الرياض تستضيف «معرض التحول الصناعي 2025» خلال شهر ديسمبر المقبل    الربيعة: السعودية قدمت 500 مليون دولار للمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال    إعلان نتائج القبول المبدئي للقبول الموحد رقم (4) بقطاعات الداخلية    غدا.. المملكة تحتفي باليوم الوطني ال95    إسرائيل تأمر بإخلاء مستشفى في غزة وسط تصاعد الاعترافات الدولية    وصول الطائرة 64.. استمرار الدعم الإغاثي السعودي لغزة    القيادة تتلقى التهاني من الدول بمناسبة اليوم الوطني ال 95 للمملكة    نيابة عن سمو وزير الخارجية.. وكيل الوزارة للشؤون الدولية المتعددة يشارك في احتفالية الأمم المتحدة بمناسبة مرور 80 عامًا    الثانية عالميا.. موسم استثنائي للمنتخبات السعودية العلمية    إيران وروسيا ستوقعان اتفاقيات لبناء وحدات طاقة نووية جديدة    "هيئة الطيران المدني" تُصدر تقريرها الشهري عن أداء المطارات الداخلية والدولية    استخدام الهاتف المحمول أبرز مسببات الحوادث المرورية بمنطقة مكة    تعليم جازان ينهي استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني ال95 تحت شعار «عزنا بطبعنا»    حرس الحدود بمنطقة جازان يقبض على مخالفين لنظام أمن الحدود لتهريبهما (90) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    ختام مثير لمونديال أربيل.. موقعة الحلم بين مصر والبرازيل في النهائي    الفريق الفتحاوي يعاود التدريبات بعد العودة من الرس وادارة النادي واللاعبين يحتفلون باليوم الوطني    العربي يهني القيادة باليوم الوطني السعودي 95    فريق صيني يصمم مستشعرًا روبوتيًا لأداء مهام داخل جسم الإنسان    تبوك تتوشح ب8000 آلاف علم وتحتفي بالوطن بأكثر من 50 فعالية متنوعة    وزارة البلديات والإسكان تشدد الرقابة لرصد مخالفات تقسيم الوحدات السكنية    جمعية نبض العطاء تطلق برنامج "كسوة الأسر المتعففة" بالتعاون مع مؤسسة حمد المحيسن الخيرية    توقعات تشير إلى احتمال نزول الفائدة إلى ما دون 3% بحلول 2026    استشاري نفسي: احتفالات اليوم الوطني تعزز الانتماء وتمنح المجتمع دعماً معنوي    هيئة عسير تفعّل المصلى المتنقل في عدد من المتنزهات والحدائق العامة    العالمي يزيد الراجحي يرفع راية الوطن في الجولة الأوروبية الوحيدة في البطولة    جامعة حائل تحقق إنجازا عالميا بارتفاع عدد باحثيها في قائمة نخبة ال2٪ من علماء العالم    المملكة تعزز مسيرة التعافي الصحي في سوريا عبر الطب العابر للحدود    سعود بن سلطان: اليوم الوطني ملحمة خالدة تُلهم حاضر المملكة ومستقبلها    الإحصاء تنشر الرقم القياسي لتكاليف البناء أغسطس 2025    الهيئة العامة لتنظيم الإعلام تُعلن ضوابط جديدة للمحتوى وتتوعد المخالفين    "فخرنا وطن.. وعزيمتنا رؤية"    "تنظيم الإعلام": لا مكان للابتذال في الإعلام السعودي    أميرالقصيم يزور مركزي مدرج وطلحة ويلتقي باهليهما    انجازات عالمية بمعرض فيلاكوريا 2025 للطوابع    الشرع في نيويورك: دعوة لتوحيد الصف السوري في أول مشاركة رئاسية منذ 58 عاماً    اليوم الوطني.. معاً خلف قيادتنا لبناء السعودية العظمى    أوروبا تتوتر وألمانيا تسرع دفاعاتها.. بوتين منفتح على تسوية أوكرانية    الطريق مسؤولية الجميع    أكد دعم القيادة للقطاع.. الصمعاني: التطورات العدلية أسهمت في تعزيز حقوق الإنسان    العالم يترقب حفل توزيع الجوائز.. ديمبيلي ويامال يتصارعان على الكرة الذهبية    ميسي يسجل ثنائية ويتصدر هدافي الدوري الأمريكي    الهلال يسجل ليوناردو مكان المصاب كانسيلو    غارات الاحتلال تتسبب في مقتل العشرات بغزة    عزنا بطبعنا.. تجسيد لمسيرة التطور والعطاء    وفاة الفنان حمد المزيني    السعودية تستضيف مسابقة «إنترفيجن» للموسيقى    الفالح يرأس وفداً رفيعاً في زيارة رسمية لطوكيو.. شراكة استثمارية بين السعودية واليابان    الشجاعة تصنع القادة    فاحص ذكي يكشف أمراض العيون    تبتلع قلمين بسبب الوسواس القهري    وطن المجد.. في عامه الخامس والتسعين    وزير الشؤون الإسلامية يوجّه بفرش 23 جامعاً ومسجداً بالمدينة    15 ألفا لأغلى جدارية بالأحساء    6.3 ملايين حاوية بالموانئ وينبع أولا    الجلوس الطويل يبطئ الأيض    مخاطر الألياف البلاستيكية الدقيقة على العظام    رسالة المسجد في توطيد اللحمة الوطنية    خطيب المسجد الحرام: استحضروا عظمة الله وقدرته في كل الأحوال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نقرأ غسان كنفاني روائياً وقاصاً ، مقاوماً وشهيداً ... في ذكرى رحيله الثلاثين ؟- حياة يومية ... ألم يومي ... موت يومي !
