احتفلت الطوائف المسيحية ذات التقويم الغربي في لبنان امس بعيد الفصح المجيد وأقيمت القداديس ورفعت الصلوات في المناسبة، فيما احتفلت الطوائف الشرقية بأحد الشعانين. حضر رئيس الجمهورية اميل لحود قداس الفصح في الصرح البطريركي في بكركي واختلى بالبطريرك الماروني نصرالله صفير لأكثر من ساعة تم خلالها عرض الأوضاع الإقليمية وعدد من القضايا الوطنية. بعد ذلك ترأس صفير قداس العيد وألقى كلمة استهلها بالترحيب برئيس الجمهورية سائلاً الله ان "يمنحه ما يحتاج إليه في هذه الظروف الصعبة من حكمة وشجاعة لقيادة سفينة الوطن الى شاطئ الأمان". وخاطبه صفير قائلاً: "نحمد الله على ان لبنان بفضل جهودكم وتضافر اللبنانيين الواعين لما يحيط بالمنطقة من اخطار ينعم بجو من الراحة النسبية، نرجو ان يستمر على رغم مما يشعر به اللبنانيون من فقدان وفاق طالما اشتاقوا إليه وحال دونه غيرهم، وهم لا يزالون يعللون النفس به بحيث لا يشعر احد من بينهم بأنه مستبعد، او فئة بأن لا دور لها في الإسهام في خدمة الوطن". وقال: "لعل العذر في ذلك يعود الى اسباب خارجة عن الإرادة، وإننا نصلي من اجل تحقيق هذا الوفاق الذي من دونه يستحيل على لبنان ان يجد علاجاً لما يعانيه من مشكلات بدت حتى الآن مستعصية على الحل. لكن، ما من مستحيل يستعصي على القلوب الكبيرة والإرادة الخيرة التي تستلهم الله في جميع مآسيها". ثم ألقى صفير عظة لفت فيها الى المآسي التي تحصل في المنطقة وقال: "لا نزال نرى الكثير من الناس يتألمون من ظلم وفقر وقهر ويعانون من حروب وما تجره معها من ويلات، والأمثلة كثيرة في التاريخ الغابر والمعاصر، وقد عشنا بعض هذه الحروب منذ سنوات ولا يزال يعيشها من حولنا وعلى حدودنا، والمأساة الفلسطينية مستمرة منذ نصف قرن والمأساة العراقية بدأت فصولها ولا نعرف كيف ستتطور والى اين ستمتد ومتى ستنتهي". وغص الصرح البطريركي بعد القداس بالمهنئين من وزراء ونواب وفاعليات سياسية وعسكرية وروحية ونقابية. مطر وترأس رئيس اساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر قداس الفصح في كاتدرائية مار جرجس المارونية في وسط بيروت والذي شارك فيه ممثل رئيس الجمهورية الوزير جان لوي قرداحي ونواب. ودعا مطر الى "مصالحة حقيقية من اجل اعلاء شأن الوطن". كلاس وفي كنيسة سيدة الانتقال في الأشرفية ترأس متروبوليت بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الكاثوليك المطران يوسف كلاس قداس الفصح في حضور وزير الإعلام ميشال سماحة وشخصيات. وقال كلاس في عظته: "فيما ننطلق في لبنان مع وزارة جديدة سيطر عليها طابع المحاصصة والاستهتار بالأخلاق الديموقراطية وإبعاد ذوي الحصافة عن مراكز خدمتهم، ننطلق من هذه المعطوبية السياسية الرابضة على قلوبنا لنسأل القادر على إقامة الموتى ان يسمّر الإرادات الطيبة فيها ويقدّرها على تغليب مصلحة الوطن العليا فوق الأنانيات والمصالح الخاصة، وعلى حسن معالجة المشاكل الاجتماعية لا سيما البطالة والغلاء المؤديان الى الهجرة، وعلى تمكين الناس من تأمين الرغيف والدواء وقسط المدرسة، وعلى التصدي لبعض الآفات والأمراض الاجتماعية والأخلاقية التي تفتك ببعض شباننا ومجتمعنا". عودة وترأس متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس الياس عودة قداس الشعانين في كنيسة مار نقولا الأشرفية. وقال في عظته: "نكاد نصبح عبيداً للمراكز والذين يحقدون لا يريدون الحوار". أضاف: "يتكلمون عن الحوار. لا حاجة الى الكلام عن الحوار عند الذين يحبون الله ويحبون الأخوة، ولا حاجة الى أن تدفع أحداً ليحاور، انه انسان أناني كل من لا يريد أن يحاور، هذا يجعل من نفسه صنماً، ونحن لا نعبد الأصنام، يتكلمون عن الحوار ويسعون الى أن يكون حوار بين هذا وذاك وبين هذا وهؤلاء وأولئك، يتكلمون عن الحوار ولا يعرفون الله الذي أراد أن يتحد الكل، والذين لا يحبون ويحقدون هؤلاء لا يريدون الحوار". وسأل: "أليس كل أبناء البلد أبناءنا؟ من قال بأن هذا الذي يملك علينا هو كامل ونازل من عند الله؟ من قال هذا؟ هل هو كامل؟ أليس كل منا خاطئاً، فلماذا ندعي الكمال ونأخذ على هذا وذاك؟ أتقول لأنك أنت تحب البلد أكثر من غيرك؟". وقال: "نحن في هذا البلد متميزون كيف نخلف بين هذا وذاك، وعوض أن نحتضن الجميع ونؤمن بنيات الجميع ان كنا نؤمن بنياتنا، أخاف أن نكون في هذا البلد عبيداً لشهواتنا ولمراكزنا ولأحقادنا". ودعا الى "الارتفاع فوق المصالح الشخصية وفوق الأنانيات وأن نلتف حول بعضنا بعضاً لأننا عندما نموت سنموت جميعنا في هذا البلد". وأكد ان "الذين يتعاطون بسياستنا إن من الداخل أو من الخارج ليسوا بقديسين". وقال: "نحن نريد أن نبشر ونفرح بحاكم يعطي شعبه الفرح والسلام والعدل، ونصلي من أجل أن يأتينا انسان يحمل الحق والرحمة ويدافع عنهما بالدم من أجل أن يبقى الانسان هنا ومن أجل أن يبقى البلد".