اللصوص كبّروا الفتحة، وهربت أسود. وبوجود عدد كبير من اللصوص كان على الجنود اتخاذ قرار صعب: "اخراج المدنيين، وكان ذلك مستحيلاً، أو قتل الأسود، ونحن قتلناها". ولكن بعد قتل 4 أسود، طعّم الجنود بقية الحيوانات وذبحوا خنازير وحماراً ذا ساق مقطوعة، بل اعطوا الحيوانات بعض حصصهم من الأكل الذي لا يثير شهية أحد. ورجع مدير الحديقة عادل سلمان موسى الى عمله، ووظّف خبيراً في الحيوانات البرية من جنوب افريقيا هو لورانس انتوني، وبوغنار من منظمة "المعونة البرية". وبمساعدة الموظفين الآخرين، نظفا الحديقة والأقفاص وأعادا المياه، وضمنا كمية ضخمة من لحم الجاموس من حديقة الحيوانات في الكويت، بمساعدة من متبرع بريطاني. ويقول سانت بيار ان الفرق مذهل. تبقى المهمة الأكبر وهي استرجاع الحيوانات. وصرح موسى بأن العاملين سيسعون إلى العثور علىها في الأسواق والمنازل، فيما ذكر انتوني ان طواويس وقردة نهبت مرة ثانية بعد استرجاعها. ولا تزال مسألة الزرافة عالقة، وروى انتوني ان التوقيت كان سيئاً، حين بدأ نقل زرافتين ونعامتين من السودان إلى شمال العراق مع بدء الحرب، فقرر سائقا الشاحنة التي كانت تقل الحيوانات ان الرحلة اصبحت خطرة وتوقفا.