نشر في الحياة يوم 06 - 07 - 2002

يقول غسان كنفاني جملة قصيرة، مفعمة بألف سؤال: "انه ثمن باهظ بلا شك ان يشتري الإنسان حياته اليومية، بموت يومي".
اية فلسفة سهلة تنساب بين هذه الكلمات المقتضبة التي أسالها غسان مختصراً مسافات شاسعة من النظريات، ومعلناً سباقاً "بنصفه الذي بقي حياً" بدأ لتوه مع ذلك المجهول الذي غزا جوفه، وأعلنه طبيب في عيادة متواضعة، قال كلمة واحدة، رفعت جداراً عملاقاً انتصب في لحظة بينه وبين الحلم والأمل: السكري...!
الموت من هنا يعلن زحفه، يبدأ غازياً خفياً للشرايين، ثم ينقض في لحظة غائبة، يقضم ساقاً أو ينتزع عيناً أو لساناً. هو هكذا... كان في ذلك الوقت، وما زال.
هكذا تصبح الصورة. يتبدل العالم من حوله الى زجاجات وقوارير، وحقن يغرزها في لحمه تحمل الى عروقه كل صباح ومساء شحنات أنسولين... أو قضمات من السكر، تحقق التوازن الى حين. وهو يعلم انها تفعل ذلك الى حين! لم يستسلم... بل أعلن السباق!
يقول محمد دكروب: "ثلاث جبهات رئيسة ناضل عليها غسان، القتال من أجل فلسطين. والصراع ضد شراسة المرض، وجبهة الابداع الفني وتنويع أشكاله، وتكثيف الانتاج فيه بتسارع يسبق الموت. فأي جهد بشري إرادي هائل كانت تطلبه هذه الحرب".
هي المفاصل إذاًَ التي عمل غسان عليها، من رؤيا لم يتسرب اليها الضباب، ولم تشبها في لحظة شعور الاحباط والاستسلام... من هنا أخوض ومن هنا أشير تحديداً الى مرحلة حياته الممتدة بين 31/5/1959 يوم اكتشفنا بحزن مرضه بالسكري، ويوم استهشاده في 8 تموز يوليو 1972...
مرحلة عمر امتدت ثلاثة عشر عاماً، عبأها قدر ما يستطيع من فيض عطائه، فامتلأت بإنتاج قل نظيره من أديب قضى ولمّا يتجاوز السادسة والثلاثين من عمره، تاركاً انتاجاً ملوناً فاض أضعاف ما تستوعبه تلك السنوات القليلة من عمر الزمن. حققه عبر رسم صارم جرى تخطيطه بدراسة واصرار ايضاً، وبالتزام مطلق للمضي مستقيماً في ثلاثة مسالك متوازية كما أشار محمد دكروب...
عمل على تكثيف انتاجه الأدبي الغزير في مجالات القصة والرواية والمسرحية والمقالة والبحث والتعليق والخاطرة والنقد الساخر والرسم والتخطيط والنحت...
كَمّ مذهل تركه بيننا، شحنه بفيض ابداعاته لخدمة هدف واحد لم يحد عنه قيد شعرة... يحمل عنواناً واحداً وأثيراً: "فلسطين"...
واتفق مع الجماهير وأمانيها على الانتقال من صورة لاجئين قدرهم الاستجداء واستدرار العطف والشفقة، الى مقاتلين وفدائيين وأصحاب قرار.
وكان الأدب بكل أطيافه وسيلته للتعبير والالتصاق وتفعيل الانتماء...
استخدم الفكرة الواضحة الجلية والسهلة، مبتعداً عن الترميز المغرق الذي غالباً "في استخدامات الأدباء" ما يضع المتلقي أمام تفسيرات واحتمالات متعددة تميّع صلابة الاتجاه المقصود، مستخدماً الجملة السلسة والفكرة الجلية الواضحة والصورة الوصفية الرائقة والبديعة والرمز السهل إذا تطلّب الأمر.
ومن منطلق مبدئي يقول، ان الإنسان في كل الأحوال هو موقف. وكان غسان كذلك، وانسحب الصدق اللصيق الذي رافق سنوات حياته على كل ممارساته وعلاقاته. كان نقيّاً متفهماً وسهلاً...
في علاقته بأسرته كان مثال الابن البار الذي يعيش هم الجميع مادياً على رغم امكاناته المتواضعة، ومعنوياً في تحريض تشكيل معالم الشخوص حوله على طريق الالتزام المطلق بكل الصفات والمعايير.
وضع نصب عينيه في وقت سابق جداً عامل الوراثة. "كان يعاني من الروماتيزم، وآلام المفاصل، اضافة الى السكري"، وهذا ما فرض عليه الغاء رغبات انسانية ملحة، هي حق لكل نفس بشرية، آثر ألا يمارسها...
وعلى رغم ان مرضه الأخير كما قررت مجموعات من الأطباء جاء بسبب الارهاق لا الوراثة خاف من الذيول، ولو لمجرد نسبة الاحتمال.
كان في سباق مع الموت... لكنه لم يدرك أبداً ان الموت وهو يسخر من حقن الأنسولين اليومية، ومن الحمية المنهكة، والخوف المعشش في اللحظات سيأتيه من ها هنا... ليكمل بفعله المأسوي حلقة أخرى متصلة مع حلقات ما زالت تسطر فصول الملحمة.
كاتب، شقيق الراحل غسان كنفاني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.