كنت سأرد على القارئة فاتنة عبدالرحمن مع رسائل اخرى من بريد القراء غير انها كتبت عن تعليقي على مشكلات كونراد بلاك، ناشر مجموعة "التلغراف"، وتلقيت رسالتها قبل يومين، وأنا اقرأ تحقيقاً ممتازاً عن الموضوع في "نيويورك تايمز"، ما يوجب الشرح. لعل فاتنة اسم على مسمى، ولا اقول لها سوى ان ليس في الموضوع حسد او "ضيقة عين"، وصحيح ان "الديلي تلغراف" التي تبيع دون مليون نسخة في اليوم اكثر انتشاراً من "الحياة"، وان كونراد بلاك اكثر ثراء مني، الا ان الموضوع ليس بالبساطة التي تتصورها الأخت. "الحياة" ليست مدينة لأحد في العالم، بعكس مجموعة "التلغراف" التي اكتشفنا انه على رغم ثرائها، فالديون "تشرشر" منها، وهذا اساس المشكلة. و"الحياة" توزيعها في ازدياد مستمر، في حين ان توزيع "التلغراف" هبط دون المليون نسخة ولا يزال يهبط. من ناحية اخرى، كونراد بلاك مليونير وليس بليونيراً كبيراً، ويملك بيوتاً في نيويورك وبالم بيتش ولندن وطائرة خاصة باسم شركته الا ان الدائنين يطاردونه، غير انني في المقابل لست مديناً لأحد في العالم بقرش واحد، وبيتي ملكي وحدي، ولا يوجد من يطالبني بشيء، ثم انني لست "منتوفاً" كما تتصورين فما ادفع من الضرائب في لندن يكفي لاعالة اسرتين. بعد هذه المقدمة اقول انني لم اتطفل على الموضوع، فصحافة العالم كله علقت عليه، واحتفظ عنه بملف كبير، والقضية انفجرت عندما تبين ان مجلس ادارة شركة هولنجر، التي تدير المجموعة ويرأسها بلاك تصرّف بأموال ودفع لأعضائه دفعات هناك مساهمون اعترضوا عليها بشدة، واعتبرت غير قانونية. استطيع ان ازيد انه منذ كتبت عن الموضوع توافرت المعلومات التالية: - كونراد بلاك لزم الصمت هذا الاسبوع عندما حققت معه لجنة الضمانات والمبادلات الاميركية، ولجأ الى التعديل الخامس للدستور حتى لا يدين نفسه. وفي حين ان التحقيق يشمل 32 مليون دولار قرر مدققو الحسابات انها صرفت بشكل مخالف للقانون، فان هناك 200 مليون دولار تلقتها شركة اخرى لبلاك من الشركة الأم لادارة المجموعة التي تضم "الديلي تلغراف" و"الصنداي تلغراف" و"شيكاغو صن تايمز" و"جيروزاليم بوست" وحوالى مئة جريدة اخرى. - اعضاء مجلس الادارة قائمة مشاهير، وكان الواحد منهم يتلقى 25 ألف دولار عن الجلسة الواحدة، واذا كانت القارئة فاتنة تريد درساً في الصحافة على الطريقة "الكونراد بلاكية" فان "نيويورك تايمز" ذكرت ان اعضاء مجلس الادارة هنري كيسنجر وجورج ويل ووليام بكلي امتدحوا كتاب كونراد الاخير عن فرانكلن روزفلت، وكان ويل امتدح ايضاً موقف بلاك في تأييد جورج بوش، في حين بعث بكلي برسالة الى جريدة "نيويورك اوبزرفر" يهاجم فيها افتتاحية لها عن بلاك، ويزعم انها شخصية ومليئة بالكره. - ريتشارد بيرل، ما غيرو، كان عضواً في مجلس الادارة يتلقى ما تلقى الاعضاء الآخرون. الا انه كان يرأس شركة هولنجر ديجتال، وهي وحدة متفرعة من الشركة الأم، وتلقّى 300 ألف دولار في السنة منذ تأسيسها سنة 1966، ومعها علاوات بمبلغ مليوني دولار خلال الفترة نفسها. - اذا اعتقدت القارئة انني "أتصيّد" الاخطاء، فأنا اقول لها ان مجلس الادارة ضم ايضاً مارغريت ثاتشر وفاليري جيسكار ديستان وزبغنيو بريجنسكي وآخرين، ولا اتهم احداً من هؤلاء بشيء. - تحقيق لجنة الضمانات والمبادلات ووزارة العدل الاميركية ينطوي على جانب جنائي. وهناك تحقيق بريطاني مستقل في اوضاع الشركات المتداخلة، وكيف جرت التحويلات. وقد استقال كونراد بلاك، وهو كندي تخلى عن جنسيته ليصبح لورداً مدى الحياة في بريطانيا، كرئىس تنفيذي لمجلس ادارة هولنجر، الا انه لا يزال في المجموعة المطروحة للبيع، ويتنافس عليها بعض كبار الناشرين من بريطانيين وغيرهم، وبمن فيهم بعض خصوم كونراد بلاك المعروفين، في مجموعات "الميل" و"الاكسبرس" وبعض المؤسسات الاميركية. وأعود الى القارئة فاتنة، فهي ربما اخذت حرفياً كلامي عندما كتبت معترفاً بالشماتة في سقوط كونراد بلاك. غير ان بلاك لم يسقط بعد، ثم انني قلت ايضاً انني اقرأ "الديلي تلغراف" و"الصنداي تلغراف" منذ عقود، وأحب كل ما فيهما باستثناء تغطية الشرق الاوسط، فقد حول الناشر الكندي - البريطاني وزوجته الليكودية جريدة المحافظين الى نشرة دعاية لاسرائىل، وهذا ليس رأيي وحدي، بل رأي صحافيين بريطانيين جاهروا بكتابة رأيهم. ابقى مع القارئة، فهي تقول ان بربارة امييل كاتبة مشهورة وحسناء، فأغار منها. كتبت غير مرة ان بربارة امييل حسناء، الا ان الجمال ذاتي، وقد نختلف على ملكة جمال العالم، ناهيك عن زوجتين تجاوزتا سن المراهقة. ولكن استطيع ان اسجل ما لا خلاف حوله، وهو ان زوجتي اصغر سناً منها، وأرجح انها ايضاً اكثر تعليماً، فهي مع الشهادة الجامعية تتكلم ست لغات ليس بينها العبرية طبعاً. وأخيراً، فزوجتي هي زوجتي الاولى والاخيرة، وأنا زوجها الاول والاخير. اما بربارة امييل فهي زوجة كونراد بلاك الثانية، وهو زوجها الرابع. وأستطيع ان ازيد حول هذه النقطة بالذات وغيرها، الا اننا في موسم الاعياد الغربية، او موسم النيات الطيبة فأكتفي بما سبق.