82.4% من الأطفال يسيرون على المسار الصحيح للنمو في السعودية خلال 2025م    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة نجران تُختتم برنامج عناية لرعاية اليتيم بحفل متميز    ضبط (4) بنجلاديشيين مخالفين للائحة الأمن والسلامة في أملج    اليابان ترسل مبعوثا إلى الصين لتهدئة الخلاف بين البلدين    مقتل 3 وإصابة 10 في هجوم صاروخي روسي على خاركيف    منصة "إكس" تطلق نظام "Chat" الجديد    الرياض تستضيف «القمة العالمية للصناعة»    «المظالم» يتيح المشاركة في تطوير خدماته إلكترونياً    ينطلق اليوم في الرياض.. سيتي سكيب العالمي.. مدن عصرية أكثر استدامة وازدهاراً    برعاية الملك.. «التخصصات الصحية» تحتفي بتخريج 12.591 خريجاً وخريجة    محمد بن عبدالرحمن يطلع على تقرير «جوازات الرياض»    أمير الباحة يناقش مشروعات البيئة والمياه والزراعة    قبيل زيارة محمد بن سلمان التاريخية للولايات المتحدة.. ترمب: ولي العهد الحليف الأقوى لواشنطن    تدهور أوضاع النازحين بشكل حاد.. غارات جوية إسرائيلية تستهدف خان يونس    يغير اسمه سنوياً للتهرب من نفقة طفله    تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين.. ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس كوريا    في حدثٍ تاريخي يقام للمرة الأولى في المملكة.. 26 نوفمبر.. انطلاق الجولة الختامية من بطولة العالم للراليات    ثلاثي روشن يقودون البرتغال لمونديال 2026    انطلاق النسخة الرابعة من فعالية "بلاك هات" في الرياض ديسمبر المقبل بمشاركة دولية واسعة    نائب أمير الشرقية يشدد على سرعة الاستجابة وكفاءة الأداء الأمني    سرقة مجوهرات في فرنسا ب 1,2 مليون دولار    شاب ينهي حياة أسرته ويوثق جريمته على فيسبوك    «الصحة» تستدعي طبيباً ظهر إعلامياً بتصريحات مخالفة    «زاتكا» تُحبط تهريب «الإمفيتامين» و«الشبو»    في ملتقى نظمه مركز الملك عبدالعزيز.. نائب وزير الخارجية: المملكة تدعم الجهود الأممية لترسيخ الحوار    «طال عمره».. مسرحية سعودية بموسم الرياض    كلمات وموسيقي    فيصل بن مشعل: جامعة القصيم رافد معرفي تنموي    اختتام مؤتمر الجودة للجامعات    استعدادات مبكرة لموسم «شتاء مرات»    التسامح.. سكينة تزهر في القلب وتشرق على الملامح    التعاون مع رجال الأمن في الحرم ضرورة    "الشؤون الإسلامية" تفتتح دورة علمية في المالديف    مختصون يحذرون من خطر مقاومة المضادات الحيوية    أمير الشمالية يطلق فعاليات اليوم العالمي للسكري    جامعة الإمام عبدالرحمن تعزز الوعي بداء السكري    تجمع الرياض الأول يستعرض منجزاته في رعاية وسلامة المرضى    العملات الرقمية تتجه نحو الهبوط    «الأخضر» يعاود تحضيراته    بدون رونالدو.. البرتغال تخطف بطاقة المونديال    رئاسة أمن الدولة وجامعة القصيم تحتفيان بتخريج الدفعة الأولى من طلبة الماجستير بسجن المباحث العامة ببريدة    أمير القصيم يرعى حفل تخريج حفظة كتاب الله بمحافظة الرس    دنيا أبو طالب تتوّج بأول ذهبية سعودية في فئة النساء بدورة ألعاب التضامن الإسلامي    هل يرضخ عسكر السودان للمفاوضات    متطوعو التراث العالمي باليونسكو في واحة الأحساء    رئيس فنلندا يحذر من طول أمد حرب أوكرانيا    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس جمهورية كوريا    نائب أمير مكة يرأس اجتماعًا مع الجهات المعنية لمتابعة جاهزية منظومة الحج    تجمع الشرقية الصحي يطلق حملة "سكرك موزون"    تركي بن طلال حين تتوج الإنسانية بجائزة عالمية    مفتي عام المملكة يستقبل رئيس جهاز الإرشاد والتوجيه بوزارة الحرس الوطني    الصحة تستدعي طبيبا ظهر إعلاميا بتصريحات مخالفة للأنظمة    انطلاق دورةُ المدربين الدولية لكرة القدم المصغّرة تحت إشراف الاتحاد الدولي IMF    قاعة مرايا بمحافظة العُلا… أكبر مبنى في العالم مغطى بالمرايا    هنأت ملك بلجيكا بذكرى يوم الملك لبلاده.. القيادة تعزي رئيس العراق في وفاة شقيقه    القيادة تعزي رئيس جمهورية العراق في وفاة شقيقه    شتاء درب زبيدة ينطلق بمحمية الإمام تركي    إنسانيةٌ تتوَّج... وقيادة تحسن الاختيار: العالم يكرّم الأمير تركي بن طلال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نقرأ غسان كنفاني روائياً وقاصاً ، مقاوماً وشهيداً ... في ذكرى رحيله الثلاثين ؟- حياة يومية ... ألم يومي ... موت يومي !
