طلب قاضي التحقيق الأول في بيروت حاتم ماضي للعماد ميشال عون "الفار من وجه العدالة" عقوبة تتفاوت بين السجن ثلاث سنوات أشغالاً شاقة، و15 سنة كحد أقصى، إضافة الى منعه من ممارسة حقوقه المدنية من الاقامة في البلاد او الاخراج منها. وأسند ماضي في قرار ظني أصدره أمس، الى عون عدداً من الأفعال الجرمية التي ارتكبها في شهادته أمام اللجنة الفرعية للعلاقات الدولية في مجلس النواب الأميركي عندما كانت تبحث في "قانون محاسبة سورية" منها ان العماد المتقاعد ميشال عون ختم مداخلته أمام اللجنة بعبارة "رئيس الوزراء الجنرال ميشال عون" وحيث من الثابت ان المدعى عليه لم يكن في تاريخ الادلاء بالشهادة 18/9/2003 رئيساً للوزراء في لبنان، فيكون بالتالي ارتكب جرم انتحال صفة ليست له. وجرم اذاعة انباء كاذبة في الخارج من شأنها ان تنال من هيبة الدولة ومن مكانتها المالية من خلال حديثه عن ان "النظام القضائي تم تسييسه واستخدم كاداة تخويف ومضايقة" وان "الدين العام بلغ أكثر من مئتين في المئة من الدخل القومي"، وعن "الخطف والتعذيب والسجن والاغتيال والسيارات المفخخة والمجازر الجماعية" وان "لبنان أصبح ملاذاً آمناً للارهاب"، وجرم تعريض لبنان لخطر اعمال عدائية وتعكير صلاته بدولة أجنبية من خلال أعمال او كتابات او خطب لم تجزها الحكومة، من خلال "اصراره على القول ان لبنان أصبح ملاذاً آمناً للارهاب، وانه وفر للمنظمات الارهابية الأرض التي تقوم هذه المنظمات بتدريب عناصرها عليها، اضافة الى انه ينسب الى اللبنانيين مسؤولية الهجمات التي استهدفت السفارة الأميركية في لبنان ومقر مشاة البحرية الأميركية فيه" ومن خلال "تعريضه علاقات لبنان بدولة شقيقة هي سورية الى التعكير عندما ينسب الى سورية انها تحتل لبنان وانها حولته الى ارض خصبة للارهاب وانها شجعت العمليات العسكرية ضدّ المصالح الأميركية في لبنان وانها خطفت الديموقراطية وأحلت محلها الديكتاتورية ومنعت لبنان من تنفيذ القرار 426 ومن ارسال الجيش اللبناني الى الحدود مع اسرائيل وانها تحرض اللبنانيين بعضهم ضدّ بعض وانها أمرت بتصفية كل من عارضها الرأي"، وجرم تعكير الصفاء بين عناصر الأمة والنيل من الوحدة الوطنية، من خلال ما "تضمنته شهادته من أقوال وانباء بعضها كاذب وبعضها مبالغ فيه من شأنها ان تعكر العلاقات بين عناصر الأمة وان تحض على الاقتتال الداخلي بوجهه المذهبي والعنصري". وفي ضوء صدور هذا القرار، فإن النيابة العامة الاستئنافية في بيروت ستحيله على الهيئة الاتهامية لإصدار قرار اتهامي بحق عون يحال بموجبه على محكمة الجنايات لمحاكمته. وقالت مصادر واسعة الاطلاع ل"الحياة" ان لا نية لدى القضاء اللبناني في تسطير مذكرة توقيف دولية في حق عون، لافتة الى ان هذا التوجه تقرر في ضوء الاتصالات الفرنسية - اللبنانية التي تمت اخيراً وعزت السبب بالدرجة الاولى الى رغبة لبنانية في تجنيب علاقة بيروت الوطيدة بباريس اي توتر نظراً الى ان مجرد صدور مذكرة من شأنه تعريض العلاقة الى اهتزاز يعتقد لبنان ان لا جدوى منه، خصوصاً ان باريس ستكون مطالبة بالاجابة طالما ان عون يقيم فيها. عون يستبعد استرداده وكان عون قال ل"الحياة" انه عندما يقول رئيس الجمهورية "ان جمهوريتي فاسدة ولا أتمكن من إصلاحها"، ويصف رئيس مجلس نيابي سابق بعض رؤساء الدولة الحالية بأنهم "مافيا"، "هل من سبب يحملني على تعليق أهمية على موضوع محاكمتهم لي؟ وهل تتوقعون ان يبقى هناك بلد وشعب في ظل مثل هذه القيادة؟". واعتبر أنه لشرف كبير بالنسبة اليه "انهم قرروا محاكمتي" لأنه عندما يمضي يوم "لا تفتعل فيه السلطة القائمة في بيروت قضية بحقي أشعر بالذنب وأراجع نفسي لمعرفة ما اذا كنت قصرت وجعلتهم يحجمون عن شتمي". وأكد انه طلب من أنصار التيار الوطني في لبنان عدم القيام بأي خطوة على الاطلاق لأن "ليس هناك ما يستحق التحرّك". ورأى عون ان من غير المجدي التعامل مع ما يحصل بجدية "لأن أي تعامل جدي مع السلطات المعتبرة قضائية في لبنان ليس في مصلحة لبنان". واذ استبعد طلب استرداده من فرنسا قال ان "الاسترداد في فرنسا ليس اعتباطياً والقانون فيها ليس كالقانون في لبنان". وسأل: "هل ان الجريمة التي يحاكمونني لأجلها موجودة في فرنسا؟ فالقضية سياسية وليست قضية اجرامية وفرنسا بلد قانون وحق والتجاوز غير مسموح به لأي كان".