شراء الهدايا للأصدقاء والأحبة من ضرورات السفر. فكلما ذهب أحدهم في رحلة ما او سفرة، فإنه يحرص على شراء هدايا تذكارية من مكان سفره ليقدمها لأصدقائه عند عودته علامة حب ودليلاً الى أنهم دائماً في ذاكرته. ويتبارى الشباب في إهداء ما هو غير تقليدي وما يحمل صيحة جديدة في عالم الهدايا، وكلما كانت الهدية ذات طابع خاص كلما زادت من سعادة من تهدى إليه. على شاطئ النخيل في محافظة الاسكندرية التقت "الحياة" مجموعة من الشباب والشابات يتجمعون حول شاب في مثل عمرهم يضع أمامه منضدة مملؤة زجاجات فارغة وبعض الأقماع مختلفة الأحجام، وأطباقاً متعددة مملوءة برمال البحر ولكن بألوان كثيرة ما بين الأحمر والأخضر والازرق والبرتقالي... الخ، وكان هذا التجمع مصدراً للتساؤل "ماذا يجمع هؤلاء الشباب وماذا يشترون؟"، فقالوا: "نحن نشتري تحفاً فنية رائعة ففي داخل هذه الزجاجات لوحات فنية مصنوعة من الرمال الملونة!". هذه الزجاجات أقرب الى اوانٍ ملونة، مكتوب عليها اسم الصديق أو الحبيب الذي تهدى إليه، وفي خلفيتها رسم لجمال سائرة في الرمال وتظهر من ورائها الشمس والاهرامات، وغيرها عبارة عن مناظر طبيعية لنخيل وزروع بدرجات الأخضر المختلفة. قد يكون ذلك عادياً اذا كانت مرسومة بفرشاة رسم، ولكنها مكونة من الرمال الملونة ما يبعث على التساؤل، كيف تصنع وكيف تثبت الرمال بهذه الأشكال داخل الزجاجات؟ علي جابر الشاب الذي يبلغ العشرين من عمره والحاصل على دبلوم التجارة يتقن هذه الصناعة التي تحولت الى عمل يديه الذي يكتسب منه الرزق ويحمل معه طموحات الحياة. قال: "تعلمت هذه الهواية التي تحولت الى احتراف من صديق أردني في شرم الشيخ، واستغرقت عملية التدرب نحو ثلاثة شهور، ولأنني في الأساس أجيد الرسم أصبحت العملية سهلة نسبياً، وإن كان الرسم بالرمال أمراً غريباً ويبدو صعباً لأن الرمال لا تثبت على شكل، إلا أنني استطيع باستخدام الأقماع المختلفة في ضيقها واتساعها أن أضعها داخل الزجاجات الفارغة وأمرر من خلالها كميات محددة من الرمال الملونة بحسب الرسومات التي أقوم بتنفيذها، واستعين ايضاً بإبرة رفيعة تنفذ من فوهة الزجاجة تجعل لوناً معيناً من الرمال ينفذ الى الاتجاه المطلوب ليشكل مثلاً أحد أطراف الجمل أو ذيله". وأضاف جابر: "تحتاج هذه العملية الى دقة وثبات في حركة اليد الى أن يكتمل المنظر الطبيعي بخلفياته ومن ثم يتم سد الزجاجة بغطاء مضغوط محكم بعد كبس الرمال وضغطها جيداً اثناء العمل حتى لا يختلط وتضيع اللوحة الفنية". وتعد هذه الحرفة مربحة لأنها غير مكلفة في خاماتها، فلا حاجة الا لزجاجات عصير فارغة، ورمال البحر التي يتم تلوينها بالصبغات، ويتراوح سعر الوحدة ما بين 20 و30 جنيهاً مصرياً للشباب السياح من العرب والأجانب وينخفض ليصل الى عشرة جنيهات للمصريين. ولاحظت "الحياة" أن أكثر ما يجذب شباب المصطافين في هذه الوحدات الفنية انهم يتابعون مراحل صنعها في تشوق، ويعتبرونها في حد ذاتها أحد أشكال الترفيه. أما جابر فاحتفظ في جانب من المنضدة ببعض الوحدات الفنية التي يعتز بجمالها ويرفض ان يعرضها للبيع ويكتفي بأن تكون نوعاً من الدعاية لجذب الجمهور.