نشر في الحياة يوم 06 - 07 - 2002

يقول غسان كنفاني جملة قصيرة، مفعمة بألف سؤال: "انه ثمن باهظ بلا شك ان يشتري الإنسان حياته اليومية، بموت يومي".
اية فلسفة سهلة تنساب بين هذه الكلمات المقتضبة التي أسالها غسان مختصراً مسافات شاسعة من النظريات، ومعلناً سباقاً "بنصفه الذي بقي حياً" بدأ لتوه مع ذلك المجهول الذي غزا جوفه، وأعلنه طبيب في عيادة متواضعة، قال كلمة واحدة، رفعت جداراً عملاقاً انتصب في لحظة بينه وبين الحلم والأمل: السكري...!
الموت من هنا يعلن زحفه، يبدأ غازياً خفياً للشرايين، ثم ينقض في لحظة غائبة، يقضم ساقاً أو ينتزع عيناً أو لساناً. هو هكذا... كان في ذلك الوقت، وما زال.
هكذا تصبح الصورة. يتبدل العالم من حوله الى زجاجات وقوارير، وحقن يغرزها في لحمه تحمل الى عروقه كل صباح ومساء شحنات أنسولين... أو قضمات من السكر، تحقق التوازن الى حين. وهو يعلم انها تفعل ذلك الى حين! لم يستسلم... بل أعلن السباق!
يقول محمد دكروب: "ثلاث جبهات رئيسة ناضل عليها غسان، القتال من أجل فلسطين. والصراع ضد شراسة المرض، وجبهة الابداع الفني وتنويع أشكاله، وتكثيف الانتاج فيه بتسارع يسبق الموت. فأي جهد بشري إرادي هائل كانت تطلبه هذه الحرب".
هي المفاصل إذاًَ التي عمل غسان عليها، من رؤيا لم يتسرب اليها الضباب، ولم تشبها في لحظة شعور الاحباط والاستسلام... من هنا أخوض ومن هنا أشير تحديداً الى مرحلة حياته الممتدة بين 31/5/1959 يوم اكتشفنا بحزن مرضه بالسكري، ويوم استهشاده في 8 تموز يوليو 1972...
مرحلة عمر امتدت ثلاثة عشر عاماً، عبأها قدر ما يستطيع من فيض عطائه، فامتلأت بإنتاج قل نظيره من أديب قضى ولمّا يتجاوز السادسة والثلاثين من عمره، تاركاً انتاجاً ملوناً فاض أضعاف ما تستوعبه تلك السنوات القليلة من عمر الزمن. حققه عبر رسم صارم جرى تخطيطه بدراسة واصرار ايضاً، وبالتزام مطلق للمضي مستقيماً في ثلاثة مسالك متوازية كما أشار محمد دكروب...
عمل على تكثيف انتاجه الأدبي الغزير في مجالات القصة والرواية والمسرحية والمقالة والبحث والتعليق والخاطرة والنقد الساخر والرسم والتخطيط والنحت...
كَمّ مذهل تركه بيننا، شحنه بفيض ابداعاته لخدمة هدف واحد لم يحد عنه قيد شعرة... يحمل عنواناً واحداً وأثيراً: "فلسطين"...
واتفق مع الجماهير وأمانيها على الانتقال من صورة لاجئين قدرهم الاستجداء واستدرار العطف والشفقة، الى مقاتلين وفدائيين وأصحاب قرار.
وكان الأدب بكل أطيافه وسيلته للتعبير والالتصاق وتفعيل الانتماء...
استخدم الفكرة الواضحة الجلية والسهلة، مبتعداً عن الترميز المغرق الذي غالباً "في استخدامات الأدباء" ما يضع المتلقي أمام تفسيرات واحتمالات متعددة تميّع صلابة الاتجاه المقصود، مستخدماً الجملة السلسة والفكرة الجلية الواضحة والصورة الوصفية الرائقة والبديعة والرمز السهل إذا تطلّب الأمر.
ومن منطلق مبدئي يقول، ان الإنسان في كل الأحوال هو موقف. وكان غسان كذلك، وانسحب الصدق اللصيق الذي رافق سنوات حياته على كل ممارساته وعلاقاته. كان نقيّاً متفهماً وسهلاً...
في علاقته بأسرته كان مثال الابن البار الذي يعيش هم الجميع مادياً على رغم امكاناته المتواضعة، ومعنوياً في تحريض تشكيل معالم الشخوص حوله على طريق الالتزام المطلق بكل الصفات والمعايير.
وضع نصب عينيه في وقت سابق جداً عامل الوراثة. "كان يعاني من الروماتيزم، وآلام المفاصل، اضافة الى السكري"، وهذا ما فرض عليه الغاء رغبات انسانية ملحة، هي حق لكل نفس بشرية، آثر ألا يمارسها...
وعلى رغم ان مرضه الأخير كما قررت مجموعات من الأطباء جاء بسبب الارهاق لا الوراثة خاف من الذيول، ولو لمجرد نسبة الاحتمال.
كان في سباق مع الموت... لكنه لم يدرك أبداً ان الموت وهو يسخر من حقن الأنسولين اليومية، ومن الحمية المنهكة، والخوف المعشش في اللحظات سيأتيه من ها هنا... ليكمل بفعله المأسوي حلقة أخرى متصلة مع حلقات ما زالت تسطر فصول الملحمة.
كاتب، شقيق الراحل غسان كنفاني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.