ثمة تقليد في الصحف الغربية مع نهاية عام وبدء عام جديد، وهو اختيار ابرز شخصيات العام المنصرم، وترجيح من سينجح في العام الجديد، وربما خلال عقد. وكنت اجمع بعض الأسماء، وأحتفظ ببعض آخر في ملفاتي لأرى في نهاية السنة إن كانت حظيت بالنجاح المتوقع لها، عندما شغلني عن هذا كتاب جديد عن احدى شخصيات القرن الماضي كله، لا عام واحد، هو الملك عبدالعزيز آل سعود. هناك عشرات الكتب، بل المئات منها، بالعربية وكل لغة اخرى، عن المملكة العربية السعودية والملك عبدالعزيز، إلا ان ما يميز كتاب "الموحّد" الصادر عن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة انه تاريخ مصور فهو يضم مجموعة من الصور النادرة بعضها ينشر للمرة الأولى، ويمثل سجلاً وثائقياً مميزاً. كنت في بيروت عندما اهداني نسخة بالعربية من الكتاب الصديق رفعت شيخ الأرض، ووجدت ان ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز كتب كلمة جميلة عن والده موحد المملكة العربية السعودية الذي ضم الكتاب تاريخاً مختصراً لحياته وإنجازاته. كانت هناك ايضاً مقدمة من الدكتور مدحت شيخ الأرض، طبيب الملك عبدالعزيز، الذي اختاره الله الى جواره قبل ان يصدر الكتاب. غير انني أعرف ان ابنه رفعت تابع الجهد، ووجدت انه قدم صوراً كثيرة سجل اسمه كمصدر لها. اولى الصور هي للإمام عبدالرحمن بن فيصل، والد الملك عبدالعزيز، وهي اول صورة له. وبعدها صورة للملك عبدالعزيز في الكويت سنة 1910 وعمره 34 سنة. الناس في مثل عمري، ومن الخارج، يعرفون الملوك من ابناء عبدالعزيز بعد ان تجاوزوا الأربعين والخمسين، لذلك وجدت بين اجمل الصور المنشورة تلك التي تعود بالرجال الذين عرفتهم ملوكاً أو مسؤولين كباراً الى سن المراهقة او الطفولة. وكانت هناك صورة للأمير فيصل مع أخويه محمد وخالد سنة 1914، وصورة للأمير فيصل سنة 1916، في طريقه الى إنكلترا، وزيراً للخارجية وعمره 16 سنة فقط، وصورة للملك عبدالعزيز مع ابنه الأمير منصور والمؤرخ المشهور جورج انطونيوس مؤلف كتاب "نهضة العرب" تعود الى سنة 1925 مع وفد بريطاني في جدة. وكنت تعرفت الى ابنة المؤرخ ثريا في بيروت، ووجدت ان الصورة مقدمة منها. اول زيارة للملك عبدالعزيز الى خارج مملكته بحسب التاريخ المصور لكتاب "الموحّد" كانت الى البصرة سنة 1916 حيث استقبله المعتمد البريطاني السير بيرسي كوكس. ووجدت صوراً اخرى للملك مع السير بيرسي والمستشرقة جيرترود بيل، تعود الى السنة نفسها، وصورة للملك عبدالعزيز مع الشيخ خزعل، امير المحمرة، الذي عرفت بعضاً من احفاده وحفيداته في الخليج ولندن. كانت هناك صورة نادرة للملك عبدالعزيز والملك فيصل، ملك العراق، على ظهر سفينة حربية بريطانية في الخليج سنة 1930، كما وجدت صورة له مع الملك عبدالله بن الحسين في الرياض سنة 1948. طبعاً إحدى اشهر صور الملك عبدالعزيز هي تلك التي جمعته مع الرئيس فرانكلين روزفلت على ظهر السفينة الحربية كوينسي سنة 1945. ولعل من القراء من رأى هذه الصورة ويذكر ان بين الملك والرئيس مترجم هو الكولونيل ايدي. وكنت تعرفت في جدة سنة 1975 الى ديبلوماسي اميركي اسمه جيك ايدي، هو ابن شقيق الكولونيل ومستشرق مثله يحب العرب. واستمرت علاقتي معه وتحولت الى صداقة عائلية عندما انتقل قائماً بالأعمال في لندن، ثم عاد الى وزارة الخارجية في واشنطن. وهو تقاعد الآن، وزوجته نانسي تقاعدت معه، بعد ان عملت فترة مديرة مركز ابحاث راقٍ في جامعة جونز هوبكنز. هناك صور كثيرة للملكين عبدالعزيز وفاروق في القاهرة وينبع سنة 1946، والواقع ان اجمل مجموعة صور في الكتاب هي عن زيارة العاهل السعودي مصر، وبينها صورة للأمراء "الصغار" طلال ومتعب ونواف في عربة مكشوفة، ذكرتني بالعربة التي تستقلها الملكة اليزابيث في افتتاح اسبوع اسكوت الملكي كل سنة. وضم الكتاب صورة مشهورة للملكين عبدالعزيز وفاروق ومعهما الأمراء فيصل ومحمد وفهد ومنصور وعبدالله وعبدالله الفيصل وسلطان ومشعل ومتعب وطلال ومشاري وتركي وفواز وسلمان. وكانت هناك صورة مشابهة للملك عبدالعزيز مع بعض ابنائه على سطح قصر المربع تعود الى سنة 1946. الكتاب "الموحِّد" مطبوع طباعة فخمة، إلا انني اعرف انه ليس للبيع، وأعرف كذلك ان عند الصديق رفعت مدحت شيخ الأرض 750 نسخة بالعربية و750 نسخة بالإنكليزية للتوزيع على اصدقائه الذين ارجو ان يكون القارئ احدهم. او هناك الأخ فيصل المعمر، مدير مكتبة الملك عبدالعزيز، فالنسخ الباقية كلها لدى المكتبة. غير انني بدأت بشخصيات عام واحد، لا قرن بكامله، وأريد ان اختتم بها، لأصل بالسياسة الى ما نحن فيه، فقد اختارت 51 شخصية عامة بريطانية ابطال العام الماضي وأشراره، ووجدت ان العام خلا من شخصية طاغية خيراً أو شراً، فتوزعت الأصوات واحتل الدكتور روان وليامز، رئيس اساقفة كانتربري، المركز الأول بين الخيّار بثلاثة اصوات لمعارضته الحرب، واحتل آرييل شارون المركز الأول بين الأشرار بأربعة اصوات، وتبعه الرئيس بوش بثلاثة اصوات. أبناء عبدالعزيز وأحفاده يعارضون الحرب ايضاً.